القطايف واللطائف
اعداد عوني ظاهر
تعج الأسواق الشعبية في فلسطين مدنها وقراها ومخيماتها بصناعة القطا يف الشعبية ،واصطفاف الناس مابين العصر والمغرب في الأسواق الشعبية كل ينتظر دوره للحصول على القطايف للتعبير عن ظاهرة من أرقى الظواهر الشعبية الاجتماعية
والقطايف من أهم الأكلات الشعبية في شهر رمضان ، وهي من الحلويات الشرقية التي تصنع بغلي الماء في بادئ الأمر، ثم بوضع الماء المسخن في طبق ووعاء ليوضع بعد ذلك الطحين اللازم في الطبق، ويخلط جيدا، وبعد ذلك يضاف قدر من الخميرة والكربونة ومقدار من الحليب، ويتم مزج الخليط جيدا ، ويسكب الخليط - بعد تركه مدة قصيرة- على فرن التسخين لتصبح جاهزة لحشوها وتصنيعها بالفرن والقلي لعرضها على موائد رمضان.
واذا عدنا إلى تاريخ القطايف ومع تعدد الروايات التي قيلت في ذلك فإن منهم من يرى أنها عرفت في العصر العباسي وفي أواخر العصر الأموي ، وأن أول من أكل القطايف في رمضان كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (سنة 98 هـ).
وفي روايات أخرى تعود القطايف للعصر الفاطمي حيث كان يتنافس صنّاع الحلوى لتقديم ما هو طيب من الحلويات، وقد ابتكر أحدهم فطيرة محشوة بالمكسرات وقدمها بشكل جميل مزينة في صحن كبير ليقطفها الضيوف، ومن هنا سميت القطايف.
هناك عداوة بينها وبين الكنافة كما ذكر فى الثقافة العربية وبخاصة في الشعر ، حيث تغنى بها شعراء بني أمية ومن جاء بعدهم ومنهم ابن الرومي الذي عُرف بعشقه للكنافة والقطايف ، وسجل جانباً من هذا العشق في أشعاره ، كما تغنى بها أبو الحسين الجزار أحد عشاق الكنافة والقطايف فى الشعر العربي إبان الدولة الأموية وكان مما قاله فيها :-
ومالي أرى وجه الكنافة مُغضباً ولولا رضاها لم أرد رمضانها -
تُرى اتهمتني بالقطايف فاغتدت تصُدُ اعتقاداً أن قلبي خانهــا -
ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها لأن لساني لم يُخاطب لسانهـا
ولا عجب أن ترد الكنافة والقطا يف في قصائد رواد الشعر العربي أمثال : ابن نباته الشاعر المصري المعروف ، والإمام البوصيرى صاحب البردة ، وأبو الهلال العسكري ، والسراج الوراق ، والمر صفى ، وصلاح الدين الصفدى ، وسيف الدين بن قزل ، وزين القضاة السكندري.. إلى جانب الشعراء والأدباء المصريين في العصر الحديث يبينها الشعر العربي القديم.
ويظهر هذا جلياً في شعر ابن عينين وهو يصور هذا الخصام فيقول:-
غدت الكنافة بالقطائف تسخر -
وتقول: إني بالفضيلة أجدر -
طُويت محاسنها لنشر محاسني -
كم بين ما يطوى وآخر ينشر-
فحلاوتي تبدو وتلك خفية -
وكذا الحلاوة في البوادي أشهر 000
أبد ع الشعراء في حبهم للحلويات وعبروا عن ذلك في شعرهم الغني بالطرافة وخاصة حين تجتمع القطائف والكنافة على مائدة واحدة يقول الشاعر سعد بن العربي وقد تأتى له ذلك:
وقطائف مقرونة بكنافة --
من فوقهن السكر المدرور--
هاتيك تطربني بنظم رائق --
ويروقني من هذه المنشور --
والشاعر أبا الحسن يحيى الجزار الذي كان محباً للكنافة التي قال فيها:
ومالي أرى وجه الكنافة مغضباً --
ولولا رضاها لم أرد رمضانها --
ثم قال داعياً:
سقى الله أكناف الكنافة بالقطر --
وجاد عليها سكراً دائم الدرِّ 00
وبين قيمة القطايف الموروثة اجتماعياً وتاريخياً وأدبياً أتساءل : هل سيبقى للقطايف حضوراً قوياً على الموائد الشعبية أم أن ارتفاع قدرها الاقتصادي الآن، سيبقيها رهينة التقاليد وبين سطور الأدب والتاريخ وجيوب العائلات المستورة
التعليقات (0)