القَيْلُولة هي نَوْمةُ قصيرة في نِصْف النهار ، أو استراحة و استرخاء لبعض الوقت في نصفَ النهار و إِن لم يكن معها نَوْمٌ ، و الهدف منها طرد الكسل و استعادة النشاط و الحيوية لمتابعة العمل .قال ابن منظور في لسان العرب : " القَيْلُولة : نَوْمةُ نِصْف النهار، و هي القائلةُ ، قال يَقِيل ُ، و قد قال القوم قَيْلاً و قائلةً و قَيْلولةً و مَقالاً و مَقِيلاً "... و قال العلامة الطريحي في مجمع البحرين : " و قال قيلا و قائلة و قيلولة : نام " ... وقال الأزهري: القيلولة والمقيل عند العرب الاستراحة في نصف النهار وإن لم يكن معها نوم بدليل قول القرآن الكريم : " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا" والجنة لا نوم فيها بل بها الخلود... و يطلق البعض عليها اسم الغائرة والتغوير، وأصلها غار النهار: أي اشتد حره. ومن ذلك قولهم: غوروا ساعة ثم ثوروا... إغفاءة النهار كانت على الدوام «الابنة المتبناة» لنوم الليل الصحي ... وأصل لفظة "لاسييست" اليوناني، التي تعني القيلولة باللاتينية، هو "سيكستا هورا" التي تعني بالإسبانية الساعة السادسة (من التوقيت اليومي القديم) أو ساعة الشيطان كما كان يطلق عليها...
ويرى العلماء أن القيلولة تلبية لحاجة فيزيولوجية تتولد لدى الانسان في سن الطفولة إلى حدود سن الرابعة و هي كالساعة البيولوجية لصحو الانسان من نومه عند الصباح مثلا، وتبقى بعد ذلك، جزء من إيقاعنا البيولوجي. وأخشى أن تكون او لعلها غريزة حيوانية، فمعظم الحيوانات تلجأ إلى القيلولة، وتوقف نشاطاتها في منتصف النهار، خاصة عند ساعات الظهر. ويلجأ إلى القيلولة بهدف الاستراحة وتجنب الحر و لا أعرف هل من الممكن ان نلجأله بالشتاء اذا؟ و للهضم بعد الأكل، أو للراحة بعد النشاط الجسمي والذهني المكثف في الصباح أو للتعويض عن الحرمان من النوم ليلاً أحيانا، دون أن ننسى، طبعاً، دافع الكسل والخمول لدى بني البشر خاصة اصحاب المكاتب المكيفة و الكراسي الدوارة او اصحاب تذاكر الدرجة الاولى في القطارات و الطائرات و لا انس من يملكون السيارات الفارهة فكم من حادث بسبب الحاجة للقيلولة بل انها تصيبهم الغفوة (غفوة الثانية) و هنا اذكر ان لبدنك عليك حق.
القيلولة تساهم في إراحة الدماغ والاسترخاء البدني والعضلي، وتعزيز قدرة الإدراك وقد أكد العلماء أن فترات القيلولة القصيرة في منتصف النهار، لمدة نصف ساعة، تلغي تأثير التعب وتعيد الاستقرار والحيوية والنشاط للذهن والجسم ... كما أكدت البحوث العلمية الحديثة أن أخذ غفوة قصيرة أثناء العمل يجدد الطاقات الفكرية والجسدية للعاملين، ويزيد إنتاجيتهم وقدرتهم على تحمل ظروف العمل بصورة أفضل... كما تساهم القيلولة في التخلص من الجزع والقلق... و لا ننسى ان النوم الليلي يجدد وينشط ويحافظ على خلايا الجسم والدماغ بل هو مطلوب (الليل سباتا و النهار معاشا).
وتقسم القيلولة، بشكل عام، إلى ثلاثة أقسام:
القيلولة الملكية أو الطويلة، وهي التي تتعدى ثلاثين دقيقة.
المعتدلة وتكون ما بين 5 و30 دقيقة.
السريعة وهي الغفوة القصيرة التي لا تتعدى خمس دقائق (إغفاءة القط).
لكن أغلب الدراسات الطبية و النفسية تؤكد أن المدة المناسبة للقيلولة هي من 15 إلى 20 دقيقة، وأن التوقيت الأفضل لها هو ما بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الزوال، وهي الفترة التي ينخفض فيها النشاط الفكري والجسمي للإنسان، وهي كذلك ثاني فترة تقع فيها أغلب حوادث السير الخطيرة، بعد الفترة الليلية الممتدة ما بين الثانية والخامسة صباحاً...
أما أماكن القيلولة فتكون إما اختيار او اضطرار ... في الهواء الطلق أو أماكن مغلقة ... في وضع جلوس أو امتداد أو كيفما اتفق حتى ولو وقوفاً... وهذه الأماكن غالبا ما تكون: المنازل، مقرات العمل، الحدائق العمومية، المساجد، وسائل النقل، تحت ظل الأشجار (الزيتون ... الكينة... البلوط ... كروم العنب او تحت (سدة الدالية) او على البرندة او على شاطئ البحر و البعض يحبها داخل قاعات السينما والمسارح ...الخ...
الصينيون يسمونها "ووكسيو" أي استراحة الزوال، وقد نص عليها الدستور الصيني كحق لجميع العمال في هذا القسط من الراحة، ولذلك تتوقف الحركة في المكاتب للتمتع بها في طقوس خاصة.... و ها نحن نرى أين الصين و أين غيرها!!!
وانطلاقاً من تجاربهم على رواد الفضاء، توصل خبراء وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إلى أن السماح للعاملين بالنوم في مكاتبهم لفترة لا تزيد عن 45 دقيقة بعد الظهر يزيد من كفاءة عملهم بنسبة 35 في المائة ...و أخذ باحثون في جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات في وضع عشرات التجارب التي أظهرت أن النوم يحسن التعلم، الذاكرة، والتفكير المبدع. وفي كثير من الحالات فإن هذا «النوم المثقف» للإنسان كان يأتي في شكل إغفاءة النهار أي «القيلولة»... وكانت شركة "آبل" السباقة في فرنسا، سنة 1990، إلى إحداث مرافق للقيلولة خاصة بالمستخدمين...فيما خصصت شركة «غوغل» (مواقع للقيلولة) لا يصلها الضوء والصوت...
عام 2008 نشرت المجلة الطبية البريطانية دراسة، قارن فيها الباحثون بين ثلاث حالات: زيادة ساعات النوم، أو التمتع بالقيلولة، أو تناول الكافيين، باعتبارها وسائل للتعامل مع «نوبة نعاس الظهر»، ثم تجاوزها. وظهر أن القيلولة كانت أكثر تلك الوسائل فاعلية و قد تم إعادة محاكمة أحد المتهمين في بريطانيا بسبب غفوة القاضي وقت انعقاد جلسة المحاكمة.
القيلولة هي أيضاً قد تكون نتاج للتقاليد والأعراف الاجتماعية، حيث تدمجها عدة شعوب في تقاليدها اليومية. وهي على الخصوص من نمط حياة سكان البحر الأبيض المتوسط وأمريكا الوسطى والجنوبية. واعتمدتها بعض الشعوب كاستراتيجية للعلاج ومكافحة الأمراض، حيث يتمكن الجسم خلالها من إعادة التوازن ومقاومة الميكروبات... أما اليمنيون فيستخدمونها لتناول القات ...
و عرفت القيلولة في العديد من الحضارات القديمة كالصينية و الفرعونية ...
وعرف عن المسيح (عليه و على نبينا محمد أفضل السلام) أنه كان يقيل كثيرا خلال سفره و تنقله.
وفي الإسلام وردت آثار في الحث عليها، ففي الحديث النبوي الشريف: "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل"، وفي الحديث أيضا:"ما مهجر كمن قال"، أي ليس من هاجر عن وطنه، أو خرج في الهاجرة كمن سكن في بيته عند القائلة وأقام به. وفي حديث آخر (قرب الإسناد) أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني كنت رجلا ذكورا فصرت نسيا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لعلك اعتدت القائلة فتركتها؟ فقال: أجل، فقال له النبي: فعد يرجع إليك حفظك إن شاء الله.
القيلولة في قول العامة: "تعشى وتمشى تغدى وتمدى"... و"إلى جاعت مشيها وإلى شبعت تكيها" ... و"نعّاس العاصر خاسر" (للنهي عن القيلولة بعد العصر).
نابليون بونابارت، الفنان سالفادور، الرئيس الفرنسي جاك شيراك، إيديسون وفيكتور هيغو...واشتهر وينستون تشرشيل بنومه ساعتين بعد الظهر.
و هنا ما اردت تأكيد مفهوم القيلولة و اهميتها و لا أنادي بأي شكل من الأشكال بمزيد من ساعات النوم العربية و ساعات الخمول و الكسل ... نحن نريد ان نتمسك بشيء مفيد و صحي بدون اية تكاليف ...
و هنا ارجو ممن يطالعون المقال اضافة لمساتهم او تجاربهم حول موضوع القيلولة او ما هي عادات و تقاليد بلادهم بالخصوص ...
التعليقات (0)