الكتاب ذاكرة لا تشيخ ولكن
معرض الرياض الدولي للكتاب يواصل مسيرته شامخاً رغم ما واجهه من عوائق في بداياته الأولى التي تخطاها بفضل الله ثم بوعي الجماهير التي دافعت عن حقها الإنساني في المعرفة رغم محاولات التشويه والتضليل التي مورست بشكلٍ كبير , شهر مارس من كل عام بأيامه الأولى مٌميز فالوطن على موعدٍ مع تظاهرة معرفية فكرية تنويرية و دورة جديدة من معرض للكتاب كان يتيماً ولم يعد كذلك ؟ معارض الكٌتب ليست ترفاً وهي كذلك بالفعل وهذا ما يجب أن تعيه المؤسسات المسؤولة عن الثقافة والتنوير , معارض الكٌتب ضرورة ليبقى المجتمع حي ومتفاعل مع الحياة البشرية , معارض الكٌتب وسيلة من وسائل التنوير بل من أكثر الوسائل مرونة وحيوية وتأثير لأنها تحتضن جميع الرؤى والأفكار والأطروحات الفكرية والسياسية والتنويرية والدينية والمذهبية والأدبية الخ , الجميع تحت سقف واحد والقاري يٌحدد ما يرغبه ويقتنيه ويٌبحر معه في رحلة ممٌتعة فخيرٌ جليس في الزمانٍ كتابٌ !×المتنبي . من الطبيعي أن يوجد بمعارض الكٌتب الغث والسمين وهنا فرقٌ كبير بين الغث من وجهة نظر أدبية وبين الغث من وجهة نظر إقصائية لا تؤمن بالعقل والحرية العقلية والفكرية ؟ الغث من وجهة نظر إقصائية غير مقبولة لأنها ضد العقل والحرية والقيم الإنسانية والحق الفطري للبشر , أما الغث من وجهة نظر أدبية فهي مقبولة ومطلوبة ويجب تفعيلها " النقد الأدبي بمختلف مناهجه ومدارسة " فذلك الغث أًصبح ظاهرة وأصبح التأليف لغرض التأليف والشهرة ظاهرة ذات سوقِ رائج , شهوة التأليف والنشر الرديء لا تقل قٌبحاً عن شهوة الجنس المٌحرم وهذه هي الحقيقة التي يجب مواجهتها بشجاعة , شهوة التأليف والنشر لم تأتي من فراغ بل استفادت من غياب النقد الأدبي والتمحيص الفني واستفادت من ضعف ورداءة ذائقة القٌراء واستفادت أيضاً من سوق الطبع والنشر الرائج بلا رقيب ضميري أو حسيب أدبي . من حق كل صاحب موهبة تأليف ما يشاء ونشر ما يشاء ومن حق القٌراء النقد والامتناع عن اقتناء الهٌراء المسمى تأليفاً وعمل أدبي ومجهود فكري , الطباعة والغلاف والترويج الإعلامي الخ عوامل جعلت من المٌنتج الرديء يحتل الصدارة وما أن تنقشع سحابة المعرض حتى يكتشف البعض سذاجتهم وغبائهم الذي أوقعهم بحبال الدعاية والترويج والغلاف الجميل فلا مضمون ولا فكرة ولا إضافة جديدة . الكتاب الحقيقي هو الذي يٌضيف لك الجديد ويٌقدم لك الفكرة على أنها فكرة غير مٌقدسة هذا هو الكتاب الحقيقي مهما كانت مدرسته التأليفية أدبية أو سياسية أو فكرية أو شيءٌ آخر , الإبداع موهبة ربانية وهذا لا خلاف حوله لكن يجب أن يكون هناك رقابة نقدية وليست رقابة منعيه تمنع الكٌتب لمجرد وجود شبهة لا قيمة لها في الأصل فالمنع يعني الخوف من الحقيقة والخوف من العقل لا عليه كما يٌقال ؟ الرقابة النقدية تعني وضع المؤلفات الرديئة بقائمة الممنوع تداوله بمعارض الكٌتب ومن أرادها فليذهب إلى المكتبات التجارية لا الفكرية المعرفية التنويرية , لو تم ذلك الأمر بمعارض الوطن الثقافية و بمعارض العالم العربي الثقافية فإن المٌجتمعات ستجد نفسها تقع بأحضان مؤلفات ذات مضمون معرفي وفكري وأدبي جميل ومؤثر وستصبح شهوة التأليف التي لا يخرج منها سوى الرديء أمام محكمة الواقع بعدما كانت أمام محكمة القاري الذي لا حول له ولا قوة ويقبل الغٌثاء مٌكرها لا بطل حتى وإن كان خيار الاقتناء بيده فمجرد رؤية الغٌثاء المسمى تأليفاً ينتشر ويتصدر المبيعات فذلك يعني رداءة الذائقة وضعفها وسيطرة الغٌثاء بأمر الواقع الذي أستفاد من غياب الرقابة النقدية وسطوة الرقابة المنعيه فالغثاء مرضٌ له تداعياته الخطيرة على العقل البشري والنمو المعرفي !....
التعليقات (0)