ان يتخلى الانسان عن التوجه الديني ، ان يتخلى عن المنهجية الروحية والارتباط الفكري ، ان يتخلى عن النظم للخلق الانساني التكويني ان يتخلى عن ماهية وجوده ، ان ينتفض ضد فطرته ، ان يتحول من الغايوية الرسمية الى الاعتباط والعبثية ، كل هذه المصطلحات والمسميات وغيرها مما يصح ان تطلق على اللادينيون أو ( اللادينية ) بنحو اشمل هي بحد ذاتها رغم تنوعها وتعددها ان دلت على صفة او حال من الاحوال لمتبنيها او منتهجيها على السواء فأنها تدل على الحالة البوهيمية التي يعيشها هؤلاء اللادينية دون ان يشعروا او على الاصح تناسوا او تغافلوا عن الحال الذي وضعوا انفسهم به من خلال هذه الانتهاجية محاولين التعبير عنها في المرافق الثقافية الانسانية الاخرى كفكرة دائماً ما حاولوا زجها بين باقي الافكار بربطها بصورة قسرية متذرعين بمفهوم الحرية العام ... وبصرف النظر عن المنهاج الحقيقي للحريات الانسانية والفكرية فأن اللادينية بمعناها الحقيقي الاعم لا تشمل ان تخضع لمعايير الحريات للافكار والايديولوجيات الاخرى على اعتبار ان المنطلق الاساسي الذي تأتت منه هذه الفكرة هو الارتداد بكل اشكاله والضد للموازين العقلية والفطرية والاخلاقية بل هو الحرية بمعناها البوهيمي ، فأن تبجح قائل أن اللادينية تلتزم وتلزم نفسها بالاسس الاخلاقية وتسير معها بشكل من الاشكال .... عندها نقول : أذاً هي ليست لادينية طالماً اقتبست اساس او منهج معين من باقي الديانات والافكار وأتخذت منه سلماً ومنطلق في الرسم الانساني والاجتماعي لها ، طالما قد أحتاجت في مستوى من المستويات ولو على جزء يسير او نسبة بسيطة أقتظتها وفرضتها ضرورة ان تتعايش وتحيا اللادينية في صيرورة موازية ومحاذية لباقي الخطوط والكيانات الدينية ، أذاً هو الاعتراف والاقرار اللاشعوري بأن لا وجود اصلاً لمسمى اللادينية أذا ما كانت تسير وفق هذه الرؤى وهذه النظم وهو الأمر الحتمي والاكيد والملاحظ بكل الاحوال ، أن اللادينية لا تعني أن يعيش الانسان حراً في توجهاته بل يكون هذا أمر وفرضية معكوسة فهماً وتطبيق لأن هذا الفرض وهذه النظرية هي عين الدينية ... أذ أن الدينية بمعانيها ومفاهيمها الشاملة بكل اطروحاتها ومنذ الازل كانت قد كفلت ان يحيا الانسان بأي توجه كان طالما هو لا يظر بالمكون الانساني والاجتماعي وأذا سار وفق هذه الرؤى والاطروحات فأنه بالتأكيد كان سيره وفق موازين مرسومة حتى وأن كانت وضعية من قبل الانسان نفسه ... أن تعاطي الانسان الشعوري مع باقي الديانات والافكار الممنهجة هو الدينية عينها وليس بالمعنى العصري لللادينية فأن هذا الفهم الاخير يمكن تعريفه وفق معايشتنا لبعض رموزه ودعاته وقراءة بعض مبانيه .... أن مفهوم اللادينية لم يكن نابعاً من فهم خاص بهذه الايديولوجيا ( ان صح عليها أيديولوجيا ) كانت قد ولدت من تجارب او ابتكارات الهدف منها أن ترتقي وتحيا كفكرة تصلح ان تكون منهاجاً حتى لو كانت في حيز البديل عن نظيراتها التي ثبت هي الاخرى بالبرهان والادلة فشلها على المستوى التطبيقي للامم ... حتى تكون مبدء وبرنامج امثل يمكن لأمة من الأمم أتخاذه أو التعاطي معه كنظرية صالحة في اقل التقادير ، أن فهمنا لللادينية وفق ما هو معايش وملحوظ : هو التمرد على القوانين والالتزامات الانسانية الاخلاقية الروحية ، وان الارتباط بهذه المعاني هو أمر دائماً ما أحتاجته الانسانية في مسيرتها ومنذ خلق البشرية ، كما أن الانفكاك من الالتزام والارتباط الروحي الديني لا يعد بحال من الاحوال أمر تحرري أو مبدأً من مباديء الحرية ، أن ما يسلكه البعض من دعات اللادينية هو الارتداد عن كل ما هو ديني وقانون روحي متناسين ومتغافلين عن الواعز الفطري للانسان الذي يكون دائماً في صراع مع الانا والنفس المتمردة الذي من نتائجه الانتصار على باقي الخلجات والاحاسيس والمشاعر دون اعطاء الفرصة للجانب الفطري فضلاً عن العقلي الذي ثبت كحالة علمية بمقدمية الفطرة في ضمير الانسانية تقوده بأتجاه أخلاقي ديني ... يروج البعض للادينية كمنفذ يمكن من خلاله الافلات من الالتزامات والحاجات الروحية الدينية مستعينين برؤى سبق وأن عبرنا عنها ( بالمقتبسة ) من افكار وتوجهات اساساً هي من الدينية ومحاولات تسويقها للمجتمع على اعتبار انها بكل أو جل مسمياتها قد فشلت في حفض حقوق الانسانية بالرغم مما يحمله هذا المعنى من مضامين ومفاهيم في مشاريعها التنموية بكل المستويات لو تأتى لها التطبيق ، ان حالة التزاحم الفكري لهذه النظرية ما فتأت منذ بدء نشأتها التي لم تكن كما اسلفنا سابقاً مولودة من تجارب او ابتكارات لمباديء مثالية سامية تصلح بحال من الاحوال او ضرف من الضروف ان تتخذ وتتبنى كمنهج لتسيير المجتمعات لفائدته وصلاحه ... فهي ليست اكثر من خليط فاشستي مؤسس على قاعدة التمرد والانتفاض ضد الالتزام بالروحية الدينية ممزوجة بقناعات مبنية على التشكيكات المتنوعة من هنا وهناك .
التعليقات (0)