أي ناموس يشرعن لغة التقهقر والتفكك المجتمعي؟
لاشيء يميز هذه العشرية عن العشريات السابقة، فالوضع على حاله يتلمس الخلاص في ظل فوضى مجتمعية عارمة، كانت الشعارات والوعود والأماني ولا تزال، لا تغير حاصل..ولا رهان رفع داعبت أهدابه أرض الواقع.
كان المجتمع ولا يزال يئن من أوجاعه،بين مطرقة الجمود وسندان التشرذم ظل "مجتمعنا المسكين" مطأطأ الرأس لأمريكا عاصمة العولمة الجريحة وللكوكبة الأوربية، كلما أراد خروجا أو تململا وجد نفسه تحت وصاية من هناك..من بلد "الماكدونالدز والكوكاكولا"..
مرة قال أحدهم في البرلمان أن الأوساخ تنزل من فوق،فقلنا إذن فلتبدأ عملية التنظيف من اعلي إلى أسفل..وهذا صحيح وغير صحيح في ذات الآن، على الأقل في مجتمع أنويته تحترق بنار الوهن والتهميش..
إن مجتمعنا اليوم لم يتصالح مع ماضيه، لا"إنصاف" ولا "مصالحة"، لسبب بسيط وكفى وهو أن رياح الفساد لم تتوقف للحظة عن العصف به من كل جانب .
دائما خطابات فضفاضة ووعود منمقة بالسخرية،على رؤوس "أينعت" ولم يحن وقت قطافها بل وقت إدراكها لما وراء الزيف والزركشة الكلامية..ف"المواطن" أضنته آلام البطالة والهجرة السرية..وخنقت أنفاسه أدخنة الأغنياء الملوثة بالمحسوبية والمحاباة..ليهتدي إلى أن هامش الأجرأة أضيق من سم الخياط،ويرتعد من برد الضياع بعد أن أضحى بلا عنوان يلملم طموحاته المترامية..
لم يعد يعترف لا بساسة ولا سياسيين..الأوراق عنده اختلطت ولم يعد يرى سوى سواد يسرح بذاكرته وسط سنوات الرصاص والاختطاف وكبت الحرية..
هذا المواطن"الأنموذج" لا ريب أنه بينه وبين ذاته يصبو إلى امتلاك عصا،أو مصباح سحري يخرج من قمقمه مارد يطلب منه-إلحاحا-"تقريب الإدارة من المواطنين" و"تخليق الحياة العامة" و "الحداثة وأخواتها"..رافضا أنصاف الحلول وهلم جرا..
أعتقد أنه آن الأوان الآن لتقدم نخبنا وأحزابنا على وجه التحديد، الاعتذار لنا وللتاريخ الذي أعياه تتبع رحلاتها المكوكية دونما جدوى،أعياه ترقب لحظات ولادتها وارتضاعها من عرق شعب بائس ويائس..
كثرت أحزابنا وقلت الفائدة، فلم هذه التعددية الحزبية؟..أليس لنا الحق في أن نتمنى في "الحلم" حتى،غدا تصحح فيه الأوضاع وتطمر فيه الهوة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع؟..
أما آن الأوان لننفض عن عيون ذواتنا غبار الحيرة والإحباط؟..ما الحال إن ناشدنا "بلدا سعيدا" يتحقق فيه الأدنى من الكرامة والحرية؟..
أسئلة لا محالة أنها لن تكف عن التناسل المرير..أسئلة تحول دون وضع نقطة النهاية..أسئلة مفتوحة عل إجابتها تكون على يد الأيام أو بعض الأقلام..من يدري؟.
التعليقات (0)