سجا شوكت العبدلي
ــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، وبعد فشل الحكومة العراقية في تحقيق الأمان والاستقرار للبلد ، لم يجد العراقيون حلا أخر غير اللجوء الى البلدان المجاورة ليكونوا بمنأى عن كل ما يهدد حياتهم ، فلم يعد العراق مكانا يمكن للإنسان أن يعيش فيه بصورة طبيعية .
وضع مأساوي عاشه العراقيون في بلادهم؛ قتل وخطف وانفجارات ولازال الوضع معقدا على الرغم من تصريحات المسؤولين بان الوضع الحالي في تحسن مستمر والمطالبة المستمرة بعودة اللاجئين من اجل المساهمة في بناء العراق ، ولازالت الزيارات مستمرة للعديد من العواصم الأوروبية من اجل حثها على عدم قبول طلبات اللجوء للعراقيين وان وقيامها بإعداد برنامج لعودة اللاجئين خلال الشهرين المقبلين على اعتبار أن الوضع الأمني في العراق قد تحسن .!
"اذا استطاع مسؤولينا التجول في شوارع بغداد من دون حرس فاني سوف اعود الى العراق فورا" اجابه من مواطن عراقي تحمل الكثير من السخرية والتحدي لفكرة اجبار اللأجئين العراقين في الخارج على العودة والدافعة لعودة اللاجئين العراقيين عبر اقناع الدول الاوروبيه برفض اللجوء للعراقيين المتقدمين بهذه الطلبات.
" واخر يتسال فيما اذا كان أي من المعنين بهذا الشأن يأمن على اطفاله ان يذهبوا كل صباح الى مدراسهم من دون اي يصيبهم اي مكروه"
مل العراقيون من الكلام المعسول والوعود الفارغه من حكومتهم المنتخبه ، فلم يكن هذا ما حلموا به عند توجههم لصناديق الاقتراع ليساهموا في بناء "العراق الجديد" فمن حق المواطن العراقي على حكومته بان تقوم بتوفير الحمايه له ،والحمايه تكون بحفظ حقهم في الحياه وامنهم البدني وبما أن الحكومه العراقيه قد فشلت في تحقيق هذه الحمايه حتى الان وفشلت في توفير ابسط مقومات الحياه للانسان الاعتيادي من كهرباء وماء وغذاء فلم يكن امام العراقيون سوى القيام باللجوء الى الدول المجاوره.
اللأجئون العراقيون في الاردن
4.7 مليون عراقي قد قاموا بالنزوح الى داخل العراق وخارجه منذ الغزو الامريكي للعراق .وبهذا يكون العراق قد سجل حاله اكبر نزوح في المنطقة منذ احتلال فلسطين عام 1948 .
و يبلغ اجمالي عدد العراقيين الذين دخلوا الى الاردن تحديدا حتى العام 2008 هو نصف مليون عراقي . وهم من مختلف الفئات والطبقات الاجتماعيه والانتمائات السياسيه والدينيه .
وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية تحت عنوان :”أزمة اللاجئين العراقيين بين الكلام المعسول والواقع المر” يرى هذا التقرير بان المجتمع الدولي ما زال يتقاعس عن مواجهة ازمه اللاجئين بطريقة ذات معنى. فبلدان مثل الأردن وسورية يستضيفان معظم اللاجئين العراقيين ولكنهما غير مهيئين على نحو مناسب لتلبية احتياجات جميع من يصِلون الى بلادهم .
وتجدر الاشاره هنا بأنه ليس جميع اللاجئيين العراقيين هم من الطبقه المحتاجه ماديا . ولكن وضع العراق الماساوي ومحاوله اغتيال ابناء البلد بكل فئاته هو ما جعلهم يلجئون الى الحل الاكثر مرارة وهو " اللجوء" .
وللتعريف بكلمه" لاجئ" فهي وفقا للماده الاولى لاتفاقيه اللاجئين الموقعه عام 1951 هو "
كل شخص :
“ يوجد خارج بلد جنسيته / جنسيتها أو خارج بلد إقامته / إقامتها المعتادة، ولديه خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية أو آرائه السياسية، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو يعود إليه ، خشية تعرضه للاضطهاد “.
وبما ان العراق هو خليط من الفئات ذات الانتمائات المختلفه دينيا وسياسيا فكان هذا من اهم الاسباب التي ساهمت في الاضطهاد الذي يتعرضون له في بلادهم .
المفوضيه الساميه لشؤون الاجئيين UNHCR واللاجئين العراقيين في عمان
من خلال تقارير المفوضيه الساميه لشؤون الاجئيين تبين ان عدد العراقيين الذين سجلوا في هذه المنظمه بصفه رسميه وحملوا صفه للاجئيين يقدر ب (53700) الف لاجئ. وقد تم تخصيص ميزانيه لهم للعام 2008 تقدر ب 35,000000 مليون دولار .
وهذا يعني انه لا يمكن اعتبار جميع العراقيين المتواجدون على ارض الاردن هم من يحملون صفه لاجئ بصوره رسميه . والسبب في ذلك يعود الى انه ليس جميعهم على علم بهذه المفوضيه وبطريقه عملها واهدافها ، واخرون يتمتعون بوضع مادي جيد ويرفضون ان تتم معاملتهم على انهم لاجئين ويرفضون اللجوء الى بلد غربي ايضا. فاحد الاشخاص الذين سألتهم عن سبب عدم تسجيله في المفوضيه اجابني " لن ارضى بان اقف في طابور طويل لاصل في اخره وانا احمل لقب لاجئ " .
وحسب ما اطلعت عليه من تقارير فان المفوضيه تتعامل مع الاشخاص المسجلين فيها حسب الاوليه ، فيتم اعطاء الاوليه بتسريع طلب المتقدم إذا كان لديه حاله خاصه وهذه الحالات بالنسبه للمفوضيه هي إذا كان الشخص المتقدم بطلب اللجوء كبير في السن ، امرأة حامل ، شخص مريض، طفل فقد والديه،او امرأه في وضع خطر، فمثل هذه الحالات تتم معاملتها بطريقه خاصه من شأنها ان تٌسرع من عمليه توطين المتقدم بطلب اللجوء، وتقوم المفوضيه بتصنيفهم تبعا للمحافظات التي اتوا منها والديانه التي يتبعونها .
والمفوضيه هي من تقرر اذا كانت الحاله تتطلب التحويل الى التوطين ام لا، واذا تمت الموافقه على ذلك فاءن ملف طالب اللجوء يحول الى احدى الدول التي وافقت على استقبال اللاجئين العراقيين . لذا فإن ليس جميع طالبين اللجوء تتم الموافقه على طلباتهم حيث ان الاماكن المخصصه لاعاده التوطين هي محدوده وذلك بحسب المفوضيه الساميه لشؤون الاجئين .
وبالحديث عن الدول التي تستقبل طلبات التوطين ، فان هنالك تقصير واضح من هذه الدول تجاه هؤلا ء اللاجئين . فالوقت المستغرق للبت بعمليه اتخاذ قرار بشان ملف طالب اللجوء بعد احالته من المنظمه سواء كان حاله منفرده ام عائله كامله ياخذ وقتا طويلا يصل في بعض الاحيان الى سنتين . وذلك على الرغم من دعوه منظمه العفو الدوليه بمناسبه اليوم العالمي للاجئين ، المجتمع الدولي وبالخصوص الدول التي شاركت بحتلال العراق من اجل ابداء خطوات حقيقية لمساعده العراقيين الذي ادت الظروف الى تهجيرهم من بلادهم ،مؤكده على انه يجب على هذه الدول ان تتحمل المسؤوليه في ان تقوم بمساعدة الدول التي تستضيف اللاجئين والمنظمات الانسانيه العامله في الاقليم والتي تساهم في تخفيف معاناتهم بشكل او بأخر وذلك من اجل ان تمكنهم من استيعاب الاعداد الهائله من اللاجئين .
فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية،يرى إن "العديد من اللاجئين يواجهون صعوبة كبيرة في الحفاظ على بقائهم. فهم ممنوعون من العمل وغير قادرين على تسديد أجور بيوتهم وشراء ما يكفي من الطعام لهم ولأسرهم وتغطية نفقات المعالجة الطبية. بينما يعيش من يحالفهم الحظ ويغادرون العراق على مدخراتهم، التي سرعان ما تنفذ بالنسبة للعديدين".
“لم يتبقى لدي من المال الكثير ولا زلت انتظر المجهول " سيده عراقيه (تعيش في الأردن) تشكو من طول الاجراءات المتبعه من اجل ان تحصل على حقها في التوطين وتتحدث عن خوفها من ان يتم رفض طلبها في اعاده التوطين فهي لم تعد قادره على تحمل نفقات العيش في الاردن وهي التي كانت تعيش حياه كريمه في العراق .
ووفقا لاحصائات المفوضيه في عمان فان عدد المتقدمين لطلب اللجوء يصل يوميا الى مئه طالب لجوء احيانا لكن هذا العدد ليس ثابتاُ بالتاكيد . ففي العام 2008 فقط تقدم نحو 5600 لاجئ عراقي بطلب للمفوضيه .
ظروف صعبه يعانيها اللاجئون العراقييون في الاردن ، مصير مجهول ينتظرهم ، وامل بمستقبل امن هو كل ما يحلمون به .
ارحموا عزيز قوم ذل ... كلمات يمكن قراءتها عند النظر في عيون العراقيين الذين لا يزالون يدفعون ثمنا غاليا لذنب لم يقترفوه .
كاتبه عراقية
التعليقات (0)