مواضيع اليوم

القــارئ

بندر العتيبي

2010-12-08 22:14:01

0

 

 

 

 

 القــــــارئ

 

تمهيد:

     تُعد القراءة من أهم مهارات الاتصال, فهي لازمة للفرد في جميع مراحل نموه وتطوره, وهي أيضاً لازمة للفرد عند ممارسته أدواره المتعددة في المجتمع, فالقراءة وسيلة للتنمية الفكرية والوجدانية, وأيضاً وسيلة للمتعة والراحة النفسية, هذا وقد مارس البشر القراءة منذ بداية الخليقة وتطورت مع تطوره, واختلفت أنواعها ومستوياتها على مر العصور.

       وبذات الوقت اختلفت – وفي بعض الأحيان تضاربت – النظريات والآراء التي تحاول تفسير وتعليل عملياتها وتحديد أطرافها, حيث هناك العديد من المدارس والاتجاهات التي اجتهدت وتخصصت في تبيان آثارها على القُراء وأثر القُراء على النصوص المقروءة, وتوضيح عملية التفاعل بين النص والقارئ, ومن هذا المنطلق تأتي أهمية هذه الدراسة في توضيح موضوعات فعل القراءة.

أهمية الدراسة وأهدافها:

     تهدف هذه الدراسة إلى معرفة ما يلي:

1- معرفة ماهية فعل القراءة.

2- معرفة أنواع القراءة.

3- معرفة مستويات القراءة.

4- معرفة أنواع القارئ.

5- معرفة استراتيجيات القراءة.

6- معرفة عمليات القراءة والتأويل.

7- معرفة نظريات القراءة, وأهمها نظرية التلقي ونظرية الاستجابة الجمالية.

     ومن خلال معرفة كل ذلك يتضح لنا وبشكل وافي ودقيق فعل القراءة, وموضحةً بذلك جميع حيثياتها, وعليه تعتبر هذه الدراسة ذات أهمية كبيرة في تبيان المقصود بفعل القراءة, وأنواعها, وتوضيح العلاقة بين النص والقارئ, وتبيان الكيفية التي تتشكل فيها الاستجابة الجمالية للقارئ, ومن ثم فإن هذه الدراسة في معالجتها لموضوعها تسُد نقصاً كبيراً في الدراسات والبحوث الأكاديمية, مما يثري المعرفة العلمية لكل المعنيين بفعل القراءة وعملياتها الجمالية.

منهجية الدراسة:

      حتى تتمكن الدراسة من الوصول إلى الغاية المرجوة منها, فقد استعانت بعدد من المناهج العلمية, وهذه المناهج هي:

- المنهج الوصفي: يفيد هذا المنهج في وصف وتوضيح كل من, القراءة, وأنواع القراءة والقُراء, وعملية القراءة, ومستويات القراءة, ووصف العلاقة أطراف عملية القراءة, بالإضافة إلى وصف نظرية التلقي, ونظرية استجابة القارئ.

- المنهج التاريخي: يقدم هذا المنهج دراسة عملية القراءة, ونظرية التلقي, ونظرية استجابة القارئ, في سياقها التاريخي, وذلك لتتبع التطور الذي حصل عليها.

- المنهج التحليلي: يساعد هذا المنهج في تبيان أطراف عملية القراءة وتحليل التفاعل الذي يحدث بين أطراف عملية القراءة, وعملية التغذية الراجعة التي يحدثها القارئ وتصب في تطوير ومعالجة نصوص القراءة.

      أما بالنسبة لأدوات الدراسة فقد استخدمت المكتبة بما تحتويه من كتب ومراجع, بالإضافة إلى الاستعانة بالشبكة العالمية للمعلومات "الانترنت".

 

 

 

 

الفصل الأول:

ماهية فعل القراءة, وأنواع القارئ والقراءة ومستوياتها

 

      إن فعل القراءة كغيره من المصطلحات الأدبية والاجتماعية يعاني من غياب تعريف واضح وموحد لها, وذلك لاختلاف الزاوية والمنهجية التي ينظر المختصين إليها, ولاختلاف مستوياتها, ولوجود أنواع عدة للقراءة وللقارئ أيضاً, ولتجاوز هذه المعضلة وصولاً الى الإلمام بجميع ما هو لازم لإيضاح هذا العناوين, فقد صممت هيكلية هذا الفصل لتشمل المباحث الأربع التالية:

المبحث الأول: مفهوم فعل القراءة.

المبحث الثاني: أنواع القراءة.

المبحث الثالث: مستويات القراءة.

المبحث الرابع: أنواع القارئ.

المبحث الخامس: القراءة والمرجعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول:

مفهوم فعل القراءة

 

        يهدف هذا المبحث إلى تقصي دلالة فعل القراءة, وصولاً إلى تحديد تعريف جامع وشامل لها, ذلك أن المصطلحات مداخل العلوم والمعارف, فالقراءة في أبسط مفاهيمها تعني المعالجة "معالجة النص", وهي عند القدماء كانت تعتمد على: "حركة في مدار العقل والحس الذين يفرزان مناخاً جمالياً واضحاً, يعين القارئ على الفهم والتذوق مباشرة", ولقد عرفت القراءة انتقالات معرفية هائلة إذ أصبح مدلولها المعاصر يدل على اقتحام عوالم "النص" بمعنى مسائلته (1).

القراءة ضرورة تحقيقيه وإنتاجية، وهي فعل يستمد مفهومه في الأبحاث والتنظيرات المعاصرة من عملية تهجيت الحروف والاستهلاك المحدود إلى عملية المساوقة والمشاركة في الإبداع والتصريف. وهي على كل حال عملية معقدة تقوم على مجموعة من الإواليات والاشتغالات النفسية والثقافية والاجتماعية والجمالية وغيرها. ولذلك فقد نظر إليها وإلى حركيتها من زوايا مختلفة، فكانت هناك أبحاث في سيكولوجية القراءة وفي سوسيولوجية القراءة وفي جمالية التلقي وما إلى ذلك. فاعتبرت القراءة بمثابة نشاط نفسي أو استجابة داخلية، واعتبرت بمثابة ظاهرة اجتماعية وتاريخية، واعتبرت بمثابة تجليات دينامية لمعطيات ثقافية ومعرفية. وبما أن الإلمام بكل هذه المجالات والجوانب صعب في مثل هذا المقام، سنقتصر على الإشارة إلى بعض الأفكار والنظريات المعاصرة التي تحاول فهم "فعل القراءة"

(1) بن تومي, اليامين, القراءة وضوابطها المصطلحية, مجلة قراءات, جامعة بسكرة, العدد الأول, 2009م, ص 29.

في حد ذاته وإبراز مؤداه التواصلي والإنتاجي، قصد فتح باب التحاور والتعامل مع مستجدات التلقي في النقد الأدبي المعاصر ومحاولة استشراف مفاهيمه ومستنداته.

     وفعل القراءة هو فعل انتشاء ومعاناة جمالية لا يقال ولا يفهم، وإنما يتحرك في الداخل بين السطور، فهو متعة تصوفية أي دخول في حضرة النص وحضيرته. ومن ثم يمكن القول بأن هذه العلاقة "الإيروسية" بين النص والقارئ هي علاقة انجذاب وتبعية وليست علاقة تفاعل وإنتاجية (1).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) خرماش, محمد, فعل القراءة وإشكالية, مجلة علامات, المغرب, العدد 10, 1998م.

 

 

 

 

المبحث الثاني:

أنواع القراءة

       كان تودورف قد ميز بين ثلاثة أنواع من القراءة: القراءة الاسقاطية, والقراءة الشارحة, والقراءة الشعرية, أما الاسقاطية فهي نوع من القراءة عتيق وتقليدي لا تركز على النص ولكنها تمر من خلاله ومن فوقه متجهة نحو المؤلف أو المجتمع, وتعامل النص كأنه وثيقة لا ثبات قضية شخصية أو اجتماعية أو تاريخية, أما قراءة الشرح فتلتزم بالنص إلا أنها لا تأخذ منه إلا ظاهر معناه فقط, وتعطي المعنى الظاهري حصانة يرتفع بها فوق الكلمات, ولذا فإن شرح النص فيها يكون بوضع كلمات بديلة للمعاني نفسها على ما في ذلك من تكرار ساذج للكلمات نفسها, أما القراءة الشعرية فهي قراءة النص من خلال شفرته في ضوء سياقه الفني والنص هنا خلية حية تتحرك من داخلها مندفعة بقوة تحطم كل الحواجز بين النصوص, ولذلك فإن القراءة الشعرية تسعى إلى كشف ما هو في باطن النصوص, وتقرأ فيه أبعد مما هو في لفظه الحاضر (1).

     وإذا كانت القراءتين الأوليين من السهل تمييزهما فإن القراءة الأخيرة يصعب تمييزها لتداخلها مع ما يسمى بالوصفية الأسلوبية عند البنيويين بشكل عام ولدى جاكوبسون على نحو خاص" ولا شك أن جاكوبسون قد وقع في شيء من المكانيكية العقيمة في إغراقه في الوصف الأسلوبي الذي يقوم على رصد إحصائي شامل لكل أبنية النص النحوية والبلاغية وكل تركيباته اللغوية مما يجعل بعض دراساته مجرد بيانات إحصائية لما يتضمنه النص من هذه التراكيب التي يفترض جاكوبسون أنها تشرح أسباب الإبداع الفني". لقد كان هذا الأنموذج

(1) محمد, عبد الناصر حسن, نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي, القاهرة –مصر, المكتب المصري لتوزيع المطبوعات, 1999م, ص 55.

اللغوي الصارم هو ما وضعته البنيوية بغية الوصول إلى نتائج علمية دقيقة, وقد أدى ذلك إلى إلغاء دور القارئ والقراءة الذاتية بصفة عامة, بنفس القدر الذي ألغى به دور المؤلف, "وفي ظل هذه الآلية للنموذج يتراجع دور المتلقي كعنصر فاعل في التفسير والتحليل", وقد حرصت التفكيكية على دور القارئ فأتاحت له حرية دخول النص من أية زاوية يرتأيها كما أن للقارئ مطلق الحرية (إزاء لا نهائية الدلالة) في فتح أو إغلاق التدليل, ومن الحق أن يقال هنا إن أهم الأدوار في إستراتيجية التفكيك هو دور القارئ فالقارئ وحده المنوط بخلق المعنى ومن دونه لا يوجد نص أو لغة أو علامة أو مؤلف (1).

 

 

 

 

المبحث الثالث:

مستويات القراءة

       يوجد أربع مستويات للقراءة, وقد دعوناها مستويات وليس أنواع لأن الأنواع –تحديداً- تعني التفريق بين نوع وآخر, بينما كلمة مستويات تعني جملة مميزات في المستوى الأدنى من القراءة تشملها ميزات المستوى الأعلى وتضيف عليها, وبهذا المعنى فإن مستويات القراءة هي مستويات تراكمية, وهذه المستويات هي (2):

المستوى الأول: القراءة الابتدائية, وله أسماء أخرى مثل القراءة الأولية, أو القراءة الأساسية أو التمهيدية, وكل واحد من هذه التعابير تستخدم للتعبير على أن من يتقن هذا المستوى فإنه يكون قذ مر على الأقل من المرحلة الأمية إلى مرحلة الإلمام بقواعد القراءة والكتابة, وبإتقان

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي, ص 57.

(2) آدلر, موريتمر, دورن, تشارلز فان, كيف تقرأ كتابا, ترجمة: طلال الحمصي, بيروت –لبنان, الدار العربية للعلوم, ط1, 1995م, ص30 -35.

هذا المستوى يكون الشخص قد تعلم بدايات فن القراءة وتلقى التدريب الأساسي فيها, واكتسب المهارات الأولية في القراءة.

المستوى الثاني: القراءة التفحصية, وهي تتميز بالتركيز الخاص على الوقت. وعند القراءة على هذا المستوى فإن الشخص يطالب بتحديد زمن معين لإنجاز قراءة كمية معينة من النصوص, وهكذا يمكن أن نصف هذا المستوى من القراءة بطريقة أخرى بأن نقول أن القراءة على هذا المستوى تهدف إلى استخراج أقصى مضمون يحتويه النص خلال فترة محددة من الزمن, وهناك أسم آخر لهذا المستوى من القراءة وهو التصفح.

        وبينما كان السؤال الوحيد في القراءة على المستوى الأول "ماذا تقوله هذه الجملة؟" فإن السؤال النموذجي الذي يسأل على هذا المستوى "ما هو الشيء الذي يبحثه هذا الكتاب؟".

المستوى الثالث: القراءة التحليلية, إنها أكثر تعقيداً وفعالية, وأكثر انتظاماً من كلا المستويين الأول والثاني, وتتعلق بمدى صعوبة النص الواجب قراءته, حيث تلقي عبئاً أكبر على القارئ.

      إن القراءة التحليلية هي قراءة شاملة, وهي قراءة تامة أو بالأحرى قراءة جيدة بمعنى أنها أفضل قراءة يمكن أن نقوم بها, وإذا كانت القراءة التفحصية هي أفضل قراءة وأشمل قراءة ممكنة خلال وقت محدد, فإن القراءة التحليلية هي أفضل وأتم قراءة ممكنة خلال وقت غير محدد. وإن القراءة التحليلية هي دائماً جهد مكثف, ففي هذا المستوى من القراءة يفهم القارئ ويدرك النص أو الكتاب الذي يقرؤه إلى أن يصبح ممثلاً له.

المستوى الرابع: هو المستوى الأخير والأعلى من مستويات القراءة, هو ما يدعى بالقراءات المرجعية أو بالقراءة الموجهة لموضوع واحد, إنه النموذج الأكثر تعقيداً وانتظاماً بين كل مستويات القراءة, إنها تلقي عبئاً كبيراً على عاتق القارئ حتى لو كانت النصوص التي يقرؤها سهلة نسبياً وغير معقدة, وثمة اسم آخر لهذا المستوى وهو القراءات المقارنة, فعندما نقرأ قراءة مرجعية فإن القارئ يطالع كتباً عديدة وليس كتاباً واحداً, ويدرك علاقة الترابط بين الكتب فيما بينها من جهة, وبين الكتب جميعها والموضوع الواحد الذي تتمحور حوله, ويكون القارئ المُراجع قادراً على أن ينشئ ويحلل الموضوع الذي قد لا يوجد في أي من الكتب, ومن الواضح أن القراءات المرجعية هي الأكثر فعالية والأكثر جهداً.

 

 

 

 

المبحث الرابع:

أنواع القارئ

      عرف مجال النقد الأدبي في العقود الأخيرة من القرن العشرين بروز ظاهرة التحليل استنادا إلى عملية تصنيف القراء، إلى درجة أضحى معها من الممكن نعت كل قارئ وفق منهج صاحبه ووفق توجهه في قراءة النص وإدراكه بصفة عامة. هكذا، يمكن الحديث مثلا عن (1):

- القارئ المثالي لدى Roman Ingarden وDidier Coste؛

القارئ التاريخي لدى Hans-Robert Jauss؛

القارئ الضمني لدى Wolfgang Iser؛

القارئ الهيدوني لدى Roland Barthes؛

القارئ التخييلي Fictionnel لدى Michel Charles؛

القارئ النموذج لدى Umberto Eco؛

القارئ المفكك لدى Jacques Derrida؛

 (1) عبود, سيدي عمر, أنواع القارئ: نحو نمذجة لقارئ الرواية المغربية, مجلة فكر ونقد, 1997م, ص 71 – 79.

القارئ الجامع L’ archilecteur لدى Michel Riffaterre؛

القارئ المستهدف Visé لدى Wolff؛

القارئ المخبرInformé لدى Stanely Fish؛

القارئ «اللاعب» لدى Michel Picard؛

القارئ المجرد لدى   Jap Lintveltو S.J. Schmidt؛

- المسرود له في السرديات لدى Gérald Prince وغيره.

       ولمختلف أنواع هؤلاء القراء تحديدات نظرية لا تمتلك لدى أصحابها أي وجود فعلي أو واقعي، بقدر ما هي كيانات نصية وافتراضية مثبتة في ثنايا النصوص. وقد تكون، في حد ذاتها، معايير وإجراءات لتحليل النصوص وفهمها كما هي الحال مثلا لدى Riffaterre الذي جعل من قارئه الجامع معيارا -من بين معايير أخرى- لتحليل الإجراءات الأسلوبية للنص الشعري في إطار الأسلوبية البنيوية، ولدى إيزر الذي جعل من قارئه الضمني أيضا أداة-من بين أدوات أخرى- لوصف التفاعل بين النص والقارئ في إطار نظرية الوقع الجمالي. ويمكن إدراكها، بوصفها كيانات نصية، بالكشف عنها من خلال مختلف الصيغ التي قد يلجأ إليها الكتاب المبدعون في مخاطبة مختلف قرائهم المفترضين سواء في الشعر، أو الرواية، أو القصة، أو المسرح (1). وبالإضافة إلى تلك الأنواع من القُراء, إلا أنه يوجد أنواع أخرى أكثر تداولاً بين جمهور الأدباء, ومنها:

1- القارئ النموذجي: يعتبر أمبرطو إيكو مؤسس هذا النوع من القراء, وانطلق ايكو في مفهومه للقارئ النموذجي من نقطة مهمة مفادها أن النص إستراتيجية ينظمها الكاتب والقارئ على حد سواء, فالمؤلف لكي ينظم إستراتيجية نصية عليه أن يعتمد على سلسلة من القدرات,

 

 

(1) عبود: أنواع القارئ ص 80.

 

 

 

 

 

 

 هذه القدرات هي نفسها التي يستعملها قارئه, لهذا يتوقع المؤلف قارئاً نموذجيا, ويقصد بهذا القارئ: هو الذي يستطيع أن يتعاون من أجل تحقيق النص بالطريقة التي يفكر بها المؤلف ويستطيع أن يتحرك تأويلياً كما تحرك المؤلف (1).

2- القارئ الافتراضي: هو القارئ الذي يتصور أن الكاتب يكتب له, ويتصور أن ما يكتبه سيؤثر عليه, ويجعله يتغير أو يغير أفكاره على الأقل. فلكل كاتب قارئه الافتراضي الخاص به, قارئٌ يسكنه ويحاوره, ويوافقه رأيه, ولهذا القارئ ايجابياته وله سلبياته, حيث أن هذا القارئ إذا تمادى وبالغ في الثناء للكاتب وإبداعه سيجعل من هذا الكاتب يشعر بالعظمة والغرور مما قد يقتل صدق الكاتب وبالتالي موهبته, أما إذا تمادى هذا القارئ بالعكس في النقد والتقريع وعدم الرضا, فإنه سيحبط الكاتب ويجعل كتاباته حبيسة أدراجه وصدره (2).

3- القارئ الحقيقي: هو القارئ الذي يقارن ما يقرأه مع كتب أخرى, ولا يركز على الأمور الصغيرة وتفاصيل الهوامش. والقارئ الحقيقي يختلف عن القارئ الافتراضي, فالافتراضي يعيش في عالم افتراضي فلا يقارن بل يطلب بالكمال بالمطلق المستحيل ويدخل في متاهة التفاصيل ويضيع في متاهة صنعها بنفسه, وذلك عكس القارئ الحقيقي, على الرغم من وجود بعض القراء الحقيقيين يفعلون ذلك أيضاً لأنهم يعيشون في عالم افتراضي أيضاً ولكن له حالاته الخاصة جداً (3).

4- القارئ الذكي: الذكية فهي إن يقيد القارئ نفسه بإشكالية جزئية محددة، يحاول بلورتها

(1) سلطاني, وردة, النص بين سلطة الكاتب والقارئ, مجلة المخبر, العدد الأول, 2009م, جامعة بسكرة, ص 108.

(2) مجلة رسالتي, بريد استثنائي من قارئ استثنائي: القارئ الحقيقي, 2008م, ص 1, على شبكة الانترنت www.risalaty.net.

(3) مجلة رسالتي: القارئ الحقيقي ص2.  

 

 

 

 

من خلال نص الرواية، فيكون بذلك قد قدم لنا جانبا يستحق الاحتفاء به، لأن يفصح في نقده المتخصص عن ذاته بأسلوب جاد، كما انه قد يدلل من خلال إشاراته العديدة إلى غنى الرواية بأشياء أخرى يمكن قراءتها على المستوى نفسه من التخصص (1).

المبحث الخامس:

القراءة والمرجعية

      إن القراءة إستراتيجية يحتاج فيها القارئ إلى ترسانة من الأدوات المنهجية المحكمة ليوجهها نحو "النص", والقراء إزاء النص يختلفون من قارئ عادي إلى آخر نموذجي, على اعتبار أن القارئ العادي يقف أمام النص موقف المسلم الذي يشكل انطباعاً ذوقياً دون إعمال العقل فهو قارئ بلا تحليل, أما القارئ النموذجي فهو الذي يمزق حجب النص ويكشف طبقاته المتتالية (2).

       ورغم غياب الحديث الواضح والدقيق للعلاقة بين القراءة والمرجعية, لدى الفقه الأدبي, ورغم ابتعاد المختصين في هذا المجال عن توضيح ذلك, إلا أننا نستطيع أن نستنتج علاقةً بينها بناءاً على دراسات معمقة في المراجع الأدبية, وعليه نستطيع القول بأن القراءة والمرجعية, هي: تلك القراءة التي تستند إلى مهاد نظري مرجعي, أن القراءة تحتاج  إلى أصول نظرية تغذيها. أو تصور نظري مرجعي تستظل القراءة بظلاله (3).

(1) المناصرة, إشكالية نقد الرواية, منتدى نصر: موقع يختص بالرواية العربية والأجنبية,على شبكة الانترنت www.nus-sa.com .

(2) آدلر, كيف تقرأ كتابا ص22.

(3) بن تومي, اليامين, القراءة وضوابطها المصطلحية, مجلة قراءات, جامعة بسكرة, العدد الأول, 2009م,ص 30.

      وفي هذا السياق يرى بعض النقاد أن القراءة بوجود المرجعية, تساوي القراءة الحقه أي تلك القراءة التي تبحث في البنى الكلية للنص (أو النصوص) حسب تجليها في الصياغة اللغوية, وهذه البنى لا بد أن تنبع من داخل النص, ويجب أن تكون مصادقة لروحه (1). ويجدر القول هنا أن من أهم الرواد في الأدب الذين تطرقوا إلى توضيح القراءة والمرجعية - سواءً بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر – هم هانزروبرت ياوس, وفولفجانج إيزر, كما سيتضح لنا لاحقاً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) المومني, قاسم, في قراءة النص, عمان –الأردن, دار الفارس للنشر والتوزيع, 1999م, ص 42-87.

الفصل الثاني:

في استراتيجيات القراءة والتأويل, واستجابة القارئ

 

     بعد أن تناول الفصل الأول من هذه الدراسة موضوعات: فعل القراءة, وأنواعها, وأنواع القارئ, ومستويات القُراء, والقراءة المرجعية, ينتقل بنا متن الدراسة الآن إلى الفصل الثاني ليعالج المباحث الثلاث التالية:

المبحث الأول: استراتيجيات القراءة.

المبحث الثاني: القراءة والتأويل.

المبحث الثالث: استجابة القارئ.

 

 

 

 

المبحث الأول:

استراتيجيات القراءة

     إن مفهوم المعنى كقاعدة تتمحور حولها أي تجربة في القراءة, حيث تتشكل تجربة القراءة من خلال بحث القارئ عن معنى للنص ، و لذلك تقوم أي تجربة للقراءة على مفهوم محدد للمعنى ، و تؤسس إجراءاتها من خلال استراتيجيات عامة لتكوينه.
ويمثل المستوى الدلالي أحد أهم مفاهيم المعنى لدى القارئ العادي ، إلا أن المعنى بهذا الوصف لا يعبر عن تجربة متكاملة في القراءة ، فالتعامل مع المعنى كمحتوى دلالي للنص هو جزء من التجربة ، يتعلق بالمرجع الواقعي الذي يشير إليه تركيب النص .
و ينتج أثناء تكوين القارئ للمعنى أشكال مختلفة من التفاعل بين القارئ و النص ، تعبر عن مظاهر متنوعة لتجربة القراءة ، تعتمد في مجملها على التعامل مع المعنى كأثر نصي و يتطلب تكوين القارئ للمعنى تعامل القارئ مع معطيات التركيب النصي ، فالمظهر التركيبي للنص هو معطى حاضر ثابت ، بينما المظهر المعنوي يكتسب وجوده من خلال وجود قارئ يجسده بواسطة تفاعل متبادل مع المعطى التركيبي للنص ، و يتعامل القارئ مع تركيب النص بواسطة استراتيجيات معينة فاستراتيجيات القراءة إذاً هي وسائل بواسطتها يوظف القارئ معطيات التركيب النصـي من أجل تكوين المعنى (1) .

  وبالتالي فالإستراتيجية هي النسيج الذي يهيئ "شروط التلقي" ويقيم العلاقة بين السياق المرجعي وبين القارئ لكي يتم لحم الأجزاء المنفصلة، فهي تمثل التوجيهات العملية التي تقدم للقارئ مجموع احتمالات ترافقية يستطيع أن يتكئ عليها في فعل القراءة. ولكي نأخذ فكرة عن أهمية وفعالية استراتيجيات النص، فإن إيزر يضرب لنا المثل بعملية القيام بتلخيص أي عمل أدبي أو حتى بشرحه، ويعتبر أن ما يفقده العمل حقيقة هو التنظيم الاستراتيجي المميز الذي يربط بين عناصر السجل ويثبت التمفصلات البانية. إن النص إذن يرسم خطة محكمة لمعالم الموضوع، لكنها خطة دينامية توجه القارئ وترشده أثناء عبوره للنص؛ وتمكنه من اكتشاف الإطار المرجعي الذي يمكن أن يجمع بينهما (2).

    هذا ويعتبر إيزر أفضل من تحدث عن موضوع الاستراتيجيات, فليس من شك أن نقطة الانطلاق الحقيقية في نظرية إيزر فينومينولوجية وحيث يرى أن تجربة القارئ في القراءة هي مركز العملية الأدبية, فالقراء يأخذون النص إلى وعيهم محولين إياه إلى تجربة خاصة بهم, بما يقومون به من التوفيق بين تناقضات وجهات النظر المختلفة التي تظهر في النص من ناحية أو ما يقومون به من ملء للثغرات بين وجهات النظر من ناحية ثانية, ولا شك أن

(1) شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية, مفهوم المعنى وفعاليات قراءة النص الأدبي, www.alfaseeh.com.

 (2) خرماش, محمد, فعل القراءة وإشكالية التلقي, مجلة علامات, المغرب, العدد 10, 1998م.

     مخزون التجربة الخاص بالقارئ يقوم ببعض الدور في هذه العملية, ومن ثم لا بد للوعي الموجود عند القارئ من أن يقوم بعملية تكيف داخلية متعينة, لكي يستقبل وجهات النظر الغريبة التي يقدمها النص ويعالجها أثناء القراءة وذلك موقف ينتج عنه إمكان تعديل "نظرة العالم" الخاصة بالقارئ, أي أن النص يتيح مجموعة من الاستراتيجيات يستطيع القارئ من خلالها أن يفهمه.

       وإذا كانت النصوص الأدبية مقاومة لمرور الزمن, وليس لأنها تمثل قيماً سرمدية مستقلة افتراضاً عن الزمن, بل لأن بنيتها – الإستراتيجية – تسمح للقارئ دائماً أن يضع نفسه في عالم الخيال, ولأن النص الأدبي لا يفرض مطلباً حقيقياً موضوعياً على قرائه, فإنه يتيح المجال لأي إنسان أن يفسره بطريقته الخاصة. فالقارئ يستعرض النص من خلال مادة منتقاة من النظم الاجتماعية, والقواعد الأدبية, ويقوم هذا الانتقاء للمعايير الاجتماعية والإشارات الأدبية بوضع العمل الأدبي في سياق استشهادي يتحقق داخله نظام متكافئ, ووظيفة الاستراتيجيات أن تساعد على هذا التحقيق. وهي تقوم بذلك بعدة طرق, وتنظم كل من مادة النص والشروط التي تحكم الاتصال بهذه المادة وبالتالي لا يمكن مساواتها بالتمثيل أو الأثر, فهي تعمل قبل أن تصبح هذه المصطلحات ظاهرة, فهي تحيط ببنية النص الداخلية وأفعال الإدراك التي يتم إطلاقها في القارئ (1).

 

 

 

(1) إسماعيل, سامي, جماليات التلقي: دراسة في نظرية التلقي عند هانز روبرت ياوس وفولفجانج إيزر, القاهرة- مصر, المجلس الأعلى للثقافة, ط1, 2002م, ص 135 – 136.

المبحث الثاني:

القراءة والتأويل

 

يمر المتلقي، في تقبله النص الأدبي، بمراحل ثلاث تتلازم فيما بينها تلازما لا فكاك منه، وتتمحض كل واحدة منها لمقصد مخصوص. لذلك، يعسر أن نتصور تقبلا يتم دفعة واحدة. إنما هو يكون بحسب مستويات يحددها مطلب القارئ في كل لحظة من لحظات التقبل. وهذا التدرج سمة مطلوبة لأنه يسلم، عبر ترسبات مختلفة في ذهن القارئ، إلى الهدف الأقصى الذي ينشده المنشئ من وراء الكتابة نفسها، وهو فعل التأثير في القارئ بالتحكم في دقة الفهم. وخليق بنا أن نحد أسس المصطلحات معرفيا، فنقول إننا سنميز بين التأويل بما هو لحظة ما في إستراتيجية التلقي، وبين "علم التأويل" أو "الهرمنطيقا" وهو علم ينظم إستراتيجية القراءة بوجه عام. وعلى هذا الأساس ينقسم التلقي إلى لحظات ثلاث متضامة فيما بينها وليس الفصل بينها إلا من قبيل الإيضاح المنهجي (1):

- لحظة التلقي الذوقي، وفيها يستشعر القارئ جمالية النص منذ الوهلة الأولى.

- لحظة التأويل الاسترجاعي، وفيها يتم استجلاء المعنى انطلاقا من المبنى.

-لحظة الفهم أو القراءة التاريخية التي تعيد بناء أفق الاستشراف لدى القارئ، بحيث يصبح النص جوابا على سؤال في زمن إنشائه، كما يلاحظ ذلك ياوس.

فلا مجال لفهم النص، كما يشترط ذلك بيتر زوندي، إلا إذا ما أسند إلى بنية أسلوبية يفك القارئ أواصرها لاستجلاء المعنى من خلال التأويل. ولا مجال للتأويل ما لم تسبقه قراءة

(1) بن عباد, محمد, التلقي والتأويل: مدخل نظري, مجلة علامات, العدد 10, 1998م.

ذوقية ينتبه عبرها القارئ إلى مواطن الخلق الأسلوبي والتجاوز. فإذا كانت القراءة الأسلوبية تعتبر النص نقطة وصول، فإن القراءة التأويلية تعتبر التفكيك الأسلوبي نقطة انطلاق. وإن التلقي المباشر الأول هو الذي يهم طالب التأويل، فالفهم مادة خام للتصرف. فلا وجود لدلالة معطاة بصفة أولية. إنما الدلالة يمهد لها التلقي الذوقي الانطباعي، فهو أرضية سانحة للفهم وحائلة دون تخطي مقصد المنشئ مهما اختلفت دروب القراءة.

وضروري - استكمالا للفائدة المنهجية - أن نميز بين الفهم الضمني الذي تنطوي عليه القراءة الانطباعية، وبين الفهم المدرك الصريح الذي هو لحظة مستقلة بذاتها، ترد في المرتبة الثالثة ضمن إستراتيجية التلقي العامة.

وحري بنا أن نشير إلى أن التأويل ليس ظاهرة مستحدثة في تاريخ الآداب والفنون، إنما هو يمتد إلى أرسطو القائل إن في كل كلام تأويلا من جهة أن اللغة تحريف لأشياء الواقع، ويمتد كذلك إلى المفسر الديني أوريجان صاحب نظرية "معاني الكتابة الأربعة" التي تقتضي تأويل النص الواحد من زوايا أربع:

- المعنى التاريخي الحرفي ويتوصل إليه بالدراسة النحوية.

- المعنى المجازي الذي يرمز إلى تعاليم الكنيسة.

- المعنى الأخلاقي الذي ينظم سيرة الإنسان الممارس للعقيدة.

- المعنى الصوفي التزهيدي الذي يكشف عن الحقائق الماورائية، وخاصة منها تلك المتعلقة بما بعد الموت.

(1) بن عباد: التلقي والتأويل, مجلة علامات.

 

 

 

 

وإننا نعي أن استراتيجيه التلقي لا تقتصر على النصوص الأدبية فحسب، بل هي تمتد إلى مختلف الإبداعات الفنية والتعبيرات العفوية كالأساطير والأحلام، بما يجعل التأويل ظاهرة مغرقة في القدم، غير مرتبطة بمرحلة ما، أو بالمكتوب دون الشفهي مثلا.

وبخصوص القراءة والتأويل عند ياوس, فلا بد أولاً أن نذكر, أنه اهتم التفكير النقدي الألماني المعاصر وخاصة في ما يعرف بمدرسة كونستانس بجمالية التلقي مستفيدا من تيارات معرفية مختلفة كالفلسفة الظاهراتية وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم اللغة وعلم التواصل والسيمولوجيا والذكاء الاصطناعي والهرمنطيقا الحديثة والتداولية وما إلى ذلك. ويعتبر هانس روبير ياوس من أنشط رواده الذين دافعوا عن تجاوز النظرة الأحادية في تقويم الأدب، وطالبوا بفهم القراءة على أنها فعل تحاور وجدل بين النص ومتلقيه أو بين النص وعملية التلقي التي يحركها وتحركه؛ إذ النص الأدبي بنية تقديرية - كما يقول ياوس- ولذلك فهو يحتاج إلى دينامية لاحقة تنقله من حالة الإمكان إلى حالة الإنجاز ومن حالة الكمون إلى حالة التحقق؛ بمعنى أنه لا يجوز القول بوجود المعنى الجاهز أو النهائي في النص، وإنما معناه المرتقب ناتج عن فعل القراءة وفعاليتها التي هي عبارة عما سيتولد بين النص وقارئه، بين البنية الأصلية أو السنن الأول وبين خبرات القارئ أو "أفق انتظاره". وبذلك يكون ياوس قد عمل على نقل الاهتمام من ثنائية الكاتب/النص إلى جدلية النص/القارئ (1).

وقد كان مفهوم "أفق الانتظار" بمثابة حجر الزاوية في نظرية ياوس التي استهدفت تجديد تاريخ الأدب الذي لم يكن يستند إلى الوقائع الأدبية نفسها بقدر ما كان يستند إلى ما تكون حولها من آراء أو أحكام لدى الأجيال المتعاقبة؛ وهي أحكام قد لا تكون ناتجة عن

(1) خرماش, محمد, فعل القراءة وإشكالية, مجلة علامات, المغرب, العدد 10, 1998م.

التلقي المتعاود للعمل الأدبي، ولا عن بنيته الحقيقية، وإنما عما ورثه الخلف عن السلف مما قيل عنها وتشبعت به الأفكار تجاهها، أو تجاه نوعها وثقافتها. ولذلك فتاريخ الأدب هو في الغالب تاريخ لتلك التلقيات أو آفاق الانتظار المتكونة، وليس تاريخا للنصوص الأدبية في حد ذاتها. ومن ثم تكون المهمة الأولى لجمالية التلقي عنده هي إعادة تكوين أفق انتظار الجمهور الأول لاستكشاف سيرورة التلقي ومعرفة كيفية تحاور القراء مع النصوص، وهذا يستدعي عنده تحديد عوامل ثلاثة:

أ - الخبرة السابقة التي يملكها الجمهور القارئ عن النوع الأدبي الذي ينتمي إليه النص المقروء.

ب - التشكيلات الموضوعية التي يفترض النص معرفته بها، أو ما يسمى بكفاءة التناص.

ج - مدى المعرفة أوالتمييز بين اللغة الشعرية أو الجمالية واللغة العملية العادية، بين العالم التخييلي والعالم اليومي.

وهذه التحديدات هي التي تسمح بقياس "المسافة الجمالية" في الأعمال الكبيرة بين عالم النص وعالم القراءة، أو بين " أفق الانتظار" الموجود سلفا وبين العمل الجديد الذي قد يؤدي تلقيه إلى تغيير في الأفق. ذلك أن تدمير المعيار القائم هو عنصر في الفن التجديدي لأن البعد الجمالي الأصيل يخرق أفق الانتظار وهو ما يسميه بالجمالية السلبية أو الجمالية الانتفائية. لكن من حق القارئ الذي يُخَيَّب أفق انتظاره أن يرفض دمج التجربة الأدبية الجديدة ضمن

(1) خرماش: فعل القراءة وإشكالية, مجلة علامات.

أفق تجربته الخاصة؛ وهذا التحاور أو الصراع هو الذي يفرز المسافة الجمالية وهو الذي يفتح المجال لظهور أفق مغاير أو معايير معدلة. ومن ثم فالقراءة الفاعلة عند ياوس هي نوع من التوافق المستمر بين عملية تحطيم أفق كائن وبناء أفق ممكن، وذلك نتيجة اشتغال مفاهيم تقبلية استعارها ياوس من الجمالية التقليدية وهي:

1- الشعرية، وهي النزعة الجمالية التي تُطمئن الإنسان وتبعث لديه السكينة التي يبحث عنها في عالمه المدهش.

2- الإدراكية وهي مساعدة الفن على تجديد إدراك الأشياء، بمعنى أنه يقوي المعرفة الحدسية ويساهم في تغيير وجه العالم.

3- التطهيرية أو التماهي الجمالي الذي يساعد الإنسان على التحرر من سلطة المعتاد وعلى الانفلات من قيود الواقع ومن ضغوط الحياة العملية بالاندماج في الفن وفي نماذجه العليا (1).

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) خرماش: فعل القراءة وإشكالية, مجلة علامات.

المبحث الثالث:

استجابة القارئ

       إن السؤال الذي يبرز هنا هو عما إذا كان يمكن لأي نظرية عن الاستجابة الجمالية أن تستغني عن الرجوع إلى علم النفس أم لا, وفي الواقع هناك نظريتان كاملتان عن الاستجابة الأدبية تقومان على أساس تحليلي نفسي, وهما نظريتا نورمان هولند وسايمون ليسر, وسنلقي في هذا الفصل من الدراسة نظرة مفصلة على هاتين النظريتين, وذلك لإزالة التشويه, مع العلم أن كلتا الدراستين تستخدم مفاهيم التحليل النفسي كأدوات للتصنيف لا للاستكشاف, وعليه فقد عُدت جزيئية هذا المبحث ما يلي:

أولأً: نظرية هولند في الاستجابة الجمالية.

ثانياً: نظرية ليسر في الاستجابة الجمالية.

 

 

 

 

أولاً: نظرية هولند في الاستجابة الجمالية:

     إن اهتمام هولند ينصب في المقام الأول على التجربة التي ينتجها الأدب, ولكن حتى لو أخذ النص باعتباره مجرد تجارب مبرمجة فإن هذه التجارب يظل من المحتم نقلها قبل حدوثها في ذهن القارئ, وهل من الممكن فصل التجربة عن الطريقة التي يتم نقلها بها كما لو كانتا موضوعين للبحث مختلفين تماماً؟, قد يكون ذلك ممكناً بالنسبة لتجارب الحياة اليومية العابرة, أما التجارب الجمالية فلا تحدث إلا لأنها تنقل, ولا بد أن تتوقف طريقة المرور بها ولو جزئياً على الأقل على طريقة عرضها أو تركيبها مسبقاً, وإذا تم الجمع بين التجارب الجمالية واليومية العابرة معاً, فلا بد أن يفقد النص الأدبي سمته الجمالية ويعتبر مجرد مادة للمرء بالطبع. إن هولند يتجاهل الفرق بين التجربة الجمالية والتجربة العابرة اليومية أملاً في أن يتمكن من دراسة دور الفعل الذي يثيره النص الأدبي بعبارات منتقاة من التحليل النفسي, إلا أن نتيجة ذلك تعتبر خسارة وليست كسباً من ناحية الرؤيا الكاشفة, وإهمال هولند المتعمد للطريقة التي يتم بها نقل "التجربة" ومساواته الواضحة بين التجربتين الجمالية والعابرة تترك علامة مميزة على وجهة نظره, فهو ما يتضح بصورة خاصة عند النظر إلى الجانبين الرئيسيين لدراسته, أي المعنى والاستجابة, فهو يصف النص الأدبي من البداية بأنه تسلسل هرمي من طبقات المعنى المترسبة, ويعتبر المعنى عنده عمليه ديناميه ويقول أن الأدب نفسه يحول خيالات اللاوعي إلى معنى واعٍ(1).

 

     وأن المعنى التحليلي النفسي لديه هو الأساس الجوهري الذي يجب على القارئ أن يدركه

إذا شاء أن يدرك كيف يمكن للخيال اللاواعي أن يتحول إلى معنى واعٍ. يفترض هولند أن عملية التواصل هذه يضمنها نوع التقابل بين البنية النصية وميول متصلة بها في نفس القارئ, ويعتبر الأدب عند هولند يؤدي إلى الشعور بالراحة: "إن الفن بكافة صوره يؤدي في تحليله الأخير إلى الراحة", ويتأتى هذا الإحساس بالراحة من خلال الحلول التي يقدمها لنا العمل, والتي يجب أن تتفق مع توقعات القارئ " حتى إذا أدى بنا العمل إلى الشعور بالألم أو الذنب أو القلق, فإننا نتوقع منه أن يتعامل مع هذه الأحاسيس بحيث يحولها إلى تجارب مُرضية", ويشير هولند إلى هذا النمط من القلق والسيطرة عليه- وما يؤدي إليه من الشعور بالارتياح- في سياقات تختلف تماماً عن وجهة نظره, وبالتالي فهو يمثل كلاً من وظيفة الأدب ووظيفة ردود الأفعال التي يثيرها, ويؤكد هولند في تحليله الأخير على النظرية الانفعالية لريتشاردز –

(1) إيسر, فولفجانج, فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية, ترجمة: عبد الوهاب علوب, المجلس الأعلى للثقافة, 2000م, ص 45.

 

 

 

 

ولو بآراء مختلفة – فهذه النظرية ترى القلق والحل شرطاً أساسياً للتأثير الجمالي للعمل الفني(1).

ثانياً: نظرية ليسر في الاستجابة الجمالية:

      في الحقيقة نجد أهمية النظرية الانفعالية ماثلة في كتاب القصص واللاوعي ليسمون ليسر, ولو أنه يساير نظرية التحليل النفسي, فالأدب عند ليسر أيضاً يساعد على الراحة, إلا  أن هذه الراحة لا تعد كافية إلا إذا كان العمل الأدبي يتيح وسائل متعددة للإشباع في نفس الوقت, وهنا يضطر ليسر لبناء نمط للتواصل يسمح له بوصف الراحة التي تحدث في نفس القارئ, ولذلك فهو يستعين بأدوات التحليل النفسي, هذا ولكي يدفع القارئ للانفتاح على عالم القصص يجب على العمل الأدبي أن يخاطب الأنا العليا والأنا والآخر, ولا بد من تشغيل كل هذه العناصر النفسية, أي يجب إشراك كل عنصر منها بما يجعل للتسلسل الهرمي الذي يفترضه التحليل النفسي يبدأ في التحرك والانطلاق, والعمل الفني عند ليسر يصبح ذا معنى بمقدار إشراكه لكل عناصر النفس, إلا أن هذا الإشراك يتوقف على شرط واحد ضروري, وهو ضرورة أن تكون أشكال الخطاب التي يوجهه العمل على اختلافها عند درجة الصفر, فكلما كانت مفتوحة ومباشرة قل تأثيرها على المتلقي, ويقوى تأثيرها لو تداخلت فيما بينها

 وتوارى كل منها في الآخر وتبادلت الأصول والاتجاهات بصورة مستمرة, أي إذا اتخذت درجة التعقيد اللازمة لفتح الصراع القديم القائم في واقع الحياة بين الأنا العليا والأنا والآخر(2).

 

(1) إيسر: فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية ص 48.

(2) إيسر: فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية ص 49.

    هذا ويقول ليسر أنه إذا حاول المرء أن يدرك تأثيرات وجماليات العمل الأدبي من زاوية النظرية الانفعالية, فإن العلاقة بين النص والقارئ تبدو من طرف واحد, فالنص يثير "القلق"

في نفس القارئ ثم يهدئه مرة أخرى, ومع ذلك فهناك بعض التفاعلات بين النص والقارئ لا تتفق مع هذا النمط المبسط, وتنشأ المشكلات بالفعل مع مفهومين أساسيين يستعين بهما ليسر في محاولته لوصف العلاقة بين النص والقارئ, وهما أن النص الأدبي يتجسد "بالمغالاة في تحديد المعنى" وموقف القارئ "بالمماثلة" (1).

     وهكذا يتأكد أن أي استجابة جمالية لأي نص لا بد أن تكون ذاتية, لكن هذا ليس معناه أن النص يختفي داخل العالم الخاص لقراءه, بل يظل قابلاً للتحليل الذاتي التبادلي, إلا أن هذا لا يتحقق إلا أذا تم تحديد ما يحدث بالفعل بين النص والقارئ, وتؤدي المغالاة في تحديد معنى النص, وهو ما يؤدي إلى إطلاق عملية كاملة من الفهم يحاول القارئ بها تجميع عالم النص وهو عالم منبت عن العالم الواقع بنفس هذه المغالاة في تحديد المعنى, وعملية تحديد معنى النص ليست عملية خاصة, فمع أنها تحشد الميول الذاتية للقارئ إلا أنها تؤدي إلى الاستغراق في أحلام اليقظة, بل إلى الوفاء بالشروط التي تم تركيبها بالفعل في النص, وهنا تكمن أهمية المغالاة في تحديد معنى النص, فهي ليست مجرد سمة نصية, بل هي بنية تساعد القارئ على الإفلات من إسار أعرافه التي اعتاد عليها, وبالتالي تسمح له ببلورة ما أطلقه النص من عقاله, ولو صح قول ليسر بأن النص الأدبي يخلص القارئ من ضغوط تجربته العادية, وبذلك يسمح بإخراج المكبوت, مما يحقق الاستجابة الجمالية له (2).

 (1) إيسر: فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية ص 51.

 (2) إيسر: فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية ص 49.

 

الفصل الثالث:

القراءة وجماليات التلقي (نظرية التلقي)

 

       إن نظرية التلقي شأنها شأن غيرها من النظريات الأدبية قائمة على أصول وجذور سابقة عليها, وليس من الصعب العثور على أفكار وإرهاصات مختلفة تشي بمفاهيم قد تتلاقى مع نظرية التلقي أو غيرها من النظريات, ولكن يمكن القول أن أعظم من تحدث وخاض ووضح في هذا الموضوع كل من: هانز روبرت ياوس, وفولفجانج إيزر, وجيرار جينيت, وامبرطو إيكو, وعلى هذا الأساس فقد صممت هيكلية هذا الفصل لتشمل المباحث الخمس التالية:

المبحث الأول: النظرية في السياق التاريخي.

المبحث الثاني: النظرية عند هانز روبرت ياوس.

المبحث الثالث: النظرية عند فولفجانج إيزر.

المبحث الرابع: النظرية عند جيرار جينيت.

المبحث الخامس: النظرية عند امبرطو إيكو.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول:

النظرية في السياق التاريخي

      نستطيع أن نرد بعض الأفكار التي طرحتها نظريات القراءة وجماليات التلقي إلى أرسطو في كتابه "فن الشعر" حيث يشتمل كتابه على فكرة التطهير بوصفها ركيزة من ركائز التجربة الجمالية. ونستطيع أن نعُد التطهير أقدم تصوير لنظرية جمالية تقوم على استجابة الجمهور المتلقي, وله في ذلك الدور الأساسي, وبالبساطة نفسها يمكن أن نجد في تعريف البلاغة في التراث العربي – بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال اهتماماً بدور المتلقي في صنع الخطاب أو فيما يسمى بنظرية التمكين عند العرب كما جاءت عن أبو بكر الباقلاني في إعجاز القرآن, وربما يرجع الباحثون أيضاً بالطريقة نفسها جذور التلقي إلى أفكار ترددت سواء في النقد الانجليزي أو الفرنسي (1).

       وبناءً على هذا فإن الجذور الحقيقية للتلقي من أنها تلك النظريات أو الاتجاهات التي ظهرت أو عادة إلى الظهور خلال الستينات والتي حددت المناخ الفكري الذي استطاعت فيه نظرية التلقي أن تزدهر يجعلنا نرى هذه الجذور في مؤثرات خمسة هي (2):

1- الشكلانية الروسية.                                      2- بنيوية براغ.

3- ظواهرية رومان انجاردن.                               4- هرمنيوطيفا جادامر.

5- سسيولوجيا الأدب.

(1) إسماعيل, سامي, جماليات التلقي: دراسة في نظرية التلقي عند هانز روبرت ياوس وفولفجانج إيزر, القاهرة- مصر, المجلس الأعلى للثقافة, ط1, 2002م, ص 45.

(2) محمد, عبد الناصر حسن, نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي, القاهرة –مصر, المكتب المصري لتوزيع المطبوعات, 1999م, ص 68- 70.

         وأياً ما كان الأمر فإن أبرز ما وصلت إليه عناية الدارسين بالقارئ والقراءة هو نظرية "جماليات التلقي", وقبل أن نتعرف على النظرية من خلال أهم أعلامها أود أن أؤكد  بأن نظرية جماليات التلقي كما جاءت عند روادها ياوس وإيزر, ليست هي نظرية استجابة القارئ.

      لقد عرفت نظرية جماليات التلقي "التقبل" منذ نشأتها في ألمانيا الغربية صدى طيباً لدى كثير من الدارسين كما أثارت حولها نقاشات ثرية جداً, وإذا كانت هذه النظرية قد ارتبطت بداياتها بجامعة كونستانس الألمانية, فإن أبرز ممثليها وأشهرهم هم هانز روبرت ياوس, وفولفجانج إيزر, الذين عدهما النقاد كبار المنظرين للتلقي, والمبحثين التاليين من هذا الفصل سيتناولان أهم أفكارهم في ذلك (1).

 

 

 

 

المبحث الثاني:

النظرية عند هانز روبرت ياوس

        إن الحديث عن "جمالية التلقي" بمفهومها الحديث يضعنا وجهاً لوجه أمام انجازات   الرائد الكونستانسي هانز روبرت ياوس صاحب هذا المفهوم, الذي تجاوز أوجه القصور الخاصة بآراء مجموعة كبيرة من الفلاسفة والمفكرين الأوائل الذين تحدثوا كثيراً عن جمالية التلقي وكانوا بمثابة الإرهاصات الأولى في هذا الاتجاه, وإذا كانت هموم أولئك المرهصين بنظرية التلقي فلسفية في الأساس فقد كان اهتمام ياوس يتوجه أساسا إلى تاريخ الأدب, فلقد بدأ ياوس عمله بنقد الاتجاهات الشائعة لدراسة تاريخ الأدب, والتماس بديل لها, فانتقد المنهج الوضعي لأنه عالج الأعمال الأدبية على أنها نتائج لأسباب مؤكده, معارضاً الشرح العلي

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 98.

 لجماليات الإبداع غير العقلاني, والتماس الإبداع الأدبي في تكرار الأفكار والموضوعات القائمة بمعزل عن التاريخ, كذلك انتقد ياوس مفهوم الانعكاس عند الماركسيين, كما انتقص من منهج الشكلانيين الروسي. أما المنهج الجديد الذي يراه ياوس ملائماً لدراسة تاريخ الأدب فهو الذي يجمع بين مزايا الماركسية والشكلانية, وقد خرج ياوس من هذه الثنائية بما سماه "جماليات التلقي" والتي تركز على التفاعل بين المؤلف وجمهوره (1).

      وقد شرح ياوس في مقالة له بعنوان "التغيير في نموذج الثقافة الأدبية" نشرها عام 1969م, العوامل التي أدت إلى ظهور نظرية التلقي في ألمانيا, كان من أهمها (2):

1- عموم الاستجابة لأوضاع جديدة فرضه تغير في النموذج مما جعل جميع الاتجاهات على تباينها تستجيب للتحدي.

2- السخط العام تجاه قوانين الأدب ومناهجه التقليدية السائدة والإحساس بتهالكها.

3- حالة الفوضى والاضطراب السائد في نظريات الأدب المعاصرة.

4- وصول أزمة الأدبية خلال فترة المد البنيوي إلى حد لا يمكن قبوله واستمراره, وكذا الثورة المتنامية ضد الجوهر الوصفي للبنيوية.

5- ميول وتوجه عام في كتابات كثيرة نحو القارئ بوصفه العنصر المهمل في الثالوث الشهير (المبدع/العمل/ المتلقي).

     وياوس في موقفه المعارض لمن ينظر إلى العمل الفني بمنأى عن تاريخيته يؤكد على أن دراسة الأدب ليست عملية تنطوي على تراكم تدريجي للحقائق والشواهد التي يقررها كل جيل

(1) إسماعيل: جماليات التلقي ص 44.

(2) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 99 -100.

 

 

 

 

 من الأجيال المتعاقبة على المعرفة, وحقيقة الأدب أن التطور تشخصه قفزات نوعية ومراحل من القطيعة ومنطلقات جديدة, وبناءاً على ذلك فإن ياوس يقوم بإيجاز المطالب التي ينبغي له الوفاء بها منهجياً في إطار نموذجه الجديد والذي يسمى عادةً بالنموذج الرابع في النقاط التالية (1):

1- انعقاد الصلة بين التحليل الشكلي الجمالي والتحليل المتعلق بالتلقي التاريخي, شأنها شأن الصلة بين الفن, والتاريخ, والواقع الاجتماعي.

2- الربط بين المناهج البنائية والمناهج التفسيرية (وهو الربط الذي لا يكاد يلتفت إلى إجراءات هذه المناهج ونتائجها الخاصة).

3- اختبار جماليات التأثير (الفاعلية) (لا تكون مقصورة على الوصف) وبلاغة جديدة, تستطيع أن تحسن شرح أدب "الطبقة العليا" بالقدر نفسه الذي تحسن به شرح الأدب الشعبي والظواهر الخاصة بوسائل الاتصال الجماهيري.

     فكان الاهتمام الأول لياوس يتمثل في تقديم "جمالية التلقي" على أنها بديل منهجي لتجديد التاريخ الأدبي والقول بالتاريخية الراديكالية للرأي النقدي, والتحول الجوهري في موضوع العلم الأدبي, إزاء الجوهرية الميتافيزيقية للشكلية والماركسية, ولكن هذا التحول في المدلول يؤثر في الوقت نفسه على التفسير الذي يقوم به فعل القراءة الفردي. هذا ويرى ياوس أن العمل الأدبي لا يمكن أن يخرج إلى حيز الوجود "دون أن يكون له تأثير" وهذا التأثير يفترض –منطقياً- ومسبقاً وجود جمهور, هذا الجمهور هو الذي يقوم بعملية التأويل وهذا دوره المنوط به(2). وإذا كان العمل الأدبي يتكون من الثلاثي المعروف: المؤلف/ العمل الأدبي/ القارئ, فإن

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 102.

(2) إسماعيل: جماليات التلقي ص 49 -50.

ياوس لا يعتبر العنصر الثالث فقط عنصراً معبراً "بل عاملاً موجوداً مشاركاً في التجربة الجمالية, بل يُعد كذلك مركزاً لطاقة العمل المقدم, إن النبض التاريخي للعمل لا يقبل دون الاشتراك الحيوي الفعلي للقارئ, فبواسطته يتغير منظور العمل التجريبي والنظرة المختلفة لعمل المؤلف", ومن هنا إذا نظرنا إلى الأدب بوصفه حواراً بين العمل والقارئ, فإن التناقض بين منظوري العمل: الجمالي والتاريخي, قد يحدث بينهما نوع من التصالح وبالتالي فإن "الخيط الذي يصل ظاهرة الماضي السحيق بخبرة الحاضر الأدبية – تلك التي بمقدور التاريخ قطعها- تسير في علاقة متبادلة عكسية, فالعلاقة بين الأدب والقارئ تشتمل على دلالة جمالية وتاريخية وهذه الدلالة الجمالية تعتمد أول ما تعتمد على أنه بعد المرة الأولى من القراءة يقارن القارئ قيم العمل الجمالية مع أعمال أدبية مقروءة من قبل, أما الدلالة التاريخية فتبدو كما لو كانت مفهومة ومدركة حيث تصبح قاسماً مشتركاً للقارئ الأول, ويمكن أن تكون هذه الدلالة عملاً خلاقاً مستمراً وثرياً في سلسلة من حالات القبول المتتالية. ومن كل ذلك خلص ياوس إلى فكرته الأساسية والمتمثلة في "أن مرتبة تاريخ الأدب تعتمد أساساً على أساس الاستقبال الجمالي الذي يعامل العمل الأدبي بوصفه وسيطاً للخبرة الجمالية, فتاريخ الأدب الايجابي الموضوعي هو السعي الواعي إلى تجديد القوانين والسنن, ومن ناحية أخرى يتكون –على التناقض أو- من بحوث التراث المقامة عليه تجارب تتمشى وروح الكلاسيكية ومن التعديل النقدي إذا لم تكن البنية الأدبية مجردة, موروثة بالقوانين والسنن, فمعيار خلق هذا النوع من القوانين والسنن, والحاجة الضرورية للكتابة من جديد مع استمرار تاريخ الأدب إنما يوضح بأن هذا استقبال جمالي للعمل الأدبي" (1).

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 107.

 

 

 

 

المبحث الثالث:

النظرية عند فولفجانج إيزر

 

 

 

 

       يُعد إيزر ثاني اثنين كان لهما أكبر الأثر في لفت الأنظار إلى نظريات القراءة بعامة وجماليات التلقي بخاصة, ولقد كان إيزر يشارك ياوس تدعيم ركائز نظرية جماليات التلقي بحيث عدت أفكارهم ومقترحاتهم على مشارف السبعينات تأسيساً لنظرية جديدة في فهم الأدب, هذا ولقد كان لمقال إيزر "بنية الجاذبية في النص" نفس القدر من الترحاب والأثر والأهمية لمقالات ياوس, وربما كان مقال إيزر السابق أحد الأسباب الوجيهة لأن يكون إيزر واحداً من أوائل المنظرين في مدرسو كونستانس (1).

     اهتم إيزر بقضية بناء المعنى, وطرائق تفسير النص من خلال اعتقاده أن النص ينطوي على عدد من الفجوات التي تستدعي قيام المتلقي بعدد من الإجراءات لكي يكون المعنى في وضع يحقق الغايات القصوى للإنتاج, وهو يكشف ذلك, عن أن النص يتضمن حتمية تشكل ركناً أساسياً من وجوده, إنها ماثلة فيما يطلق عليه إيزر: القارئ الضمني وهو ما يشكل صلب نظريته.

      وإيزر حين أراد لأن يقدم مفهوماً خاصاً للقارئ أقام مفهومه على أساس من تعارضه مع مجموعة من المفاهيم الخاصة بالقارئ السابقة عليه, ورغم تأثر إيزر بمفهوم العالم "بوث" إلا أن مفهوم إيزر يأتي معارضاً له, فإذا كان بوث يقصد بالمؤلف الضمني الأنا الثانية للمؤلف التي تنفصل عن أناه المرتبطة بشروط الواقع, وتتحدد بالعالم التخيلي, بحيث تكون هذه الأنا قادرة على تحقيق موضوعية العمل الأدبي لأنها تتحول إلى أصوات متجاورة في كل

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 121.

عمل, لا تتقيد باعتقادات المؤلف الحقيقي, فإن اعتراض إيزر على مفهوم بوث يكمن في أن النص لا ينطوي على مؤلف ضمني, وإنما هو نوع من التوجه الضمني, الذي يتوجه به العمل الأدبي إلى المتلقي, وهو توجه لا يخلو منه أي عمل, وهو أساس في عملية التواصل عبر التفاعل.

      ويرى إيزر أن جميع المفاهيم السابقة لمفهومه هي ذات وظائف جزئية غير قادرة على وصف العلاقة بين المتلقي والعمل الأدبي, ولذلك فقد اقترح إيزر مفهوماً يتناسب مع توجهات نظريته, فالقارئ الضمني يظهر بوصفه نظاماً مرجعياً للنص, وهو يجسد مجموع التوجهات الداخلية لنص التخيل, لكي يتيح لهذا الأخير أن يتلقى, وتبعاً لذلك فإن القارئ الضمني ليس معروفاً في جوهر اختباري ما بل هو مسجل في النص ذاته, لا يصبح النص حقيقة إلا إذا قرئ في شروط استحداثية عليه أن يقدمها بنفسه, ومن هنا فعل إعادة المعنى من طرف الآخرين, هذا ويحدد ايزر مفهومه تحديداً آخر عندما يرى أن فكرة القارئ الضمني تحيل إلى بنية قرينة بالمتلقي, أنها شكل يحتاج إلى التجسيد حتى ولو أن النص بواسطة تخيل القارئ لا يبدو مهتماً بالمرسل إليه أو حتى إذا طبق استراتيجيات تهدف إلى إبعاد كل جمهور محتمل, إن القارئ الضمني هو تصور يضع القارئ في مواجهة النص في صيغ موقع نصي يصبح الفهم بالعلاقة معه فعلاً (1).

     ويرى إيزر أنه ولكي تنجح عملية التواصل بين النص والقارئ, وينتهي القارئ إلى تشكيل المعنى النصي الذي غالباً ما يزغزغ تجربته المكتسبة ويعطل توجيهاته الخاصة, فلا بد للنص "أن يقود القارئ ويضبط مسيرته إلى حد ما" وبعبارة أخرى يجب أن ينطوي النص

(1) محمد: نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي ص 132 -137.

 على مجموعة من العناصر أو العوامل "الموجهة" التي تسمح له "بمراقبة" سيرورة التفاعل التواصلي القائم بينه وبين القارئ, وهكذا يتضح لنا أن المعنى عند إيزر لا يتجلى في النص, بل ينتج عن هذا التداخل القائم بين النص والقارئ (1).

      وعليه فإن النص لا يكتفي بذاته, فهناك نوع من التداخل والالتحام بين النص وقارئه ينتج عنه تأثير جمالي لتصبح بذلك آلية القراءة تتحرك بين قطبين, القطب الفني للنص, والقطب الجمالي, يختص الأول بالنص وصنعته اللغوية, ويختص الثاني بنشاط عملية القراءة, وكلاً ينصهر في الآخر, ويحل فيه ليتشكل من ذلك النص (2).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(1) شرفي, عبد الكريم, من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة: دراسة تحليلية نقدية في النظريات الغربية الحديثة, الجزائر, الدار العربية للعلوم/ ناشرون, ط1, 2007م, ص 220.

(2) بن تومي: القراءة وضوابطها المصطلحية ص 34.

المبحث الرابع:

النظرية عند جيرار جينيت

      إن جيرار جينيت ـ بما يملكه من خصوصية أكاديمية وتنوع في المدارك الثقافية والنقدية ـ أسس للنظرية البنائية كأطروحة نظرية، وكمنهج يركز على الخصوصيات الجمالية والبلاغية لمكونات شعرية النص، من خلال سعيه "لإقامة نظرية عامة في الأشكال الأدبية تستكشف إمكانات الخطاب... وبهذه الصفة يمثل التيار النقدي الطامح إلى توضيح فعل الكتابة ذاته". ويؤكد جيرار جينيت نزعته "الشعرية الهادفة إلى البحث في مقومات النص الداخلية، بعيداً عن الإكراهات الخارجية مهما كانت اجتماعية أو تاريخية، حين يقول: "إن اللوم الموجه للنقد الجديد (الموضوعاتي والشكلاني) بأنه يهمل ولا يبالي بالتاريخ مردود، لأننا نضع التاريخ بين قوسين ونؤجله لأسباب منهجية. والنقد الشكلاني غايته البحث في نظرية الأشكال الأدبية، أو بشكل مختصر يبحث في الشعرية" (1).‏ 
        فالمصطلحات الجديدة لا تعني أن النقد الجديد يرسي قطيعة مع ما سبقه من قراءات، ومحاولات تقييم جمالية، وجيرار جينيت يراهن على مثولية النص، أي ذلك الذي يتلاقى مع نصوص أخرى من النوع ذاته، ويتغاير في أنساقه الأسلوبية والدرامية معها. والناقد يشدد على تواصلية الكتابة منذ الإلياذة والأوديسة إلى اليوم.‏  وتعد كتب جينيت من الانجازات المركزية للاتجاه البنيوي والنقد الجديد، في البحث عن سياقات تكشف بناء النص الأدبي، وطرائقه الإبلاغية ومكوناته وأنساقه التكوينية، وخاصة سلسلة كتبه "أشكالالتي توحي باهتمامه الخاص بالبلاغة الأدبية. لأن الأشكال لفظة مأخوذة من التسمية التقليدية للبلاغة، التي

(1) عيلان, عمر, مستويات السرد عند جيرار جينيت, موقع مكتبتنا العربية. على شبكة الانترنت,

www.almaktabah.net.

كانت تسمى "نظام الأشكال" وتتضمن الاستعارة والكناية والمجاز.‏ ولعل مترجمي كتابه "خطاب الحكاية" قد استلهموا ذلك في ترجمة عناوين الكتب باستعمال لفظة "محسنات"، وهو مصطلح بلاغي أساساً. وتتضمن سلسلة كتابه "أشكال" مرحلة أساسية في محاورة الكتابة الأدبية ومناقشتها، بهدف وضع ضوابط منهجية لاستكشافها، وهكذا كانت أول كتاب صدر لـ جينت عام 1996، بعنوان "أشكال" ضمنه دراسات أدبية، تسعى لتحديد المفاهيم وتوضيح الأبعاد الجمالية في المقاربة النقدية للنص الأدبي.
        هذا ويحدد جيرار جينيت في مقالة "حدود القصة/ الحكي. "(1966) ثلاثة محاور للبحث في مكونات النص السردي، هي:‏ المحاكاة والحكي التام‏, والسرد والوصف, والقصة والخطاب.‏ ففي المحور الأول يعرض لأراء أفلاطون وأرسطو حول المحاكاة، حيث يشير إلى أن أرسطو حين تحدث في كتابه "الشعرية" عن القصة حيث صنفها إلى مظهرين: هما: المحاكاة الشعرية، والعرض المباشر للأحداث من طرف الممثلين، أي أنه من بين الشعر السردي القصصي (الملحمي ، والشعر التمثيلي (وهذه التصورات كانت موجودة عند أفلاطون الذي يميز في القسم الثالث من كتاب "الجمهورية" بين طريقتين للقراءة, هما: المحاكاة التامة ، والحكي البسيط  ,وهو في نظر أفلاطون كل ما يرويه الشاعر بنفسه. وهناك شكل مزدوج يتجاور فيه السرد مع التمثيل هو الشكل الملمحي، لم يصنفه أي منهما (أفلاطون وأرسطو). وهذا يعني أن الخلاف بينهما هو إخلاف لأنهما يتفقان في تصنيفهما بين تشكيلين هما السرد والتمثيل. وإن كان أرسطو يقلل من أهمية شعر المحاكاة لأنه منقول، وهذا الحساب شكل أكثر تمثيلية هو المأساة، التي صنفها في أعلى مراتب الشعر، ويأتي بعدها الشعر الملحمي (1).‏

 

 (1) عيلان: مستويات السرد عند جيرار جينيت, موقع مكتبتنا العربية.

المبحث الخامس:

النظرية عند امبرطو إيكو

      حققت نظرية القراءة وجماليات التلقي نجاحاً كبيراً, حيث أرست دعائم  قراءات جادة للنصوص الأدبية وخاصة ما جاء به آيزر, فإنطلف أمبرطو إيكوا من هذه المنطلقات وحاول توسيع نظريته في إطار المعالجة السيميائية, التي يعتمد القارئ فيها على فك الشفرات اللغوية. كما أن القراءة عنده تأكيد للنصية وليس نفياً لها, لأنه قلب الفرضية التي تقول: أن كل نظرية للنص هي نظرية للقراءة, فأصبحت عنده, أن كل نظرية للقراءة هي نظرية للنص, ومن هنا وطد العلاقة بين القارئ والنص, وربط التأويل بقانون النص واقترح القارئ النموذج كجزء من آلية النص وإستراتيجيته, من هنا قام بربط البنيات النصية والتصنيفات باللانهائية والانفتاح, إذ يكون التعامل مع النصوص المفتوحة بدل النصوص المغلقة, وبالتالي تكون نظرية التلقي هي نظرية النص.

     هذا ويضع إيكو النص في مواجهة القارئ, فالنص نتاج مصيره التأويل الذي هو جزء من الآلية التوليدية "إن توليد نص هو تحريك إستراتيجية تشترك فيها توقعات أفعال أخرى". وإن الاعتماد على القاعدة التخاطبية التي تفترض دائماً وجود آخر نحاوره, وفي هذا الحوار يتجسد التأويل وبمقتضاه تتم عملية توسيع دائرة التأويل التي يقوم بها القارئ لأن "النص نسيج من الفضاءات البيضاء والفجوات التي يجب ملؤها, وأن الذي أنتجه (أرسله) كان ينتظر دائماً بأنها ستملأ" من طرف القارئ الذي يعيش مع المؤلف على هذه المساحة من المعاني يختزلها أو يضيقها المؤلف, ليوسعها القارئ, وكلاهما يدخل في لعبة التغييب والإظهار (1).

(1)  سلطاني: النص بين سلطة الكاتب والقارئ, ص 108.

 

الخلاصة والاستنتاجات:

      عالجت هذه الدراسة موضوع القراءة ونظرياتها, مستخدمةً عدد من المناهج العلمية, وهي المنهج الوصفي, والتاريخي, والمنهج التحليلي, مستعينةً بمصادر المعلومات الضرورية في هذا المجال, هذا وقد فُتت مشكلة الدراسة إلى مقدمة وثلاث فصول, عالج الفصل الأول موضوع ماهية القراءة من خلال تقديم بعض مفهوم فعل القراءة, وأنواع القراءة, وأنواع القُراء, والتمييز بين مستويات القراءة, والقراءة المرجعية, , في حين تخصص الفصل الثاني بتناول موضوعات, استراتيجيات القراءة, والقراءة والتأويل, بالإضافة إلى نظريات استجابة القارئ عن طريق إبراز آراء أهم روادها, أخيراً انفرد الفصل الثالث من الدراسة بتناول نظريات التلقي من خلال إبراز أهم أفكار روادها ومنظريها. وفي النهاية توصلت هذه الدراسة إلى النتائج التالية:

1- أن فعل القراءة هو عملية انفعالية ونشاط فكري وفن تحصيل المعرفة والإدراك والفهم وأسلوب من أساليب النشاط الفكري, وهو عملية عقلية معقدة لها ثلاثة أطراف هي: المبدع/ النص/ والقارئ, وأن الأخير طرف مهم في عملية القراءة يؤثر الأطراف الأخرى ويطورها.

2- أن مفهوم القراءة المرجعية هو مفهوم غامض كمصطلح ولكن يمكن الاستدلال عليه من خلال آراء عمالقة نظريات القراءة, فالقراءة المرجعية هي تلك القراءة التي تستند إلى مهاد مرجعي, وأن هذا المهاد المرجعي يزيد ويفعل عملية التفاعل بين أطراف العملية القرائية.

3- أن الاستجابة الجمالية تنتج لدى المتلقي كمخرج لعملية التداخل والالتحام بين النص والقارئ, لتصبح بذلك آلية القراءة تتحرك بين قطبين, القطب الفني للنص, والقطب الجمالي, بحيث يختص القطب الأول بالنص, بينما يختص الآخر بنشاط عملية القراءة, وأن كلاً ينصهر في الآخر ويحِل فيه.

    قائمة المصادر والمراجع:

أولاً: الكتب:

1- بن تومي, اليامين, القراءة وضوابطها المصطلحية, مجلة قراءات, جامعة بسكرة, العدد الأول, 2009م.

2- تومبكنز, جين ب, نقد استجابة القارئ من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية, ترجمة: حسن ناظم وعلي حاكم, بلا, المجلس الأعلى للثقافة, 1999م.

3-  آدلر, موريتمر, دورن, تشارلز فان, كيف تقرأ كتابا, ترجمة: طلال الحمصي, بيروت –لبنان, الدار العربية للعلوم, ط1, 1995م.

4- المومني, قاسم, في قراءة النص, عمان –الأردن, دار الفارس للنشر والتوزيع, 1999م.

5- إسماعيل, سامي, جماليات التلقي: دراسة في نظرية التلقي عند هانز روبرت ياوس وفولفجانج إيزر, القاهرة- مصر, المجلس الأعلى للثقافة, ط1, 2002م.

6- محمد, عبد الناصر حسن, نظرية التوصيل وقراءة النص الأدبي, القاهرة –مصر, المكتب المصري لتوزيع المطبوعات, 1999م.

7-  شرفي, عبد الكريم, من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة: دراسة تحليلية نقدية في النظريات الغربية الحديثة, الجزائر, الدار العربية للعلوم/ ناشرون, ط1, 2007م.

8- إيسر, فولفجانج, فعل القراءة: نظرية في الاستجابة الجمالية, ترجمة: عبد الوهاب علوب, المجلس الأعلى للثقافة, 2000م.

9- خرماش, محمد, فعل القراءة وإشكالية, مجلة علامات, المغرب, العدد 10, 1998م.

10- عبود, سيدي عمر, أنواع القارئ: نحو نمذجة لقارئ الرواية المغربية, مجلة فكر ونقد, 1997م, ص 71 – 79.

11- سلطاني, وردة, النص بين سلطة الكاتب والقارئ, مجلة المخبر, العدد الأول, 2009م, جامعة بسكرة.

12- بن عباد, محمد, التلقي والتأويل: مدخل نظري, مجلة علامات, العدد 10, 1998م.

 

 

 

 

ثانياً: مواقع الانترنت:

1- مجلة رسالتي, بريد استثنائي من قارئ استثنائي: القارئ الحقيقي, 2008م, ص 1, على شبكة الانترنت www.risalaty.net.

2- المناصرة, إشكالية نقد الرواية, منتدى نصر: موقع يختص بالرواية العربية والأجنبية,على شبكة الانترنت www.nus-sa.com .

3- شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية, مفهوم المعنى وفعاليات قراءة النص الأدبي, www.alfaseeh.com.

4- عيلان, عمر, مستويات السرد عند جيرار جينيت, موقع مكتبتنا العربية. على شبكة الانترنت,  www.almaktabah.net.

 بقلم / الدكتور : عادل السليمان / للدراسات الجامعيه / خاص / الجزيره / لندن 

 

 

 

             00962795134330    /  00962788279330

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات:

 

 

 

 

الموضوع                                                                                       الصفحة

تمهيد            ..................................................................................   1

أهمية وأهداف   .................................................................................    1

منهجية         .................................................................................     2

 

 

 

 

الفصل الأول: ماهية فعل القراءة, وأنواع القارئ والقراءة ومستوياتها  ........................     3

المبحث الأول: مفهوم فعل القراءة    ...........................................................      4

المبحث الثاني: أنواع القراءة   .................................................................      6

المبحث الثالث: مستويات القراءة   .............................................................       7

المبحث الرابع: أنواع القارئ   ................................................................       9

المبحث الخامس: القراءة والمرجعية   ........................................................       11

الفصل الثاني: في استراتيجيات القراءة والتأويل, واستجابة القارئ   .........................      14

المبحث الأول: استراتيجيات القراءة   ........................................................       14

المبحث الثاني: القراءة والتأويل   ............................................................       17

المبحث الثالث: استجابة القارئ    ...........................................................       22

الفصل الثالث: القراءة وجماليات التلقي (نظرية التلقي) .....................................       26

المبحث الأول: النظرية في السياق التاريخي   ...............................................       27

المبحث الثاني: النظرية عند هانز روبرت ياوس   ..........................................       28

المبحث الثالث: النظرية عند فولفجانج إيزر   ................................................       32

المبحث الرابع: النظرية عند جيرار جينيت   .................................................       35

المبحث الخامس: النظرية عند امبرطو إيكو   ................................................       37

الخلاصة والاستنتاجات   ....................................................................       38

قائمة المصادر والمراجع   ..................................................................       39

 

 

فهرس الموضوعات   ......................................................................         41 

 

 

 على كل من يرغب كتابة بعث عليه الارسال الى

aassddaa7710@yahoo.com

او الاتصال على هاتف

00972592838491




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !