في غضون عام (2005) أقدم القس / متاؤس عباس وهبة باسيليوس كاهن كنيسة مارجرجس بكرداسة "جيزة" على اقتراف جريمة (جنائية) تمثلت في تزوير أوراق هوية وإثبات شخصية لسيدة مصرية مسلمة تدعى/ ريهام عبدالعزيز علي راضي حيث استخرج لها (بمشاركة آخرين ) بطاقة رقم قومي مزورة باسم مستعار (مريم فارس تاوضروس) وعلى أنها مسيحية الديانة .. وبناء على هذه الأوراق الرسمية (المزورة) وبمساعدة وشهادة كل من روماني نبيل فارس، ووائل عزيز شفيق «مندوب مبيعات» قام ذلك الكاهن باتخاذ إجراءات تزويج المرأة المسلمة ببطاقة الهوية المزورة من المصري المسيحي أيمن فوزى زخارى حيث استخرج لهما الكاهن المذكور وثيقة زواج (رسمية) باعتبارهما زوجين مسيحيين ..
وبهذه الأوراق تم استخراج جواز سفر للمرأة المسلمة وتم تسفيرها للأردن بصحبة الزوج المسيحي ومباركة كاهن كنيسة مارجرجس بطل تلك الرواية من أولها حتى آخرها ..
وظلت تلك الواقعة طي الكتمان إلى أن تبدت أولى خيوطها في عام 2008 والتي التقطتها النيابة العامة والتي أمرت بعد التحقيق - والتحقق – بإلقاء القبض على الكاهن المزور وأحالته إلى المحاكمة الجنائية في الجناية رقم 4829 لسنة 2007 جنايات قسم إمبابة والمقيدة برقم 167 لسنة 2007 جنايات كلى شمال الجيزة بتهمة تتعلق (بالاشتراك ومساعدة امرأة مسلمة على استخراج أوراق ثبوتية مزورة تثبت اعتناقها المسيحية لتمكينها من الزواج من شاب مسيحي خلال عام 2005، فضلاً عن استخدامها تلك الأوراق في عقد زواجها واستخراج جواز السفر الذي استخدمته المتهمة للسفر مع زوجها إلى الأردن)..
وبتاريخ 12 أكتوبر 2008 أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكماً بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات على كاهن الكنيسة القس /متاؤس عباس وهبة باسيليوس وبحيثيات أكدت أنه قد رسخ في يقينها من الأدلة والتحريات والتحقيقات ثبوت (تهمة الغش والتدليس والتحايل والتزوير في أوراق رسمية ) بجلاء في حق القس وباقي المتهمين المرأة المسلمة وزوجها المسيحي والمتهمين الآخرين ..
ورغم الحكم القضائي الجنائي ..ورغم التحقيقات ..ورغم ثبوت التهمة وسجن الكاهن المزور إلا أن كنيسة البابا شنودة رفضت نهائياً الاعتراف به معتبرة أن ما قام به الكاهن عمل غير مؤثم في نظرها .. وهو الأمر الذي جعل المطالبة بالإفراج عن الكاهن المزور على أجندة المطالبات في كل موقف (تصطاد) فيه الكنيسة (الدولة) ممثلة في الحكومة ومبارك ..
إلا أنها لم تفلح في مساعيها ..وبقي القس في السجن يؤدي عقوبته ..
ثم اندلعت أحداث 25 يناير والتي أسفرت عن الثورة التي سقط على هديرها نظام الحكم في مصر ثم أسقط الثوار حكومة أحمد شفيق وجاءت حكومة عصام شرف على أصداء بدايات عودة إرهاصات ملف الطائفية البغيضة من جديد .. وقد كانت هذه فرصة سانحة للشعب المصري أن يبدأ صفحة جديدة تصفو فيها القلوب ويطوي فيها كل ما كان من مشاحنات أو احتقانات .. إلا أن ما حدث من أعمال عنف طائفية بقرية (صول بحلوان ) جنوب القاهرة.. وبحسب ما أوردته وكالة "آسيا نيوز" أن أعمال عنف جاءت كردة فعل على علاقة عاطفية بين شاب مسيحي يُدعى أشرف اسكندر وفتاة مسلمة، موضحةً الوكالة أن والد الفتاة "المزارع" رفض أن يقتل ابنته والشاب المسيحي على الرغم من الضغوط التي تعرض لها من أقربائه، مما أقدم ابن عم الفتاة على قتل والدها، لتفضيله حياة ابنته على شرف العائلة، مما دفع شقيق الفتاة على الانتقام لوالده فقتل ابن عمه. فيما حمّل مسلمو القرية الأقباط مسؤولية ما جرى.
وعقب انتهاء إجراءات دفن القتيلين تجمعت أعداد كبيرة من أهالي القرية، وتوجهوا إلى كنيسة الشهيدين مينا وجاورجيوس في القرية احتجاجاً على العلاقة المشار إليها. وقال مصدر في الأمن أن بعض الأفراد عملوا على إثارة وتصعيد الوضع، مما دفع المعتدين على اقتحام الكنيسة وحرقها وإتلاف محتوياتها، ....
وقد أعلن الأقباط بقيادة بعض الكهنة والقساوسة اعتصامهم أمام مبنى التليفزيون (ماسبيرو) وهددوا بمظاهرة مليونية – على غرار مليونيات كل جمعة - وذلك رغم تعهد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ببناء كنيسة جديدة في ذات القرية على نفقة الجيش إلا أن المطالب تصاعدت – على غرار الثورة- بطلب الإفراج فوراً عن الكاهن المزور المسجون متاؤس عباس دون قيد أو شرط أو إجراءات أو أسباب ..وبالفعل جاءت اللحظة القدرية الثورية حين حضر رئيس الوزراء (عصام شرف) إلى المعتصمين وبشرهم بصدور (أوامره) لوزير العدل والنائب العام بالإفراج (الفوري) عن الكاهن المزور من سجنه استجابة لمطالب الثوار!!! ..
إلا أن المطالب تصاعدت برضه!! .. وأعلن المعتصمون استمرار الاعتصام إلى أن تتم إقالة محافظ حلوان من منصبه ... !!
ونحن هنا ننوه .. ولزم علينا أن ننوه..ولا بد لنا أن ننوه ..
إلى أنه فرق هائل بين المسجون السياسي والمسجون الجنائي ..
فالسجين السياسي قد تم سجنه في تهمة تتعلق بالرأي أو بمخالفة نظام الحكم أو بمعارضته فيتم اضطهاده وتلفيق القضايا له وسجنه .. لذا يبقى السجين السياسي صاحب جريمة سياسية ربما تكون شريفة ويكون صاحبها بطلاً بل وزعيماً في نظر المجتمع وليس أفضل من ضرب المثل لها كحالة الزعيم الجنوب أفريقي (نيلسون مانديلا) الذي خرج من السجن إلى الحكم .. وهذه النوعية من السجناء السياسيين هي التي تظل المجتمعات والشعوب والمنظمات بل والدول الأجنبية تطالب بالإفراج عن أصحابها ..
أما السجين الجنائي فهو سجين في تهمة (جنائية) كالتزوير والغش والتدليس والتحايل على القوانين .ومرتكب هذه الجريمة (إذا ثبتت عليه) فإنه يفقد اعتباره ويستحق استنكار واستهجان واحتقار المجتمع ويبقى في نظر الناس مجرماً ومذنباً ومحتقراً ...
ونعتقد أن حكومة مصر بقيادة رئيسها عصام شرف بقرارها الإفراج عن القس المزور المسجون متاؤس عباس وهبة باسيليوس كاهن كنيسة مارجرجس بكرداسة "جيزة" رغم أنه سجين جنائي ورغم أنه لم يكمل قضاء العقوبة المقضي عليه بها وذلك تحت ضغط الكنيسة وجماعات المعتصمين لمجرد إرضائهم على حساب القانون والقيم والحق والعدالة..وتغاضياً عن ثبوت الإدانة في حقه ..وإهداراً لحجية الأحكام القضائية .. وإشعاراً للناس أن القضاء والسجن والأحكام والتنفيذ كل ذلك قابل للمساومة بحسب قوة الضغط والمطالب حتى ولو كانت ضد القانون أو ضد العدالة ..وتفعيلاً للشعور الطاغي بأننا قد نقع في دائرة الأمم التي إذا سرق فيها الشريف تركوه ..وإذا سرق فيها الضعيف أقاموا عليه الحد ..
فإن الحكومة الجديدة (الثورية) هنا تكون قد فرطت (بسهولة) فيما لم تستطع ولم تجرؤ حكومة ونظام الطغاة الفاسدين السارقين عن اقترافه مهما كانت الضغوط والمساومات ...
إلا إذا أثبتوا لنا (قبل الإفراج) أن القس المزور السجين كان مضطهداً سياسياً وأنه كان أحد المعارضين لنظام الحكم - البائد- فتم تلفيق هذه التهمة له .. هنا سيتوجب علينا أن نعلن جميعاً إعتذارنا له وللكنيسة .. بل وتعويضه فوق الذي يطلبه.. بل واعتباره بطلاً قومياً وزعيما ثورياً أيضاً ..
وإذ لم يحدث ذلك على أرض الواقع .. فإن هذا التصرف من حكومة "شرف" سيفتح علينا باب جنهم الحمراء .. وسيفتح الباب – للجميع- للمطالبة بالإفراج ليس عن سجناء الرأي أو المعتقلين الأبرياء .. بل عن جميع المسجونين الجنائيين في تهم السرقة والقتل والتزوير والنشل والدعارة وغيره أسوة بالإفراج عن الكاهن المزور ..
وذلك لتطبيق قواعد المساواة والعدالة بين المصريين ونحن في أول طريق الحرية والعدالة والمساواة...
كنت أتمنى أن أسمع رأي علاء الأسواني وعمار الشريعي والأخوة الثورجية الذين ملأوا الفضائيات بأفواههم والبرامج بثوراتهم في هذا الموضوع ...
ولا أسكت الله لهم حساً ..
رابط صحيفة المصريون التي نشرت الخبر..
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=51163
التعليقات (0)