بالأمس القريب قتل مسعود البرزاني بيد أبنه مسرور برزاني الصحفي الشاب شهيد كلمة الحق سردشت عثمان فقط لأنه طالب السيد رئيس أقليم كردستان بمساواته بأبنائه وبزوج أبنته في الحقوق والواجبات . وعندما قام إعلاميون ونواب عن حركة التغيير (المنافسة للبرزاني في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة) بأنشطة للاحتجاج ضد مقتل "عثمان" ، مطالبين بمحاسبة المقصرين في الأجهزة الأمنية في أربيل، وبتقديم توضيحات للبرلمان عن مجريات التحقيق في القضية من قبل وزير الداخلية. كان رد حزب البارزاني واللذي جاء على شكل بيان أصدره الحزب كالتالي .
ان "معارضي شعبنا يدركون جيدا بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البارزاني هو المحرك الفاعل لأي تقدم وإشعاع، لذلك يعملون على حبك المخططات والمؤامرات لإيذائه والإضرار به" .
وبذلك حول البرزاني وحزبه نواب أكراد منتخبين الى مجموعة من المخربين وأعداء للشعب الكردستاني فقط لأنهم طالبوا الحكومة التابعة "للقائد الضرورة" بالحقيقة ، ومعاقبة الجناة .
وعندما خرج أهالي البصرة قبل ثلاثة أيام للمطالبة بحقهم من الكهرباء اللتي أنقطعت عنهم مع أول هبة سموم لفحت وجوههم المنهكة ، أنهال عليهم رصاص الجيش العراقي حامي الشعب ليقتل شابين ويجرح ثلاثة آخرين تقول الأخبار بأن أحدهم قد توفي اليوم في المستشفى .
وفي اليوم التالي للمظاهرة دعا رئيس الوزراء في البيان الذي أصدره بعد الحادث أهالي البصرة إلى «الالتزام بالهدوء وضبط النفس وتفويت الفرصة على اولئك الذين يحاولون استغلال هذه القضية وإثارة عدم الاستقرار في المحافظة . وأمر القوات الامنية بضرورة الحفاظ على الأمن وتوفيرالحماية للمواطنين وممتلكات الدولة وعدم السماح باستغلال هذه القضية لتحقيق أغراض سياسية.كما وجه بمحاسبة جميع المسؤولين في وزارة الكهرباء من الذين أخلوا بالتزاماتهم ووعودهم بزيادة الطاقة الكهربائية في بغداد وباقي المحافظات إلى تسع ساعات مع حلول شهر حزيران الحالي ».
وبما أن دولة رئيس الوزراء المنتهية ولايته (وصلاحيته) شأنه شأن السيد رئيس الأقليم هو قائد ضرورة لايمكن أن تستقيم امور العراق بغيره ، ولايمكن ترشيح غيره ، فأن سيادته يرى أن موضوع المظاهرات هو موضوع مسيس . وأن البسطاء اللذين خرجوا (وسيخرجون) في البصرة والناصرية وباقي محافظات العراق للمطالبة بأبسط حقوق البشر من الخدمات هم أناس عابثون لاهم لهم ألا ان يسقطوا سيادته عن كرسي رئاسة الوزراء كما قال سيادته وكل أعضاء تحالفه اللذين تحدثوا للصحافة والتلفزيون . ولايهم هؤلاء المتظاهرين أمر الكهرباء وباقي الخدمات في شيء .
لانعرف كيف جرء وزير الكهرباء على الأستقالة ؟. ألا أن هذا الوزير حتى وهو "يجبر" على الأستقالة من وزارة تسيير أعمال منتهية بحكم تشكيل الوزارة الجديدة المرتقبة ، لم يعتذر عن الوضع الكارثي للكهرباء في العراق بعد أربعة سنوات من وزارته اللتي تدهورت فيها الكهرباء من عام الى عام . بل وراح يلقي مسؤولية هذه الكارثة الكهربائية أن صح التعبير على جميع الناس بضمنهم رئيس الوزراء ووزارة المالية ووزارة التجارة ودول الجوار والأرهاب ألا نفسه .
(اي وزارة في العالم او في العراق لا يمكن ان تنفذ برنامجا صعبا كما نفذنا لاعادة بناء البني التحتية لها). هذا ما صرح به السيد وحيد عصره وزمانه وزير الكهرباء . وأذا كان هذا حال أفضل وزارة في تنفيذ خطط الأعمار ، فلنا أن نتخيل حال باقي الوزارات.
ومن أعذار سيادته الأخرى . (هناك اسبابا كثيرة ادت الي هذا الشح في تجهيز الطاقة خارجة عن ارادة الوزارة منها تأخر انجاز بعض الوحدات في كركوك والناصرية وتزامن حدوث حريق في احدي الوحدات في محطة الهارثة اخرج 180 ميغاواط من المنظومة وكذلك ولاسباب غير معروفة تأخر صهاريج الوقود المستورد من الكويت وايران وتوقف خطي نقل الطاقة من ايران منذ 14 الجاري وقد اجرينا اتصالات مع الجانب الايراني لمعرفة الاسباب ووعدونا خيرا وسيغادر وفد من الوزارة في خلال اليومين المقبلين الي طهران للتباحث بشأن الموضوع) .
(عدم تعاون الوزارات المختصة كالمالية التي لم تضع ضوابط لشراء الاجهزة المنزلية وتوفرها في الاسواق بشكل عشوائي مما ادي الي هذا الاستهلاك الذي وصفه بالفوضوي) .
(هناك تجاوزا كبيرا علي الشبكة وان مجالس المحافظات لم تلتزم بالحصص المقررة لها برغم ما تم الاتفاق معها) .
نحن لانقول أن كل من ذكرهم الوزير كريم وحيد غير مسؤولين عن هذه الفوضى الحكومية اللتي أدت الى تردي الخدمات في السنوات الماضية ، ألا أن مسؤولية رئيس الوزراء أولا ، ووزير الكهرباء وباقي الوزاراء اللذين ترتبط وزاراتهم بالكهرباء ثانيا هم الأشخاص الوحيدين المسؤولين عما آلت أليه الأوضاع الخدمية في العراق .
مال الشعب العراقي والأعذار اللتي لاتنتهي . مال الناس اللتي تتلظى أطفالها ليل نهار من شدة الحر وقلة الدعم المالي ، أو تأخر صهاريج الوقود ، أو توقف خطوط الكويت وأيران . الناس تريد حكومة تقضي على كل هذه المعوقات وتوفر لها الخدمات .
أين كان السيد المالكي عن وزيره اللذي عينه للكهرباء طوال الأربع سنوات الماضية ، ولماذا لم يحاسب المسؤولين بحزم كما صرح بعد المظاهرات قبل سنة أو سنتين ؟. وهل كان سيجبره على الأستقالة لو أن الناس لم تتظاهر في البصرة والناصرية ؟. أنا شخصيا لا أعتقد ذلك ، ولولا المظاهرات لكان كريم وحيد اليوم على مكتبه في الوزارة يأمر وينهي .
لو أن وزارة في دولة ديموقراطية مثل الهند أو البرازيل أو ماليزيا "ولن نقول أوربا وأمريكا " فشلت هذا الفشل الذريع في توفير الخدمات ، أو قتلت قواتها متظاهرا واحدا بسبب مطالبته بالكهرباء لسقطت بالتأكيد هذه الوزارة خلال ساعات .
أما رئيس وزرائنا المنتهية ولايته فلا دخل له بأي وزارة تقصر في عملها ، ولا أي فساد مالي أو أداري يلتهم المليارت الجديدة المتدفقة الى خزينة الدولة واللتي تعلن عنها وزارة النفط والمالية كل يوم .
بل أن سيادته أثبت بأنه لايتخذ أي خطوة تصحيحية في وزارته ألا أذا كانت هذه الخطوة تأتي كرد فعل على حادث يؤثر على شخصه الضرورة . فكلنا يعرف أن معظم الوزارات ومجالس محافظات الوسط والجنوب يسيطر عليها حزب الدعوة وحلفائه . وبالرغم من كل المشاكل والبلاوي الخدمية في العاصمة والمحافظات ، نرى أن سيادته لم يقل أحدا من وزرائه الدعويين وغير الدعويين . ألا في حادث الكهرباء ، وحادث ذهاب سيادته "فدوة" للراقصة اللتي كانت تتمايل أمام شقيق وزير التجارة السابق باني العمارات في دول الجوار وأوربا ودبي ، فلاح السوداني .
كما أن السؤال الأهم واللذي يجب أن نطرحه على أنفسنا نحن العراقيين اليوم هو .
أذا كنا سننتخب في كل مرة أشخاص(ضرورات) ثبت فسادهم وفساد أحزابهم وحلفائهم . فلماذا لانلوم أنفسنا أولا على ما آلت أليه أوضاعنا اليوم ؟.