فاز المناضل الفلسطيني بسام الشكعة، رئيس بلدية نابلس الأسبق، بجائزة بهجت أبوغربية لثقافة المقاومة التي تمنحها رابطة الكتاب الأردنيين.
وعلم أنه تم تشكيل مجلس أمناء للجائزة ضم في عضويته ثلاثة أعضاء من رابطة الكتاب وثلاثة أعضاء من عائلة أبو غربية وخمسة عشر عضواً من المثقفين والناشطين الأردنيين والعرب، وقد اجتمع مجلس الأمناء مؤخرا أكثر من مرة في مقر رابطة الكتاب حيث قرر لهذه الدورة منح الجائزة للمناضل الشكعة فيما قرر أن يتم منحها للأعوام المقبلة بموجب ترشيحات خاصة تقوم بها هيئات ومنظمات ومؤسسات ثقافية وبحثية وأكاديمية لمن تعتقد أن شروط الجائزة تنطبق عليه من المثقفين والناشطين، على أن تقوم رابطة الكتاب بتشكيل لجنة فنية خاصة لدراسة الترشيحات التي تصلها واختيار الفائز الذي يجب أن يصادق عليه مجلس الأمناء، كما أقر المجلس باجتماعاته أيضا نظاما داخليا خاصا بالجائزة التي سيتم منحها للفائز في حفل خاص يقام في السادس والعشرين من كانون الثاني من كل عام، ذكرى رحيل من تحمل الجائزة اسمه بهجت أبو غربية.
بسام الشكعة مقاوم من جبل النار، وهج روحه من وهج أرضه وعزم شعبه، وثباته الموحي المتألق مع معاناته الطويلة المرة يستمدان دفعاً من عدالة قضية وخيار مقاومة يقول بهما وينتمي إليهما.. هو رجل ذو موقف ومبدأ ورؤية ومنهج، أخلص لفلسطين وخلُص كلياً لها، ولم يرها إلا من منظور انتمائه الأعم والأعمق لوطنه العربي وأمته العربية العريقة بأهدافها الكبيرة وتطلعاتها المشروعة.. عايش بسام الشكعة تفاصيل قضية فلسطين من مبتداها، وشرَّشت في عروقه حتى صارت لحمة حياته وسداها، وصار حق العودة وحق تقرير المصير لهذا الشعب المكافح فوق أرضه التاريخية فلسطين، عنوانه ونسغ حياته ومحور نشاطه وشواغله العليا. هو رجل لا يحتلب ضروع قضية شعبه ليشرب ويأكل ويثري، ويرى ألا حل لها تأتي به مفاوضات تقوم على التنازلات لأن طرفها الفلسطيني أعزل ولا يتسلح بالمقاومة، بل يرى أن الحل هو بتحرير فلسطين كلها من النهر إلى البحر، لأن المحتل الصهيوني يريد فلسطين كلها ويعمل على إبادة شعبها مادياً ومعنوياً، ولا يكون الرد على ذلك المشروع العنصري = الصهيوني الإبادي بالاستسلام له وتسليمه فلسطين دولة " يهودية"، وجعله ينفذ مخططاته بأمان واطمئنان حسب مرحليات يضعها ويفرضها بكل الوسائل والسبل على فلسطينيين يعزلهم عن بيتهم العربي، وعلى أمة يدفعها وحلفاؤه الغربيون لترى إلى القضية بوصفها نزاعاً فلسطينياً- "إسرائيلياً"، وليست صراعاً عربياً صهيونياً ويهودياً ضمناً!!.. وتفعل ذلك تحت ستار المفاوضات والعمل من أجل " السلام"، بينما حقائق الأمور كلها تشير إلى أن العدو العنصري يستوطن ويعزز وجوده بالقوة الشاملة، وبامتلاك كل أنواع الأسلحة النووية والاستراتيجية والتقليدية.. وهذا يعني بوضوح أنه يؤسس للعدوان وأنه لا تعايش ولا سلام مع كيان محتل هذه صفاته وأهدافه وأساليبه ووسائله. ولذا كان جل هم الشكعة وجوهر دعوته ومحور اهتمامه جعل الشعب الفلسطيني يعي هذه الحقائق ويواجهها باستراتيجية وطنية وقومية ثابتة ومستمرة ومتنامية.. هذا هو شاغل المناضل بسام الشكعة ومرتكز تفكيره ومحور نضاله وتدبيره، وجوهر مواقفه المبدئية كما أراه، وسبب رفضه التعاون مع الاحتلال وحلفائه الأميركيين، وسبب خلافاته مع قيادات وشخصيات فلسطينية لها رؤى أخرى مختلفة عن روآه وخياراته.
ومدخل مناضلنا الكبير إلى الحل الذي يراه ويرتضيه لقضية روى شعبُه كلَّ حرف من حروف تاريخها بالدمع والدم، هو المقاومة حتى النصر والتحرير الشامل للأرض والعودة المظفرة للشعب إلى وطنه التاريخي، ليمارس فيها بكرامة واقتدار حقه في تقرير مصيره بحرية تامة فوق تراب وطنه المحرر.. والعمل الدؤوب على جعل الشعب الفلسطيني كله يقف بثبات وراء هذا الخيار، ويجعله بالتضحيات والمثابرة خيار الأمة العربية كلها. وهذا هو أصلاً المنظور الذي قامت من أجله الإضرابات والهبَّات الشعبية والاعتصمات والثورات والانتفاضات الفلسطينية منذ وعد بلفور المشؤوم، وهو ما قامت عليه منظمة التحرير الفلسطينية ورسخه الميثاق الوطني الفلسطيني، وما يأخذ به كثيرون من الفلسطينيين والعرب، وتتأكد صحته يوماً بعد يوم وخطوة بعد خطوة، لكل من يتتبع نهج الاتفاقيات والمفاوضات والمبادرات الفلسطينية والعربية التي تخلت عن المقاومة، وأدانها بعض قادتها ووصفوها بالإرهاب في وقت من الأوقات. وقد ثبت من خلال التجربة الطويلة المرة أن المفاوضات مع الكيان الصهيوني لن تعيد وطناً إلى شعب ولا شعباً مشتتاً إلى وطنه، ولن تقدم حلولاً ناجعة لقضية عادلة بحجم قضية فلسطين وعمقها وأبعادها، ولن تحقق سلاماً دائماً ومستقراً في المنطقة.. وهي مخدر للشعب ومضيعة للوقت ومبدد لإرادة الأمة، لأنه في ظلها وبانتظارها تموت الهمم ويفسد الرجال ويتزعزع ولاء الدول العربية للقضية الأم، ويزحف الاستيطاني على القدس ومعظم الضفة الغربية، ويستمر العدو الصهيوني في تطوير قواته وقدراته وفي قضم الأرض وتهويد القدس وقتل الشعب. وعلى هذا فالمفاوضات تسفر عن مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، ومزيد من التنازلات للعدو الصهيوني، وتكرس المشروع الاستيطاني – الاستعماري في المنطقة وهو المشروع الذي يستهدف كل مقومات الأمة العربية وهويتها وتقدمها ونهوضها ووجودها الحي ذاته. ومن هذا المنظور كانت قضية فلسطين قضية قومية ومسؤولية قومية ويجب أن تبقى كذلك لأن ما يملكه العدو المحتل من آلة حرب، وما يعمل على تعزيزه من قدرات عسكرية، نووية وغير نووية، أكبر من قدرات الشعب الفلسطيني وحده على إنجاز التحرير وهزيمة الاحتلال واستعادة فلسطين ويحتاج إلى قوة الأمة، ولهذا ولسواه من الأسباب الاجتماعية والتاريخية والثقافية والعقيدية..إلخ تبقى قضية فلسطين قضية قومية ومسؤولية تحريرها تقع على عاتق الأمة العربية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني.. فهكذا كانت منذ نشأتها وهكذا ينبغي أن تبقى قضية مركزية في النضال العربي لمواجهة المخطط الاستعماري – الصهيوني الذي رسخ " إسرائيل" قلعة متقدمة للاستعمار الغربي بوجهيه القديم والجديد، وهو أعتى ما استهدفت به الأمة العربية وأحلامُها وتطلعاتها ونضال أبنائها من مشاريع الاستعمار الهادفة إلى ضرب الوحدة والتحرير والحرية والتقدم الاجتماعي والنهضة الحضارية العربية الشاملة.
التعليقات (0)