القوة العظمي المهيمنة على العالم من المنظور الجغرافي
الولايات المتحدة الأمريكية وارويا الغربية وصراع دائم من أجل السيطرة على الجزيرة العالمية
كمجال لدراسة سياسات القوى من المنظور الجغرافي يمكن طرح نظرية قلب الأرض
Heart Land للجغرافي البريطاني ( هالفورد ماكيندر ) ، في محاضرة له أمام الجمعية الجغرافية الملكية بلندن تحت عنوان " المرتكز الجغرافي للتاريخ " والتي تقوم على فرضية أساسية مفادها أن العالم ينقسم طبيعياً إلى عالمين متصارعين هما عالم البر وعالم البحر فقد نظر (ماكيندر) إلى سطح الأرض على أنه يتألف من كتلة ضخمة من اليابس المتصل والذي يشمل قارات العالم الثلاث القديم ( أوروبا وآسيا وأفريقيا ) إلى جانب بعض الجزر المنفصلة والتي تتمثل في أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا وبريطانيا العظمى واليابان وفد أطلق على هذه الكتلة الضخمة التي يتوسطها البحر المتوسط اسم الجزيرة العالمية World Island كما أطلق على البحار المحيطة بها اسم المحيط العالمي وداخل هذه الجزيرة العالمية ميز (ماكيندر) منطقة بعينها هي منطقة النواة الأوراسية Eurasian Core والتي قد دعاها باسم منطقة الارتكاز ثم عاد ودعاها بقلب الأرض وتمتد هذه المنطقة من حوض نهر الفولجا وجبال أورال غرباً حتى شرقي سيبيريا شرقاً ومن جبال الهيمالايا وامتداداتها جنوباً حتى المحيط المتجمد شمالاً وهي كما هو واضح تتمتع بحصانة طبيعية تامة ضد الغزو البحري بسبب الحواجز التضاريسية المحيطة بها وانصراف أنهارها الرئيسية ( أوب ، ينسي ، لينا ) إلى المحيط المتجمد الشمالي فضلاً عن غنى سهولها الواسعة بالموارد الطبيعية واتساع مساحتها بما يكفل لها التمتع بميزة الدفاع في العمق ومن أجل ذلك اعتبر ( ماكيندر ) أن هذه المنطقة التي لا تطولها القوى البحرية ستصبح معقلاً لأكبر قوة برية والتي سيكون في مقدورها أن تبسط سيادتها على جل الجزيرة العالمية وفي رأي ( ماكيندر ) أن اقتحام هذه المنطقة لا يتم إلا من خلال أوروبا الشرقية التي دعاها بالبوابة المفتوحة Open Door إلى منطقة القلب الأوراسي ( وهو ما يحدث الآن من خلال سياسة الدرع الصاروخي الأمريكي في دول أوروبا الشرقية ).
ويحيط بمنطقة القلب تطاق من أراضي أوروبا وآسيا أطلق عليه اسم الهلال الداخلي وهو يضم القوى الساحلية أو البرمائية التي تتمثل في أوروبا غرب الأورال وجنوب غربي آسيا خارج الهضبة الإيرانية والهند وجنوب شرق آسيا ومعظم الصين وهذا النطاق هو الذي أطلق عليه ( جيمس فيرجريف ) في عام 1915 اسم منطقة الارتطام Crush Zone أي منطقة التقاء وتصادم بين قوى البر والبحر كما أن هذه المنطقة البينية هي التي أطلق عليها (نيكولاس سبيكمان ) عام 1944 اسم حافة الأرض والتي اعتبرها أكثر أهمية من القلب الأوراسي الذي وصفه بالقلب الميت لأنه يتكون في معظمه من أراض جدباء مقفرة وحيث أن حافة الأرض تتفوق بعدد سكانها وخطوط مواصلاتها البحرية ومواردها الطبيعية الغنية لذا فقد اعتبر ( سبيكمان ) أن من يحكم الحافة يسيطر على الجزيرة العالمية ومن يحكم الأخيرة يسيطر على العالم وفيما وراء أوراسيا تعرف ( ماكيندر ) على نطاق بحري بحت يضم قوى بحرية تأتي كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة على رأسها وقد أطلق عليها اسم الهلال الخارجي وفي عام 1919 وبعد أحداث الحرب العالمية الأول عاد ( ماكيندر ) ليعدل حدود منطقة القلب الأوراسي خصوصاً القسم الغربي وقد أسفر هذا التعديل عن ضم كل من بحر البلطيق والوادي الأدنى والأوسط لنهر الدانوب والبحر الأسود وتركيا وأرمينيا وإيران والتبت ومنغوليا.
وفي إطار هذا المنظور صاغ ( ماكيندر ) نظريته والتي سعى من خلالها إلى وضع معادلة جغرافية للسيادة العالمية على النحو التالي :
- من يحكم أوروبا الشرقية يسيطر على منطقة قلب الأرض.
- من يحكم قلب الأرض يسيطر على الجزيرة العالمية.
- ومن يحكم الجزيرة العالمية يسيطر على العالم.
وفي عام 1943 وفي ضوء أحداث الحرب العالمية الثانية التي غيرت الصورة الجغرافية السياسية للعالم اعتبر ( ماكيندر ) بأن حوض الأطلنطي الشمالي الذي يضم أوروبا الغربية والولايات المتحدة يشكل بقدراته الصناعية والعسكرية قوة تضارع القوة السياسية الكامنة في القلب الأوراسي بمناعته الطبيعية وعمقه الاستراتيجي وقد أطلق ( ماكيندر ) على هذه المنطقة الجيوستراتيجية اسم حوض وسط الأرض Midland Basin .وهذه القوة هي التي تسيطر على العالم الآن ( الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية ).
احمد نافع
Nafia1980@yahoo.com
التعليقات (0)