الكرز فاكهة غنية بالأملاح المعدنية مطفئة للعطش ومنشطة للكليتين. وهو من المصادر الطبيعية التي تمد الجسم بكميات وفيرة من البوتاسيوم والطاقة، حيث تحتوي الحبة الواحدة منه على أربع سعرات حرارية. ونبات الكرز عبارة عن شجرة معمرة يصل ارتفاعها الى حوالي 8 أمتار ذات قشور بنية واوراق بيضوية وعناقيد تحمل ما بين زهرتين الى 16 زهرة وثمره أحمر الى أحمر قاني، وهي كروية الشكل ذات لمعة جذابة. أما الجزء المستعمل من نبات الكرز فهما: الثمار والسيقان.
تحتوي ثمار الكرز على مقادير صغيرة من الساليسيلات وجلوكوزيدات سيانوجينية وفيتامينات (أ، ب1، ج) ومواد سكرية ومعادن مثل الفوسفور والحديد والكالسيوم والمغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والزنك والنحاس والكبريت والمنغنيز والكلور والكوبلت. اما السيقان فتحتوي على فينولات بما في ذلك حمض الساليسيليك وحمض العفص.
وهناك نوعان من الكرز، الحامض الذي يتحمل درجة حرارة أعلى من النوع الآخر. أما الحلو فيظهر في أواخر شهر مايو ويستمر إلى مطلع شهر أغسطس وموسمه أطول من موسم الأول. وبحسب العارفين بهذه الفاكهة فإنه كلما كان ميالاً إلى اللون الأسود اللامع الصافي كان أكثر حلاوة. وتوجد مئات الأنواع من هذا الكرز الحلو وأكثرها شهرة الموجودة في أمريكا الشمالية، ويأتي كبير الحجم وحبته على شكل قلب وذات لون أحمر داكن.
.. وعادة ما تنضج ثمار الكرز في فصل الصيف، وقبل أيٍّ من أشجار الفاكهة الأخرى، خصوصا في شمال أميركا. وفيما تنضج الثمار في أستراليا في أواخر السنة، تنضج في جنوب أوروبا وأميركا بشكل عام في يونيو، وفي بريطانيا في يوليو. وبعض الدول لا تستغل ثماره فحسب، بل تولي أزهاره عناية واهتماما فائقين، كما هو الحال في اليابان، حيث يستخدم كشعار وطني، وتخصص المهرجانات والعروض له في الكثير من المناطق. وكثيرا ما يزرع اليابانيون أنواعاً خاصة لتحصيل الأزهار فقط، ويعرف من هذه الأنواع "كانزان" (KANZAN).
أصل التسمية...
تأتي كلمة الكرز (cherry) من الكلمة الفرنسية (cerise) التي تتدرج من الكلمة اللاتينية (cerasum - Cerasus). ويطلق عليه الإسبان اسم "كريزي" (cereza)، وفي إيطاليا يسمونه "كراسا"، (cerasa)، وجميعها متدرج من الكلاسيكية اليونانية (Cerasus).
المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الكرز وصل إلى روما من شمال الأناضول، أو بالتحديد ما يعرف تاريخيا بمنطقة "بونتوس" (Pontus) التي كان يطلق عليها أهل اليونان اسم "Kerasus" الذي اتخذته اللغات الأخرى لاحقا. ويدل الاسم على المنطقة، ويعني "شبه الجزيرة". وقد تأصل الكرز الحامض (Sour cherries) الذي يستخدم عادة للطبخ، من الكرز الحلو (Sweet cherries)، ويستحيل تطعيم النوعين اللذين يتدرجان من أوروبا وغرب آسيا.
جغرافية الكرز...
تنتشر بساتين الكرز من شبه الجزيرة الأيبيرية في غرب أوروبا إلى تركيا، وبعض مناطق دول البلطيق، وجنوب الدول الإسكندنافية، وفي الولايات المتحدة، التي تنتج أفضل الكرز في العالم. ويكثر الكرز في ولايات كاليفورنيا وواشنطن وأريغون وميتشيغن وأوتاوا ونيويورك. وتملك كندا أيضا الكثير من الأنواع، وخصوصا منطقتي أونتاريو وبريتش كولومبيا، لكن أهم المناطق في العالم التي تزرع الكرز هي ولاية ميتشيغن، التي يطلق عليها اسم عاصمة الكرز في العالم، إذ تقيم مهرجانا دوليا خاصا به كل عام، وتطبخ عادة أكبر كعكة كرز في العالم. وتعيش أستراليا نفس الوضع مع الكرز، إذ تعرف بلدة يونغ (Young) في نيو ساوث ويلز (New South Wales)، بأنها عاصمة الكرز في البلاد.
وتعرف المنطقة الشرق أوسطية بأنواع كثيرة من الكرز، مثل نوث ستار، وموريلو، وإيرلي ريتشموند، وتيتانس. وتعرف مدينة زحلة أيضا في البقاع في لبنان بعاصمة الكرز، إذ تنتج أجمل وأفضل وأفخر أنواعه في منطقة الشرق الأوسط، ومنها الأحمر الداكن والخمري والزهري والمكحل اللذيذ الطعم. وفي المغرب، حيث ينعم الكرز بأحوال جوية وطبيعية ممتازة، يعرف الكرز منذ قديم الزمان، ولا يزال المغاربة حتى الآن يقيمون للكرز ـ على غرار الأميركان والأستراليين ـ موسم "حب الملوك"، (الكرز)، ويخصص الموسم أو المهرجان عادة لاختيار ملكة جمال الكرز في مدينة صفرو.
استخداماته...
يستغل الكرز حول العالم لإنتاج الحلوى والعصير والأدوية والصباغ، كما تستغل بعض المجتمعات أشجاره للزينة والديكور، كما يعتبر خشبه من الأخشاب الصلبة والجميلة والغالية الثمن التي تستغل عادة في صناعة الأدوات الموسيقية والخزائن والطاولات والغلايين والأزرار والعكاكيز، وغيرها من أنواع المفروشات. كما يستخدم البعض ماءه أو صمغه ـ الذي يتمتع برائحة جميلة جدا ـ كملبن أو «علكة» للمضغ.
سيطرة المحلب والحلو...
والكرز المعروف بالمحلب ( Wild Cherry) من أنواع الكرز الحلو (Sweet cherries)، الذي يعود موطنه إلى أوروبا وغرب شمال أفريقيا وغرب القارة الآسيوية. وينتشر هذا النوع الطيب من تونس والمغرب إلى بريطانيا شمالا، ثم النرويج وجنوب السويد وبولندا وأوكرانيا وبلاد القوقاز وشمال إيران وغرب الهمالايا. كان يطلق على المحلب بالإنكليزية اسم «مازارد» (Mazzard)، إلا أن الاسم يعني باللاتينية «كرز العصفور» (Bird cherry)، اقتباسا عن الألمانية (Vogel-Kirsche) والدانماركية (Fugle-Kirseb?r).
ويسيطر نوعا المحلب والحلو في العالم دون غيرهما من الأنواع على الأسواق العالمية، لطعمهما الحلو والشهي. وقد عثر علماء الآثار على بذور وحبات الكرز في الكثير من المواقع الاستيطانية القديمة في أنحاء أوروبا وبريطانيا، ويعود تاريخها إلى العصر البرونزي، مما يدل على أن الكرز كان منذ القِدَم جزءًا لا يتجزأ من الأمن الغذائي لبعض المجتمعات. كما عثر علماء الآثار على بقايا للكرز قديمة جدًّا على شواطىء بحيرة برادا في إيطاليا (800 قبل الميلاد). وفيما يقول المؤرخ الروماني لاكولوس بأن الكرز لم يصل إلى إيطاليا قبل عام 74 قبل الميلاد، تشير الحفريات إلى وجود الحلو من الكرز في شمال إيطاليا، وعلى حدود سويسرا بين عامي 1100 و1500 قبل الميلاد. ويقال إن إنتاج الكرز انتقل من تركيا الى اليونان منذ القدم أيضا، كالكثير من أنواع الفاكهة الآسيوية الأصل.
وحول المحلب يقال إن موطنه سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، أو ما يعرف بالهلال الخصيب قديمًا. كما ينتشر المحلب في شمال أفريقيا ووسط أوروبا وأرمينيا وإيران وباكستان وجزيرة قبرص وجزيرة كريت، بالإضافة إلى تركيا بالطبع. ويُوجد شجر المحلب في سفوح التلال والجبال، وحتى على ارتفاع 2200 قدم عن سطح البحر. وتفضل الشجرة التربة الكلسية، رغم أنها تنمو في أنواع أخرى مغايرة، وفي أحوال جوية مختلفة. وتعرف أزهار المحلب بأنها من الروائح الطيبة والزكية المحببة، ولذا.. تستخدم في أدوات التجميل.
الكرز الحامض...
.. ويرتبط الكرز الحامض (Sour cherry)، بالكرز الحلو وأحيانا يحمل اسمه المعروف بـ "Sweet cherry"، وهو نوعان: الأول يطلق عليه اسم "موريلو"، (morello وهو أحمر داكن اللون )، والثاني "أماريلي"، (amarelle وهو أحمر خفيف اللون ). وتقول الموسوعات المتوفرة إن هذا النوع من أنواع الكرز جاء من البلاد المحيطة ببحري قزوين والأسود، ولذا عرفه أهل اليونان حوالي عام 300 قبل الميلاد. وقد أدخله الرومان إلى الجزيرة البريطانية قبل القرن الأول للميلاد. ويعتبر الحامض من الكرز من أكثر أنواع الكرز شعبية في بلاد فارس وإيران. وانتعش هذا النوع وانتشر في القرن السادس عشر في بريطانيا أيام هنري الثامن، وعرفت منه أنواع كثيرة آنذاك. وقد عمل المستعمرون الجدد في أميركا، وخصوصا في ماساتشوسيتس (Massachusetts) على زرع أول شجرة منه في أميركا الشمالية من نوع "كينتيش رد" (Kentish Red).
أنواع الكرز الأخرى...
ومن الأنواع المعروفة لدى البعض، وخصوصا بعض الخبراء والمهتمين: أنواع الكرز البرقوقي أو "الكرز الخوخي" ( Cherry plum- Prunus cerasifera) الذي يصل طول شجره إلى ما بين 5 و12 مترا، والعنبي (Bird cherry - Prunus padus )، والشوكي (Blackthorn or Sloe -Prunus spinosa). وحول الشوكي يقول أحد العلماء في موقع الملتقى الزراعي، إنه كالمحلب.. شجرة قديمة، وأكثر أماكن انتشاره هي منطقة الشرق الأوسط. وتلعب أشجاره دورًا ـ كما يبدو ـ في محاربة التصحر وحماية الثروة الحيوانية وتنوعها. ويقول الموقع إن جذور شجيرة الكرز الشوكي عمودية، وتستخدم كَسُورٍ طبيعي للبساتين والحقول، وعلى جوانب الطرقات. وتتكاثر هذه الشجرة عادة طبيعيا وعبر الطيور والحيوانات.
الكرز في الطب القديم...
بلغ الكرز اوج انتشاره في القرون الوسطى. وقد زعم الطبيب دسقوريدس وهو طبيب من القرن الميلادي الاول ان الكرز يفرج الريح، كما اشار العشاب جون جيرارد في القرن السادس عشر الى العادة الفرنسية بتعليق الكرز الحلو في المنازل لابعاد الحمى عن القاطنين في ذلك المنزل.
لقد كان لويس الرابع عشر مغرماً بأكل الكرز واقتطافه من الشجرة بيده. وقد انتشر الكرز في اوروبا انتشاراً كبيراً وسجل في تاريخه صفحات لطيفة مثيرة، ثم بعد ذلك انتشر في الولايات المتحدة الأميركية لما له من مزايا علاجية حتى اصبح عدد الانواع المزروعة في أميركا يزيد على 1100صنف. ويستعمل الكرز على نطاق واسع في عمل الفطائر ويستعمل عصيره في صناعة عسل وسيدر الكرز المشهور. وقد استخدمت نسوة قبائل الشيروكي (الهنود الحمر) بأميركا قشور نبات الكرز لتخفيف الام المخاض واستخدام الأميركيون المحليون الآخرون القشور ايضاً في علاج الكحة والزكام والبواسير والاسهال. وقد عرف المستوطنون الأوروبيون خصائص قشور سيقان نبات الكرز الطبية، وفي القرن التاسع عشر صار علاجاً واسع الاستعمال.
فوائده...
من المعروف أن الكرز في معظمه غني بمادة أنثوسيانين (anthocyanin)، التي تُعرف بـ (الصبغيات الحمراء)، التي أشارت الدراسات الطبية الأخيرة في سنتياغو في كاليفورنيا 2009 إلى أنها تخفف الألم، وتمنع الالتهابات، وتقلل نسبة الكوليسترول في الدم؛ مما يعني أنها تكافح مرض السكري وأمراض القلب. ورغم وجود هذه المادة أيضا في العنب الأحمر والشاي والفريز والتوت وغيره من النباتات، فإن أفضلها وأقواها موجود في الكرز.
ولأن هذه الفاكهة غنية بالأملاح المعدنية... فهي من الأنواع التي تساعد الجسم على التخلص من أملاح الصوديوم التي تضر الأوردة المتصلبة. ويقول أحد المهتمين بالكرز على إحدى مواقع الإنترنت إن الكرز "ذو خاصية قلوية، مما ينصح بعدم تناوله قبل الطعام، لأنه يوقف الأحماض؛ فيسبب عسرًا في الهضم. هذا.. ويفيد الكرز مرضى الروماتيزم، إذ يساعدهم على مقاومة الالتهابات، إذا ما تناولوه بكميات كبيرة".
كما يحمي الكرز من ضغط الدم المرتفع، ويساعد على تهدئة الأعصاب، وتخليص الدم من السموم. وعوضًا عن أنه يحمر البشرة ويجمِّلها، فهو ممتاز لعلاج الإسهال، وتنشيط التنفس، والتخفيف عادة من أوجاع العظام، وخصوصا أوجاع الظهر والمفاصل، وغيرها. وتشير بعض المواقع المتخصصة في الأغذية إلى أن للكرز فوائد في معالجة أمراض الفم والحنجرة، وعلاج الحروق، والحصبة، والإرهاق.
يعطى الكرز غير الناضج للأشخاص المصابين بمشاكل في الكبد واصحاب المعدة الضعيفة وذلك بمقدار حبتين الى ثلاث حبات. وتستخدم قشور سيقان الكرز في طب الاعشاب الاوروبي لخصائصها القابضة حيث تحتوي على العفص والمدرة للبول وهي عادة توصف لالتهابات المثانة والتهاب الكلى والأختباس البولي ولمرض النقرس، يستخدم مغلي القشور بحيث تؤخذ ملعقة صغير من المسحوق ويوضع في ملء كوب ماء مغلي ويترك لمدة عشر دقائق لينقع ثم يصفى ويشرب بمعدل كوب في الصباح وآخر في المساء.
ويستعمل الكرز خارجياً ككمادات مهروسة لعلاج الصداع حيث توضع على الجبهة وتوضع على الوجه والرقبة لتقوية الجلد ومحاربة ما قد يعلق بها من فطريات.
الخلاصة...
الكرز من أنواع الفاكهة الطيبة والفاخرة والموسمية التي يحبها الكثير من الناس. وثمرة الكرز من الثمار الجميلة اللون والشكل الذي يشبه أحيانا شكل القلب. وهو ـ كثمرة أو شجرة ـ من عائلة (Rosaceae) التي تضم الدراقن والخوخ والمشمش واللوز، ومعظمها من أنواع الفاكهة والثمار التي تضم بذرة واحدة صلبة. ويكثر عادة في شمال المعمورة، إذ إن هناك نوعين في الولايات المتحدة وثلاثة في أوروبا، وبقية الأنواع في القارة الآسيوية.
ولكن يجب ملاحظة الآتي:
- عدم أكل المصابين بالسمنة الكرز بعد الطعام بل بين وجبات الطعام.
- لا يستحسن أكل الكرز او حتى غيره من الفواكه قبل الاكل مباشرة لان السكر الموجود فيها يعرقل عمل العصارات المعدية ويتلفها وبخاصة عند تناول اللحوم.
- يجب عدم شرب الماء بعد اكل الكرز مباشرة حيث ان الماء ينفخ لب الكرز فتحدث اضطرابات هضمية.
- تناول الكرز على الريق يسهل عملية الهضم.
- زيت بذور الكرز يفيد دهاناً ضد الروماتيزم والدمامل والبقع الجلدية وكذلك التهاب المفاصل.
- يجب عدم أكل بذور الكرز حيث انها سامة.
التعليقات (0)