لا تمثل آيات القرآن وسننه ثوابت جامدة كما قد يتوهم المسلم من أول وهلة ، بل هي بمثابة المصابيح المضيئة التي تضيء للمؤمن بها وقائع الحياة
و قضاياها المتجددة دون زيادة أو نقصان .. مما يتيح للمسلم اختيار ما يلائم فطرته و طبيعته وقناعاته في اجتراح الأعمال و المكتسبات ... فإن كانت طبيعته خيرة حفزته بصائر القرآن على اجتراح الأعمال الخيرة و دفعت به أشواطا إلى الأمام و هدته إلى سواء السبيل ، و إن كان شريرا زادته آيات القرآن و سننه عمى و قذفت به أشواطا لارتكاب المعاصي واجتراح المزيد من الشرور و الآثام ... و كل واحد من الخلق يجد ضالته في آيات القرآن .. و هنا يكمن سر آخر من أسرار القرآن المعجز ؟ و هذه السمات التي يتسم بها القرآن تتجاوز كل قدرات البشر و كل الخلق أجمعين ، مهما أوتوا من بلاغة القول و الحديث .
يمكن تشبيه آيات القرآن الكريم بالشمس التي تشرق كل صباح و تضيء الكون بأشعتها ... فهي لا تضيء نفس الأشياء كل يوم بل قد يتغير ما تضيئه الشمس في كل لحظة ... كذلك ما تضيء به آيات القرآن في زمن قد يختلف اختلافا جذريا عما أضاءت به في زمن مختلف ... فكل من الشمس و آيات القرآن هي كائنات حية مخلوقة لله رب العالمين ... على عكس ما يصنعه الإنسان و ينتجه فهي منتجات تفتقد الحياة ... وهي منتجات جامدة بل إن الإنسان نفسه قد يصبح كائنا ميتا دون أن يشعر إذا لم ترتبط روحه بخالقها و تستنير بنوره في الحياة ... يقول عز و جل : أو من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون . سورة الأنعام الآية 122.
إن آيات القرآن الكريم ما هي إلا بصائر للناس و سراج منير ... فإن كنت أعمى البصيرة كنزار النهري و دراويش الإسلام وعلمانييه ..؟ و ميالا لمخالفة سنن الفطرة التي فطر الله الناس عليها و تغيير خلق الله في الأكل و الشرب و ممارسة الجنس و البغي على خلق الله .... فإنك حتما ستجد كل المبررات و المؤيدات " العلمانية " لشذوذك .. فإن كنت من السحاقيين أو المثليين فإنك لن تجد – ي- أي نص قرآني يحرم عليك شذوذك ... و هذا ما ارتأته صاحبة كتاب " حيرة مسلمة " ، و إن كنت أحد أتباع الأنظمة العربية المتخلفة ... فستجد كل المبررات لإتباع هؤلاء الفراعنة المجرمين باعتماد " طاعة أولي الأمر " .
فالقرآن كالنظارة إن كانت النظارة التي تلبسها خضراء أرتك الوجود أخضر
أو كانت سوداء أرتك الوجود أسود .. و إن كنت قد استطعت أن تفلح في تزكية نفسك من أدران الدنيا و جهلوت الإنس و الجن فإن آيات القرآن ستلج بك إلى اكتشاف حقائق الوجود كما هي دون زيادة و لا نقصان و سترى الأحمر أحمر
و الأخضر أخضر و الأسود أسود و الحلال حلالا و الحرام حراما ... لأن حقائق الوجود مركون في جوهر الذات البشرية ... لذلك كانت مهمة الأنبياء و المرسلين عليهم السلام " تذكير " أقوامهم بهذا الجوهر و ليس "تعليم " لأن : "الذكرى تنفع المؤمنين". أما غير المؤمنين و الشواذ عموما عن قوانين الفطرة فلا فائدة مطلقا من محاورتهم أو تذكيرهم :
" و سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون "
و أمثال نزار النهري ... فلن تنفع معه الذكرى و لو بعث الله له " ملكا رسولا" لأن جوهره قد فسد منذ زمن " بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" من الإثم
و البغي و الفسق و محاربة دين التوحيد ...
التعليقات (0)