القضاة.. وقضايا التحرش
موضي الزهراني
أصبحت قضايا التحرش الجنسي هاجسا مقلقا ومؤلما لكثير من المختصين في المجال الأسري والاجتماعي، وبدأت تصل لإدارات الحماية الاجتماعية بلاغات تشير صراحة بوجود تحرش جنسي من المحارم، وخاصة أبناء المطلقات، وبلا شك أن دور الحماية الاجتماعية هنا هو تقديم الدراسة الاجتماعية والنفسية للجهات المعنية بالفصل في هذا الأمر، لأنها لا تملك، باعتبارها جهة اجتماعية، إلا نقل الحقائق، وتفسير المواقف والسلوكيات السابقة واللاحقة لهذه القضايا الحساسة جدا، خاصة لأن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بإحقاق الحق الشرعي، وإثبات التهمة، وإيقاع العقوبة بالمعتدي الذي يكون من أقرب الناس للمعتدى عليه ! وقد يقع كثير من القضاة في حيرة من أمرهم عندما يكون المعتدى عليهم أطفالا وأقوالهم تتغير في كل جلسة وقد يكون ذلك من مشاعر الخوف والرهبة التي تسيطر عليهم أمام القاضي ومن أجواء المحكمة، وقد يكون بسبب عدم وجود أدلة مادية تثبت ذلك وتقرّ التهمة بدون تأخير في نطق الحكم على المعتدي خاصة مثل قضايا الاعتداء الجنسي الواضح بأدلته الطبية والبشرية.
أيضا القضاة معذورون من جهة أنهم عاصروا قضايا كثيرة كان أساسها التشهير بزوج ظالم لزوجته، أو لأب غير مرغوب فيه لسلوكياته غير المقبولة من أسرته، أو لطليق ارتبط بزوجة أخرى عاطفيا وأهمل زوجته الأولى وأطفاله، أو لسبب أخلاقي أكبر وأخطر عندما يتم اتهام الأب بهذه السلوكيات المحرمة للتخلص من رقابته على بناته الكبار ! أو للاعتقاد بأنها أقصر التهم وأقواها لكي تنزع الولاية منه.. إلخ من الأهداف الشيطانية التي قد لا تخطر على بال بشر، لكنها تخطر على بال القضاة لأنهم يعيشون يوميا قضايا بشرية لكن منبعها الغاب وليس القلب البشري الذي يتقلب بين لحظة وأخرى ! ولذلك عندما تلوم كثير من الأمهات المطلقات تردد القاضي أو عدم تعاطفه مع شكواها من أول جلسة ضد زوجها أو طليقها لأن هدفها حماية أطفالها، فإنها بلا شك لا تملك تلك الخلفية عن كثير من النوايا السيئة في كثير من هذه القضايا كما يحمله القاضي بداخله لكنه يتحفظ عليه حتى يصل للحقيقة في الجلسات اللاحقة، خاصة عندما يكون الضحايا أطفالا لا يستطيعون سرد الحقائق بدقتها، فالقضاة غالبا حازمون ولا يتعاطفون مع كل الاتهامات الحساسة من أول جلسة، لكنهم مشكورون عندما يدركون أن الأم هي الأولى بأطفالها، ومشكورون أكثر عندما يأخذون برأي المختصين الاجتماعيين والنفسيين إذا تطلب الأمر ذلك حتى لا يكونون سببا في ضياع أرواح بريئة نتيجة لبعدهم الميداني عن طبيعة تلك الأسر التي تعاني مثلا من سلوكيات شيطانية أدمنت المخدرات وأضاعت بعقلها.
التعليقات (0)