مواضيع اليوم

الكورد .. في الدساتير العراقية

ازهار رحيم

2009-02-09 07:15:28

0

الكورد في الدساتير العراقية

د‌.ازهار رحيم

ـــــــــــــــــــــ

الصراع الكوردي _ العربي كان صراعا سياسيا لـ 81 عاما منذ تأسيس الدولة العراقية بمفهومها الحديث وبعد تنظيم صك الانتداب البريطاني والذي ابتدأ بالمادة الاتية :
للمنتدب ان يضع في اي وقت على ان لا يتجاوز الثلاث سنوات من تأريخ تنفيذ الانتداب قانونا اسياسيا للعراق يعرض على عصبة الامم للمصادقة عليه وهذا القانون الاساسي هو اول دستور عراقي وضع برعاية الانتداب البريطاني ولم يذكر فيه اسم الكورد سوى باشارة ضمنية في جمل عامة كما في المادة الرابعة عشر التي اشارت الى حق تأسيس المدارس لتعليم افرادها بلغتها الخاصة وحينها اعترض عبد المحسن السعدون محذرا من تكرار الخطأ الذي ارتكبه حكام الدولة العثمانية بتجاهل حقوق الاقليات والطوائف قائلا:
" ارى من اللازم والضروري ان نكون احرارا ونعطي الحرية لجميع العناصر .. ان في العراق عنصرا عظيما هو العنصر الكوردي ، قد تكون النتيجة غير حسنة واتمنى من المجلس ان لا يبخل في اعطاء هذا الحق ..." واشترط هذا الحق مرادفا للحصول على الوحدة العربية ، ومن قرارءات الاخرى لهذا الدستور نجد فيه تكريس للقومية العربية الاحادية والتي تتعالى حتى على ذكر اسم القوميات الاخرى المشاركة لها في الارض والثروات والتاريخ .. حتى في قول عبد المحسن السعدون الذي ذكر الكورد كعنصر تصغيرا وليس كقومية وشعب له ارض وتاريخ ولغة وخصوصية ثقافية وتلك كانت البذور الاولى لتمييع الهوية القومية للكورد لصهرها في بوتقة العربية ليصبح العراق جزء من الامة العربية متجاهلينا ذكر الكورد والالقليات الاخرى فكانت هذه النظرة الشوفنية هي الغالبة على الحكومات التي تعاقبت على كراسي الحكم وما زالت جذورها موغلة في العقول التي ادرات دفة العراق والى ما بعد سقوط الديكاتورية الصدامية التي بنت قلاعها على جماجم الكورد ..
اما في الدستور المؤقت لسنة 1958 والذي كتب بعد ثورة 14 تموز 1958 والذي اسقط القانون الاساسي ( دستور 1925) حيث نص هذا الدستور في الباب الاول ، المادة ( 3) :
" يقوم الكيان العراقي على اساس من التعاون بين المواطنين كافة باحترام حقوقهم وصيانة حرياتهم ويعتبر العرب والاكراد شركاء في هذا الوطن ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية ".
بذلك فتح عبد الكريم قاسم اول باب لريح التغيير باعتراف الدستور بالكورد كقومية مشاركة للقومية العربية .. لكن النفس القومي المتعصب الذي تسلط بنرجسيته بالغاء الآخر اطاح بعبد الكريم ودستور 1958 معللا ذلك باصلاح الاوضاع السياسية وتصحيح الانحراف حيث قام انقلاب 1963 وقادته بطرح دستور مؤقت عام 1964 تفوح منه رائحة لنزعة اكثر تشدادا كما ورد في الباب الاول من الدستور ،

المادة (1) :
" الجمهورية العراقية دولة ديمقراطية اشتراكية تستمد اصول ديمقراطيتها واشتراكيتها من التراث العربي وروح الاسلام ، والشعب العراقي جزء من الامة العربية هدفه الوحدة العربية الشاملة ".
في حين ذكر في المادة (3) :
" اللغة العربية هي الرسمية ....."
وذكر في الباب الثالث ( باب الحقوق والواجبات) من الدستور المؤقت :
" يقر هذا الدستور الحقوق القومية للأكراد ضمن وحدة الشعب العراقي ..."

وبهذا وضعوا حدود مؤطرة لحقوق الكورد وتحت رقابة وشروط من الاخرين ، دون خصوصية او تفصيلات فكانت هذه الفقرة مطاطية وضبابية ، في حين المادة (1) من الباب الاول الغت ( الكورد والالقليات الاخرى ) بعدم ذكرهم كمكونات للشعب العراقي وفي هذا تناقض واضح , في حين ان الدستور يجب ان تتوائم بنوده ومفرداته لتصب في لغة واضحة المعالم , بعيدة عن التأويلات , وربما يراد بهذا التناقض فتح افق اوسع لاستلاب الحريات وتقييد حقوق الاخرين بقيود يرسمها دستور احادي القومية يتجاهل القوميات والطوائف الاخرى ...

اما في دستور 1968 المؤقت الذي التزم باوليات الدساتير السابقة بالقومية العربية اساس لحكم الدولة والمجتمع , وجاعلا اللغة الرسمية هي العربية, ومستمدا شعبيته من التراث العربي, ولم يذكر الكورد كقومية مشاركة للعرب ، وذكر الكورد في باب الحقوق والواجبات العامة فقط في الباب الثالث ، المادة (21).:
العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات امام القانون لا تمييز بينهم بسبب الجنس او العرق او اللغة او الدين في الحفاظ على كيان الوطن بما فيهم العرب والاكراد ويقرهذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية ".
وبهذا كانت دائما الحقوق مشروطة وممنوحة ضمن اسس الوحدة التي تعني في صهر واستلاب وتمييع وهذا ما كان يمارس بحق الكورد الذي عرفوا دوليا في المنطقة لعقود بانهم من الشعوب المضطهدة ..

وفي دستور عام 1970 وبعد ثورات وحركات تحرر من اجل نيل الحقوق القومية للشعب الكوردي والتي نص عليها هذا الدستور ككلمات جوفاء وليس كوقائع حيث دأبت كل السلطات التي توالت على حكم العراق على مسخ الهوية الكوردية وتشويه صورة القيادات والمناضلين الكورد كمتمردين تارة وكعصاة تارة ماداموا يرفضون الخضوع للقوانين الجائرة التي انبثقت من عقول تثقفت على الغاء الاخرين ومن يقاوم يفنى او يهجر او يرحل ...
وقد نص الدستور في الباب الاول ، المادة الخامسة : العراق جزء من الامة العربية ، يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئسيتين هما القومية العربية والقومية الكوردية ويقر هذا الدستور حقوق ا لشعب الكوردي القومية والحقوق المشروعة للاقليات كافة ضمن وحدة العراق ".

في المادة السادسة ، الفقرة ب :
" تكون اللغة الكوردية لغة رسمية الى جانب اللغة العربية في المنطقة الكوردية ".
وفي الفقرة ج:
تتمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الاكراد بالحكم الذاتي وفقا لما يحدده القانون ".

وبهذه الخلفية التأريخية للدساتير العراقية المؤقتة نرى ان الحركات التحررية التي قادها الكورد اتت ثمارها وكما مبين في دستور 1970 و بيان 11 آذار الذي صدر فيما بعد ، والذي كان حبرا على ورق مما ترك ساحة الصراع مع الظلم مشتعلة من اجل تثبيت الحقوق القومية للشعب الكوردي..
اردت ان اعرض من خلال الخلفية التاريخية للدستاتير العراقية التي توارثت عن بعضها اهمال حقوق الاخرين ليس الكورد وحسب بل كل الاقليات الاخرى باسم الوحدة العربية وضمان وحدة العراق لاغين عن عمد وجود الاخرين .. واردت ان اؤكد ان كل ثورات الكورد وانتفاضتهم لم تكن للحصول على ترف وليس مطمعا لاجتزاء العراق او اللهاث وراء تقاسم الكعكعة العراقية كما يفعل بعض السياسة , وكما تسعى مع الاسف بعض الاطراف الداخلية والخارجية للترويج له وتأجيج نار التعصب المتوارث من قيم النظام البعثي والذي ما زال يهيمن على ثقافة البعض لالغاء الاخر المتمثل بالكورد والتركمان والكلدو اشوريين والاقليات الاخرى ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !