القرن الأفريقي بالإنجليزية Horn of Africa ، هي المنطقة الواقعة على رأس مضيق باب المندب من الساحل الأفريقي، وهي التي يحدها المحيط الهندي جنوبا، والبحر الأحمر شمالا، وتقوم عليه حاليا: أرتيريا، جيبوتي، الصومال، أثيوبيا.ويدخل فيها بعض الجغرافيين السودان وكينيا. والقرن الأفريقي منطقة استراتيجية بالنسبة لآسيا وأفريقيا، فهو يحد باب المندب، المضيق المخرج من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي
تكتسب منطقة القرن الأفريقي أهمية خاصة للدول الكبرى نظرا لموقعها الإستراتيجي (سواء أكان الحديث عن المنطقة بمفهومها التقليدي الذي يضم 4 دول فقط، هي أثيوبيا وجيبوتي والصومال وإريتريا)، أو بمعناها الواسع أو الجغراسياسي؛ حيث يدخل في إطار هذا المعنى الدول ذات المصالح أو النزاعات مع دول القرن التقليدية.
وفي هذا الوضع يمتد نطاق القرن الأفريقي ليضم السودان وكينيا وأوغندا. ولعل هذا المعنى الأخير هو الذي يدخل في إطار سياسة الولايات المتحدة التي تروج في الآونة الأخيرة لإقامة منطقة القرن الأفريقي الكبير.
فالقرن الأفريقي يكتسب أهمية حيوية من الناحية الجغرافية؛ نظرا لأن دوله تطل على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية. ومن ثم فإن دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوربا والولايات المتحدة. كما أنها تُعد ممرا مهما لأي تحركات عسكرية قادمة من أوربا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.
ولا تقتصر أهمية القرن الأفريقي على اعتبارات الموقع فحسب، وإنما تتعداها للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في السودان، وهو ما يعد أحد أسباب سعي واشنطن تحديدا لإيجاد حل لقضية الجنوب. وكذلك في الصومال.
ولعل أحد تفسيرات تدخّل واشنطن في الأزمة الصومالية بعد نشوبها عام 1990، هو بداية ظهور البترول في الأراضي الصومالية، خاصة أن واشنطن لم تتدخل منذ بداية الأزمة، وإنما تدخلت بعد عام ونصف من اندلاعها.
واكتسبت منطقة القرن الأفريقي أهمية ثالثة بعد بروز القوى الإسلامية في العديد من دول المنطقة، ومطالبتها بتطبيق الشريعة الإسلامية، سواء أكان ذلك في السودان أو الصومال، أو حتى في إقليم الأوجادين الصومالي المحتل من قبل أثيوبيا.
وازداد الاهتمام بالمنطقة بعدما تردد أن هذه القوى الإسلامية الداخلية لها اتصالات ببعض القوى الإسلامية الخارجية، مثل تنظيم القاعدة. وبدأ الحديث مثلا عن علاقة الاتحاد الإسلامي الصومالي بتنظيم القاعدة، وأن الأخير هو السبب في تفجير سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998. ولعل هذا كان سببا في الحديث عن إمكانية قيام
الوجود العسكري الأمريكي في القرن الأفريقي واليمن
حسب الكاتب والصحفي وليم أركِن في كتابه "الأسماء المشفرة"، شكلت قيادة فرعية في شهر 10 /2002، ضمن القيادة الوسطى الأمريكية الممتدة من القرن الأفريقي لآسيا الوسطى USCENTCOM، بغرض تنسيق عمليات "مكافحة الإرهاب" في اليمن ودجيبوتي وأرتيريا والصومال والسودان وأثيوبيا وكينيا، أي حول الدائرة الجنوبية للبحر الأحمر.
وتسمى هذه القيادة الفرعية قوة التدخل المشتركة في القرن الأفريقي Combined Joint Task Force in the Horn of Africa, CJTF-HOA.
ومقرها دجيبوتي البلد العربي الأفريقي الصغير البالغ عدد سكانه حوالي 650 الف نسمة. وتعتبر دجيبوتي القاعدة الأمريكية الإقليمية الرئيسية في إقليم القرن الأفريقي، بالرغم من الوجود العسكري الفرنسي المكثف فيها. وتعتبر دجيبوتي "دولة مواجهة" في "الحرب على الإرهاب", وتستضيف القاعدة الأمريكية العسكرية الوحيدة جنوب الصحراء الكبرى حتى عام 2004. وهي محطة رئيسية للقوات الأمريكية الإقليمية براً وبحراً وجواً، ولإذاعة صوت أمريكا التي تبث منها على الموجة المتوسطة وموجة الأف أم، ناهيك عن موجة العمالة منقطعة النظير...
وقد أطلقت السي أي إيه في شهر 11/ 2002، أي بعد شهر من تشكيل قوة التدخل المشتركة في القرن الأفريقي CJTF-HOA ، طائرة بريداتور Predator من دجيبوتي باتجاه اليمن لتنفيذ عملية اغتيال أبو علي الحارثي المتهم بالتخطيط لعملية المدمرة الأمريكية كول الموجعة في مرفأ عدن عام 2000.
ودجيبوتي عضو في التحالف الثلاثيني على العراق، و"مبادرة مكافحة الإرهاب شرق أفريقيا"، وقد رسمت "منطقة قتال" اعتباراً من 1/ 7/2002، وكانت طلائع القوات الأمريكية قد وصلتها في شهر 6 / 2002 لتحل في معسكر ليمونييه التابع للفرقة الأجنبية الفرنسية سابقاً. وتستضيف دجيبوتي دورياً فصائل من المارينز، من الفرقة العاشرة الجبلية، ومروحيات وطائرات نقل، وموظفين مدنيين وشرطة عسكرية وأمن عام ومهندسين أمريكيين. وكل ذلك مقابل 90 مليون دولار سنوياً فقط لا غير...
وتتعاون فرنسا مع أمريكا في حفظ أمن القوات الأجنبية والدفاع الجوي، إذ يقيم 2700 جندي فرنسي في البلاد، وتبقى الفرقة الأجنبية الفرنسية لواءً في دجيبوتي، كما يوجد مستشفى عسكري فرنسي عالج المصابين بعملية المدمرة كول، وتشارك الطائرات الفرنسية منها يومياً بمهمات الاستطلاع الاستخبارية للتحالف .
محطات مراقبة وتجسس في أريتريا: كانت اسمرة، عاصمة أريتريا، يوما ما محطة المراقبة الرئيسية لأفريقيا و"الشرق الأوسط"، حتى أواخر السبعينات عندما أغلقت المحطة وقلصت القوات الأمريكية بشدة بقرار من نظام منغستو الأثيوبي. وبعد استقلال أرتيريا، يتكهن وليم أركِن أن وكالة الأمن القومي NSA ومجموعة الاستخبارات 26 بسلاح الجو الأمريكي عادتا إلى أرتيريا في التسعينات، بعد فقدان أمريكا مواقعها العلنية في الصومال. والحديث عن قاعدة Kagnew التجسسية التي أسسها البريطانيون ووسعها الأمريكيون بعد استلامها، ويقول أركِن أن القاعدة الموجودة قرب أسمرة ما زالت تعمل تحت العهدة الأرتيرية، ولو بحضور أمريكي أقل شأناً. كما يوجد على أو قرب جزيرة دهلك الارتيرية قاعدة اتصالات وسلاح إشارة مشتركة بين وكالة الأمن القومي الأمريكي NSA والكيان الصهيوني...
اليمن: كان تحسن العلاقات العسكرية والأمنية اليمنية-الأمريكية في أواخر التسعينات وراء زيارة المدمرة كول لمرفأ عدن حيث استهدفتها القاعدة. وقد تصاعد التعاون الأمني بعدها، وزاد التنسيق والتدريب على "مكافحة الإرهاب"، ووصل التعاون ذروته في 3/11/2002 في العملية المشتركة لاغتيال أبو علي الحارثي كما ذكر سابقاً. وتتدرب القوات الخاصة اليمنية مع القوات الخاصة والأجهزة الأمنية الأمريكية لإغلاق خطوط باب المندب على الإرهابيين المتوجهين إلى شرق أفريقيا.
وتقوم البحرية الأمريكية بزيارات منتظمة للمرافئ اليمنية، واعتباراً من 10/4/2002، أعلنت اليمن "منطقة قتال" ، ويذكر وليم أركِن أن القاعدة السوفياتية السابقة في جزيرة سوقطرة اليمنية أصبحت تابعة لسلاح الإشارة الأمريكي US Signit، أما المستشارون العسكريون ووحدات العمليات الخاصة الأمريكية التابعة لقوة التدخل المشتركة في القرن الأفريقي CJTF-HOA فقد سمح لها بالحفاظ على وجود عسكري دائم بحجة التدريب.
التعليقات (0)