مواضيع اليوم

القروض البنكية نعمة تتحول إلى نقمة

عبدالسلام كرزيكة

2009-04-27 12:39:50

0

 

يلجأون إلى السلفية لاقتناء سكنات وسيارات وحتى الأثاث والأواني ..!

القروض البنكية في الجزائر..نعمة تتحول إلى نقمة

عرفت السنوات الأخيرة تناميا كبيرا للقروض الاستهلاكية في الجزائر، حتى أصبح الجزائري يلجأ إليها في كل شيء، من السيارات والسكنات إلى الأثاث والأواني المنزلية. وبسبب تجاهل الجزائريين لعواقب الاستدانة المفرطة وتعوّدهم على أن ديون البنوك لا تسدد، تحوّلت حياة الكثير إلى جحيم بسبب عدم قدرتهم على التسديد ودخلوا في دوامة القروض والاستدانة التي لن يتمكنوا من الخروج منها.

في ظل انخفاض القدرة الشرائية القرض أصبح الحل الوحيد أمام المواطنين لاقتناء حاجياتهم لولا التسهيلات المادية التي تتبعها بعض المحلات لما تمكنت من شراء غرفة النوم، خاصة وأن مصاريف عرسي الذي احتفلت به منذ شهرين أتت على كل ما ادخرته من مال.. يرجع الفضل في امتلاكي للبيت الذي أسكنه والسيارة التي تستعملها العائلة في تنقلاتها للقروض البنكية التي أراها أكثـر من ضرورية رغم أن نسب الفائدة المعتمدة مرتفعة.. لكن واش يدير الميت في يد غسّالو.. هما شهادتان من بين عشرات الشهادات التي أدلى لنا بها عدد من الجزائريين الذين اعتمدوا سياسة القروض البنكية أو الشراء بالتقسيط قصد قضاء حاجياتهم التي ما كانت لتقضى لو لم يعتمدوا على اقتطاع أموال من مداخيلهم الشهرية.قروض السيارات والسكنات تثقل كاهل الجزائريين لجأت كثير من العائلات الجزائرية في السنوات الأخيرة إلى اعتماد القروض الاستهلاكية لقضاء حاجياتها التي تتطلب أموالا معتبرة، وهي الطريقة التي اعتمدها المجتمع الأمريكي منذ عشرات السنوات والتي من شأنها أن تساعد الأسر على اقتناء ما تحتاجه من ضروريات الحياة بطريقة التقسيط المريح. ولمعرفة مدى انتشار ذات التعامل، ارتأينا استطلاع آراء بعض المواطنون الذين اعتمدوا على القروض الاستهلاكية بغرض قضاء عديد احتياجاتهم الأساسية.
تعتبر السيارة من الضروريات التي تحتاج إليها العائلات الجزائرية في تنقلاتها اليومية سواء للعمل أو للدراسة أو لأمور أخرى، وقد انتعش مجال شراء السيارات في السنوات الأخيرة بعدما لجأت عديد من البنوك سواء الوطنية أو الأجنبية التي ولجت السوق الجزائرية منذ سنوات إلى اعتماد القرض الموجه لتمويل شراء السيارات الجديدة، وهو ما جعل الإقبال عليها يزداد سنة بعد أخرى رغم أن قيمة الفائدة التي تفرضها ذات البنوك مرتفعة، حيث تصل 11 بالمائة من قيمة القرض، لكن ما باليد حيلة يقول عديد المواطنين الذين قابلناهم والذين أكدوا لنا أنه لولا صيغة القروض المعتمدة لما تمكنّا من اقتناء سيارة جديدة، غير أن الإشكال المطروح حاليا لدى عديد الأشخاص الذين اعتمدوا القرض البنكي يتمثل في سياسة بعض البنوك الأجنبية ومنها الفرنسية المعتمدة بالجزائر، حيث عمد أحد أكبر تلك البنوك، وبعد استقطاب اهتمام مئات إن لم نقل آلاف الجزائريين بسبب التسهيلات التي اعتمدها إلى سياسة العقوبات المالية، وعن هذه النقطة أكد لنا عديد المواطنين الذين اختاروا هذا البنك لتمويل سياراتهم أنه في الوقت الذي كانت فيه الغرامة المالية التي يعاقب بها البنك زبائنه حينما يتجاوزوا المدة المحددة للتسديد لا تتجاوز 200 دج، باتت ذات الغرامة منذ أشهر تقارب 2000 دج، ليضيف محدثونا أن الأجل الذي حدده ذات البنك بتاريخ الخامس من كل شهر لا يتوافق ومواعيد تلقي الرواتب الشهرية، وعن هذه النقطة أكد لنا السيد فاتح إطار بإحدى الشركات الجزائرية أنه لا يتلقى راتبه الشهري إلا في حدود تاريخ 15 من كل شهر، ليتساءل قائلا بالله عليكم من أين لي بـ15 ألف دج وهو المبلغ الذي أسدده شهريا كي أدفعه في الوقت الذي حدده ذات البنك، ليضيف قائلا إن السياسة التي اعتمدها ذات البنك منذ أشهر جعلني أدفع 2000 دج إضافية كل شهر لأنه من المستحيل أن أوفر المبلغ المطلوب علي تسديده خارج مرتبي الشهري. من جهته أكد لنا صحفي جزائري أن زوجته الأستاذة الجامعية اقتنت سيارة بالتقسيط، معتمدة على خدمات ذات البنك الأجنبي المعتمد بالجزائر، ليطرح لديها ذات الإشكال، علما بأن رواتب أساتذة الجامعات لا تصرف إلا بدءا من السابع أو الثامن من كل شهر، مضيفا أنهم باتوا مجبرين على دفع الغرامة المالية المقدرة بـ2000 دج كل شهر، ليقر عديد ممن تحدثنا إليهم أن اقتناءهم للسيارات باعتماد القرض البنكي بات نقمة عليهم، خاصة وأن هوامش الفائدة التي تفرضها أغلبية البنوك تثقل كاهل المواطن البسيط. يحدث هذا في الوقت الذي تعمد كل البنوك إلى استرجاع أرباحها خلال السنة الأولى للقرض، حيث تمنع ذات البنوك زبونها الذي حصّل مثلا على مال يمكّنه من تسديد قرضه في الأشهر الثلاثة الأولى، ولا تسمح بذلك إلا بعد اكتمال تسديد الديون.
أما عن القروض السكنية والتي انفردت بعض البنوك الوطنية في اعتمادها وعلى رأسها الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، فتختلف نسب الفوائد المتبعة بها، لكنها تبقى الوسيلة الوحيدة التي تمكّن الجزائري من اقتناء سكن، وعن هذه النقطة أكد لنا السيد مصطفى أستاذ ثانوي، أنه اعتمد على قرض أحد البنوك الجزائرية لشراء سكن مكون من 03 غرف بلغ سعره 260 مليون سنتم، مضيفا أن المبلغ الذي يسدده شهريا وعلى مدار 15 سنة هو 14 ألف دج، وعن رأيه في صيغة القروض، قال إنها حلول مفرحة ظرفيا لأنها طبعا تحل الإشكال، لكنها تدخل الشخص في دوامة لا تنتهي، خاصة وأنه من غير الممكن أن نتفادى القرض عند حدوث ظرف طارئ مثلا، حيث يتم الاقتطاع مباشرة من البنك الذي أستلم عنده مرتبي وهو ما يشعرني بأنني مرهون وعائلتي ككل، خاصة وأن زوجتي لجأت لقرض ثان خاص بالسيارة.
انتعاش القروض في الصيف :
اتفق معظم المواطنين الذي قابلناهم بعديد المحلات التجارية التي اعتمدت البيع بالتقسيط أنه حتى وإن توفرت لهم المبالغ المالية التي تمكنهم من شراء مقتنياتهم، فقد باتوا يفضلون الشراء بالتقسيط لأنه يجنّبهم وضع أموالهم في عملية واحدة. وفي هذا المجال أكدت لنا السيدة زهرة التي التقيناها بأحد محلات بيع الأثاث المنزلي بحي بلكور أن طريقة الشراء بالتقسيط مكنتها من شراء غرفة نوم لأطفالها وكذا صالون وطاولة، وذلك عندما انتقلت لبيتها الجديد، وما كان لها أن تشتري كل ذلك لو كان الدفع مرة واحدة.
من جهته أكد لنا السيد محمود، مسؤول المنازعات لذات المحل، أن اعتمادهم على البيع بالتقسيط فرضه اقتصاد السوق، مضيفا أنه من الأحسن اتباع هذه الطريقة التي تسمح بدخول وخروج السلعة عوض كسادها، وعن الفترة التي يكون فيها الإقبال على الشراء بالتقسيط ملحوظا، أشار محدثنا أنها تمثل فترة الصيف، وخاصة شهر أوت، مستشهدا بمبيعات التقسيط لشهر أوت المنصرم التي بلغت 72 طلبا، تمثلت في مختلف قطع الأثاث وعلى رأسها غرف النوم مقارنة مع مبيعات شهر جويلية التي لم تتعد 56 طلبا، لتقل الطلبات نسبيا خلال أشهر السنة التي تقابل فيها العائلات مصاريف مناسبات أخرى مثل الدخول المدرسي وشهر رمضان والأعياد.
وعن ذات الفكرة أكد لنا موظف بأحد البنوك التي تعتمد قرض السيارات، أنه عادة ما تنتعش عملية شراء السيارات خلال بداية الصيف لرغبة أرباب العائلات في قضاء عطل مريحة، ولا تكون وسيلة سفرهم سوى تلك السيارات الجديدة المقتناة بطريقة التقسيط.

 

المصدر:جريدة الخبر الجزائرية.








التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات