مواضيع اليوم
البشرى السبعون بشرى الصابرين على البلاءات
وعلى الطاعات والمحاسبين أنفسهم قبل الحسابات وأما هذه البشرى يا إخوانى فمن بشريات الكرامات التى تظهر فضل الأمة المحمدية بل إنها ربما تكاد تكون البشرى التى تكاد تشمل بفضل الله ومنته الأمة بأكملها أولاً دعونا نسمع البشرى ثم نتعرف على أنوارها فالبشرى تنبع من قول الله متحدثاً عن الصابرين{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} يوفيهم الله تعالى أجورهم ولا شأن لهم بالحساب الذى ينشغل به كل الناس لماذا؟ لأنهم هم الصابرون والصابرون من هم؟ هم على ثلاث أصناف الصنف الأول للصابرين هم الذين صبروا فى الدنيا على البلاء كما أخبر سيد الرسل والأنبياء عن أهل السعادة يوم اللقاء بعد أن وصموا فى الدنيا بأنهم من أهل التعب والشقاء والإبتلاء وهم من قال فيهم الله{ يُؤْتَى اهْلِ البَلاءِ فَلا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ، ولا يُنْصَبُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمُ أَلاجْرُ صَبّاً حتَّى إِنَّ أَهْلَ العَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ في المَوَاقِفِ أَنَّ أَجْسَادَهُم قُرِضَتْ بالمَقَارِيضِ مِنْ حُسْنِ ثَوابِ الله لَهُمْ }[1] فعموما أهل البلاء ما داموا لم يخرجهم البلاء إلى غضب الله وعصيان الله فهم أول من يدخلون الجنة بغير حساب ولذلك فمن أجمل بشريات بركة الإبتلاء والإختبار على المسلم أنه لما نزلت قول الله تعالى{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ }قال سيدنا أبوبكر { يا رسول الله إنا لنجازى بكل سوء نعمله؟ فقال رسول الله: يرحمك الله يا أبا بكر ألست تنصَب (تتعب)؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فهذا ما تجزون به }[2]وقد ورد أن النبى ذهب يزور مسلماً يحتضر فبكى الرجل فسأله قال الرجل أنه يخاف النار فقال :ألم تشكو الحُمّى قط؟ قال: بلى أصابتنى مرة واحدة، قال له : أبشر{الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ وَهِيَ نَصِيبُ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ}[3] فمن بشريات الصنف الأول من الصابرين أن من أصابته الحُمّى ولو مرةً واحدة فقد أخذ نصيبه من جهنّم فهو ممن يدخلون الجنة بغير حساب والأمر تفصيله أكثر من أن يحدَّ لأنه يشمل أصحاب العاهات والأمراض فهذا له مثلاً فقط واستكمالاً لوصف هذا الصنف الأول فقد روي أيضاً حديث جامع مطول فى وصف موكب وموقف أهل البلاء فى الآخرة نسوق منه سطوراً قليلة فقط {ثُمَّ تَأْخُذُهُمُ الملائِكَةُ على النَّجَائِبِ وَالرَّايَاتُ بَيْنَ أيْدِيهِمُ وَهُمْ سَائِرُونَ إلى الجَنَّةِ فَيَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ أَهٰؤلاءِ شُهداءٌ أوْ أنْبِياءٌ؟ فَتَقُولُ المَلائِكَةُ هٰؤلاَءِ قَوْمٌ صَبَرُوا عَلَى الشَّدَائِدِ فِي الدُّنْيَا بِصَبْرِهِمْ نَالُوا فإذا وَصَلُوا إلى بَابِ الجَنَّةِ قالَ لَهُمْ رُضْوَانُ مَنْ هٰؤلاء القَوْمُ الَّذِينَ لَمْ يُنْصَبْ لَهُمْ مِيزانٌ؟فَتَقُولُ المَلائِكَةُ :هؤلاءِ الصَّابِرُونَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ، فافْتَحْ لَهُمُ الجَنَّةَ لِيَقْعُدُوا في قُصُورِهِمْ آمِنِينَ، فَيَدْخُلُونَ فَتَتَلَقَّاهُمُ الملائِكَةُ وَالوِلْدانُ بِالفَرَحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيَجْلِسُونَ على شَرَائِفِ الجَنَّةِ خَمسمائَةِ عامٍ يَتَفَرَّجُونَ عَلَى حِسَابِ الخَلْقِ فَطُوبَى لِلصَّابِرينَ}[4] فهؤلاء هم الصنف الأول من أهل تلك الفضل العظيم والبشرى الكريمةأمَّا الصنفان الثانى والثالث وهو ما أريد أن أشدَّ إليه عقولكم وأفئدتكم أكثر هنا فى تلك البشرى هما فئتان من الصابرين لا يعلمهما أغلب الناس كيف؟ الفئة الأولى: من صبروا على الطاعات وهم بفضل الله أغلب الأمة المحمدية وقد كان أحد الصالحين يقول لى فى تلك البشرى أنه ليس الصابرون على البلاء فقط هم من يدخلون الجنة بغير حساب ولكن الله تعالى بفضله يدخل فى تلك البشرى كل الصابرين على أداء الطاعات والمحافظين على الصلوات وكان يدلل على ذلك ويقول : ألم يقل الله{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا} والأصطبار هو أشد أنواع الصبر وورد أن الأشعث بن قيس قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فوجدته قد أثر فيه صبره على العبادة الشديدة ليلا ونهاراً فقلت: يا أمير المؤمنين إلى كم تصبر على مكابدة هذه الشدة؟ فما راعني إلا أن قال[5] اصبر على مضض الإدلاج في السحر وفي الروح إلى الطاعات في البكر
إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر وقل من جدَّ في أمر يؤملـه واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر والفئة الثانية هم من حاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا فهؤلاء لا يجتمع لهم حسابان أبداً ولا خوفان خافوا الله فى الدنيا وعملوا بذلك فأمنهم فى الآخرة فيصير أحدهم قد أتمّ الحساب فعلاً فى الدنيا فعلام يحاسب فى الآخرة وقد أعطاه النبى الأمان{حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنْيَا}[6]فصاروا ممن مشى على صراط الشرع المستقيم فى الدنيا فلن يمشى على صراط الآخرة لأن الله أمن عباده من أن يجمع عليهم خوفين قال الله فى الحديث القدسى { وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ إذا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِذَا أَمِنَنِي في الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ }[7] وفى الصبر قال الصالحون كثيرا وكثيرا ومن ذلك قول أسامة الشيزارى :
مَثُوبَةُ الفَاقِدِ عَن فقدِهِ بِصَبْره أنْفَعُ من وَجْدِهِ يَبْكِيهِ من حُزنٍ عليه فهلْ يطمعُ في التّخليدِ مِن بعدِهِ ما حيلةُ النّاسِ وهلْ مِن يدٍ لـهمْ بدفعِ الموتِ أو صَدِّهِ وُرُودُهُ لا بدَّ منهُ فلِمْ تُنْكِرُ ما لا بدَّ مِن وِرْدِهِ سِهامُهُ لم يَستطِعْ ردَّهَا داودُ بالمُحَكمِ من سَرْدِهِ ولا سليمانُ ابنُهُ ردَّهَا بمُلْكِهِ والحشدِ من جُنْدِهِ عدلٌ تساوَى الخلقُ فيهِ فما يُمَيِّزُ المالكُ عن عبدِهِ كلٌّ لـهُ حَدٌّ إذا ما انتهَى إليهِ وافَاهُ على حَدِّهِ تَجمَعُنا الأرضُ فكلُّ امرِئٍ في لَحْدِهِ كالطّفْلِ في مَهْدِهِ لو نطقُوا قالُوا التُّقَى خيرُ ما تزوَّدَ المرءُ إلى لَحْدِهِ فارجعْ إلى اللـهِ وثِقْ بالذِي وَافاكَ في الصّادِقِ من وَعْدِهِ للصّابرينَ الأجرُ والأمنُ مِن عَذابِهِ والفوزُ في خُلْدِهِ البشرى الحادية والسبعون بشرى فضلُ المحبة على الأحبة وهذه البشرى بشرى الحبِّ والمحبَّة والأحبة فكما تفعل المحبة فى قلوب الأحبة فتربطهم معاً فى الدنيا! ففى الآخرة يعلو مقام المحبة حتى ترفع المحبَّ لمقام حبيبه وإن لم يعمل بعمله الله أكبر على فضل المحبَّة على الأحبَّة هدية من الله للمحبين الذى تحابوا بروحه واجتمعوا عليه وفيه وافترقوا فى الدنيا عليه ثم التقوا فى الآخرة عليه يروى أن مندوب أهل الصفة سيدنا أنس ذهب إلى رسول الله يتحدث بالنيابة عنهم وهم المقربون ممن كانوا يسكنون المسجد فَقَالَ{ يَا رَسُولَ اللّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلاَةٍ وَلاَ صِيَامٍ وَلاَ صَدَقَةٍ؛ وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ}[8] { جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله الرجل يحبُّ الرجل ولا يستطيع أن يعمل كعمله فقال رسول الله: المرءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ فقال أنس: فما رأيت أصحاب رسول الله فرحوا بشيء قط إلا أن يكون الإسلام ما فرحوا بهذا من قول رسول الله وزاد أنس: فنحن نحب رسول الله ولا نستطيع أن نعمل كعمله فإذا كنا معه فحسبنا }[9] وللشيخين { فَأَنَا أُحِبُّ النَّبيَّ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بُحَبِّي إيَّاهُمْ}[10] فأغلب المحبين ومن عندهم عقيدة فى الصالحين لكن ليس عندهم قدرة أو همة أو إرادة أو عزيمة على متابعة الصالحين ستنفعهم المحبة فى الآخرة، فيحشرون مع الصالحين لكنهم لا ينالون فتوحهم ولا مواهبهم ولا أنوارهم ولا أحوالهم العليَّة التى يُحْدِثها الله لهم لأنها تستلزم مجاهدة النفس والسير على منهاج القرب الذى بيَّنه الله ووضحه بصفاته وسلوكه وأحواله رسول الله وعلى هذا الدرب سار الصالحون بجدٍ وعزم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أما من جهدوا أنفسهم وجاهدوا وعملوا بقوة ليكونوا مع من أحبوهم! فهؤلاء ملأوا قلوبهم ليس بحبِّ الدنيا وزينتها وشهواتها وولدانها ونسائها وقصورها ورياشها ولكنهم ملأوا القلوب بحبِّ الحبيب المحبوب وفيهم يقول{ والله لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[11] حققوا العمل بهذا الحديث فكان رسول الله أغلى عندهم من أنفسهم ومن آبائهم ومن أمهاتهم، فأين هم يوم القيامة؟{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} يمنٌ عظيم وكرمٌ عميم لا يحتاج إلى مؤهلات ولا إلى تعليم وإنما يحتاج إلى قلبً يمتلىء بحبِّ النَّبىِّ الكريم وكتاب الله العظيم وحب كل مؤمن على شرع الله مستقيم فى الله ولله لا يرجو من هذه المحبة سواه واسمع إلى بشرى الحبيب لهؤلاء عسى أن يجعلنا الله مع ركب السعداء الأنقياء الأوفياء فيقول {إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَعِباداً لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الأَنْبِيَاءَ وَالشُّهَدَاءَ، هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَمْوَالِ وَلاَ أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ، وَهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }[12]
من أراد أن يكون مع النبى وصحبه الكرام والأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين ما سبيله إلى ذلك؟ من أراد أن يفوز ببشريات المحبة والأحبة ما طريقه الموصل إلى ذلك والإجابة أمرٌ سهلٌ ويسير يقول فيه الحبيب البشير{مَنْ أحَبَّ لله وَأبْغَضَ لله وأعْطَى لله، وَمَنَعَ لله فَقَدْ اسْتَكْمَلَ ولاية الله}
[13] يكفينا أن الله بشَّرنا بالبشرى العظيمة وقال لنا فى
فى القرآن لنفرح بالحبيب المصطفى فى كل وقت وآن فقال له{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} لما نزلت هذه الآية جلس أصحاب رسول الله المباركون فى مسجده المبارك فرحين بالبشرى العظيمة فى تلك الآية لأنها دليل على عناية الله بنا ولنا أجمعبن ومنهم من أثنى على الله فى خطبة عصماء بهذه المناسبة السعيدة لكل الأمة المجيدة ومنهم سيدنا حسان بن ثابت شاعر الرسول تغنى بمناسبة هذه الآية وقال:
سمعنا فى الضحى (ولسوف) يعطى فسرَّ قلوبنا ذاك العطــاءُ
وكيف يا رســول الله ترضـى ومنا من يعذب أو يســاءُّ رسول اللـه فضلك ليس يحصى وليس لقدرك السـامي فناءُ ســمعنا فيك مدحـاً فابتهجنا وصـار لنـا بمعناه إكتفاءُ وللصالحين قصائد يردُّوا فيها على من لاموا أهل المحبة الذين اجتمعوا على حبِّ الله ورسوله ويورد الحجج من الكتاب والسنة فيقول أحدهم ولو نفسا خالفته في صغيرة حكمت بأني كافر يا أحبتي ولكن طه قد يحب اجتماعكم وَلو بمباحٍ رغبة في الجماعة ولو أن ما في القلب من نار حبه يفاض على جبل لدكَّ بسرعة وها هو رب العرش ثبَّت عبده بقول تلقاه بعين البصيرة يخالقكم بعقولكم ولو أنه أفاض علوم الغيب مُتم بنظرة نعم يشهد الأسرار من كان قلبه عليماً ووافاني بصدق العزيمة وأما قلوب أمْرَضَتْهَا ضلالةُ تزيد عمىً مهما رأت نور شرعة وفي الذكر آيات القلوب توضحت (((())[[وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ) فحجب غشاوة البشرى الثانية والسبعون بشرى الكوْثر المشهود والحوض المورود وهى البشرى التى تذهب كل أوجاع الدنيا ومتاعبها وتذيل كل ما علق بالمؤمن من شدائدها ومكابدها إنه
الكوثر المشهود والحوض المورود بالرى والهنا والسعود ..
أيَّها الـهاربون من تعب الأرضِ استريحوا بجنَّة الرَّضوان
إِنَّ في الكوثر الأمانَ لمن عزَّ عليه في الدنيا شَطُّ الأمان هِىَ شَرْبَةٌ من يَمِينِ الحَبِيبِ تَنَالُوا بِهَا الرِّى والسَّعد بِلا حُسْبَان بشرى قول الله تعالى لحبيبه ومصطفاه مقرراً له العطاء! و مبشِّراً لنا به{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} فلكى نستلهم شيئا من نور تلك البشرى وسرها المبهر العظيم نسمع لكلام البشير الأعظم روى سيدنا أنس بن مالك عن النبي قال{ دَخَلْتُ الجَنَّةَ فإذا أنا بِنَهْرٍ يَجْرِي حافَّتاهُ خِيَامُ اللؤلؤ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فيهِ، فإذا هُوَ مِسْكٌ أذْفَرُ، قلتُ: يا جبريلُ، ما هٰذا؟ قال: هٰذا الكَوْثَرُ الذِي أعْطَاكَ الله }[14] وقال { الكوثر نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي في الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ}[15] وقال أيضاً{ أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَىٰ الْحَوْض}[16] أى أنى أنا سبقتكم إليه وأطماننت على كل تجهيزاته الربانية وأوانيه التى أعدت لكرامة أمتى وسقيا وتشريف أهل أمتى أهل محبتى، فسألوه { مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلاَ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ. آنِيَةُ الْجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ}[17] وقال أيضا فى وصف تلك البشرى العظيمة{حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ. وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ. وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ. وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ. وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلاَ يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً}[18] وقوله فى صفة الورود{ وَتَرِدُونَ عَلَيَّ مَعًا أَوْ أَشْتَاتًا}[19]وقوله{ لا يَتَنَاوَلُ مُؤْمِنٌ مِنْهَا فَيَضَعُهُ مِنْ يَدِهِ حَتّى يَتَنَاوَلُهُ آخَرُ }[20] فمن يمكن أن يلمَّ يا إخوانى بوصف تلك البشرى أو بإدراك معانيها لا أحد إلا من منحه إياها وشرفنا معه بها وقال آخر فى وصف بعص أحداث القيامة ومشيراً للحوض بها الميزان منصوب وَفيها الحَوضُ مَورودُ بمسك أذفر يجرى ووعد الرب مكتوبُ من الجنات قد نبعت مزاريب[21] ومسجوم وحِبُّ الله يلقانا فتشريف وتعظيم بأكواب مترَّعة كـواكيبٌ مصـابيــح وكيزان مذهبة برسم الإسم معلوم وخلق الله إذ عطشوا فمقبولٌ ومحرومُ فمسعودٌ تناوله ومردود تحاريم فمن ذاق الهنا ذهبت مخاوف عنه وهموم فلا ظمأٌ ولا نَصَبٌ ومهـما الخـلد مقـــسومُ وأشار بعضهم إلى معنى الكوثر أنه آل بيت النبى وعترته فقال: يا آل طه لكم أياد يقصر عن فضلـها المزيد بسورة الكوثر افتخرتم وفيكم إنما يريد فصرتم لنا جميعا حصنا وحوض علم إليه الورود http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=175 [1]المستطرف في كل فن مستظرف [2] رواه الطبراني في الكبير، وفيه مُجَّاعة بن الزبير، وثقه أحمد وضعفه الدارقطني، مجمع الزوائد [3] عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي مسند الإمام أحمد [4] الطبرانى عن أَبي ريحانَةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ.، جامع المسانيد والمراسيل [5] تنقيح القول الحثيث بشرح لباب الحديث للنووى الحاوى،و في الجواهر للشيخ أبي الليث السمرقندي [6] سنن الترمذي عن عمر بن الخطاب. [7] صحيح بن حبان عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم [8] صحيح البخارى ومسلم عن أنس بن مالك. [9] عن أنس بن مالك، مسند الإمام أحمد وغيره [10] الترغيب والترهيب. [11] صحيح ابن حبان عن أنس. [12] رواه مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه عن أنسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ، جامع المسانيد والمراسيل. [13] سنن أبى داوود عن أبى أمامة. [14] رواه الإمام أحمد. [15] أورده المتقى الهندى فى كنز العمال. [16] صحيح البخارى ومسلم عن سهل بن سعد، وفرطكم: أى متقدمكم إليه ومهيئه لكم وساقيكم منه.. [17] أخرجه أحمد ومسلم عن بن الصامت عن أبى ذر، ويشخب :أى يصب، ميزابان: أى مصبان، وأيلة أول الشام. [18] صحيح مسلم عن عمرو بن العاص، وأبيض من الورق: أى أبيض أو ألمع من الفضة. [19] مصنف ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب [20] مجمع الزوائد عن جابر بن عبد الله رواه البزار [21] مسجوم: ماء منهمر كالمطر المسجوم من السحاب إذا أمطرته صباً. |
|
التعليقات (0)