كشفت القمة العربية التي يجري عقدها في موريتانيا خلال الأيام الجارية مدى الانقسام العربي، وعدم اهتمام زعمائها بقضاياهم، ولا سيّما أنه أصبح لكل دولة مصالح تتعارض مع الأخرى، حيث بدا هذا المشهد واضحاً من خلال تغيّب رؤساء وقيادات كثيرة من الدول العربية عن المشاركة في القمة.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في صدارة المتغيبين عن حضور القمة خوفاً من إطلاق النار عليه واغتياله، وكذلك تغيّب ملوك الأردن والمملكة العربية السعودية والمغرب، إضافة إلى رئيس وزراء لبنان الذي عاد إلى بيروت تاركاً قمة موريتانيا، موضحاً أنه لا قيمة لها.
وبخلاف ما سبق، كشفت التصريحات الصادرة عن قيادات الدول العربية إلى أي مدى وصلت الجامعة العربية من الانحطاط وعدم اتخاذ أي قرارات فعالة، في حين كانت وسائل الإعلام العربية تردد أن القضية الفلسطينية هي أولويةبالنسبة للقمة.
وقد بدأت الجامعة العربية قمتها يوم الاثنين في موريتانيا بدعوة لنبذ التقسيم بين الدول الأعضاء في جميع أنحاء خط الأزمات في الشرق الأوسط، في حين أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه لن يشارك في المؤتمر على أساس وجود الكثير من الاجتماعات الداخلية المزدحمة لديه. ووفقاً لتقارير مختلفة فإن السيسي يخشى من تنفيذ محاولة اغتيال مماثلة لتلك التي نُفذت ضد الرئيس السابق حسني مبارك في إثيوبيا عام 1995، كما أنه لا يعتقد أن هناك جهداً حقيقياً لبناء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب خلال القمة.
ولم يكن الرئيس المصري الحاكم الوحيد الذي غاب عن القمة، بل أيضاً تغيّب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والملك عبد الله الثاني عاهل الأردن، وحاكم المغرب الملك محمد السادس، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وكذلك قادة العراق والبحرين وتونس، حيث جميعهم لم يأتوا إلى القمة، واكتفت هذه الدول بإرسال وزراء الخارجية، وعلى هذا الأساس يُعتبر المؤتمر الحالي "مؤتمر من دون رؤساء" أو "قمة من دون قيمة".
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام جاء إلى العاصمة نواكشوط للمشاركة في المؤتمر، إلا أنه لم يمكث فيها ليلة واحدة عقب التصريحات المثيرة للجدل التي تحدث عنها وزير الصحة اللبناني، وائل أبو فاعور، حول الوضع في البنية التحتية للبلاد، وذلك في أثناء مقابلة خاصة مع شبكة محلية، حيث قال أبو فاعور إن الوضع الحالي في لبنان مثير للشفقة، ما دفع الرئيس تمام سلام لترك موريتانيا والعودة إلى بيروت.
وخلال المؤتمر، كان الحديث عن القضية الفلسطينية حاضراً في كلمات بعض الحكام العرب دون اتخاذ أي قرارات مهمة، حيث قال أمير الكويت صباح جابر الصباح في كلمته الافتتاحية للقمة إن بلاده ستعمل لعقد مؤتمر دولي بشأن فلسطين، وأضاف أن العناد الإسرائيلي يمنع إقامة السلام في المنطقة، في حين قال رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان آل خليفة أن القضية الفلسطينية أولوية لدى جامعة الدول العربية.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن الفلسطينيين يرحبون بمبادرة السلام الفرنسية، وادعى أن إسرائيل تواصل بناء المستوطنات بشكل منهجي. أما بقية خطب قادة الدول فقد تطرقت إلى معارضتهم للتدخل الإيراني في المنطقة، والمساس بسيادة الدول، إضافة إلى مناقشة الأوضاع الحالية في سوريا واليمن، والتعامل في السنوات الأخيرة مع الحروب الأهلية الشديدة.
التعليقات (0)