الفوبيا هي الخوف المرضي الناتج عن إحساس برهاب سيكولوجي ضد شيء ما،كما هو الحال مع ظاهرة الأمريكوفوبيا التي بدأت تجتاح العالم والهيدروفوبيا كذلك ، علاوة على يسمى بـ (الإسلاموفوبيا) التي بدأت تثير الميديا العالمية ومراكز البحث في بلدان الغرب وكذا بلدان الشرق على حد سواء. فبعد نجاح ثورة الخميني في إيران، وفي غضون عامين فقط، وصل عدد الندوات والمحاضرات في أمريكا ما يناهز الخمسة آلاف، وبعد 11 سبتمبر تضاعف العدد، واشتهر في العالم الغربي والعربي باحثون متخصصون في الظاهرة الإسلامية. ويحكى أن أمريكا لما قررت غزو أفغانستان اشترت معلومات من الباحث الفرنسي( أوليفي روا) تهم خصوصيات الظاهرة في بلد كأفغانستان . وذلك بهدف إيجاد " الكورتاج" المناسب للحد من تنامي هذه الظاهرة.
لكن لا أحد تخصص في ظاهرة (الزواجوفوبيا)، أي الخوف المرضي من الزواج، فالظاهرة آخذة في التوسع والانتشار في بلداننا العربية والإسلامية بشكل عام، والمغرب تحديدا، وإذا عمت في الوطن العربي،لا قدر الله ، فلن يبقى فينا عربي واحد على حد تعبير مظفر النواب في قصيدته "القدس عروس عروبتكم" مما يجعل الشباب في بلداننا يقايض الزواج باتخاذ خليلات جميلات تنتهي لحظات شبقية معهن غالبا بحمل قيل عنه أنه حرام فيتم التخلص منه في الشهور الأولى بـ"الكورتاج".
إن ظاهرة الزواجوفوبيا كثيرا ما نجد لها تفسيرا واحدا يكاد يجمع عليه الناس، وهو انعدام فرص العمل وشيوع البطالة بين الشباب. نعم هذا صحيح، لكن داء أنفلونزا "الزواجوفوبيا" منتشر أيضا في صفوف الطبقات المتوسطة الدخل، فكثير من أصدقائي وأغلبهم من رجال التعليم والصحافة ...يشتكون من هذه الآفة الخطيرة جدا،فالسبب ليس ماديا بالضرورة ، ولكن لها أكثر من تفسير برأي صحابتي .ولكل واحد منهم وجهة في تفسير القضية هو موليها.
أحد زملائي يطيب لي أن أدعوه برهان غليون (المفكرالسوري)، لأنه يشبهه في ملامحه وطريقة حديثه، لا يفرق بينهما سوى أن الأول أستاذ علم الاجتماع في السربون، والثاني غدا أستاذا في علم النساء ،(وهو أستاذ للغة العربية بالثانوي) تزوج أكثر من عشر نساء على الكتاب والسنة، ولكل واحدة منهن له معها قصة، القصة تعتمد على الشكل الكلاسيكي في البناء كما الشكل الذي اعتمده محمود تيمور، مقدمة أو بداية ثم العقد ة وتشابك الأحداث وانفراج بالنهاية، كان شعاره هو قول الشاعر :
سلام عليها ما أحبت سلامنا فإن كرهته فسلام على الأخرى
هذا الزميل كره المرأة بالمرة وهو مثقف وعليم بالثقافة العربية، حتى أنه ذهب مذهبا متطرفا في الإغراب(= من الغرابة) لما يعرب لي عن فكرته بطريقة لا تخلو من السخرية حين يقول مداعبا: " زين لي من هذه الدنيا شيئين اثنين لا ثالث لهما ..مقدمة ابن خلدون ثم مؤخرة امرأة عاطلة عن الزواج " فيردف قوله بقهقهات غريبة ومستفزة، فأقول له: "استحي أيها العربيد .. !!"
أما مسالة "الكورتاج" عند "برهان غليون ديالنا" فهي من باب تحصيل الحاصل.
صديقي خالد وهو أستاذ اللغة الفرنسية ومادة التواصل المهني في الدار البيضاء، من نواحي الأطلس ولد في مكناس وعاش بها، يقول بأنه بات جاحدا بالزواج، ويئس من المرأة كما يئس الكفار من أهل القبور، تزوج وأنجب ابنا جميلا ومنح الحرية لزوجته بروح رياضية حين فكرت في طلاق الشقاق بعدما أعطاها المتعة، وما حز في نفسه أكثر يقول ضاحكا" زعما هي ما تمتعتش مسكينة مع (كـ...)... مع دكتور وسيم شاب وكاع ما تمتعت، قيل عنها أنها أستاذة لكن، للأسف، لا زالت تفكر بعقل جدتها ..الماء والشطابة الى قعر المرحاض" فيتبعها بضحكة هستيرية غير آبه بما وقع، لأن سلمه 11 وسيارته الجميلة هما رأسماله ليمضي كعابر سرير، فعاد الى هوايته القديمة التي عرفته بها قبل 12 عاما حين كنا طلبة في الكلية بفاس، أعرفه الصعلوك يستطيع أن يتخذ ثلاث أخذان دفعة واحدة دون ملل ولا كلل من غير أن يؤثر ذلك على مسيرته الأكاديمية في أطروحته الجامعية عن"الحجاج البلاغي"، بل أكثر من هذا أنه كان أحسن من يطبق ما يقرأه عن الايتوس والباطوس والمقام الخطابي والسلم الحجاجي ...الخ، من أجل هزيمة ضحاياه من الطالبات والطبيبات والمهندسات والمعلمات،عربيات وأمازيغيات،وحاول مع يهوديات كما حكى لي المسخوط ولم يفلح، ولكن قبل أن يدرس الحجاج البلاغي ويتخصص في التواصل،كما له تصنيفه الخاص لجغرافية المغرب، فالمغرب غير النافع عنده هو من لا يظفر منه بواحدة تؤنسه فقط، وكثيرا ما يستشهد بالمفكر الفرنسي "بيير بورديو" عن الرأسمال الرمزي، فيكيفه حسب موقعه وخصوصياته كمغربي من نوع خاص، كما أن له ضحاياه من بنات حواء من خارج الوطن من السائحات الأجنبيات، ويحكي كثيرا عن جمال أمريكا اللاتينية لأنه يتقن الاسبانية...ويقول بأنه أجرى لصديقته الطبيبة(دكتوراه في الطب) "كورتاج" واحد، ولزميلته الأستاذة "كورتاجين" اثنين متتاليين.
أما صديقي حاتم المقيم بفرنسا (الحاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء) فله رأي آخر غريب لا يقل غرابة عن إلمامه بالأدب والمسرح والسياسة بالرغم من توجهه العلمي، فهو لا يطيق أن يتزوج أوربية ولن يرضى عن المغربية بديلا، غير أنه ينتظر من المغربية أن تغير من رأيها بخصوص مدونة الأسرة التي اتخذتها هراوة في يدها تهدد بها " حبيبها " الزوج، ويضيف هذا الصديق العزيز أنه يتفهم غيرة المرأة، فالغيرة تكشف الحب والتعلق بالحبيب، لكنه يخشى أن تتخذ زوجته من الكتاب والحاسوب ضرة لا تطاق. هو لا يفكر في الكورتاج أبدا لأنه لا يزني، غير أنه لا يستبعده من باله إن ضعف ووهن وحصل مكروه له مع "كاورية"!!
صديق آخر مصري،الزميل (ح.ت)، فهو علاوة على كونه صحفيا، هو أيضا باحث في الظاهرة الإسلامية، وأغنى المكتبة العربية بمقالات هامة وكتبا في الموضوع، واستطاع أن يفكك هذه الإشكالية بمعلومات ناذرة وأدوات للتحليل يعز أن تلفيها عند الآخرين، وينوي إنشاء موقع الكتروني حول الصوفية والظاهرة الإسلامية كما اخبرني، ولكن كنت أتمنى عليه أن ينشئ موقعا لموضوع (الزواجوفوبيا ) حتى يفكك هذه الأسطورة التي بدأ يعتقد بها الكثير منا ، وهو واحد منا !! قاتله الله(=للتحبيب طبعا) لم يفعل!!.
قال صاحبي الذي يسكنني مخاطبا: علينا أن نغير من هذه الأفكار يا أصدقائي، إننا نساهم في القضاء على النسل العربي والإسلامي، إن بقينا على هذا النمط من التفكير وسرنا على هذه الوثيرة،لأننا نساهم في صب الزيت على الحرب الحضارية التي تحدث عنها عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة في كتابه الحرب الحضارية، فأمريكا،برأي المنجرة، تخاف من ثلاث قنابل هي : اليابان والإسلام والنمو الديمغرافي في العالم العربي والإسلامي، أما أحد المفكرين الصهاينة فقد قال: " إن الفلسطينيين يهزموننا على مدرجات الجامعة وفي غرف النوم"
فتأملوا ببصركم وبصيرتكم وأنتم الشباب المثقف مما يقوله العدو الصهيوني ...
إن القتلى يتساقطون بالعشرات كأوراق الخريف يوميا في العراق وفلسطين وأفغانستان في مذابح جماعية، ونحن يتساقط عندنا بالمغرب العشرات أيضا ب"الكورتاج" و المذابح البلاغية نتيجة أسطورة الزواجوفوبيا!!
أما رأيي أنا، والعياذ بالله من قول أنا، فلي تفاحتان حمراوان: واحدة أرضية زمنية عند طرف إصبعي والأخرى فردوسية أخروية مغروسة في أحلامي، بحثت عنهما في كل عواصم العالم المستباحة، فاكتشفت أنهما اختفتا "هاتان تفاحتان حمراوان" ...اختفتا تماما مثل صيغة المثنى في العامية العربية ومثل الخطوط العربية التي كانت تزين الحوائط في الماضي. أخبروني أن هناك أشياء دائرية حمراء مصنوعة من البلاستيك المستورد، ولكنني رفضت وسرت في الطرقات أبحث عنهما، عن تفاحتي الحمراوين: واحدة زمنية، والأخرى فردوسية أخروية، كلتاهما في أحلامي هذه المرة....!!
أرجوكم لا تحملوني عبء التأويل..."وما يعلم تأويله إلا هو".. لقد قلت كلمتي ومضيت الى حيث أقيم، ولا تحرموني أجر المجتهد المخطئ، لأنني خطاء ..خطاء..خطاء.. أنا داخل سوق راسي!!
التعليقات (0)