مواضيع اليوم

القرن 21 بعين واحد من ثلاثينيات القرن العشرين

           كنت ابحث وأنقب عن كتاب بين ركام الكتب المكدسة في مكتبتي ، وبالصدفة سقط بيدي كتاب بعنوان ( الدنيا بعد ثلاثين عاما ) من تأليف الأستاذ سلامة موسى . والكتاب مطبوع بالورق الأصفر الخام ( كورق الصحف ) وهو بلا تاريخ نشر ولكنة من نشر ( سلامة موسى للنشر والتوزيع وتحتها عبارة تراث من الكفاح الهادف ثم تحتها ص ب 912 القاهرة . ولعل الكتاب في ثلاثينات القرن الماضي .

الكتاب يتحدث عن موضوعات مختلفة ، وجميعها عما يتوقعه الكاتب أن يحصل بعد ثلاثين عاما في مصر والعالم . ومن مجمل الموضوعات لا يخفي الكاتب تفاؤله بالمستقبل ، وتطلعه إلى غد سيكون الأفضل لمصر والعالم .
سأقتطف لكم بعض الأفكار من بعض المقالات ، راجيا أن يكون في ذلك إطلالة على ما حصل في أكثر من ستين عاما وليس ثلاثين عام كما توقع سلامة موسى .

مقالة بعنوان ( كتب التكهنات ) :

يقول الكاتب ( قبل شهرين كتبت أدعو إلى العناية بالطائرة الجديدة التي اخترعها الطيار ( عثمان حمدي ، والتي لا تزيد تكلفتها على 150 جنيه (مصري ) وفي هذا الأسبوع قرأت عن طائرة اخترعها رجل فرنسي وطار بها في انجلترا ، ولا تزيد تكاليفها عن 70 جنيه ، وليس بعيدا أن تعود الطائرة كالبسكليت .
تعليق محمود المصلح :
ترى هل أصبحت الطائرة كالبسكليت ، وهل أصبح في مقدور العامة من الناس الركوب فيها واستخدامها ، خاصة في مصر ، بلد الكاتب ، والوطن العربي . الذي لم يذكره في كتاباته في هذا الكتاب بل كان يقول على الدوام مصر ودول العالم .

مقالة بعنوان ( سيطرة العلم القادمة ) :

يقول : والعالم الذي استغل غاز النيون للإعلانات والاستصباح هو ( جورج كلود الفرنسي ) ، وقد أراد هذا العالم أن يدخل مجلس النواب فرشح نفسه للانتخابات ، وقصد إلى دائرته ومعه شحنة ( أتومبيل ) كبير من الأجهزة العلمية ، ثم وقف يخطب فقال :
(( أنا لا اعرف شيئا عن السياسة ، وعندي أن ما تحتاج إليه فرنسا ليس هم رجال السياسة المشبعين بالروح الحزبي ، بل هم الكيميائيين الطبيعيين والمهندسين والعلماء والخبراء بالآلات التي تطبع حضارتنا بطابعها .
انتخبوني وأنا أحاول أن اجعل فرنسا أعظم مما هي بالعلوم والهندسة ، وانظروا كيف اعرض عليكم هذه الأجهزة العجيبة ))
ثم شرع يعرض عليهم عجائب علمية ، ويشرح لهم قيمتها إذا هي استعملت في المدن والحياة العامة ، ولكنه سقط في الانتخابات ، وتغلب عليه مرشح يجيد الكلام في ذلاقة عن الوطنية والحرب وألمانيا والتاريخ وفرنسا الخ .
تعليق محمود المصلح :
كثيرا ما تغرر السياسة بالناس العامة ، وينقادوا إلى الأقوال وليس الأفعال ، ولعل هذه السنة ما زالت فاعلة إلى اليوم . فالكثير من العلماء والقادة والمفكرين ، في عالمنا العربي لم يتمكنوا من إقناع العامة بانتخابهم أو التصفيق لهم ، بل يذهبون إلى من يجيد فن الكلام واللعب على الحبال . على الرغم من تجربتهم لهم أكثر من مرة لأكثر من عقد من السنين .

مقالة بعنوان ( مستقبل الصحة ) :

ولكن ظني أننا في السنوات الثلاثين أو الأربعين القادمة سنزداد ثروة بدخولنا في الحركة الصناعية ، وهذه الحركة زيادة على ما ستوفره من الطعام الكافي والمسكن للصحي ، بزيادة الثراء العام ، سوف توجهنا توجيها جديدا ، وعندئذ تعود الموضوعات التي تهملها حكومتنا وصحفنا والرأي العام موضوعات حيوية نشتغل بها ونهتم لها اكبر الاهتمام ، فلن ننفق أموالنا على الأبهة الكاذبة بإنشاء مفوضية جديدة ، ولكن سنعنى بتوزيع زيت السمك في المدارس ، ولن نباهي بان رئيس الوزراء عندنا هو وسائر الوزراء ينالون من المرتبات مالا مثيل له في العالم إلا بريطانيا الغنية ، بل نباهي بان لفلاحنا مرحاضا في منزله ، وانه حين يتبرز لا يفعل كالقط ، ونفاخر ببناء المصحات والمستشفيات .
تعليق محمود المصلح :
هل تمكنت مصر فضلا عن العالم العربي من دخول الحركة الصناعية ، باستثناء صناعة الكعك والبسكويت ..إلى جانب صناعة الخوف والفقر والجوع والتخلف في ثالوثة البشع الفقر والجهل والمرض ، فلا تزال مصر والعالم العربي في أدنى سلم درجات التنمية حسب المعايير الدولية .
ولم يتحسن دخل المواطن المصري ، ولم تبنى المستشفيات ولكن زادت السجون وتطورت وسائل القمع المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية ، ولا يزال اغلب الريف المصري يشرب من الترعة ولم تصله أنابيب المياه أو الصرف الصحي كما في اغلب بلدان الوطن العربي.
ولا يزال الشعب المصري يكافح من اجل لقمة الخبز في معظم بلدان العالم ، كما لا يزال يكافح من اجل الاستقلال عن الاستعمار الوطني ، بقيادة زمرة النظام الحاكم الطاغية .

مقالة بعنوان ( ملابسنا القادمة ) :

هناك تطورا آخر سيطرأ على الملابس من الناحية الصناعية ، فان ملابس القطن ستزول لكي تحل محلها ملابس الريون ، وكذلك ملابس الصوف التي ستأخذ مكانها أقمشة كيماوية ، وقبل أيام ذكرت الصحف الايطالية أن الايطاليين سيستغنون عن الصوف الخام بغزل جديد يصنعونه من اللبن .

وعندي أن هذه الأقمشة لن تغنينا عن القطن والصوف لا لأنها امتن منها بل العكس هو الصحيح لان الناس في المستقبل لن يطلبوا المتانة ، بل هم سيطلبون سخافة اللباس بحيث يمكن الاستغناء عن غسله وكيه فيشتري أبناؤنا وأحفادنا مثلا القماش بتافه الأثمان ثم يلبسونه بضعة أسابيع حتى إذا بلي نبذوه واشتروا الجديد مكانه .

تعليق محمود المصلح :
تطرق الكاتب في الفقرة السابقة لهذه الفقرة عن العري والتخفف من الملابس ، وتطرق غالى اثر الملابس على الناحية الجنسية عند النساء والرجال ، فالعري لا يغري مثلما تغري الملابس التي تكشف أكثر مما تخفي ، وتجسم ، وتشف عما تحتها ، ولعل اليوم هو مثالا حقيقيا للتخفف من الملابس ، ولكن ثمة ملابس ذات جودة عالية بأرخص الأسعار ، لما توفره التكنولوجيا والعلم من إمكانيات لتوفير المزيد من البدائل للأقمشة القطنية والصوفية التي كانت سائدة .

مقالة بعنوان ( اللغة العالمية ) :

وإذا نستطيع أن نتكهن بان اللغة الانجليزية سوف تكون اللغة العالمية قريبا ، وستكون لغة التجارة والثقافة ، يتعلمها كل فرد من أبناء الأمم المستقلة إلى جنب لغة الأصلية .

تعليق محمود المصلح :

نعم ، لقد أصبحت اللغة الانجليزية هي اللغة العالمية ، وهي لغة الفن والأدب والتجارة والمؤتمرات ، وهي اللغة الأكثر تداولا بين الناس ، فنادرا ما تجد امة ذات لغة محددة لا يعرف الكثير من أبنائها اللغة الانجليزية ، ولعلها أصبحت اللغة العالمية بحق .
ففي الكثير من دول العالم التي كانت خاضعة لسيطرة بريطانيا العظمى ( الدولة التي لا تغيب عنها الشمس ) نجد الكثير من هذه الدول تعتمد اللغة الانجليزية كلغة ثانية رئيسة في البلاد ، وفي وطننا العربي الكثير من الدول التي تدرس اللغة الانجليزية كمادة أساسية جنبا إلى جنب مع اللغة العربية الأم من مراحل التعليم الأولى و التمهيدي والأساسي وثانوي وصولا إلى التعليم الجامعي الذي لا تزال الكثير من مواده تدرس باللغة الانجليزية .

بل إن من مظاهر الحضارة والتقدم والرقي عند الكثير من الناس وخاصة الطبقة الراقية لا يتكلمون إلا باللغة الإنجليزية ، وهم يظنون أنهم بذلك يحسنون صنعا . ويفتخر الكثير من أبناء المجتمع العربي بإتقان أولادهم للغة الانجليزية .
ملاحظة : ثمة موضوعات كثيرة أخرى ، وهي جميعا تستحق الاطلاع عليها ولكني حاولت أن اجمع أطرفها وأكثرها موضوعية في مجال البحث .
 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !