القرار رقم(1)..متى يصدره الرئيس؟

عندما أتابع الأحداث منذ فوز الرئيس د.محمد مرسى ..أشعر بأن هناك ما لا يمكن أن أصل إليه من حقيقة الأمر،فأسأل نفسى..لماذا لم يصدر الرئيس هذا القرار الذى يستحق السرعة وينتظره المصريون؟ وما أعنيه ليس قراراً بعينه بل الكثيرمن القرارات،فقد انتخبنا رئيساً معبراً عن الثورة..وكانت تصريحاته فى وقت الانتخابات تدل على أنه سيكون قادراً على إحداث كل تغيير مطلوب،وكل قرار يأمل فيه الشعب،..فهو بطبيعته ثائرعلى الظلم وقد عايشه،وثائر على القهر والفساد وقد حاربه،وثائرعلى ما يغضب الله،وما يضر الوطن..فكنت أتخيل بعد فوزه أن هناك عدة قرارات سوف يتخذها الرئيس جملة ولا تأخير فيها،قرار بتغييرات جوهرية فى الجهات الأمنية،فهو مطلب رئيسى وأهم المطالب..فقد عانى المصريون كثيراً من عدم وجود الأمن وانتشار البلطجة..وفقدان الأمن يشعر المواطن بالخوف وعدم استقراره ويفقده التركيز فى عمله وفى حياته ككل..فلم يحدث؟..قراربتغييرات فى رؤساء الهيئات والمؤسسات الفاسدين..فلم يحدث؟..قراربتغيير القائمين على الإعلام الذى لا يعبر عن حقيقة مصر العريقة العظيمة بثقافتها وتاريخها..فلم يحدث؟..قراربرفع الظلم عن المعتقلين السياسيين خاصة الثوار..فلم يحدث إلا الإفراج عن بعضهم؟..قراربرفع المعاناة عن العاطلين بإيجاد معونة شهرية تساعدهم هم وأسرهم على الحياة اليومية..فلم يحدث؟..قراربتعيين العمالة المؤقتة ومعالجة حقيقية للمطالب الفئوية..فلم يحدث؟..قراربتحسين خدمات المواطنين من كهرباء وعيش وغاز ومواصلات ..وغيره..فلم يحدث؟..قرار بمحاسبة ومحاكمة من سرقوا ثروات مصر فى عدة عقود..فلم يحدث؟..قراربمعرفة ومحاكمة قتلة المصريين فى بورسعيد وما تبعها من قتل للشباب المصرى فى عدة أحداث..فلم يحدث؟..قرارات كثيرة كنا ننتظرها..وكنت أتوقع صدورها بمجرد أن يتسلم الرئيس الحكم بعد ثورة ضد الظلم والفساد والفقر..وبعد انتظار طويل ليجد المصريون أى نتائج حقيقية أو ملموسة للثورة التى عظمها العالم وشهدت بها كل الدول على أنها من أعظم الثورات فى التاريخ؟...فما الذى حدث ؟
الذى حدث هو زيادة نقص الخدمات..انقطاع للكهرباء بشكل مستمر فى جميع المحافظات..وحالة استياء شديدة من المواطنين،ومعاناة أكثر فى الحصول على العيش والغاز وصعوبة أكبرفى المواصلات..،وزيادة حالات القتل والبلطجة،واستمرار الإعلام كما هو دون تغيير بل زاد سوءاً وإسفافاً،وزيادة البطالة وتعطيل المصانع وتراجع الاستثمار،بل ما جعل الأمر يفوق التصور انهيار الأمن وقتل الجنود على الارض المصرية فى سيناء...هذه بعض النتائج التى تمت بعد فوز الرئيس د.مرسى ..إلا إننى كنت أبحث عن أسباب مقنعة لتلك النتائج،فكيف لرئيس يمتلك كل صفات النجاح ليكون فارقاً فى تاريخ مصر أن تكون تلك هى إنجازات الأيام الأولى فى ولايته،وهى بالطبع إخفاقات وليست إنجازات؟فتوصلت لنتيجة مهمة..وأدركها كثير من المصريين المتابعين للأخبار والأحداث..فلم انتبه لتجاوزات توفيق عكاشة وسباب محمد أبو حامد،وكذب مصطفى بكرى..وإن استحقوا الانتباه والتوقف كثيراً فقد ملأوا الإعلام والصحف بمعاداتهم للرئيس بل والتطاول عليه..ولم أنتبه لتمرد الداخلية،وتعاون الإعلام الفلولى الخاص مع رجال أعمال الحزب الوطنى السابق لنشر أكاذيب والقيام بحملة عدائية واضحة ضد الرئيس،ولم أنتبه للحصار الذى يفرضه المحتكرون للسلع من أقطاب النظام السابق..ولم أنتبه لأكثر من ذلك من حملات ظاهرة ومدبرة،ومعلوم من يقوم بها ضد الرئيس،...وإنما انتبهت الى كل ذلك معاً،وأدركت أن هناك قوة أخرى تريد عرقلة الرئيس فى تنفيذ برنامجه وأدركت أيضاً لماذا لم يقم الرئيس بإصدار القرار رقم ( 1)..وهو أى قرار فيما ذكرته من أولويات عاجلة ينتظرها الشعب..أدركت أن الرئيس لا يريد إلا الخير والإصلاح،ولا يريد إلا أن يكون رئيساً لكل المصريين..ولا يستبعد أو يقصى أحداً،أدركت انه رجل صبور وقوي بإيمانه بالله،وأن يقينه انه منتصر من أجل الفقراء والمظلومين،فهو يدرك حمل المسئولية الكبيرة التى وجد نفسه فيها..ومطلوب منه معالجة فساد نظام عدة عقود،أنتج الفقر والظلم بكل أشكاله.
لكن الأمر الآن يحتاج بالفعل لإحداث قرارات حاسمة وقوية حتى نبدأ ولابد من مواجهة الفاسدين فى كل القطاعات،الإعلام والاقتصاد والمسئولين عن تقديم الخدمات للمواطنين،فلا الصبر أصبح يفيد،فهم لن يتراجعوا بأنفسهم كما ظننت،فلابد لهم من قوة حاسمة وقانون صارم ومعاقبة شديدة تضرب على أيديهم،فلابد أن تكون القرارات متوافقة مع الحال والتوقيت،وإلا فقدت قيمتها وتأثيرها،سيدى الرئيس كفاك صبراً واتخذ القرار رقم (1).لأن حال مصر والمصريين لم يعد يطاق .
----
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى
sarhansoliman@yahoo.com

صفحتنا على الفيس بوك

https://www.facebook.com/Dr.SarhanSoliman