القــوة
قال تعالى: ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) العصر1-3
يقول السعدي رحمه الله :" ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية , بل وأيضاً للأمراض البدنية , قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة , لأن الإنسان متى استسلم للخيالات , وانفعل قلبه للمؤثرات من الخوف من الأمراض وغيرها , ومن الغضب والتهوش من الأسباب المؤلمة , ومن توقع حدوث المكاره , وزوال المحاب , أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية , والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة.
ومتى اعتمد القلب على الله وتوكل عليه ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة , ووثق بالله وطمع في فضله , اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية , وحصل للقلب قوة وانشراح وسرور , ومما لا يمكن التعبير عنه ".
فيصبح الإنسان بعدها قوياً عزيزاً , ثابتاً نشيطاً , قادراً على السعي والبذل والنجاح والتميز , ومن ثم شق الطرقات , وصعود المرتفعات , وتحدي الصعوبات , وتصدي العقبات.
الروح إذا كانت قوية لا تستطيعها النفوس الخبيثة , ولا تؤثر فيها الأوهام , ولا تزعجها الحوادث والملمات , لا تلتفت للوراء بل تتطلع للفضاء , لا تثبطها
الخرافات , ولا تثنيها الخزعبلات , لا تعرف الخوف ولا الخور , ولا التردد ولا التأخر , لا الانهزام ولا التذلل.
مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يوماً على صبيان يلعبون في الطريق فنفر الصبية كلهم من أمامه لهيبته , إلاّ غلاماً واحداً لم يفر ووقف !
فسأله عمر: لم لم تفر مع أصحابك. فقال الغلام: يا أمير المؤمنين لم أجرم فأخافك ، ولم يكن في الطريق ضيق فأوسع لك .
قال تعالـى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ )
فاطر-10
التعليقات (0)