مواضيع اليوم

اللانهائية من طرف الماضي ومبدأ عدم التسلسل

سمير ساهر

2010-01-01 19:03:20

0

السلام عليكم

 

دار حوار بيني وبين السيد نزار النهري عن قضية من خلق الله؟، والواضح من السؤال وكذلك التعليقات أنَّ السيد نزار يخلط بين اللانهاية من طرف الماضي من حيث المفهوم بالمعنى المنطقي الذي سنوضحه في هذا الموضوع، وبين اللانهائية من طرف الماضي من حيث اﻹحالة (=الماصدق) بالمعنى المنطقي الذي سنوضحه في هذا الموضوع.

إليكم الحوار الذي دار بيننا:

في التعليق رقم 57 على الرابط التالي: nahry.elaphblog.com/posts.aspx سأل السيد نزار النهري معلق باسم عمر عن من خلق الله؟، حيث يرى أنَّ وجود الله غير منطقي، ولكن في هذا الحوار سنثبت لكم أنَّ السيد المحترم نزار النهري يرى أنَّ وجود هذا العالم غير منطقي، ليس ﻷنَّه درس القضية جيدًا، بل ﻷنَّه لم يدرسها جيدًا، وهذا ما سنراه في تعليقه الذي سأنقله هنا.

فرددتُ - أنا - على سؤاله بالتالي:

السيد نزار

هل تؤمن بتسلسل العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية، إنْ كان جوابك بـ"بلى"، فهل قضة تسلسل العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية هي قضية منطقية؟! المنطق ينفي تسلسل العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية، فأنت بصفتك ملحد تقول: "أنَّ هذا العالم أزلي، ولا يحتاج لخالق"؛ وبهذا فانت تقر بنفي تسلسل العلل والمعلولات إلى ما لا نهاية، أما الذي يؤمن بوجود الله فينفي اﻷزلية عن هذا العالم ويقول:"أنَّ اﻷزلية صفة ذاتية لله سبحانه وتعالى، وليست لغيره".

 

فرد السيد نزار النهري بالتالي:

انت تقول ((المنطق ينفي تسلسل العلل ولمعلولات إلى ما لا نهاية))، من قال هذا الكلام؟؟؟؟ واحدة من اكبر المشاكل التي يصطدم بها المنطق وعلم الرياضيات بصورة خاصة هي مسألة اللانهاية، لانها من المجاهيل المعروفة، ويتوقف اي قانون رياضي او منطقي عندما يصدم بهذه المشكلة، وانا لم ادع بان مصدر العلم لا نهائي لانني اصلا لا اعرف ماهي اللانهائية، اما ان ياتي شخص ويحاول ان يعبر علينا جملة ان الله هو اللانهائية ويحاول ان يقنعنا بانها منطقية فهذا هو اللامنطق فكيف يكون هذا ونحن اصلا لا نعرف ماهي اللانهائية.

 

فرددتُ على السيد نزار النهري بالتالي:

لقد قلتَ:"وانا لم ادع بان مصدر العلم لا نهائي لانني اصلا لا اعرف ماهي اللانهائية"، ثم قلتَ:"اما ان ياتي شخص ويحاول ان يعبر علينا جملة ان الله هو اللانهائية ويحاول ان يقنعنا بانها منطقية فهذا هو اللامنطق فكيف يكون هذا ونحن اصلا لا نعرف ماهي اللانهائية"، أولا: لم أقل نعت اللانهائية على الله خصوصا إذا كنت تعلم بقضية اللانهائية التي تتكلم عنها، ثم إذا كنتَ لا تعلم اللانهائية من حيث العلل والمعلولات، لماذا تتناول هذا الموضوع أساسا، ولماذا أنت تقول أنَّ الله غير موجود، أو أنَّ شيئًا آخر غير موجود يقوم مقام الله من حيث الاسم وليس المعنى؟! لا شيء يمنع من هذا، في ظل موقفك هذا. أنظر قضية العلل والمعلولات من حيث تعلقها باللانهاية هي لا نهائية من حيث المفهوم فقط، أمَّا من حيث الإحالة أو الماصدق فهي متناهية، وإلا لمَا كنا هنا اﻵن، ولمَا كان شيء اسمه مدونات إيلاف، ولا مدونة نزار، ولا مدونة سمير ساهر، ولا أي شيء على اﻹطلاق، فال 1 قبله 0، وقبله -1، -2، -3، -4، إلى ما لا نهاية، وهذه اللانهاية من حيث المفهوم، ولا يوجد لها مقابل من حيث اﻹحالة، أو الماصدق، فمِن حيث اﻹحالة أو الماصدق فالنهائية هي القائمة، ومن هنا، فإمَّا أنْ تقول أنَّ النهائية من حيث العلة والمعلول لا تتجاوز هذا العالم؛ ﻷنَّه لا يوجد أي شيء خارجه، إلا من حيث اﻷفكار الذهنية (مفهومات)، أو أنْ تقول: النهائية من حيث العلة والمعلول لا تتجاوز الله، إلا من حيث (المفهومات)، وبهذا فإنَّنا من حيث اﻹحالة أو الماصدق نقف عند علة غير مسبوقة بعلة أخرى، وبهذا يتضح الخلط لديك بين اللانهائية من حيث المفهوم واللانهائية من حيث الإحالة، أو الماصدق، حيث ظننتَ أنَّ التطابق حاصل، ولم تنتبه للمشاكل التي تحصل من هذا التطابق الذي سببه الخلط، فالتطابق يعني ببساطة أننا غير موجودين، ولكننا موجودون، فالتطابق غير حاصل.

 

السيد نزار تعليقي هذا مُكَمِّل لتعليقي السابق: المعتزلة يقولون بشيئية المعدوم، وشيئية المعدوم تمس أكثر من جانب، من هذه الجوانب الجانب الذي نتكلم عنه هنا، فاللانهايئة من حيث المفهوم هي شيء، ولكن من حيث اﻹحالة أو الماصدق ليست بشيء، وهذا مثال جيد لفهم الاختلاف بين اللانهائية من حيث المفهوم واللانهائية من حيث اﻹحالة، أو الماصدق، ومن ثم يمكن فهم شيئية المعدوم، والتي أوردنها مثالا لا أكثر. لي مقال عن شيئية المعدوم على الرابط التالي: شيئية المعدوم ودفع الشك عن إلزام قائليها بقدم المادة:

ruttru.elaphblog.com/posts.aspx

 

فردَّ عليَّ السيد نزار النهري بالتالي:

بخصوص قولك (( ثم إذا كنتَ لا تعلم اللانهائية من حيث العلل والمعلولات، لماذا تتناول هذا الموضوع أساسا، ولماذا أنت تقول أنَّ الله غير موجود، أو أنَّ شيئًا آخر غير موجود يقوم مقام الله من حيث الاسم وليس المعنى؟!)) فانا لم اتناول الموضوع انا فقط سالت سؤالا منطقيا لم اجد عليه اجابة منطقية، وسؤالي هو من خلق الله؟ العلة والمعلول والعلة الاولى والعلة العاشرة واللانهاية والشيء واللاشئ لا نستطيع بواسطتها اثبات ان الله موجود .. انا لم ادعي عدم وجود الله ولكن على من يدعي وجود الله عليه ان يثبت لنا ذلك، وقد كتبت في احد مواضيعي بانني عندما اجهل حقيقة شيء اضع مكانه نقاط ..... فراغ!! ولا املاه بخزعبلات وميتافيزقيا لا اعلم عنها شيء، هذا هو اسلوبي العلمي في الدراسة، اما كلامك في تعليقك اعلاه فهو كلام فلسفي لا اكثر وليس له سند علمي او منطقي، في المنطق نحتاج الى حقيقة، وهذا ما لم اجده في تعليقك.

 

فرددتُ على السيد نزار النهري بالتالي:

السيد نزار

صدقني أنَّ الحالة التي تمر بها اﻷن بشأن الخلط بين اللانهاية من حيث هي "مفهوم"، واللانهائية من حيث هي "إحالة (= ما صدق)" قد مررتُ بها أنا شخصيًا، حيث كنتُ أعتقدُ بوجود تطابق، ولكن عندما فهمتُ ماذا تعني كلمة "مفهوم" بالمعنى المنطقي، ومعنى الـ"إحالة (= ماصدق)" بالمعنى المنطقي؛ فإنَّني قد أدركتُ الخطأ الذي كنتُ واقع فيه. في المنطق الكلمة:

1- لفظ، وهو حركات صوتية، هذا في حالة الكلام، أما في حالة الكتابة فالقراءة كافية..

2- مفهوم، وهو الذي يثيره اللفظ في الذهن؟:

3- إحالة (= ماصدق)، وهي التي يحيل إليها "مفهوم" ما، خارج الذهن.

 

مثال: كلمة "حاسوب" لنفترض أنَّك سمعتها من شخص، ونظرتَ إلى حاسوب، فمَ الذي سيحصل:

1- تسمع لفظ "حاسوب"، هذا يساوي اللفظ.

2- بعد سماع لفظ "حاسوب"؛ فإنَّك تفهم ماذا يعني الحاسوب، من خلال عملية ذهنية فقط، وهذا يساوي الـ"مفهوم".

3- وتنظر إلى الحاسوب، وهذا هو الـ"إحالة".

ملاحظة: ليس بالضرورة أنْ يحصل المفهوم في الذهن قبل رؤية ما يحيل إليه، فقد يحصل المفهوم في نفس وقت حصول رؤية ما يحيل إليه المفهوم، وما يحيل إليه المفهوم هو الحاسوب في مثالنا هذا.

وبناء عليه، فالمفهوم هنا يوجد شيء يحيل إليه في الخارج (خارج الذهن).

لنذكر مثالا آخر ولكن دون توفر ما يحيل إليه المفهوم الذي سنستعمله في مثالنا: كلمة العنقاء عندما تسمعها، أو اﻷصح تسمع لفظها، فيحدث التالي:

1- تسمع لفظ كلمة عنقاء، وهي اللفظ.

2- تفهم معنى كلمة عنقاء، وهي مفهوم.

3- ﻷنَّك تعلم أنَّ العنقاء كائن خرافي؛ فإنَّك تعلم أنَّ مفهوم كلمة عنقاء لا يوجد له إحالة في الخارج (خارج الذهن).

وبهذا نكون قد ذكرنا "مفهوما" يوجد له إحالة (= ماصدق)، وقد كان الحاسوب مثالًا، ونكون قد ذكرنا "مفهوما" لا يوجد له إحالة، وقد كانت العنقاء مثالًا.

وبناء عليه، فاللانهائية من حيث هي "مفهوم" موجودة، أي يوجد لانهائية، ولكن اللانهائية من حيث اﻹحالة غير موجودة، فلا يمكن أنْ يَحْدُث تقابل بينهما، فالتقابل هنا يقتضي وجود اﻹحالة، ولكن لا يوجد إحالة، إذن التقابل غير موجود، وهذا يجعلنا ننفي اللانهائية عن الموجودات (تمثل الـ"إحالة")؛ ﻷنَّه لا وجود لللانهاية في الموجودات، فوجودنا هنا ينفي اللانهاية بشأن العلة والمعلول في الموجودات، وإلا لكنا عدمًا، أي لا شيء على اﻹطلاق؛ فوجودنا يعني أنَّه يوجد علة أولى، المؤمنون يقولون: أنَّ العلة اﻷولى مغايرة لهذا الكون الذي نراه وما يماثله، أما الملحدون فيقولون: أنَّ هذا الكون موجود منذ اﻷزل ولا يحتاج علة لوجوده، فهذا الكون عندهم واجب الوجود، بعكس المؤمنين حيث يرونه ممكن الوجود، وواجب الوجود هو غير هذا الكون ولا يهم ماذا تسميه، فالمعنى هو المراد. أرجو أنْ تكون الفكرة قد وصلتك. تذكَّر أنَّني لم أكلمك إلا بالمنطق هنا، ويمكنك أنْ تأتي بأي منطقي ليرى كلامي، فلم أتعامل بغير المنطق.

 

ملاحظة خارج التعليق الذي كان ردًا على السيد نزار النهري: كلمة نفي اللانهائية تعني نفي مبدإ التسلسل إلى ما لا نهاية من حيث الطرف الماضي، ومن حيث اﻹحالة (=الماصدق).. كلمة ماصدق كلمة مركبة من حرف وكلمة، وهي: الحرف "ما"، والكلمة "صدق"، ومعناه من حيث هي مركبة: ما يصدق عليه المفهوم، أو ما يحيل إليه المفهوم، والمفهوم فكرة ذهنية.

 

وبناء عليه، فنفي التسلسل من حيث العلة والمعلولات جاء ﻷنَّه مسحيل أنْ يحصل تطابق بين اللانهاية من حيث المفهوم في الطرف الماضي، واللانهاية من حيث اﻹحالة في الطرف الماضي أيضًا، وإلا فإنَّ هذا يُفْضِي إلى خطأ شنيع، وهو أنَّ هذا العالم بكل ما فيه غير موجود، أي معدوم، ولكنه موجود؛ إذن مبدإ عدم التسلسل هو الصحيح، ومن ثم لا يصح من وجهة نظر الملحد الذي يفهم هذا الكلام أنْ يسأل من الذي خلق الكون، ولكن من وجهة نظر المؤمن بالله لا يصح أنْ يُسْأل من خلق الله؛ ﻷنَّه سؤال خطأ من حيث المنطق، فالمنطق يؤدي إلى التسليم بعلة أولى للأشياء.

 

شكرا لكم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات