مواضيع اليوم

الكويت .. النّفرةُ الواعية .. !!

سعد الياسري

2009-05-18 13:26:46

0

الكويت .. النّفرةُ الواعية
 
 

 

 

 
مدخل :
أشعرُ بالرّضا منذ الأمس ؛ و السبب ليس فقط لأنّ نتائج الانتخابات التشريعيّة في الكويت مبهجةٌ و أنّها – أي الكويت - على الطريق الصحيح .. إلخ . لا ؛ بل إضافة إلى كلّ ذلك احتفالي بأيّة  خسارة للتيار الديني مهما كانت وفي أيّ مكان على ظهر الكوكب . و لمّا كان الأقربون أولى بالوداد والبهجة ؛ فابتهجتُ لأجل الكويت وخيارات شعبها الذكيّة .. لأنّ مقارعة الجهل بالجهل مفسدة وعبث يتطوّران إلى مضيعة للوقت . إنّما يُقارعُ الجاهلون بالذكاء و الحصافة و رجاحة المنطق .. ليمكننا العبور بخسائر محدودة و ربّما معدومة مستقبلاً .
 

 

 

 
عن الوعي :
ليس الوعي أن نقول كلامًا معسولاً أو مداهنًا عن الحريّات والحقوق والمساواة ، أو أن نردّد بعض الشعارات الجوفاء التي تليق بالرقيق والمهزومين ؛ إنّما الوعي هو الممارسة المحسوبة والتي تضع مصلحة (الوطن) في أعلى درجات حسبانها . فالعاقل – في رأيي – من اتّعظ بقراءة التاريخ جيّدًا ، و قراءة تاريخ التيّارات الدينيّة في الكويت و سواها من بلدان تلك الرقعة الجغرافية تصيب النظيفين – وأنا أدّعي نظافتي - بالامتعاض من كمية التسطيح الهائلة التي يمتازون بها ، و في أحيان أخرى بالاشمئزاز من قدرتهم – أعني المنتمين لتلك التيارات - على الاحتيال و الرياء . لذا قرّر الكويتيّون – كما تدلل نتائج الأمس – ومن خلال (النّفرة الواعية) أن يغسلوا جدران (مجلس الأمّة) بمسحوق التنوير و رفض السّائد .. و لمن لا يعرف شكل علبة هذا المسحوق .. نقول له بأنّها (بيضاء مشعّة) وعليها شعار بسيط و سهل الحفظ : لا للظلاميّين .
يبقى أن نشير إلى أنّه لا يكفي أن يتراجع مستوى تمثيل السلفيّين بل نتمنّى أن تشهد الكويت في الانتخابات المقبلة عملية انحسار كامل الفكرة الدينيّة داخل مؤسّسة البرلمان بشكل أكثر وضوحًا ، وهذا يعني التعامل مع خطر هيمنة النوّاب الشيعة بنفس القدر الواجب من الحيطة والحذر اللّذيْن يعامل بهما نوّاب السنّة والسلف .
 

 

 

 
انتصاف المرأة :
انتصرت المرأة و انتصفت من ظلم التاريخ و عادات المجتمع والتقليد الديني ؛ إنّه فوز لا يمكن قراءته وفق منهاج الديمقراطيتيْن العراقيّة (العمياء) و اللبنانية (العرجاء) واللّتين تتّكئان على مرفقي الطائفة والحزب . و لا يمكن أيضًا أن يُقرأ وفق الديمقراطيّة (المسخ) التي تمارس في بعض الدول العربيّة و التي يقترب وصول المرأة فيه إلى البرلمان من التعيين لكي تكون موجودة فحسب ؛ و لكي يقول العالم (الحر) عن العالم (العبد) : يا سلاااام أنّهم يحترمون المرأة ولها مقعد في البرلمان . ولا يمكن أخيرًا أن يُقرأ وفق الديمقراطية الغربيّة (شبه الكاملة) و ذلك بسبب غياب الوعي (الذكوري) الغربي لدى الناخب (الذكوري) الكويتيّ . هذه النتائج يجب قراءتها على منهج واحد و هو أنّ 16 امرأةً كويتيّةً قرّرن أن يقلن (كفى) و خضن الانتخابات الأخيرة .. بجسارة و إقدام يستحقّان التقدير العالي ، فاز منهنّ 4 نسوة أكاديميّات هنّ (د. معصومة المبارك | د. رولا دشتي | د. أسيل العوضي | د. سلوى الجسّار)  وكادت أن تلحق بهنّ المحامية ذكرى الرشيدي ولكنّها لم توفّق .. متمنّين لها بهاء النجاح في المرّة القادمة . فاز ما نسبته 25% من عدد المترشّحات ، و سيستحوذن على قُرابة 9% من عدد مقاعد (مجلس الأمّة الكويتي) المؤلّف من 50 مقعدًا . هذه نتيجة مضيئة بكلّ المقاييس المتحضّرة و المتمدّنة رغم تواضعها قياسًا ببلدٍ أكثر من نصف عدد ناخبيه من النساء . هذه النتيجة في رأيي – أنا المولع باللحظات الثورية والتاريخية الكبرى – نقطة انطلاق ننتظر ما بعدها ؛ و لن يسمح الكويتيّون (الواعون منهم بالطبع) بأن تتقهقر المسيرة إلى الخلف مطلقًا .. أو على الأقل أتمنى ألاّ يسمحوا .
 

 

 

 
مشاكل عالقة :
أمّا وقد أصبح للمجلس الجديد هذا الدعم الشعبي الواضح ؛ فعليه – وبشكل جاد – أن يبدأ في التحرّك لسنّ قوانين جديدة بخصوص ثلاثة جوانب هامّة على وجه التحديد :
أوّلاً : التعليم و ملحقاته في مختلف المراحل العمريّة .. حيث أنّ ما يجري في الكويت كما أقرأ و أتابع يجعلني أجزم بأنّ المطلوب هو تخريج أكبر عدد من المؤمنين لا الواعين و القادرين على بناء وطنهم .. وهذا يجب أن يتغيّر ؛ وتلك هي وظيفة النوّاب الجدد .
ثانيًا : الصحّة والضمانات الاجتماعيّة ؛ حيث أنّ الكويت تستحق أن تكون مؤهّلة صحيًّا ، وأن تتولّد الثقة بنزاهة المؤسّسات العلاجيّة ، دون أن يفرّ المواطن إلى أوربّا و أميركا للعلاج مكلّفًا الدولة ماديًّا ومعنويًا و أخلاقيًّا الشيء الكثير .
ثالثًا : التعامل مع مشكلة (البدون) بشيءٍ من الواقعيّة و الجديّة التي لا تسلب الدولة جوهرها الحاضن للرعيّة ، ولا تغيّر – في ذات الوقت – ديموغرافيّة الوطن و التي هي خط أحمر لدى كل البلدان التي تحترم كيانها . إنّ مسألة (البدون) تتفاقم و إن لم يكن ثمّة حلّ سريع لملفّات الأُسر القديمة – على أقل تقدير - وملفّات الذين قدّموا ويقدمون الكثير في مجال الأدب والفن والاقتصاد والرّياضة .. أقول إن لم يكن هناك حلّ سريع فدون أدنى شعور بالشّك ؛ ثمّة قنبلة موقوتة تغفو بين الثياب .. آملاً أن تنتبه الدولة الكويتيّة ومؤسّساتها التشريعيّة إلى هاته النقطة .
وتبقى أمور أخرى هامّة أيضًا ؛ و في مقدّمتها استقرار العلاقة مع العراق و شطب الديون و ما إلى ذلك من أمور ما زلتُ أرى بأنّها تعكّر الصفو بين بلدين حكمت عليهما الجغرافية و معطيات أخرى بالعناق . وهناك أيضًا مشاكل إصلاح المؤسّسة الرياضيّة و الثقافيّة و العناية بالمواهب و رعايتها .. إلخ .
 

 

 

 
خاتمة :
نتائج الانتخابات الأخيرة لا يمكن أن يقرأها العاقل إلاّ مبتهجًا و متفائلاً ؛ ولا يمكن أن يمرّ عليها صاحب الوجه الشّائك و الثوب المقصّر و العقل المتحجّر إلاّ عابسا عاضّا على شفتيه كمدًا وحسرةً . و يبقى أن نقول بأنّ هذا البرلمان أمامه الكثير ليفعله ؛ إذ لا يكفي أن يُحتفل بوصول أربع نساء و صعود معقول للتيّار الليبرالي .. لأنّ الناخب الكويتي سيمرّ بأكبر عملية غسيل دماغ تمارسها الأطراف (المهزومة) والتي ستقتنص أيّ خطأ مهما كان بسيطًا لتدلّل على فشل الخيارات الأرضية و وجوب العودة إلى الجُند الربّانيّين .. !!
 
 

 

 

 
سَعْد اليَاسِري
أيّار | 2009

 


 


 


 


 


 





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !