الأنظمة العربية وهى أنظمة إحتلال وأستعمار لا تعرف إلا أساليب المراوغة المكشوفة فى عالم اليوم والتى كانت تعتبر أساليب تنم عن الذكاء منذ ألف وأربعمائة سنة مضت ، والوقائع اليومية تشهد بذلك حيث المرض مازال موجوداً ويعانى من نتائجه شعوب العالم ، هذا المرض العربى المزمن الذى يريد زعماء المنطقة العربية تدويله وجعله عالمياً لأن نتائج العدوى يصاب بها الآخرين أكثر من العرب أنفسهم الذين يمتلكون مناعة كاملة لأن الموت لا يرهبهم والمرأة هى معمل تفريخ الأولاد .
المراوغة التى يطل علينا بها زعماء العرب عندما تصيبهم مصيبة تقلق أنظمتهم ويحاولون أن يستغلوها لتحسين صورتهم أمام شعوبهم وأمام العالم الساذج ليقوموا بعقد المؤتمرات معذرة لأن لفظة المؤتمرات لا تليق بثقافتنا والعنصر العربى الأصيل الفريد فى عالم البشر والناس والكلمة الصحيحة هى " القمم العربية " التى لا تشبع جوع ولا تروى عطش ، دعوة الرئيس الأبدى لمصر المحروسة مبارك لعقد قمة عربية أستثنائية غير عادية طارئة وغيرها من الصفات لتبيان مدى الأهمية لهذه القمة وما سيدور فيها من حكاوى أبو زيد الهلالى وما فعله كل " زعيم " فى بلاده لمقاومة الإرهاب والقضاء عليه وهذا ليس بغريب على عقليتنا التى غزتها الحماسة والفروسية العربية التى ليس لها مثيل فى العالم حسبما يقول التراثيين .
الأنحطاط والفساد والظلم والدكتاتورية ونظم التربية والتعليم الفاشلة كلها عوامل ساعدت وتساعد على خلق إنسان معاق ذهنياً وهى عوامل لم تتغير منذ أنتهاء القمة العربية الأخيرة وما قبلها من قمم ، تلك العوامل أو حسب التسمية الكارزماتية لزعمائنا العرب " التحديات التى تواجه المنطقة " ليس فيها جديد إلا أن الدعوة لهذه القمة جاءت بعد حادث التفجيرات فى شرم الشيخ ومقتل أكثر من تسعين شخصاً وأقتراب " أم المعارك " الرئاسية المصرية .
ليس هناك جديد فى هذه التحديات والعوامل المكونة للشخصية فى منطقتنا العربية ، الجديد هو إنتشار الوهابية فى كل البلاد العربية وبقية بلاد العالم بفضل البترول ، والوهابية الإرهابية قامت بقدر كبير من المكر بتغيير كبير فى أساليبها وطرق غزوها للشخصية الوطنية لتلك البلاد العربية مع إسكات كل الأصوات التى تنادى بالتنوير أو الإصلاح والتى تعتبرها الأنظمة العربية هى التحديات الرئيسية فى بلادهم التى تقف عائقاً أمام أستمرار أنظمتهم الدكتاتورية .
الوصاية على مصير البشر بأسم الأستبداد الدينى الذى يمسك بزمامه زعماء العرب حسب رغباتهم السلطانية والزعامية يجرى على قدم وساق لكن هذه المرة يحتاج إلى التشاور والتنسيق بين هؤلاء الزعماء الذين لا يخجلون من كفاح الإرهاب وفى نفس الوقت يكافحون الفكر والعقل ويتركون الهوس الدينى يفعل ما يشاء لأن هذه هى الصفات التاريخية لأسلافهم الأشاوس .
أصابت الأنظمة العربية مجتمعاتها بالهوس الإرهابى كما يفعل النظام المصرى حيث أجلسه وزير إعلامه فى الفضائية المصرية على كرسى أو كنبة " متربعاً " ، ولم يقيم أعتباراً للإنسان الذى يعيش فى عصرنا ولم يميز بينه وبين إنسان العصر الحجرى أو إنسان الكهوف أو إنسان الجاهلية أو إنسان العصر الوسطى ، فالكل سيان وهو أستمرار لسياسة إشعار المواطنين بالغربة فى أوطانهم وبأنهم عبيد الحاكم وثقافته .
العلاج الوحيد الناجع والذى ترفضه الأنظمة هو رجوع الدين إلى مكانه الطبيعى إلى أماكن العبادة ورجوع الدولة لتأخذ سلطاتها المدنية الشرعية ولا تتركها فى أيدى المتلاعبين بمصائر البشر الذين خلقهم الله لينعموا بالحياة ، إن الأوضاع السياسية التى خلقت هذا الهوس الإرهابى فى مجتمعاتنا هى أوضاع شاذة وتحتاج أن يشعر أفراد المجتمع ذاته بخطورة هذا الشذوذ على حاضره ومستقبله ، لأن هذا الهوس الدينى أو الإرهابى يعيش فى كل بيت ويشاهده الجميع لكنهم يتغافلون عنه أو بعبارة أدق يتركونه ينمو فى حمايتهم آمناً ، يعنى ذلك أن الحل فى متناول الجميع لكن الجميع يتباعدون عنه .
إن هذه القمم والمؤتمرات والندوات ما هى إلا أساليب وطرق مكر وخداع للشعوب التى لا تملك قرارها والتى قامت بتعيين أسياد على عقولها ليفكرون لهم ويقررون ويصدرون لهم الأوامر والنواهى ، لقد تدربت حواسنا على التضليل والنفاق ، فكيف لها أن تفرق بين الطيب والخبيث فى عالمنا العربى ؟
متى تخرج الأفراد والمجتمعات من الكهوف الظلامية التى صنعها لهم الآخرون وتحرر حياتها من الأستعباد الإرهابى ؟
إن القرار المنطقى الذى يجب أن يصدر عن الحكام العرب فى هذه القمة والذى لن يصدر هو الأعتذار للعالم عن هذا الإرهاب الذى غزا بلاد العالم بسبب الإصرار العربى على التعليم الدينى السياسى الذى يبيح تلك الأعمال ويزرع الكراهية والنفاق فى النفوس ، الإعتذار إلى العالم عن تلك المدارس والمعاهد الدينية التى تستهلك قوى المجتمع وتهدر ثرواته بدلاً من أن يكون التعليم مدنياً يؤسس لحضارة بشرية ، هل سيعتذر القادة العرب عن بطشهم بالحقوق الإنسانية لشعوبهم وعن عدم المساواة بين مواطنيهم بحجة الدين ؟ هل سيطالب الحكام العرب مجتمعاتهم بأن يسمحوا لهم بمزيد من القوانين الأستثنائية التى تبيح لهم مكافحة الإرهاب والحرية والقضاء على دعاة الإصلاح بالنار والحديد والإعلام ؟ أم أن " كله عند العرب صابون وبطيخ " ؟ !
2005 / 7 / 31
التعليقات (0)