مواضيع اليوم

القنيطرة: بؤس الثقافة وثقافة البؤس

إدريس ولد القابلة

2011-12-20 23:03:01

0


القنيطرة: بؤس الثقافة وثقافة البؤس


نظم فرع كتاب المغرب بالقنيطرة وجمعية الرافيدين، لقاءاً أدبياً مع الكاتب المسرحي والإعلامي العراقي، ماجد الخطيب يوم السبت الفارط بقاعة التجارة بحضور وفد دبلوماسي عراقي رفيع المستوى، في ظل أجواء باردة ازدادت برودة مع عدد الحاضرين الذين لبّوا الدعوة لم يكن يتعدّ عددهم أصابع اليدين، انطلق اللقاء مع الكاتب والصحفي العراقي.
توجهت إلى اللقاء منتشياً ظاناً أنه سيكون مناسبة للقاء مثقفي المدينة مستحضراً قصيدة "أنشودة المطر" لبدر شاكر السياب التي كانت لها وقعاً طيباً على صعيد العالم العربي حينها، لكن أصابتني صدمة بجو من الكآبة جراء خلاء القاعة تقريباً إلا من بعض الحاضرين وحضور السلك الدبلوماسي العراقي في الصف الأول، علماً أنني لم ألاحظ أي أثر للصحافةـ سواء المحلية منها أو الوطنية كما أثارني عدم وجود الوجوه العراقية القاطنة بالقنيطرة.


فهل الثقافة بمدينة القنيطرة لم تعد تساوي شيئاً عندنا؟
عموماً إن أزمة الثقافة بالمدينة لا تخرج عن نطاق الأزمة العامة الحقيقية التي تحياها الآن الثقافة ببلادنا، إلا أن مظاهر هذه الأزمة بالقنيطرة صارخة جداً أكثر من منطقة أخرى بالبلاد، وتكفي المقارنة مع الحركية الثقافية التي ظلت تعرفها سيدي سليمان على سبيل المثال لا الحصر.


إن بؤس الثقافة بمدينتنا في واقع الأمر من بؤس مثقفيها. فهل هذه الوضعية تعكس المقولة القائلة: "التخلف جيد ووجب الحفاظ عليه"؟.
ومن مظاهر بؤس الثقافة بمدينتنا أننا أضحينا لا نلتفت إلى فعاليات "حلالة" في مختلف المجالات والفاعلين في حقل المعرفة والإبداع والفكر، وعندما يقع ويريد البعض القيام بذلك يأتي الإعتراف متأخراً ومتصنعاً وغالباً خارج السياق.
كما من مظاهرهذا البؤس، المغالاة في النفاق وفي إبراز مظاهر الإحتفاء بالزبونية، والتمسح بذوي القربى والصداقة والموالاة حيث لا ينبغي تدخل القرب والصداقة والمحسوبية.


ومن مظاهر بؤس الثقافة بمدينة القنيطرة، الهرولة نحو أولياء النعمة المباركة، ومن مظاهرها أيضاً إسقاط من الحسبان الصراحة والمكاشفة والإنصاف والموضوعية.


ومهما يكن من أمر إن مدينة القنيطرة –على غرار البلاد بكاملها- في حاجة إلى ثقافة تنقد الإقتصادً والأوضاع الإجتماعية وتعبئ المجتمع، وهذه مهمة جسيمة.


كل ما قيل سالفاً لا ينقص من شيء من ضيف القنيطرة يوم السبت الفارط، الكاتب المسرحي والصحفي العراقي الخطيب الذي قالت في حقه صفاء فاخر أنه "هادئ، مسالم كشجرة الزيتون، متواضع ومبتسم غالباً ولكن وراء صمته ذهن يغلي، فجزء من غليانه باحث عن الجديد عن الطبّ والدواء(...) تنتظره جريدة "الشرق الأوسط" حيث هو مراسلها بالديار الألمانية. وبعض غليانه الآخر يدور في شخصية تلاحقه ويلاحقها، يحركها على الورق، كي تكتمل بها الدراما المسرحية التي يلبسها ثوباً أسوداً من الكوميديا التي تصرخ: "آه يا وطني الأبيض كم يحاولون تلويثك"".


من مسرحياته التي حضرت بقوة في لقاء يوم السبت الفارط بالقنيطرة، مسرحية "عاشق الظلام" التي قدّم بخصوصها -القاص مصطفى الڭليتي ورقة قيّمة- وهي مسرحية تتوسل عديداً من الوسائل للتواصل مع المتلقي، فتجعل من الشاعر منظراًَ للنجاح والفشل مثلما هو منظر للهجاء والمديح.


إن هذه المسرحية –من فصل واحد- والمسرحية التي صدرت بعدها، "فئران الإختيار"، يوظف فيها ماجد الخطيب معلوماته العلمية- الطبية على وجه الخصوص- لهيكلة عمله الدرامي وإصباغه باللكنة العلمية والموضوعية القاسية. وعلى غرار كل أعمال ماجد الخطيب، توثق مسرحياته الأوجاع بطريقة أكثر إيلاماً. وعلى هذا المنحى كانت أجواء لقاء السبت الماضي أكثر إيلاماً تعكسها صورة بؤس الثقافة وثقافة البؤس بمدينة القنيطرة.
مرزوق الحلالي

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات