في الطبيعة البشرية يختلف الناس في نظرتهم للحياة، ولا يتفقون حول كيفية حل القضايا المتنوعة, وكيفية اتخاذ القرارات المناسبة، ومن له الحق الرئيس في التعبير عن رأيه، وما هو القدر الذي يمتلكه كل فرد للتأثير في الآراء الأخرى.
إن الكثير من الإيديولوجيات، تسعى للهيمنة على البشر والموارد في العالم، وتزرع في هذا الخضم مؤثرات هي قريبة للواقع لتؤكد مساعيها الخفية تجاه هذه الهيمنة، لذلك نجد أن كل أيديولوجيا تتخذ من المنظور القيمي سنداً لها، فعندما تقرر دولة ما شن حرب فإنها عادة تبحث عن إطار قيمي تنطلق منه، فتارة تدار الحرب باسم الحرية، وتارة باسم العدالة الاجتماعية، وتارة أخرى باسم الهداية الربانية.
وكل صاحب أيديولوجيا يرى أن مشروعه هو الذي يجب أن تنضوي تحت مظلته البشرية، فيكافح من منطلق عقدي. وهذا الاختلاف في طريقة النظر وادارة الحياة يعد من الأسباب الرئيسية في وجود الصراعات المتباينة.
إن وعي الأيديولوجيين في أن هناك تنوع في الاحتياجات يقيهم الخلل من التشبث في المخالفة، فعندما نجد أن دولة ما تمتلك كثافة سكانية كبيرة لكنها تفتقد الموارد اللازمة، ودولة ذات أقل كثافة سكانية لكنها تمتلك موارد ضخمة، ودولة تمتلك الكثافة السكانية والموارد ولكن لا تمتلك الموانئ، وأخرى تمتلك المعرفة لكنها تفتقد للطاقة، ودول أخرى تفتقد القمح والغذاء لكن لا تملك المعرفة .. الخ. كل هذه الاختلافات تحتاج مسار سياسي سلس يمتلك القدرة على معرفة الاحتياجات والندرة في الموارد ومعالجتها بحكمة ورزانة, لكن عندما يخطر في بال صاحب أيديولوجيا أن فكرة تأمين وتوفير الاحتياجات هو عبر اللجوء للقوة، فإن ذلك قد يؤدي إلى صراعات وفوضى عارمة.
العالم اليوم يخوض صراعاً كبيراً حول الموارد الناضبة كالطاقة، وتحاول الدول الكبرى توفير احتياطيات إستراتيجية ضخمة على أن تقتصد في استخدام مواردها مستنزفة موارد دول أخرى. هذا يدور في الصراع حول توفير الطاقة البديلة، واحتكار المعرفة الموصلة إليها، فحروب النفط والتسليح النووي والحيلولة دون أن تمتلك هذا السلاح قوى جديدة، يعد شكل من أشكال الصراعات السياسية المفروضة. أما الصراع على الموارد المتجددة فيُرى فعلياً في قضايا المياه والسيطرة على منابعها، والغابات التي يتنفس منها الكون وتقنين حق الدول في استخدامها، كما يدخل في ذلك الصراع حول القضايا تلوث البيئة، كتلوثها عبر المصانع أو عوادم السيارات، لأن استخدام الطاقة غير الملوثة يعني زيادة التكاليف التي تحاول تجنبها بسبب هذه الندرة في الموارد مضحية بسلامة الكوكب الذي نعيش فيه.
بهذا الاختلاف والتنوع يتأكد لنا أن المطالب السياسية في أبسط معانيها هي محاولة تسوية الخلافات الإنسانية وهي صفة لازمة وحتمية للحالة البشرية لكي يتم تبادل المنافع وتقريب التطابق المنفعي. لكن! ليس كل السياسات سلسة! فتجدد الضغوط من جوانب عدة تجاه نقطة معينة، يعد فرضاً موحداً للرأي، وقوة يتطلب لها قوة أخرى تلوي بتلك القوة لاتجاهات أخرى متعددة مما تولد نفس طويل المدى لمقارعة القوى السياسية.
سعد أحمد بن ضيف الله
التعليقات (0)