كل الكلام، كل الكتابة، و كل التعابير تبقى صغيرةٌ أمام الثورة السورية الكبرى و لا تستطيع أن تطاول قامتها العالية. الصورة تتكلم، فيصل فهد النجرس جعل الفرات يتكلم دون قناع، فأغرق الخوف السوري في القاع. دماء حسام عبدالوالي عياش تكلمت على مدى سهول حوران و وديانها، فسقتها و جعلت الأزاهير تطل أخيراً برأسها من تحت الحجارة، فتنشر عبق الربيع في كل الوطن. سهير الأتاسي التي لم تهضم الصفعة على وجه سوريا، جعلت أخيراً خطوط الصفعة على وجهها تصرخ، فأغرقت الصفعة، و شلت يد صاحبها. و هيرفين أوسي، حفيدة كاوا الحداد، إستحضرت روح نوروز، فإنهزم الخوف، لا بل أحرقته بنيران النيروز، و إلتقى ربيع القامشلي بربيع درعا ناثراً ورود الحرية على كل ما بينهما من سوريا، في ديرالزور و حلب و بانياس و دمشق و كل المدن و القرى السورية. هؤلاء جميعاً و غيرهم، هم من نطق الحروف الأولى للثورة التي ترددها اليوم كل سوريا بكل طلاقة: بعد اليوم ما في خوف، و الشعب السوري ما بينزل. إستمع السوريون و العالم إلى أعذب ما جاء من تونس منذ إستقلالها: ( الشعب التونسي ما يمتش، الشعب التونسي العظيم، تحيا تونس الحرة، المجد للتوانسة، الحرية يا توانسة، بن علي هرب) و إستمعوا إلى نوارة أحمد فؤاد نجم و هي تعلن سقوط مبارك: ( ما فيش خوف تاني). فتساءل الجميع عن المانع من أن يكون للسوريين صوتهم، لقد جاء دور العالم ليعرف أن الشعب السوري لم يمت بعد، و أنه ليس هناك خوفٌ بعد اليوم. غداً هو عيد النوروز، المناسبة الوحيدة المبهجة في حياة الشعب الكردي التي ينتظرها على مدار العام، بعد أن حول أعدائه حياته كلها إلى أحزان، إن القتل و القمع و التنكيل العلني الذي يعمله النظام اليوم في الشعب السوري، لم يترك لهذا العيد أي بهجة، و لم يعد للإحتفال به أي معنى، و لذلك أجد من الحكمة و الإنسانية أن نحتفل به في العام القادم، نحن السوريون جميعاً، و قد تحررنا من الظلم. و بغير هذا التضامن الرمزي الأولي مع أخوتي السوريين، أجد أنه من المعيب، أن أسير بعد الآن على الجسر المعلق في دير الزور، و أشعر بالخجل من النظر في عيون فيصل النجرس و باقي أصدقائي في الديـر، و أجد من غير اللائق بعد اليوم عبور هذا الجسر إلى باقي سوريا، و الوصول إلى أصدقائي في درعا، و خاصة من أهالي الشهداء، و من بيت الفالوجي و القطيفان، الذين يؤسسون اليوم لسوريا التي نريدها. الكلام في الثورة السورية لا شئ، ستذروه الرياح، أنه (زبدٌ يذهب جفاءً)، لكن الإشترك في هذه الثورة هو كل شئ، لأنه ينفع الناس، و ما ينفع الناس (فيمكث في الأرض).
التعليقات (0)