قالت المحكمة الدولية أن نظام بشار قتل الحريري ، فخرجت سوريا من لبنان بأسرع ما يمكن تحت وطأة الثورة الشعبية المنادية بالقصاص .
وعلى مايبدوا ، فأن القوى الدولية اللتي تقف وراء المحكمة الدولية قد أستمرأت الأمر ، فأرادت أن تتخلص من الهم الحقيقي اللذي يقض مضاجع طفلها المدلل ، فحولت الأتهام الى حزب الله ، لعل وعسى أن يستطيع لبنانيوا 14 آذار ، من تخليصهم من لبنانيي 8 آذار ، فيعيش الصهاينة بسلام .
لكن المشكلة هذه المرة أصعب بكثير ، فقواعد الجيش السوري موجودة خارج الأرض اللبنانية ، والنظام السوري وأن كان حينها يتدخل بجيشه مباشرة في لبنان بطلب من الحكومة اللبنانية ، الا أن هذا الجيش يظل جيشا أجنبياً بالعرف الدولي ، وأغتياله للحريري وفقا ً لتحقيقات المحكمة الدولية آنذاك ، جعل من وصفه ضامناً لأمن لبنان وصفاً باطلاً ، فأنتفى دوره في لبنان وانتهى وقت بقائه على ارضه .
أما اليوم فالأتهام موجه الى قوى ممثلة للجزء الآخر من الشعب اللبنلني ، الى قوى 8 آذار ، لأن الجميع يدرك أن حزب الله هو تسعين بالمئة من هذه القوى ، لذا فأن المطالبة بمحاكمة حزب الله ، الممثلة بمحاكمة الأربعة من أعضائه اللذين وردت أسمائهم في القرار الظني ، تعني فيما تعنيه أن يقف نصف الشعب اللبناني بمواجهة حقيقية مع نصفه الآخر .
لا نعرف أن كان الجميع في لبنان لايزال يدرك هذه الحقيقة ، فتصريحات الأمس اللتي كانت تؤكد على أن دم الحريري لن يكون أبداً سببا للفتنة بين اللبنانيين ، أصبحت خافتة ، وأصبحنا نسمع كلاماً مثل أن “العدالة تقدم اليوم فصلاً جديداً من فصول الحقيقة ، وما من شيء يستطيع أن يعطل روح العدالة” ، وهو ما يثير تسائلات مخيفه ، عن ماهية هذه الأشياء اللتي لا تستطيع تعطيل روح العدالة .
في لبنان ، كما في بلدي العراق ، يحكم دستور طائفي أسسه الأحتلال ، لذلك نرى أوجه الشبه الكبيرة بين الوضعين هنا وهناك .
عندما نؤسس نظاماً ينتمي الى أيام العرب في الجاهلية ، لا يجب أن نتذمر من أن تغزوا هذا القبيلة تلك ، أو أن تمنع هذه الفئة ، الدولة من فرض سيطرتها على جزء من أرضها ، أو أن تحرم فئة معينة من حقوق المواطنة لأنها بدون أنياب .
عندما أرتضى اللبنانيون بالأمس ، " كما يفعل العراقيون اليوم" ، أن يكون مقياس كفآئة رئيس الوزراء هو أنتمائه الى الطائفة السنية ، ومقياس كفآئة رئيس الدولة هو أنتمائه الى الطائفة المارونية ، وأن الوزارة الفلانية لا تصلح لأن تمارس عملها ألا أذا كان وزيرها من الطائفة الدرزية أو الشيعية أو الكاثوليكية ... فهم أرتضوا بذلك أن يكون منطق القوة هو السائد ، وشريعة الغاب هي الحاكمة .
لذا فعلى اللبنانيين ، " كما على العراقيين " ، أن يحاكموا نظامهم قبل أن يحاكموا قتلة الحريري ، لأن الحريري وغيره أغتيلوا ، يوم أغتيلت العدالة بقبول دستور المحتل الفرنسي الجاهلي .
أما العدالة الدولية اللتي تريد محاكمة حزب الله اليوم وفقا لتحقيقات "ظنية" ، أي غير مؤكدة ، بينما تترك أولمرت وباراك وقادة جيش الكيان الصهيوني اللذين أعتبرهم جولدستون مجرمي حرب بقرار أممي "مؤكد" ، فهي دليل آخر على أن شريعة الغاب هي اللتي تحكم العالم اليوم .
التعليقات (0)