أعرف كما يعرف غيري، أن الكاتب الصحافي لا يكتب لنفسه، وإنما يكتب للناس ومن أجلهم. هو لسان العامة ممن لا يستطيعون إيصال صوتهم إلى حقل المسؤولين، وهو من يحمل شعلة التنوير ويفكك الأشياء ويعيد تركيبها من جديد. هو صاحب الفكر الراقي والرأي الواضح والحرف الأنيق، ومن خلال كل ذلك يمكنه النفاذ إلى قلوب القراء.
وليس بالضرورة أن يكون الكاتب غارقا في الشهرة كي تقرأه الناس وتتقبل منه وتتفاعل معه. هناك عشرات الكتاب ممن أفنوا أقلامهم في الكتابة اليومية، ما زالوا مغمورين في حين أن كاتب مبتدئ على شبكة الإنترنت يحمل اسما مستعارا بلغت شهرته الآفاق.
عندما يكتب الصحافي المقال فإنه يقدم اسمه ككاتب رأي. ومعظم كتاب الرأي هم في الأصل صحافيين. وأزعم أن معشر الصحافيين لا يمكن حشرهم في دائرة المشاهير إلا كبار القوم منهم. ومهما كتب الصحافي تبقى شهرته في حدود الوسط الذي ينتمي إليه وربما لا يصل.
لن أدعي إذا قلت إني صاحب جولات وصولات في دهاليز الإنترنت، عبر الكتابة في المنتديات. كنت أستمتع كثيرا بلبس الأقنعة والخربشة بحرية ودون قيود. الكتابة بالاسم المستعار، خلقت عندي وعيا من نوع مختلف، أصبحت بعدها أقرأ الحرف ولا أقرأ كاتبه. أتفاعل مع الفكرة ولا يعنيني صاحبها. أنطلق من عين الموضوع، ولا أكترث لرأس من أحضرها إلى حيز الوجود.
وفي هذه الزاوية، حاولت أن أخلق اسم كاتب رأي جديد، بعيدا عن الاسم الصحافي الذي لازمني لسنوات، برغبة أن يحضر المقال أولا. غير أن هذه المغامرة كما وصفها الزميل هادي الفقيه، كانت غير محسوبة. يقول لي: أنت تحرق نفسك، وتبدأ من جديد ولا وقت لذلك.
لم أقتنع برأي هادي أو غيره ممن حملوا علي هذا التوجه، لكني سأعمل بما قالوا وأعود إلى الاسم الصحافي. أحدهم علق بقوله: أنت متنكر، وكان من المفترض أن تكون «متلطم» في الصورة.
التعليقات (0)