أن يمارسُكَ ألمُ مهنةُ الكتابةِ لا أنَ تمارسُها أن يتقمصك الألم كما
أنت فتصبح أنت هو وهو أنت كتوأمان كتومان رفيقان متلاصقان
ببعضهما البعض لا يمكن فصل أحدهما أو عزله عن الآخر.
أن تراودك مهنة الكتابة و أنت مثقل بما تفيض به جراحاتك وبما
يعيق حركتك و حراكك و يأخذ بمجامع تنفسك و أنفاسك فذلك يعني أنك أسيرٌ
مرهونٌ للألم المحيط بك ويحوم أمام مخليتك و يطوقك بذراعيه ويُتلف حولك
و يلتفُ حواليك فيمتلكك و يتملكك
أن تبدأ بكتابة نفسك فلا تستطيع أو تقوى على الإمساك بطرف قلمِ
سوانحِ فكرك لما ينتاب قريحتك و يعتري خبايا عصارة فكرك، أن
تكتب وأنت ترى أن كثيراً من ما وضعوه من محرماتٍ تعيقك و
تقيدك و تسد كل طرق إبداع سموقك و انطلاق طموحك أن تكتب و
أنت ترى أمامك و في مواجهتك السهام التي تتطاير مصوبةً بحد
نصالها إلى غلاصم منحرك فتبدأ بالكتابة عنها قبل أن تبدأ بكتابة
نفسك كما تشاء و تريد.
أن تبدأ بكتابة نفسك بلغة ألمك و شجايا شجنك فلن يعرفك أو يعي
و يتفهم ما بك أو ما أنت وما تكون غيرُك ، فأنت من سيتجرع
غصص عذاباتك ولوعات جراح أنفاسكِ وسحاب غمائم غمك مرة
بعد آخري وتارةَ تلو تارة وليس هناك من ترجمانٍ لألمِك إلا ألمُك
وليس من وصفٍ أو شرحٍ يستطيع بلوغ كنه معاناتك إلا بعجزك
عن وصف ما ألم وما أحاط بمقابض حشاشة فؤادك.
نعم فعندما يكون الألمُ هو المستبدُ المسيطرُ والمتحكمُ الثابتُ في
أروقة خفايا نفسك و إدارة دفة مسيرة سفينة حياتك ، وهو لم يزل
يُسيركَ كيفما شاء لا كيفَ ما تشاء ، عند ذلك تصبح في قيود ذله
مستعبداً و في سجون أسره مقيداً .
فأنتَ من يكونَ مملوكاً لظرفه، وهو الذي يكتبُ في مفاصل حياتك
بحرفه فتتمايلُ مكلوماً على نبضات إيقاعات عزفه و ترتعش في
قيعان مجاهل خوفه.
نعم قد تحاول تذليل بعض عقبات الظروف التي تحيطً بمفاصل
معصم معاناتك و تحاول أنت تُسير حياتك من خلال التعاطي أو
التلاقي معها كواقعٍ ينبغي تجاوزه أو محاولة تذليله وقد تنجح أو
تحاول النجاح ثم تأتي في الأخير و تدعي الفوز بإحداهما لكي
تقولُ للآخرين ها أنا ذا أمامكم قهرت صعوبة ظرف وشيدتُ معالمَ
تجربةٍ بكتابة سموق حرف ،وهذه نجاحاتي الشاهقة البارقةً
الشاهدة تخبركم عن شدة قوةِ عزم و رفعة تفجرِ إرادة.
التعليقات (0)