مواضيع اليوم

الكيمياء الذهنية و التوجيه الإعلامي

نزار يوسف

2010-09-13 18:08:46

0

الكيمياء الذهنية و التوجيه الإعلامي


الإنسان هو كائن متفاعل مع الوسط المحيط به . و تأثر النفس البشرية بالمحيط المادي و الغير مادي ، هو حقيقة علمية لا ريب فيها . فمن المتعارف عليه أن الإنسان يتأثر بما حوله بشكل طبعي ، و يتأثر بما تتلقاه حواسه الفيزيولوجية . و من المعلوم أيضاَ أن الإنسان يبدأ بالتعلم و اكتساب المعرفة و التأثر بالوسط المحيط به منذ اللحظة الأولى للولادة ، حيث يكون التلقي و التعلم عن طريق الوسط الخارجي المحيط ، كاملاً بنسبة مائة بالمائة ، حيث لا مجال للتفكير و المناقشة و محاكاة الخطأ و الصواب عند طفل رضيع أو طفل بلغ سنيّه الأولى من العمر التي تناهز في أقصى حد لها ، العشر سنوات .


في بداية تلك الفترة ، يشكل العلم المكتسب ( المقصود هنا العلم الذي يتلقاه الإنسان سماعاً من الغير ) المجرد البحت ، كامل مورد الخبرة و التعلم . ثم يبدأ مع تزايد العمر ، بالانخفاض بشكل تدريجي ، و تبدأ خاصية التجرد من العلم المكتسب حيث يبدأ العلم اللدني ( المقصود هنا العلم المكتسب بالتجربة الذاتية ) بالتشكل و الظهور بشكل مطرد مع تناقص العلم المكتسب ، حتى يصل الإنسان في مرحلة معينة من العمر ( يُفترض بنظري أنها بين الـ 30 – 40 عاماً ) إلى حصول توازن ما يبن العلم المكتسب و العلم اللدني ، و فيما بعد يطغى أحدهما على الآخر تبعاً لوعي الشخص و البيئة و الظروف المحيطة به و الثقافة التي يتحصل عليها . هذا هو المسار الافتراضي الذي يفترض أن يسلكه الشخص الذي تحصل منذ ولادته و حتى أواخر سني شبابه على علم مكتسب عقلاني منطقي صحيح و سليم و خالٍ من شوائب التطرف و التعقيد و العاطفة ، ما يجعله قادراً على التمييز و التمحيص بأية مؤثرات سمعية أو بصرية أو فكرية قد تطرأ عليه و تؤثر به ، فيتعامل معها إما بالرفض أو بالقبول .


أما إذا ما نشأ المرء في بيئة موبوءة بالأمراض الاجتماعية و التطرف الفكري و الديني و خالية من أية عناصر ثقافية فكرية متطورة ، بل هي بيئة مريضة رجعية ، فإن هذا الشخص حتماً سوف يكون عبارة عن إنسان متلقٍ خالٍ من أي علم لدني مكتسب بالتجربة و إعمال الفكر و العقل . و سوف لا تختلف فترة ولادته عن فترة وفاته في أرذل العمر حيث تكون حياته كلها من بدايتها إلى نهايتها عبارة عن كتلة واحدة متجانسة في النفس و الفكر ، خالية من أية تحولات إيجابية تطورية ، لا بل على العكس من ذلك تماماً ، ستكون عبارة عن ردات انتكاسية ارتكاسية خلفية متتالية . و لا مجال هنا لعلم لدني بأي شكل من الأشكال . هنا و الحالة هذه ستكون فترة أرذل العمر ... فترة أرذل الفكر و العقل . حيث يصبح المرء بعد استمرائه حالة العلم المكتسب ، مجرد وعاء تلقي المعلومات و البيانات و حصراً منها .. السمعية و البصرية . و ينبذ ما تبقى من مصادر أخرى كالقراءة و الاطلاع و التحليل و المقارنة .. الخ .


و خطورة القضية هنا ، هي أن المرء يسقط كل ما يتلقاه من الوسط الخارجي على ما تربى عليه و تم تلقينه عليه في صغره . فإن وافق .. أخذ به ، و إن لم يوافق .. ضرب به عرض الجدار . و الأخطر من هذا و ذاك كله ، أن المرء يصبح مستعداً لقبول كل ما يتلقاه من أفكار و مؤثرات سمعية و بصرية ، فقط لمجرد دخولها في سياق ما تربى عليه في صغره أو ما يعرف بالرموز الفكرية ، حتى و لو كان ذلك يشكل خطراً عليه أو ضد أفكاره و مبادئه نفسها التي تربى عليها ... فقط لمجرد الدخول في سياق تلك الرموز حتى و لو كانت ضدها .
هذا الكلام يشكل أحد أقسام و فروع علم يسمى ( الكيمياء الذهنية ) و هو من أشد العلوم خطراً . و أول مرة سمعت به و اطلعت عليه ، عندما كنت في روسيا . هذا العلم له فروع و مناهج و مباحث عدة منها ما هو مستقل و منها ما هو مرتبط . و يأخذ أكثر من تعريف . و من أحد هذه التعاريف .. ( علم التلاعب بالأفكار ) بحيث تتغير الفكرة و يعتقد صاحبها و يتوهم أنها بقيت كما هي . و الآن لننتقل من ( الكيمياء الذهنية ) المعقدة بعض الشيء ، و نحاول شرح الأمور بشكل مبسط بواسطة الصور و البنود التالية و نرجو فهمها جيداً لأنها سوف تشرح ما بعدها و ما قبلها من كلام .


1) ـ في إحدى التجارب العلمية على الضفادع ( الضفدع معروف بأنه من أكثر الكائنات حساسية لفرق الحرارة بالماء ) قام العلماء بوضع ضفدع في وعاء زجاجي مملوء بالماء و موصول بجهاز متطور يزيد حرارة الماء درجة مئوية واحدة كل خمس دقائق . و بقيت الضفدعة قابعة في الماء لا تتحرك . و ظلت حرارة الماء تزداد شيئاً فشيئاً و الضفدعة ساكتة لا تتحرك ، حتى وصلت إلى درجة قريبة من الغليان . و انسلقت الضفدعة و فطست دون أن تشعر بفرق الحرارة أو بشيء غير عادي .


2) ـ في علم الاغتيالات توجد طرائق متعددة لعمليات الاغتيال ، منها الاغتيال عن طريق السم ، و هي طريقة معروفة منذ القدم . أما الأسلوب الذي كانت تتم فيه ، فهو السوآل عن الطعام المفضل للخصم أو الهدف المراد قتله ، و من ثم دس السم فيه . و هي طريقة قديمة معروفة و كثيراً ما تم استعمالها عبر التاريخ منذ القدم و حتى الآن . و في العصر الحديث كانت تستخدمها أجهزة الاستخبارات بكثرة و منها جهاز الـ ( كي جي بي ) في العهد السوفيتي ، و غيره من الأجهزة . و أحد السياسيين القياديين في إحدى المنظمات الذي نجا من محاولات اغتيال عدة من قبل جهاز استخبارات معين . و لما أعيتهم الحيلة ، سألوا عن الشيء الأفضل الذي يحب تناوله ، فقيل أنه يحب تناول ماركة نوع معين من الشوكولاته تصنع في أوروبة . و تم دس السم له في الشوكولاته و إرسالها له .


3) ـ في علوم الكهرباء و الميكانيكا تعتمد الآلة أو الجهاز من ضمن ما تعتمد ، على مبدأ التوصيلات و المآخذ و الأسلاك الكهربائية . و عادة يوجد نظام قياسي عالمي لألوان و مبدأ التوصيلات .. مثلاً ( أحمر أحمرأزرق أزرقأخضر أخضرأصفر أصفر ) حتى يدور الجهاز و يعمل بطريقة معينة . و يكفي فقط التبديل بين أحد القوابس أو بعضها .. مثلاً ( أحمر أخضر – أزرق أزرق – أخضر أحمر – أصفر أصفر ) حتى يعمل الجهاز أو الأداء بالاتجاه المعاكس . فإن كان يصعد للأعلى ، فإنه سينزل للأسفل .. الخ . و هذه الطريقة معروفة و يستخدمها بعض الفنيون لاختصار أمر معين و تبدو طبيعية تماماً .


4) ـ هنالك ما يعرف بالأشياء و مناطقها .. أي بمعنى ، الشيء و منطق هذا الشيء . الجنس و منطق الجنس .. القتل و منطق القتل .. الفوضى و منطق الفوضى .. القانون ومنطق القانون . و منطق الشيء من المنطلق الفكري ، يختلف تماماً عن الشيء ذاته و قد يكون أحياناً أخطر من الشيء ذاته . و يمكن الافتراض في الحالات النظرية البحتة أنهما وجهان لعملة واحدة . غير أنهما في الحقل و المجال الإعلاميين ، شيء مختلف تماماً ، و يبدو الآمر واضحاً تماماً للمراقب و صاحب الخبرة و الدراية . فما هو الفرق بين الشيء و منطق الشيء ؟


باختصار جداً ( منعاً للإطالة في المقالة ) عندما يعرض فيلم سينمائي مثلاً و يكون ضمن أحداثه جريمة قتل ، فهذا يسمى الشيء أو الحدث الذي ينطبع في ذهن المشاهد الذي يدرك أن هذه جريمة قتل .. لكنه ينكرها و ينبذها عقله بداهة ، كونه يعرف من خلال الوعي الداخلي العقلي لديه أن هذا أمر منكر و شاذ و غير مقبول . فضلاً عن أن جريمة القتل التي جاءت في حيثيات و أحداث الفيلم ، جاءت كعبرة و حالة توضيحية يتعظ منها المشاهد ، و يتجنب القتل بعد أن يقوم المحقق البطل بإلقاء القبض على الفاعل و تقديمه للقضاء و إصدار الحكم بحقه . و من مثال ذلك الأفلام و المسلسلات البوليسية ( كبرنامج حكم العدالة في سورية ) .

أما عندما يَعرض فيلم سينمائي ، البطل أو الرمز الديني أو الاجتماعي ، قاتل يمارس هواية القتل . و كل الرموز الإيجابية في الفيلم ، تقوم بأعمال القتل بحجج واهية أو معدومة أو مفبركة ، فإن هذا ما يسمى بمنطق القتل . و العملية هنا هي عملية تسويق لمفهوم القتل و تقويض لتجنب القتل . بينما في الحالة الأولى تكون العملية عكسية .. تسويق منطق تجنب القتل و تقويض فعل القتل مع أن الفيلم كله يدور حول عملية قتل . إذن .. في الحالة الإعلامية ، منطق الشيء هو الذي يسود و ينطبع في عقل الشخص المتلقي ، سواء أكان بالتسويق أم التقويض . و يصبح الشخص مهيأ فعلياً إما لممارسة هذا المنطق ، أو القبول به في حال حدوثه و اعتباره أمراً طبعياً بغض النظر عن خطورته و ضرره الشديد على المجتمع .


إن المجتمعات التي تنعدم فيها الثقافة الفكرية الحرة العقلانية الخالية من الخرافات ، و تعتمد في معظم أو كل ثقافاتها الفكرية على الخواء العاطفي الغريزي المصحوب بمبادئ فارغة عقيمة أصبحت من الماضي ، و تكون شكلاً من أشكال التلقي .. هذه المجتمعات تصبح مؤهلة و جاهزة لتلقي كافة المؤثرات المدمِرة المخرِبة للمجتمع و كل القيم البشرية الأخلاقية العالمية ( حصراً العالمية ) المتعارف عليها بين جميع بني البشر دون أن تشعر بذلك .


و في العصر الحالي ، أضحت الأداة الأكثر استعمالاً و الأكثر فعالية في تمرير الأفكار و السيطرة على العقول ذات السوية المنخفضة من الوعي ، هي الإعلام بوسائله المتعددة المعروفة و أكثرها الآن الفضائيات البصرية التي جمعت بين الصوت و الصورة ( و هي مثالنا المعتمد في هذا المقال ) . و في مجتمعات العالم الثالث و منها للأسف مجتمعاتنا العربية ، يضحى منطق الشعارات و الرموز ، هو المنطق المهيمن على عقول الجمهور المتلقي ، بخاصة و أن الفضائيات العربية الآن ( خلا القلة القليلة منها ) قد أصبحت بوقاً من أبواق الدعاية و الترويج للتخلف و الجهل و الفتن و الفوضى و الخواء . بالاعتماد على الظهور بمظهر الحقيقة و الصدق و محاولة النفاذ إلى مشاعر الناس و عقولهم بسرعة و يسر بالاعتماد على ما تريده غرائز هؤلاء و مخزون ذاكرتهم المشبع بالموروث الاجتماعي ، و عقولهم المشبعة برموز الوطنية و الشهامة و الخير و الفتوة و الدين ، إلى ما هنالك من رموز معتمدة لدى الإنسان العربي . و بالاعتماد على أحداث سياسية تشغل بال المواطن العربي و تمثل حالة الحدث البارز سواء أكانت حالية أو حديثة العهد . و هي تمثل حالة من حالات الانفعال العفوي و اللاإرادي عند هذا الإنسان ، و تثير لديه مواطن الغريزة المنفلتة من عقال العقلانية و المنطق . و الآلة الدعائية الإعلامية لم توقف مجال شوطها فقط عند الأخبار السياسية و الصحفية ، بل تعدت ذلك إلى الأعمال الفنية أو ما يعرف بالدراما أو التمثيل .


من سوابق ما تم ذكره ، و أمثلة ما قيل ، نسوق عملين فنيين يمثلان بنظرنا حالة شديدة قصوى في التأثير الإعلامي السلبي .. هما مسلسل وادي الذئاب و مسلسل باب الحارة و هما بنظرنا يمثلان وجهان لعملة واحدة ، فما هي هذه العملة ؟؟

 

وادي الذئاب :
وادي الذئاب مسلسل تابعته حديثاً بعد أن تعرضت أكثر من مرة للسوآل عن رأيي الشخصي فيه من أكثر من جهة . و قد كان لي فرصة متابعة بعض حلقاته في جزئه الأول عندما تعرضت لوعكة صحية ألزمتني الفراش أيام عدة . و الحقيقة أنني أعجبت بتلك الحلقات .. بعد ذلك كانت متابعتي له على شكل حلقات متقطعة حسب تواجدي بالمنزل . إلى أن دار مرة نقاش بيني و بين شخص أصر على معرفة رأيي بهذا المسلسل ، و عندما أخبرته أني لم أتابع حلقاته كلها و بالتالي لا أستطيع تكون فكرة واضحة عنه ، تبرع الرجل مشكوراً و أحضر لي أقراص DVD المسلسل كاملة و كان قد أصبح في نهاية جزئه الثالث حينها و قمت بمشاهدة الحلقات كلها و تابعت الحلقات اللاحقة فيما بعد سواء بالمشاهدة المباشرة على التلفاز أو استكمال المنقوص ( عبر الفيديو ) و خلصت إلى النتيجة التالية :


1) ـ لست في وارد مناقشة الخزعبلات التي ظهرت في المسلسل و الخوارق الفوقبشرية التي تمتع بها بطل المسلسل ( يحارب بالمسدسات هو و اثنين من عصابته ، جيش من المصفحات و الرشاشات و المدافع و القذائف الصاروخية و يقضي على الجميع دونما مس من أذى – يقتحم المعاقل و الحصون بمسدس ... الخ ) . فهذه لها مجال آخر .


2) ـ المسلسل حسب الظاهر للعيان ، يناقش عبر أجزاءه الخمسة ، أمور ثلاث : المافيا – نظام العائلات المؤسساتي العالمي – نظام الغلاديو . و يدعي بالظاهر أن بطل المسلسل المدعو ( مراد علمدار ) جاء ليقضي على هذه المظاهر الثلاث .


3) ـ البطل مراد علم دار لم يصنع شيئاً و لم يحقق أي هدف من الأهداف . فالمافيا التي تم زرعه فيها لأجل القضاء عليها ، لم يقض عليها بل قضى عليها نظام المحفل السري الذي قتل العراب محمد قرخانلي و قام بتصفية بقية العرابين. بينما لم يفعل مراد علمدار شيئاً . و في الجزء الثالث من المسلسل يظهر لنا فجأة عدو جديد هو نظام المؤسسات العائلية و تنطُحْ مراد علم دار لمحاربته ، و كذا الأمر ، لم يفعل شيئاً و بقي هذا النظام موجود . و يبرز أيضاً شخصية جديدة هي ( اسكندر الكبير ) الذي تدور بينه و بين مراد علم دار معركة كر و فر مضحكة و تثير السخرية ليس لها هدف سوى القتل . و في الجزء الخامس لا يقضي مراد على الغلاديو و الذي جاء في المسلسل بطريقة مغايرة عن التعريف الأصلي له . بل ينتصر الغلاديو عليه و يثبت نفسه بعد أن يقتل زوجته و يخطف ابنته . فماذا فعل مراد علمدار ؟؟؟!!!!! و ما هو دور مراد علمدار ؟؟؟؟!!!!!! و ما هي الغاية من وجود مراد علمدار ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!! .


4) ـ مراد علم دار هو بكل بساطة عبارة عن مجرم قاتل. دوره في أجزاء المسلسل الخمس هو القتل و فقط القتل و لا شيء غير القتل .. قتل الأبرياء و غير الأبرياء و القتل بكل بساطة . شخص ليس له هدف و لا قضية محددة و لا يتبع جهة محددة .


5) ـ مسلسل وادي الذئاب هو مسلسل لا هدف له و لا قضية غير قضية القتل .. فقط القتل و لا شيء غير القتل . هو مسلسل هدفه تسويق منطق القتل و الجريمة .. مسلسل يؤسس للقتل و يشرعن له . يؤسس للفساد و الجريمة بأنواعها كافة و يشرعن لها . البطل مراد علمدار يتعامل بالمخدرات و التهريب و أعضاء عصابته مجموعة من القتلة و المهربين . ليس هم فقط بل معظم الممثلين .. أول مرة في حياتي أرى مسلسل يكون كل الممثلين فيه من القتلة و المجرمين و البقية من المقتولين !!!!!!!! هل معقول مسلسل يكون الممثلين فيه أما قتلة أو مقتولين ؟؟؟؟!!!!! هل معقول مسلسل من خمسمائة حلقة على مدى خمسة أجزاء و ثلاث سنوات ، لا تعرض فيه حلقة من الخمسمائة إلا و تكون من بدايتها إلى نهايتها عبارة عن قتل بقتل ؟؟؟؟!!!!! . ليس القتل فقط ... بل التفنن بالقتل و بطريقة بربرية وحشية و إظهار مظاهر و مشاهد التشفي و الحقد أثناء القتل و بالأخص من قبل مراد علمدار و عصابة الإجرام التابعة له ؟؟؟!!!!.


6) ـ المسلسل ينسف منطق الدولة و القانون و يدرج منطق الغاب و منطق الفوضى العشوائية و منطق الجريمة المنظمة و الغير منظمة و يؤسس لمجتمع اللاأخلاق . البطل مراد علمدار شخص لا مرجعية له و لا يأتمر بأمر أحد ، يتحدى الدولة و رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء و رؤساء الأمن و رؤساء البوليس و كل ما هو تابع للدولة و ما يسمى نظام دولة . و يعصي أوامرهم ، لا بل يقوم بمحاولة اغتيالهم أو تصفيتهم فقط لمجرد أنهم لا يسيرون على هواه .. عندما يشاء   يدخل دونما إذن على رئيس الشرطة و الشرطة السرية و رئيس الوزراء و رئيس الأستخبارات و رئيس الدولة نفسها .. يقتص من المجرمين و غير المجرمين على هواه و دونما تقديمهم للعدالة و القانون لأنه بالأساس و حسبما يظهر في المسلسل ، لا قانون عنده و لا ضابط . و بدلا من ذلك يقوم بقتلهم و تصفيتهم إما بدم بارد أو بطريقة وحشية . المحاكم غير موجودة .. الشرطة غير موجودة .. القانون غير موجود .. في الجانب المقابل لبطل المسلسل مراد علمدار ، يوجد مجموعة خصومه القتلة و هم لا يقلون عنه وحشية و جرماً و الإشكالية هنا هي ظهورهم و على أنهم من أساس و عماد الدولة و المجتمع و الاقتصاد ( ضرب لمفهوم الدولة ) . و كل حلقات المسلسل تدور حول مراد و خصومه فقط . حتى المجتمع العادي بأشخاصه و مهنييه و اختلاف بقية فئاته و طبقاته ، هو مخفي من المسلسل تماماً . يضاف إلى ذلك تبعية مراد علمدار المرجعية لمنظمة سرية خفية تسمى ( الاختيارية ) موجودة حسب المسلسل منذ 2000 عام . و لا يعرف عنها شيئاً . أخير هي أم شر ؟؟!! و المضحك المخزي في كل ذلك ، أن البطل مراد علمدار هو رئيس ما يسمى ( تشكيلات أمن المجتمع ) لاحظوا التناقض الواضح و اربطوا ذلك بالأمثلة الصور ( 2 – 3 ) المذكورة أعلاه .. أمن المجتمع لا يستقيم إلا بنسف مفهوم الدولة و القانون و تثبيت منطق الفوضى و القتل و الجريمة !! .. أمن المجتمع لا يستقيم إلا بإلغاء فئات المجتمع و شرفائه و مثقفيه المخلصين و إظهار مجرميه و أشراره و جهلته .. كيف يكون رئيس تشكيلات أمن المجتمع مطارد من الدولة و البوليس في معظم حلقات المسلسل ؟؟!! ..

لاحظوا أن معظم شخصيات المسلسل هي شخصيات شريرة ، حتى الشخصيات التي تتلبس لبوس الخير .. مثلاً أبو زوجة مراد هو خائن و عميل – تركي هو تاجر مخدرات و مهرب و مختلس سابق – مورو هو إرهابي و تاجر بشر و مخدرات – يلجين بولوت قاتل و مهرب و تاجر مخدرات – الخال تاجر مخدرات – ميماتي قاتل سفيه و مهرب مازوت ..إلى بقية السبحة من الشلة .. يعني حتى الأشخاص الذين يقومون إن عاجلاً أم آجلاً ، بدور الخير و أصدقاء البطل ، هم قتلة أشرار و مرتكبوا جرائم و جنحات شائنة شائكة ضد القانون و المجتمع . لاحظوا أيضاً أن هؤلاء القتلة المجرمين عندما ينضمون لمراد في تشكيلات أمن المجتمع المخزية المضحكة التي لا تنطلي إلا على صغار العقول ، لا يشهرون توبتهم و لا يتخلون عن أعمالهم الإجرامية السابقة ، فيبقى تاجر المخدرات على مخدراته و المجرم على إجرامه . لاحظوا التداخل و الإبهام المتعمد المقصود و تميع الفارق و الفيصل ما بين الخير و الشر . مثلاً بابا عمر والد مراد رجل يظهر بالمسلسل على انه الرجل الحكيم المؤمن الطاهر الخير الذي لا يقبل الخطأ ، نلاحظ أنه يتماشى بشكل أو بآخر مع مراد و هنالك نوع من الصمت الذي يعني القبول على أفعاله و تصرفاته .و وجوده في المسلسل هو لتسويق هذه الأفعال في عقول المشاهدين .


7) ـ المسلسل ينسف مقومات الترابط و التكافل في المجتمع و يقطع روابط و أواصر الصلات الاجتماعية و صلات الجماعة و الأسرة و هي أساس وجود المجتمع .. مراد علم دار يتزوج و لا يهمه أن يقتل أبو زوجته و لا يهمه أن تموت زوجته و لا يهمه أن تموت زوجة أخوه حكمت و لا يهمه أن تموت صديقته أو حبيبته المسماة هدى طوروس متفجرة بقنبلة مزقتها أشلاء بسببه هو ..


مسلسل باب الحارة :

وقفت طويلاً عند هذا المسلسل و لا أدري ماذا أقول بالضبط و لا كيف و من أين أبدأ . و لكن أقول الآتي :


1) ـ إن مسلسلات هذا الشخص و منذ خمس و عشرون عاماً ( أيام شامية – الخوالي .. الخ ) تدور كلها حول فكرة واحدة لا تتغير .. حارة مغلقة .. مجتمع متعصب .. زعيم أو عكيد يحل محل الدولة و القانون .. احتلال فرنسي .. احتقار المرأة .. تعدد الزواج .. الطمث .. الحيض .. الدورة الشهرية .. الطلاق .. مشكلة شفيقة مع شهيرة .. إلى ما هنالك من علامات استفهام و إشكاليات خطرة جداً . هل معقول على مدار خمس و عشرون عاماً ، المسلسلات نفسها ؟؟؟؟!!!!!!!.. هل معقول يا عالم يا بشر ، على مدار ربع قرن و الكليشة نفسها لا تتغير ؟؟؟؟!!!!! نسخة مكررة عن باب الحارة ؟؟؟!!!! على مدار ربع قرن و ما سبقه و رافقه من أحداث سياسية و صراعات و حروب من حرب النكبة مروراً بحرب النكسة و حرب الاستنزاف المصرية و حرب تشرين و حرب الاستنزاف السورية و حرب الـ / 78 / و حرب الـ / 82 / و حرب الخليج الأولى و حرب الخليج الثانية التي دمرت العراق و حرب الخليج الأخيرة التي دخلت أمريكا فيها العراق و كل المآسي و الكوارث و الفواجع التي حصلت فيها و حرب تموز في لبنان . و هذا الرجل .. و سبحان الذي لا إله إلا هو ، مو شايف غير الفرنسي ، و كل مسلسلاته عن الفرنساوي و العثماني .. فلماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!


2) ـ المسلسل بأجزائه الخمسة يسوّق الجهل و التخلف و ينسف منطق العلم و الحضارة و بحجة التراث ، بدءاً من عنوانه ( باب الحارة ) مروراً بمضمونه و انتهاء بجزئه الخامس والأخير .. وجود الباب يعني وجود سور .. وجود سور يعني الغيتو و نظام الغيتو و مفهوم الغيتو ، الذي هو أخطر نظام اجتماعي عرفته البشرية .. هذه حقيقة واضحة موجودة عبر التاريخ و لا مجال لإنكارها . و التعريف العلمي للغيتو باختصار : هو قطاع من مدينة أو منطقة تسكنه أَقلية عرقية، أو دينية، أو مجموعة قومية. إما باختيارها أو رغماً عنها كما هو الحال في أوربا القرون الماضية و هذا القطاع يكون عادة عبارة عن حي ( حارة ) مغلقة محاطة بسور و باب ضخم يغلق ليلاً و يفصل السكان الذين يعيشون فيه عن بقية فئات المجتمع فكرياً و عقائدياً و دينياً و عنصرياً و عرقياً حيث يكونون فئة متجانسة تماماً من المكونات السابقة . و نظام الغيتو عبر التاريخ ( أوروبة مثلاً ) ارتبط بالحروب الأهلية و المذابح و التخلف و الرجعية و العزل الفكري و الثقافي حتى و لو كان في بعض الأحيان القليلة يمثل الجماعات الوظيفية و هي كانت موجودة في أوروبة حصراً . و الملاحظ في المسلسل هو الإصرار على إبراز باب الحارة دائماً و جعله جوهر و لب المسلسل و جعله من التراث الأصيل و من الشرف و القيم التي لا يمكن التسامح بها ، و جعل إزالته قضية حياة أو موت .. قضية وجود و مصير . و تسليط الضوء عليه و إبراز مقاطع إغلاقه و فتحه و التحدث عنه في كل شاردة و واردة و كل مفصل و مقصد .. باب الحارة .. الباب .. فتحوا الباب .. سكروا الباب .. راح الباب .. إجا الباب .. الباب .. الباب .. الباب .. الباب .. لاحظوا التكرار المتعمد . و لاحظوا هذه العبارة ( الباب بدو يرجع غصباً عن اللي بيقول إي و الي بيقول لأ ) هذه عبارة خطيرة جداً و أخطر من التصور لاحظوا أيضاً أن المسلسل انتهى بإغلاق الباب ..

يا سيدي هذا الباب خرب لنا بيوتنا .. و كل بلاوينا و مآسينا على مدار قرون عديدة من تحت قرعة أبو هذا الباب ، و كل مظاهر التخلف بسبب هذا الباب .. الاستعمار الأجنبي جاء بسبب وجود هذا الباب .. ألا يكفينا مآسٍ ؟؟!! ألا يكفينا تخلف و تبعية و تقهقر إلى الوراء ؟؟!! بدلآ من أن نناقش الوضع العربي الحالي المزري المفجع المبكي .. يومياً ضحايا قتل و تفجير يذهب ضحيتها المئات و الآلاف . بدلاً من كل هذا ، نناقش قضية شفيقة و خيرية ؟؟؟؟!!!!! أهذه هي مشاكلنا ؟؟!!! أهذه هي قضايانا ؟؟!!! مشكلة شفيقة مع خيرية و تحبيل بدرية و الدورة الشهرية لسعاد و طلاق فتحية ؟؟؟!!! هل المطلوب إشغالي و إلهائي أنا المواطن العربي بهذه الأمور و القضايا على مدار خمس سنوات و جعلها قضية جوهرية محورية في هذه الفترة العصيبة بالذات ؟؟!! لحساب من ؟؟؟؟؟؟ و خدمة لمن ؟؟؟؟

اذهب أيها المواطن العربي إلى مجسم للكرة الأرضية و قم بتدويره و انظر في أية بقعة منه كانت الحروب و المجازر و الانقسامات و أين أناخ الاستعمار رحاله منذ قرون ، هل ترى غير الأرض العربية ؟؟ هل سألت نفسك عن السبب ؟؟ ما هي الغاية من لقطة تعرض في باب الحارة تصور رجلاً جاء لزيارة شقيقته التي هي جارة لبيت أبو عصام ، و عندما وقف على الباب المفتوح ، جاء المدعو معتز و قام بضربه بوحشية مقصودة و أخذ يلكمه و يرفسه بالأرجل و الأيدي و تم تصوير مشهد تفجر الدم من الرجل الذي يسقط فاقداً الوعي .. فقط لأنه نظر إلى بيت أخته . علماً أنه كانت يقف على العتبة و يطرق الباب و لم يتجاوزه . لحساب من هذا المشهد و لأجل ماذا ؟؟؟ و لحساب من تأتي اللقطة الأخرى التي يظهر فيها عضوات الحارة و يقولون (و الله كان بدو إياها ) لحساب من ؟؟؟؟؟ خدمة لمن ؟؟؟؟؟؟ تسويق ماذا ؟؟؟؟!! يوجد الكثير من اللقطات و المشاهد المقصودة الموجهة و لا مجال للذكر هنا منعاً للإطالة .


3) ـ قضية الاستعمار الفرنسي في المسلسل .. هي قضية يشوبها الكثير من اللبس و الغموض ، بخاصة و أن كل مسلسلات هذا الشخص تتحدث عن الاستعمار . و النتيجة التي خلصت إليها ، أن المقصود ليس الاستعمار الفرنسي بل شيء آخر .. فمن المعروف أن كل الأفلام و الأعمال الدرامية في العالم ( و منها الدراما العربية ) عندما تتناول قضية الاستعمار و الاحتلال ، فإنها تتوج بالنهاية برحيل المحتل و المستعمر و تحقيق الاستقلال الذي يظهر في المشاهد الأخيرة .. الأفلام و المسلسلات الروسية التي تناولت الاحتلال الألماني ، و الأفلام و المسلسلات الأمريكية التي تناولت الاستعمار البريطاني لأمريكا و تحقيق الاستقلال و الحرب العالمية الثانية ، و الأفلام و المسلسلات الفرنسية التي تناولت الاحتلال الألماني ، حتى الدراما الصينية و اليابانية .. كلها في النهاية تبرز مشهد الاستقلال و خروج المستعمر أو المحتل ، إلا هذا الشخص و سبحان الذي لا إله إلا هو ، لا يتحدث عن الاستقلال نهائياً و كل المستعمرين في أعماله .. لا يخرجون .. أنا كنت أتوقع من مسلسل باب الحارة الذي يدعي الوطنية و التراث و بعد مضي خمس سنوات على مدار خمس أجزاء ، أن يخرج المستعمر الفرنسي في نهاية المسلسل !!!! فلماذا يصر هذا الرجل على استبعاد موضوع الاستقلال من كل أعماله ؟؟؟؟!!!! قام بإلغاء حقائق المقاومة الوطنية أبان فترة الانتداب الفرنسي و لم نقل شيئاً .. ألغى الثورة العربية الكبرى بقيادة الزعيم سلطان باشا الأطرش و ألغى إبراهيم هنانو و العلي و غيره من زعماء الثورات و الحركات الوطنية و سكتنا و لن نقل شيئاً .. و اكتفى بتصوير النضال المسيحي بصورة مبتورة مشوهة لامرأة مقطوعة من شجرة اسمها ( أم جوزيف ) ظهرت فجأة بقدرة قادر و سلط الأضواء عليها بطريقة مقصودة و ملفتة للنظر لغاية في نفس يعقوب .. أمرنا إلى الله ، ما حكينا شيء ، لكن لماذا يصر على طرح الاستعمار و يصر على استبعاد الاستقلال ؟؟؟؟!!!!!!! .. بصراحة لا يوجد تفسير غير أن المقصود ليس الاحتلال الفرنسي .


4) ـ المسلسل ينسف منطق الدولة و القانون تحت حجة الاحتلال الفرنسي و بدلاً من نظام الدولة و القانون ، يطرح نظام العكيد ، و سبحان الذي لا إله إلا هو ، بحثت عن نظام العكيد في الموسوعات و القواميس و المصطلحات ، فلم أجد له أثراً و لا تعريفاً . و كل ما قيل مشافهة ، هو روايات شعبية عن شخصية القبضاي في بلاد الشام و في مصر يسمونها الفتوة و يطلقون على هذه الشريحة من المجتمع اسم ( البلطجية ) و في العراق تسمى ( الشقاوة ) و هي شخصية حسب التاريخ تعتمد نظام السلبطة و البلطجة و القوة الجسدية للوصول إلى زعامة الحي و فرض أتاوات و خوات على أهالي الحي الذي يسيطرون عليه . و في الروايات ، تعد هذه الشخصية خير مثال على الظلم الاجتماعي و التخلف و الخروج على الدولة و القانون ، و خير من عبر عن هذه الشخصية هي الدراما المصرية التي كانت تطرح هذه الشخصية للتعبير عن الظلم و التخلف و الجهل في المجتمع . لاحظوا أيضاً الشخصيات القيادية في مجتمع باب الحارة من هي ؟؟ الحمصاني .. الحلاق .. الفران .. الزبال .. بائع الخضرة .. صاحب المقهى ؟؟؟!!!!! انظروا لهذه الرموز التي تكررت دائماً على مدار كل المسلسلات الأخرى شقيقة باب الحارة كشخصيات قيادية . لاحظوا أن شخصية الطبيب التي ظهرت في المسلسل ، ظهرت بشكل خانع ذليل تابع لهؤلاء يقودونه كيف شاؤوا ( أمرك عمي .. حاضر سيدي .. تاج راسي ) .

أنا أحترم مهن المجتمع كلها بدءاً من أدنى مهنة إلى الأعلى ، لا بل أحترم المهن الدنيا أكثر من العليا . و لكن .. و لكن .. حرف استدراك .. أن توضع هذه المهن كرموز لقيادة المجتمع ؟؟!! .. فهنا نقول ستوب عمي .. معلش اسمحوا لنا .. هذه المهن مع الاحترام ليست لقيادة مجتمع و نظام دولة و لم يظهر في التاريخ كله ما يثبت هذا الشيء اللهم إلا في بعض القبائل الموجودة في مجاهل غابات إفريقيا و الأمازون . أين الطالب في هذا المسلسل ؟؟ أين أستاذ المدرسة ؟؟ أين المثقف ؟؟ أين المحامي ؟؟ أين المدرسة ؟؟!! أين المكتبة ؟؟!! أين و أين و أين ..لا بل أين مظاهر الحضارة التي كانت موجودة تلك الفترة ؟؟؟!!! قال إيش ؟؟ قال ملحمة تاريخية .. و قال إيش ؟؟ قال المسلسل يتحدث عن قضية فلسطين و انزعجت منه إسرائيل .. جايين تسلبونها على ربنا ؟؟؟؟هكذا قيل أيضاً عن مسلسل وادي الذئاب .


5) ـ ما هو هذا التراث الموجود في باب الحارة و الذي يجب نبشه و تسويقه و المحافظة عليه .. هل هو تعدد الزوجات ؟؟ هل هو الصراخ و الصياح بطريقة الخوار للتعبير عن القوة و الفحولة و الشهامة ؟؟ هل هو الإساءة للمرآة و جعلها في مرتبة أدنى من مرتبة البشر ؟؟ هل هو في نفي مظاهر العلم و تسويق مظاهر الجهل ؟؟ هل هو تسويق مظهر الانعزال و الانغلاق و الصدام مع كل ما هو خارج نطاق هذا الغيتو ؟؟!! و كل ما دق الكوز بالجرة يقال .. التراث الأصيل .. يجب استحضار التراث .. عمي عادة أكل لحوم البشر ( و هذا كلام تاريخي علمي صحيح ) كانت سائدة في بعض المناطق و القبائل الإفريقية حتى أوائل القرن الماضي و كانت عرفاً اجتماعياً و من التراث و كان رئيس القبيلة إذا جاءه ضيف كبير ، يقدم له منسف بشري تعبيراً عن الاحترام و التقدير و الإتيكيت .. إذن طالما القضية قضية تراث ، حق للدراما الإفريقية أن تصور مسلسل تسوق فيه أكل لحوم البشر و تظهرها بطريقة الرموز الإيجابية ، فيأتي مثلاً أبو شهاب الإفريقي و يلتهم رجلاً .. إيش عليه .. ليش لأ ؟؟؟ في الماضي كانت الناس تعتقد أن الأرض موضوعة على قرني ثور و كان هذا من التراث ثم ثبت بطلان هذا القول .. في الماضي كان الناس يعتقدون أن الأرض مركز الكون و أن الشمس تدور حولها ثم ثبت بطلان هذا القول .. و الكثير من المعتقدات التي هي خرافات كانت تراث ، فهل نأتي الآن في هذا القرن .. قرن التحدي العلمي التكنولوجي .. قرن الزمن الذي لا يرحم الضعفاء و يرمي بهم إلى مزبلة التاريخ و نسوق هذه الترهات التي هي عبارة عن ألغام ؟؟!! هل بحجة نبش التراث ننبش هذه الألغام المطمورة المعرضة للانفجار بحجة أنها تراث ؟؟!!! هذا الألغام لطالما انفجرت بنا في الماضي و أرجعتنا القهقرى سنين و عقود و قرون .

في النهاية .. هذان المسلسلان هما وجهان لعملة واحدة .. عملة ضرب و تفتيت المجتمع و القانون و الدولة و تسويق شريعة الغاب .

ذاك يورث القتل و ذاك يورث الجهل .. و إذا اجتمع الاثنان .. القتل و الجهل .. كانت الكارثة الكبرى التي نراها الآن بأم الأعين فيما يحصل .. كارثة الفوضى و انتفاء القانون و الدولة .

 
يقول هربرت شيللر أستاذ مادة وسائل الاتصال بجامعة كاليفورنيا " يقوم مديرو أجهزة الإعلام بوضع الأسس لعملية تداول الصور و المعلومات و يشرفون على معالجتها و تنقيحها و إحكام السيطرة عليها ، تلك الصور التي تحدد معتقداتنا و مواقفنا ، لا بل و تحدد سلوكنا في النهاية . و عندما يعمد هؤلاء إلى طرح أفكار و توجهات لا تتطابق مع حقائق الوجود الاجتماعي ، فإنهم يتحولون إلى سائسي عقول . ذلك أن الأفكار التي تنحو عن عمد إلى استحداث معنى زائف و إلى أنتاج وعي لا يستطيع أن يستوعب بإرادته الشروط الفعلية للحياة القائمة أو أن يرفضها ، سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي ، ليست في النهاية سوى أفكار مموهة مضلِلة " .

كلمة أخيرة : للذين استمتعوا و يستمتعوا بهكذا أعمال نقول : اللي من إيدو .. الله يزيده


نزار يوسف




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !