ما زال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل رمزاً لذكاء "الجورنالجى" كما يحب أن يطلق هو على نفسه ، سر إهتمامى بما يكتبه أو يقوله الأستاذ بدأ ـ مع بداية قراءاتى ـ أى منذ أن قرأت تصريحاته الجريئة التى نشرها الكاتب الصحفى عادل حمودة فى مجلة روزاليوسف فى عز مجدها وذلك بعد محاولة إغتيال الرئيس السابق فى أثيوبيا ، وقال ما قاله وقتها بكل جرأة وكان لتلك التصريحات تداعيات نالت منه ومن الكاتب عادل حمودة ، وكانت حلقات "تجربة حياة" على قناة الجزيرة قد وحّدت الأمة العربية وخاصة مثقفيها من جديد في كل يوم خميس مثلما فعلت أم كلثوم قبل ذلك ، وكنا ننتظره بفروغ الصبر ومنا من كان يرى الحلقة الثلاث مرات ، وكانت إحدى الصحف قد كشفت أن تنظيم القاعدة يستهدف الأستاذ فشعرنا أن هذا ربما يكون تمهيد لحدوث مكروه له ، ثم ذكرت بعدها الكاتبة والمناضلة الكبيرة سكينة فؤاد فى جريدة الوفد أن أصدقاء حملوها رسالة للكاتب الكبير بأن يتجنب الوقوف فى شرفات لندن المرحلة المقبلة (!) ، وكان حتماً أن يطالب الكثير بحمايته .
ولقد إستكشف وتنبأ الأستاذ بأشياء كثيرة آخرها ما أخرجته الأهرام من أرشيفها ولقاءه منذ أربعين عاماً مع شبكة "إن بى سى " وقوله ( القتل أو العزل مصير أصدقاء أمريكا فى الشرق) ، وفى نفس التوقيت قرأت أخيراً مقالة كتبها الأستاذ فى نفس التوقيت بعوان " خريطة جديدة... وحكايات قديمة " وفيها شرح وتشريح لوضع المنطقة وما تبتغيه واشنطن منها ،لدرجة أننى شعرت بأن تل أبيب وواشنطن إستفادتا من مقالات الأستاذ أكثر من إستفادتنا نحن ! ، وكتب الأستاذ خطابات مفتوحه موجهه للرئيس السابق بعد مرور أول عام له فى الحكم تعتبر وثيقه هامة ، والتى لم تُنشر إلاَّ بعد مرور ربع قرن على كتابتها ، وتحدث فيها الأستاذ عن وثيقة خطيرة عبارة عن مذكرة أمريكية مقدمة لشاه إيران تنصحه بما يجب أن يفعله بعد القضاء علي ثورة «مصدق» وبنود هذه الوثيقة تتشابه تماماً مع ما فعله السادات فى مصر تأثراً بتلك الوثيقة وأهمها تعيين قائد الطيران نائباً لرئيس الجمهورية ولهذا طرح فى أحد الخطابات جملة وكررها أكثر من مرة لأهميتها وهى موجهه للرئيس السابق ((أنك لست مدينًا لأحد، و«أنهم أرادوك لهم، ولكن المقادير أرادتك لنا، وهكذا يجب أن تكون». )) ، وبكل جُرأة كشف بذرة مشروع التوريث وكان لذلك تداعياته وقتها ، وكانت مقولته الروعة والمُروِعة لروبرت فيسك " الرئيس مبارك يعيش فى عالم خيالى فى شرم الشيخ ولا علاقة له بما يجرى
فى البلاد !" .
ومع تولى أوباما حكم أمريكا وبعد خطابه الشهير فى جامعة القاهرة تم خداع الأمة الإسلامية جماء فتحدث الأستاذ للشروق وطالبنا بألا نعقد آمالاً كثيرة على أوباما فكانت الحملة المسعورة وما هى إلا أيام وإكتشفنا أن "هيكل كان على صواب" ، وقد نصح الأستاذ هيكل الرئيس السابق قبل سقوطه بعامين بأن يقوم بعمل إصلاحات سياسية و تشكيل مجلس أمناء للدولة والدستور من (12) عضو منهم على سبيل المثال زويل والبرادعي ومنصور حسن وعمرو موسى ويتم ذلك فى ضمانة الجيش المصرى وكان ما كان وقتها من حملة مسعورة فى صحف الدولة ، سيظل الأستاذ رمزاً صحفياً مصرياً وعلامه من علاماته ، وما زال الأستاذ يُبهرنا ببعضٍ من خبايا ما يعرفه والتى أكاد أُجزم أنه ما زال يملك منها الكثير ، فليس كل ما يُعرفه ـ الأستاذ ـ يُقال ! .
التعليقات (0)