القصيدة والرؤية والرائي
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
إن قوة القصيدة تنبع من عوالمها الداخلية العميقة . وهذه العوالم يمكن اعتبارها قصيدةً داخل القصيدة ، وثورةً جوانية ترمي إلى جعل النزعة الفلسفية للمكوِّنات العقلانية أكثر سلاسةً وانسيابية ، وصبغِ العناصر المادية بالامتدادات الروحية الرشيدة . وبالتالي تتأسس مبادئ ترشيد استهلاك القوة الرمزية ، مما يؤدي إلى تفعيل الصيغ المعنوية للتعامل مع المجتمع الكلماتي باعتباره حياةً متكاملة ذات سيادة زمكانية على الألفاظ والمعاني ، وليس آلةً لتفريخ الأفكار الرمزية المتصادمة أو التراكيبِ المخنوقة في قوالب الفوضى . وهذا المنظورُ ينسجم مع الأبجدية الثورية بوصفها مبدأ استشرافياً للشعور الوجداني المكبوت ، وجغرافيا جديدةً للفكر الشعري . واستناداً إلى هذا الحراك المعرفي المتميز ، تصبح القصيدةُ هي الممثِّل الشرعي والوحيد للخيالِ الرمزي ، والأبجديةِ اللغوية المشفَّرة .
وتكمن أهميةُ هذا الحِراك المعرفي في قدرته على تجاوز الأنماط الجاهزة والقوالبِ الجدلية المعدَّة سلفاً ، وطرحِ الأسئلة المصيرية حول مدى نجاح التفاعل بين الرؤية والرائي ، وأيهما السابق على الآخر . وعلى الرغم من ضرورة طرح الأسئلة المصيرية وإيجاد أجوبة منطقية ، إلا أنه من الخطورة بمكان أن ننشغل بالأسئلة من أجل الأسئلة . فالسؤالُ وسيلةٌ وليس هدفاً . والجِدالُ الإيجابي طريقٌ وليس غايةً .
إن العلاقة بين الرؤية والرائي تبادلية . فالرؤيةُ هي الزمكان الاستعدادي لاحتضان الفكر الرائي . أما الرائي فهو الكاشف عن أنساق التفتيت الاجتماعي للرؤية . وهذا الترابط المتبادل ينشأ بشكل متزامن مع الفعل الشعري . ولحظةُ النشوء هي لحظة انبثاق الشرارة الإبداعية كحالة اختزالية تكثيفية للاعتبارات الشِّعرية الذاتية تمهيداً لاجتياح المجتمع ذهنياً .
https://www.facebook.com/abuawwad1982
التعليقات (0)