قضية فلسطين الحل الممكن .
لاتوجد ارض في التاريخ اختلف عليها كما هية ارض فلسطين فهية ارض عاشت عليها حضارات مختلفة وتوزع بناتها بين اقوام عدة , فاول من بنا اهم مدنها القدس هم (اليبيسيون ) وهم احدى بطون العرب الاوائل والذين نزحوا من جزيرةالعرب مع الكنعانيين بل انهم جزء من الكنعانيين وهذا يدل على ا ن اول من بنى مدينة القدس عاصمة فلسطين واهم مدنها هم العرب , ومع ان هذه الحقيقة لايريد الاعتراف بها الكثيرين من اليهود الا انها حقيقة تاريخية معتبرة يؤمن بها العرب وكثير من المنصفين في هذا العالم , وفي عهد النبي سليمان (ع) توسعت مباني هذه المدينة واصبحت عاصمة للدولة الكنعانية وهذا دور لليهود في بناء هذه المدينة العظيمة ,وارض فلسطين تضم اثارا ووجودا للديانات السماوية الرئيسية الثلاثة وهية تنقسم بينها وتنقسم بين قوميتين مختلفتين ففلسطين هية ارض الميعاد الالاهي بالنسبة للشعب اليهودي وفلسطين هية ارض العرب الكنعانيين اصل العرب , وفلسطين هية الارض التي تضم اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين ,اليهود مستعدين للموت في سبيل ارض الميعاد التي وعدوا بها كما يقولون وتقول توراتهم على الرغم من كل التحفظات التي لدينا على هذه التوراة لكن بالنسبة لهم هية كتاب مقدس ووعده هو وعد من الله وهم غير مستعدون للتفريط بهذا الوعد والا كانوا غير جديرين بان يكونوا الشعب الذي اختاره الله كما يعتقدون ولهذا فمسالة ارتباطهم بارض فلسطين ارتباط ديني مقدس لا انفكاك له وهم يعتبرون كل اجرائاتهم واستيلائهم على املاك العرب في هذه الارض مبرر لانهم موعودون بهذه الارض من قبل الله مالك كل الاراضي وهبته هية الهبة الاولى بالقبول من غيرها وهية الهبة التي لايمكن ولايحق لاحد ان يرفضها او يتنازل عنها وهذا الراي هو السائد بين اليهود وخاصة المتدينين منهم , اما ارض فلسطين بالنسبة للعرب فهية قلب الامة العربية وهية الرابط بين جزئها الافريقي وجزئها الاسيوي ولهذا فوجودها بايدي غير العرب جعلها حاجزا يقسم جسد الامة العربية الى شطرين مما يجعل اي امل في الوحدة العربية التي هية هدف القوميين العرب امر مستحيل لوجود هذا العائق الجغرافي ذا البعد الايديولوجي , ومن واجب كل من يحمل الدماء العربية ان يغير هذا الواقع حتى لو اوقف كل مشاريع حياته حتى لوفقد كل احلامه حتى لو فقد حياته نفسها في سبيل تحقيقه , فارض فلسطين وشعبها العربي جزء من الامة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ولتكون امة لها قيمتها بين الامم يجب عليها تحرير ارضها المحتلة وهم مستعدين للموت في سبيل تحريرها من الاحتلال اليهودي وقد قدموا قوافلا من الشهداء في سبيل هدف تحريرهذه الارض , فانطلاقهم من منطلق قومي يعتبر احتلال الارض من الغير اهانة لايمكن السكوت عنها ابدا جعلهم يضعون قضية فلسطين محور لكل الثورات التي قاموا بها لتصحيح الاوضاع التي يعتبرون انها معوجة فالجماهير العربية ثقفت على ان ارض فلسطين ارض عربية وان العرب لايمكن لهم ان يكونوا محترمين يستحقون تاريخ اجدادهم العظام الذين سادوا العالم اذا لم يحرروا ارض فلسطين من الاحتلال اليهودي الصهيوني وان اليهود محتلين لها ويجب طردهم منها واعادتها الى الحضن العربي لتكون كما كانت في تاريخها ارض عربية يسكنها شعب عربي .
اما المسلمين فارتباطهم بارض فلسطين ارتباط روحي متجذر غير قابل للانفكاك فاليها توجهوا في بداية ايمانهم بدينهم واليها توجهوا في اولى صلواتهم لربهم فالقدس كانت اولى قبلتهم واليها اتجهت انظارهم في فجر دعوتهم واليها اسري بنبيهم ومنها عرج به الى السماء حيث امر باوامر وعلم شعائر دينهم فلهذا فهم اكثر الناس ارتباطا بهذه الارض وهم اكثر الناس استعدادا للموت في سبيلها وهم دائما ينظرون الى اليوم الذي سيدخلوها ثانية بعد ان دخلوها اول مرة على يد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) وهم يتطلعون الى اليوم الذي يحررونها فيه مرة اخرى مثل ما حررها القائد الاسلامي صلاح الدين الايوبي فارتباط المسلم بفلسطين وارضها ارتباط ديني مقدس لايمكن لاي مسلم ان يتنازل عنه لانه عندها سيفقد احدى اهم مرتكزات ايمانه ولهذا فمن المستحيل ان نجد مسلما ملتزما يقبل بان يخرج الاسلام من ارض فلسطين او ان تكون المقدسات الاسلامية في فلسطين تحت سيطرة غير المسلمين والمسلمون مستعدون لتقديم انهارا من الدماء في سبيل الدخول الى فلسطين مرة اخرى فهم ايضا لديهم وعد من الله بتحرير هذه الارض فالله جل جلاله يقول في كتابه العزيز ((وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4}فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً{6}إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً{7} عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً{8 )) . ولهذا فلايوجد مسلم يقبل بان يتنازل او يتوقف عن الحلم بالوعد الالاهي الذي يؤمن به بتحرير هذه الارض والدخول الى المسجد الاقصى مرة اخرى .
قد يكون المسيحيين هم اقل الديانات تمسكا او استعدادا للموت في سبيل الارض الفلسطينية مع العلم ان هذه الارض هية مولد نبيهم عيسى المسيح (ع) لكن القرب بين الديانة المسيحية والديانة اليهودية المسيطرة الان على اجزاء كبيرة من فلسطين قد يكون هو الدافع الذي يجعل المسيحيين يتهاونون في استخدام السلاح والتضحية بالنفس في سبيل تحرير ارض فلسطين من احتلال يهودي يعتبرونه امتدادا لدينهم وما يؤمنون , ونستطيع ان نقول ان المسحيين هم يقفون مع اليهود في موقفهم من فلسطين واحتلالها , اما الدعوات التي انطلقت من منظمات او افراد مسيح كان دافعها دائما دافعا قوميا اكثر منه دينيا .
ان المشكلة في هذا الصراع هو تفرده واختلافه عن كل الصراعات المعروفة فهو ليس صراع حدود بين دولتين , وهو ليس صراع على مكامن ثروات طبيعية وهو ليس على مصالح سياسية مجردة ,ان مشكلة هذا الصراع هية كونه صراع بين شعبين على نفس مساحة الارض فكل شعب منهما يعتبر ان هذه الارض هية وطنه الذي لايمكن التنازل عنه او العيش بدونه , ولهذا فان هذه القضية لايمكن ان تحل الا باختيار الحل من قبل هؤلاء الاطراف ورضائهم به وهذا كما يبدوا لاول وهلة انه المستحيل بعينه ويلزمه جهد جبار وغير اعتيادي لكي يصل الى الحل الذي يرضي جميع هذه الاطراف ذات الاتجاهات المتعاكسة وذات الايديولوجيات المتضادة والدوافع المختلفة لكن الامل في الوصول الى حل مقبول وعادل موجود بوجود الناس المعتدلين من اطراف الصراع فوجود المعتدلين اليهود يقدم املا بحل ووجود المعتدلين العرب يقدم املا بحل ووجود المعتدلين المسلمين يقدم املا بحل , وواجبنا ومهمتنا نحن وكل دعاة السلام في العالم ان نجد المشتركات بين هؤلاء المعتدلين لنصل الى الحل الاقرب لكل المطالب لانهاء هذا الصراع الذي اكل من الاطراف المتصارعة الاف الضحايا وهو مرشح الى اكل الاف اخرى اذا لم نجد له حل .ان التداخل الحاصل في ارض فلسطين بين اليهود والعرب اصبح في شكل صعب جدا الانفكاك منه او التفكير مجرد التفكير في فصل الشعبين عن بعضهما فالاف الفلسطينيين يعملون في المصانع والمزارع التي اقامها اليهود اذا الكلام عن حل الدولتين كلام فارغ ليس له ما يسوغه في ارض الواقع .ان الاندماج الحاصل الان في ارض فلسطين بين العرب واليهود يعتبر الاساس الذي يمكن ان تبنى عليه دولة واحدة تضم الفلسطينيين واليهود في كيان واحد علماني تحكمه الانتخابات العادلة ويحصل كل انسان على حق العبادة بدينه فيه .
ولهذا فان الحل الاوحد والحل القابل للتحقيق هو دولة واحدة لقوميتين تكون ضمن شروط ترضي جميع الاطراف , ومن هذه الشروط واهمها هو عودة اللاجئين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم التي اخرجو منها بالقوة فمن غير الممكن تجاهل حق هؤلاء بالعودة الى ارضهم التي عاشوا عليها لمئاة السنين واستبدالهم بسكان جلبوا من خارج هذه الارض فقط لانهم يهود , ويمكن ان يكون هناك نظام لتعويض هؤلاء اي السكان اليهود الذين استوطنوا ارض اللاجئين العرب ويمكن انشاء صندوق تساهم فيه دول العالم لهذا الغرض , وعودة اللاجئين الفلسطينيين مع وجود المهاجرين اليهود لايمكن ان تتسعهم الا مساحة فلسطين كلها كدولة واحدة ,اما مسالة الحكم فيمكن ان تكون عبر انتخابات مكفولة ومراقبة من قبل الامم المتحدة على الاقل في المرحلة الاولى لانشاء هذه الدولة , لكننا يمكن ان نقابل برفض لهذا الحل من قبل الساسة الذين يحملون عقلية الصراعات السابقة وصراع الايديولوجيات الذي طبع كل الصراعات التي حدثت في القرن العشرين وما قبله , لاكن يمكننا ان نتجاوز هذا العائق بالاعتماد على العقول السياسية الشابة جيل العولمة وجيل المستقبل الذي يؤمن بان بناء الدول والحضارات لايكون الا ببناء حياة انسانها اولا , ان تكوين دولة بقوميتين في فلسطين سيحقق لها السلام فالعرب لن يهاجموا دولة تظم الشعب الفلسطيني العربي كشريك في الحكم والعالم الغربي لن يهاجم دولة يكون فيها اليهود شركاء في الحكم .
انا اقترح هذا الحل والذي قاله قبلي كثيرين كحل لقضية من اصعب القضايا على مر التاريخ ولهذا ارجوا ان لااهاجم قبل ان يفكر من يريد مهاجمتي بالقضية مرة وثانية وثالثة .............
التعليقات (0)