الكلمة هي السلاح البلياردو أي أنك تطلق الكلمة في الشمال لتصيب في اليمين لأن الكلمة لا تتخذ مسارا مستقيما أو علي شكل منحني المقذوفات كما يعرف إخواننا المهندسون المدنيون أو العسكريون..... أو قل أنها تشبه الصاروخ الباليستي يطلق إلي عنان السماء لينزل علي بقعة معينة من الأرض ويغير مساره في الأفق ليتجنب الصواريخ المضادة التي تبحث عنه ويفر منها حتي يخدع أحدهما الآخر ...الكلمة هي أيضا صاروخ باليستي والكلمة المضادة صاروخ مضاد لها أيضا...والذي يملك الحجة قد يتغلب علي من لا يملكها.... ولا تتعلق الغلبة بالحقيقة وإنما بارتفاع الصوت وبالقدرة علي الخداع أو الإقناع أيهما أعلي صوتا وأكثر رواجا وأقرب لمصلحة طرف قويا كان أو ضعيفا ...فالقوي والغني كلاهما يملك الحجة علي الطرف الآخر ولو كان منطقه خاليا من الإقناع وهنا يكون تأثير الحجة المزورة رهن بالقاضي غير العادل والمنحاز والمرتشي....وقد نري بعض القضاة الذين يتحلون بصفة العدل النادرة بين الحين والآخر في أي مكان من العالم ونجاحهم يعتمد علي ركيزتين هامتين جدا الأولي تعقب الكلمة البلياردو واكتشافها أينما طارت وحلقت وخدعت وهم قليل جدا لأن الصفات المميزة لهؤلاء قل أن توجد في شخص تجتمع فيه صفات الذكاء والخبرة والعلم بأحوال البشر والتجرد من الهوي وملكة رؤية الحق ولو كان مموها ومختفيا وراء الكلمات البلياردو الخادعة.... وفي التاريخ بعض أسماء القضاة من هذا النوع الذي لم يتكرر كثيرا لندرته ...رأينا من الأكاذيب ما ألبسها الكذابون لباس البراءة والصدق حتي صدقناها وبلهجاتهم الجادة وشخصياتهم (الكاريزمية) كما يقولون أقنعونا بما لا يعقل ...ولكن أين تقع المسؤولية وعلي من تقع ؟ تقع المسؤولية علي الأخلاق القويمة الغائبة ....وعلي من يتخذ الكلمة سلاحا خادعا ....وعلي من ينخدع بهذه الحجج والكلمات...أي أن المسؤولين ثلاثة أطراف (الأخلاق السوية الغائبة ...الخادع المخدوع) ... من الأفضل أن أعطي أمثلة لكي لا أغرق القارئ في كلمات عامة لا تفيد.... في برامج الحواريات يقوم مقدم البرنامج بإضافة كلمة من عنده بذكاء شديد إلي كلام طرف من الطرفين لم يقلها ولكنه لا يستطيع رفضها لأنها في صالحه أي في اتجاه مقالته فيجعل الطرف الآخر ينتفض غضبا ويسيل الكلام من فمه بغير سيطرة لأنه ناتج عن الانفعال فتشتعل الحلقة وتشب فيها نيران الغضب... ومن الأمثلة الشائعة الذكية جدا أن يستضيف معد البرنامج شخصا لا يملك حجة ولا معلومات ويضعه أمام شخص متميز في منطقه وذكي في حجته ويملك معلومات وأرقام ووثائق في موضوع الحلقة فيسيء الشخص الجاهل إلي بلده التي يدافع عنها بجهله وتكون الغلبة للطرف الآخر وطبعا هذه حيلة من معد البرنامج ليهاجم بلد هذا الجاهل بلسانه وليس بكلمة واحدة من معد البرنامج أي أن معد البرنامج يخرج من فم هذا الجاهل المتعصب الصاروخ الذي يطلق في الشمال ليصيب في اليمين وفي هذه الحالة يصيب دولته التي يدافع عنها لأنه لا يملك حجة الإقناع التي تكلمنا عنها في أول المقال وهكذا تكون الكلمة البلياردو أدت عملها بكفاءة وأطلقها جاهل لأنه أعطي سلاحا لا يجيد استخدامه ...لا ننسي أنه في هذه الحالة بالذات تقع المسؤولية الكبري علي الدولة التي سمحت لهذا الجاهل أن يتقدم للدفاع عنها وأعطته مقعدا في الإعلام.... وهو لا يجيد الكلام
التعليقات (0)