مواضيع اليوم

القيمة الاعتبارية للانسان

مهند الموسوعة الحرة

2009-11-20 06:37:51

0

القيمة الاعتبارية للانسان:
لا شك في ان اهم قيمة في الموجودات الحية في هذا الكون هو الانسان...ولكن قيمة هذا المخلوق تختلف من بلد لاخر!!...نعم والاختلاف هنا يخضع لعدة عوامل اهمها غنى الدولة،وقوتها العسكرية والسياسية وجبروتها في العالم،بالاضافة الى عامل مهم وهو خضوع نظامها السياسي لمذهب الديمقراطية الليبرالية الذي يعطي للانسان اهمية قصوى ويعتبره الهدف الاسمى الذي يستوجب النضال لاجله... وبدون تلك الشروط يكون سعر الانسان بخسا بل ولا قيمة له سواء في داخل بلده او في خارجه كما هو موجود في بلدان العالم الثالث !...
اطلاق سراح اسرى 20 من السجينات الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية مقابل دقيقتين فقط من تسجيل شريط فيديو يظهر فيه الجندي الاسرائيلي الاسير يتحدث! هو دليل ملموس يبين لنا مقدار الفارق في الاهمية بين القيمة الاعتبارية للاسير الاسرائيلي في داخل دولته وبين القيمة الاعتبارية للاسرى الفلسطينيون سواء في داخل اسرائيل او في خارجها!...وهذه الصفة في وضاعة القيمة الاعتبارية للانسان الفلسطيني لاتنطبق على الفلسطينيين فحسب بل على الانسان في العالم العربي ككل وفي العالم الثالث بصورة اكثر شمولية! ماعدا بعض الشواذ التي لايعتنى بها كالعادة في تلك الظروف!...
بخس القيمة الاعتبارية للانسان هو دليل على مقدار تخلف دولة ما وبالتالي ينعكس سلبا في تخلف شعبها والذي لاتعيره حكومته الاهمية القصوى من خلال حرمانه من حقوقه المشروعة والتي من ابرزها حق الاختيار في الحكم وممارسة حريته الشخصية بما في ذلك حريته في العقيدة والعمل وحقوق وجوده في هذه الحياة والتي تعطي له اهميته بأعتباره كائنا متميزا عن بقية الكائنات الحية في هذا الكون المليء بالعجائب والغرائب!...نعم اختلاف الاسعار في قيمة الانسان مثل اختلاف سعر سلعة البترول ولكن الفارق بين اسعار المنتجين في داخل سوق البترول ليس كبيرا كما هو حادث في سوق الانسان التجاري!،فالامر هنا مريعا الى درجة تبعث على الغثيان والاشمئزاز في وصول قيمة الانسان الاعتبارية الى مستوى ادنى من الحيوانات او حتى السلع المادية البسيطة!...
يمثل الطغيان السياسي وطغيان الافكار المتطرفة احد اهم الاسباب في تدهور قيمة الانسان الاعتبارية وبالتالي فأن العلاقة هنا تكون طردية بمجال لايقبل الشك او المساومة وبعيدا عن الشرح التفصيلي الزائد!...
النتيجة المعروفة هي ليست هنالك اية قيمة اعتبارية للانسان في العالم العربي ! والفارق بين سعر الانسان بين مختلف الدول العربية ليس كبيرا حتى يمكن ان يذكر او يشاد به باعتباره انجازا عظيما!...فقيمة الانسان الاعتبارية في العالم الغربي كنموذج للتقدم،هي اكبر بكثير من قيمة الانسان العربي او الذي يعيش في داخل بلاد العالم الثالث!وهذا يمكن مشاهدته في بلادنا كمثال من خلال المعاملة اليومية السيئة لاجهزة الدولة مع المواطن البسيط وعدم اعطائه اي قيمة اعتبارية يمكن ان تجعله يعترض على ما يعتبره تجاوزا على حقوقه المشروعة...
قد يقول قائل بأن شعوب منطقة الخليج هي افضل من البلاد العربية الاخرى من ناحية وضع الانسان وقيمته المعتبرة التي تجعله كائنا حرا...هذا الرأي يستند على الوضع الاقتصادي لتلك الشعوب القليلة السكان والتي تنتج النفط بما يفوق حاجتها الطبيعية ولكن القيمة الاعتبارية للانسان لا تستند على الوضع الاقتصادي فحسب بل على جملة شروط كثيرة هي مفقودة هناك! وبالتالي فأن الفارق بينها وبين بقية اجزاء العالم العربي الاخرى هي ليست كبيرة كما يتصورها البعض! ويمكن ملاحظة فقدان الحريات السياسية كمثال بارز في هذه البلدان وبالتالي فأن تصور قيام مظاهرة معادية لتوجهات الدولة او الشيوخ فيها وبدون اي مضايقات او ابادة للمتظاهرين هو تصور خرافي لا مجال لتوقعه هنا!...وعليه فأن قيمة الانسان العربي لا تتناسب مع قيمة الانسان الاسرائيلي كنموذج مثالي هنا وبالتالي فأن احد اهم اسباب التقدم الاسرائيلي على العرب هو اخذهم بقيم الحضارة والليبرالية وتطبيقها بصورة عملية على شعبهم فوصلوا الى ما وصلوا من مراتب عالية،وفي المقابل لم يأخذ العرب سواء انظمة او مجتمعات اي مجال للتفكير فقط على ضرورة العمل في المستقبل البعيد على انتشال واقع قيمة الانسان وجعلها هدفا قيما بذاته! ولذلك خسروا انفسهم وشعوبهم ثم جيرانهم واعدائهم فاصبحوا بلا ادنى قيمة رغم امتلاكهم القدرات البشرية الهائلة مع مواردهم الاقتصادية الضخمة واخذت اللعنات تنصب على رؤوسهم!...
امثلة محزنة:
الكثير من الامثلة المحزنة والتي تثير الالآم تجاه ما يصدر من الحكام وبالتالي ينعكس ذلك على اجهزتهم الحكومية الخاضعة لهم بلا ادنى اعتراض! ويمكن تصور ضألة التفكير في عقول هؤلاء التي خضعت لهم البلاد العربية لحقب طويلة من الزمن!...ففي مصر ايام حكم عبد الناصر الذي كان يقول للمواطن المصري ارفع رأسك يا اخي فقد مضى عهد الظلم والاستعباد! ويقصد به الظلم في العهود السابقة،وكانت نتيجة رفع الرأس في تصوره هو اذلال فظيع للانسان المصري واخضاعه لديكتاتوريته المقيتة بحيث شعر بها المواطن السوري ففر بجلده بعد ثلاث سنوات من الوحدة القسرية مفضلا الانفصال على جحيم الوحدة! ومازال الانسان المصري الى الان لايستطيع رفع رأسه امام رجل الامن فكيف برأس النظام وزمرته...
وفي حالة العراق اثناء الحكم البعثي الثاني(1968-2003) وصلت القيمة الاعتبارية للانسان الى ادنى مستوى يمكن تصوره ويعود السبب الرئيسي الى تخلف الحاكمين ووحشيتهم،ولتبيان بسيط على مدى تخلف الحاكم وجهله وهمجيته،قبل حرب 1991 بقليل ذكر صدام في احدى مقابلاته الصحفية مع الاعلام الغربي والتي يستخدمها كوسيلة للدعاية، ان امريكا لا تستطيع ربح الحرب لكونها غير قادرة رغم ضخامة عدد سكانها على فقدان عشرة الاف قتيل بينما العراق لا تؤثر فيه فقدان مئة الف رغم قلة عدد سكانه ! ويقصد بذلك ان الشعب الامريكي لايقبل بهكذا حجم من الخسائر ولكن الشعب العراقي لا رأي له بالطبع يقبل مجبرا على ذلك،وهو بذلك يعطي للجميع درسا بليغا كون ان البشر في الغرب لهم قيمتهم المعتبرة والتي لاتقدر بثمن بحيث تسير سياسات حكوماتهم حتى في مجال الحروب المهمة لمصالحهم الاستراتيجية بينما في العراق وهو نموذج لبلدان العالم العربي، فأنه لا وجود لادنى قيمة للانسان !،فكانت النتيجة المؤقتة ان العراق هزم وبخسائر تفوق المئة الف قتيل ولم تخسر امريكا وحلفائها سوى بضع مئات،وكانت النتيجة الحتمية لهكذا نظام مارأيناه بعد سقوطه الحتمي في مقابره الجماعية التي ملئت البلاد طولا وعرضا واخرجت ملايين اخرى هاربة بجلدها منه في بلاد المهجر !... وفي اليمن الان ماتجري من عملية ابادة كبيرة في الجبال،يتبجح حاكمها بأنه مستعد لحربا طويلة تستمر لسنوات قادمة دون ان يعي حقيقة كلامه انه لا قيمة لانسان بلاده عنده!والا تجنب الحرب بكل وسيلة ممكنة...وفي مثال تكون فيه الاحزاب ومليشياتها لها القدرة على الحكم ففي اثناء الحرب الاهلية اللبنانية رأينا كيف تعامل القوى السياسية المختلفة سواء لبنانية او فلسطينية مع اعدائهم من بني جلدتهم فكانت ابادة الفلسطينيين في مخيماتهم في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا وابادة المجموعات اللبنانية لبعضها البعض وهو ناتج خالص لتدهور قيمة البشر سواء لدى الانظمة او المجتمعات ككل والاحزاب السياسية هي نتاج لفكر وقيم وتقاليد تلك المجتمعات التي مازالت بأفعالها تعيش في القرون الوسطى التي اشتهرت بالحروب والهمجية البشرية!بينما في اقوالها تعيش في القرن الحادي والعشرون!.
مازال الانسان في داخل العالم العربي خائفا من ابداء رأيه بحرية خوفا على حياته من العذاب وسلب كرامتها او الفقدان الابدي لها! وبالتالي فأن قيمته تجاه نفسه سوف تكون معدومة والاخرون سوف يعاملونها على هذا الاساس،فأي نصر او تقدم ممكن ان يحدثه انسان مهزوم داخليا على اعدائه المفترضين الذين يترفعون عن كل ما يضعف كرامة وحرية انسانهم؟!...
اعادة الاعتبار لقيمة الانسان في العالم العربي يجب ان يكون الهدف الاول والاسمى للجميع... حكاما وشعوبا وبغير ذلك سوف نبقي على المعادلة الرياضية الجديدة التي دخلت التاريخ....
10 اسرى = دقيقة واحدة من فلم!....




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات