أسند ظهره إلي جدار المسجد الذي يتوسط الساحة الكبيرة في قريته وفيها ملعب للكرة أقامه الشباب منذ أن كان المسجد وحيدا في الساحة التي كانت في الزمن الماضي ساحة واسعة يحيط بها منازل بنيت بالطين اللبن يتخللها بعض منازل أغنياء تلك الأيام الخوالي المبنية بالأسمنت تعبيرا عن الوجاهة والانتساب إلي علية القوم وتذكر وهو يشاهد أبناء قريته التي لم تزل قرية لكنها لبست ثوب المدينة فأصبحت كالقروية التي تضع المساحيق بصورة تدعو إلي الشفقة والسخرية كان الملعب كما هو لم يتغير ولا حتي تغيرت عارضة المرمي والأرض بين الرملية والترابية كما هي والشباب مثل شباب الماضي يتناقلون الكرة في قوة ومهارة ...تذكر هو أنه كان يمارس هذه اللعبة ليس لأنه يحبها ولكن ليختلس النظر إلي بنت (عم احمد صاحب مطعم الفول) كانت الغضة ذات السادسة عشرة من العمر ..إذا ظهرت أمام باب المنزل آتية أو ذاهبة رقص قلبه من الفرح وبحث عن الكرة ليركلها ركلة قوية في أي اتجاه ربما لتري عنفوانه وشبابه وتقع في الغرام...لم تكن نرجس تشعر به إلا كما تشعر تجاه واحد من الشباب وربما لم يكن قلبها معلقا بأحد ...هكذا كانت تبدو...غفا غفوة الشيوخ المتعبة ودارت نرجس في أحلامه وذرعت كيانه في غفوته وما أيقظه إلا ضربة طائشة من الكرة الماكرة التي لم تحترم شيبته ولم يلتفت إلي اعتذار الشباب وآثر الدخول إلي المسجد ليصلي ركعتين لله
التعليقات (0)