الكاتب / نذير مصمودي
استمرار قادة المجلس الليبي الانتقالي في اتهام الجزائر بالتدخل في الشأن الليبي ودعم القذافي بالمرتزقة والسلاح، جعلني أشعر بانحراف سياسي شائن في مسالك هؤلاء،
وضياع أنصبتهم من الحكمة والذكاء، بل وخامرني خوف من مؤامرة في الأفق، وخوف على مستقبل ليبيا نفسها قد تبدأ بوصول هؤلاء إلى طرابلس على ظهر دبابات فرنسية مثلما وصل أشباههم إلى بغداد في العراق على ظهر الدبابات الأمريكية، وتنتهي بتهديد أمن الجزائر واستقرار حدودها الشرقية.
هل نحن مع القذافي؟
أنا كمواطن جزائري غير معني بواجب التحفظ، لا أتردد في القول بصريح العبارة، إنني أكره هذا الرجل وأبغضه لسببين على الأقل:
1 ـ لأنه ومنذ انقلابه على الملك السنوسي (ذي الأصل الجزائري) وهو يكره الجزائر ويحسدها،
ويسعى بجنون لإحراز انتصارات في ميادنها الداخلية والخارجية. والذين يعرفون هذه الحقيقة، يعرفون جيدا لعبه المتكرر بورقة التوارق في الصحراء الجزائرية،
واتهامنا بسوء معاملة هذه الفئة من الشعب الجزائري، ومحاولاته المتكررة لكسب ولائها واحتوائها استعدادا لإعلان نفسه كما هو معروف ملك ملوك إفريقيا.
2 ـ السبب الثاني، وهذا ما لا يعرفه الرأي العام الجزائري، هو أن هذا القذافي الذي نتهم بالوقوف إلى جانبه، كان أول من تخلى عن الجزائر في محنتها الوطنية، ورفض منحها في عهد زروال قرضا ماليا (7 ملايير دولار) ولو أن هذه المساعدة كانت من باب القرض الحسن ولم تكن من باب الصدقة أو الكسب غير المشروع.
لكن والحق يقال، إن هذا الرجل رغم ما عليه، لم يكن يشكل تهديدا فعليا لأمننا الحدودي، مثلما يشكله الآن قادة الثوار بعد أن جلبوا لبلدهم قوات أجنبية، ليست عربية ولا إسلامية ولا حتى إفريقية، بما فيها الطائرات القطرية التي شاركت في قصف كتائب القذافي بسلاح وقيادة فرنسية.
صحيح أن القذافي، هو من برر بطريقة أو بأخرى تواجد هذه القوات على أرضه أو أعطى الفرصة لحكومات أوربا وأمريكا للاقتراب من مصادر البترول الليبي والتحكم فيه، لكنه بالتأكيد سيكون أقل سوءا وأخف شرا ممن طلب هذه القوات، ورفع أعلامها في ميدان التحرير إلى جنب علمه الوطني الجديد، وبدأ يمهد لجلب قوات برية أجنبية قد تدخل ليبيا ولا تخرج منها.
أغبياء هؤلاء الثوار
أعتقد أن دخول البيوت، لا من أبوابها ولا حتى من نوافذها، بل فجوات تصنع في جدرانها، هو سلوك لصوصي، حتى وإن غطاه صاحبه، بركعات يؤديها أو كلمات طيبة يرددها.
وهل يصبح صاحب البيت مجرما أو متهما، إذا ما تيقظ لهذا المتسلل المريب، واستعد لقطع يده؟
ألم يفهم هؤلاء الأغبياء أن الجزائر كدولة لو أرادت التدخل بالفعل في الشأن الليبي والوقوف مع القذافي، هل ستكتفي بإرسال بضعة مرتزقة وبضعة سيارات مثلما يزعم الثوار، وهي التي تملك من القوة العسكرية والرجال ما يكفي لاحتلال ليبيا كلها في بضعة أيام؟ هل يمكن أن يعبر زعم الثوار عن نية الجزائر في التدخل في الشأن الليبي، أو تنسجم اتهاماتهم، مع دولة هم يعرفون ثقلها العسكري والسياسي في المنطقة؟
أم أنهم يريدون بمثل هذه التهم، الانخراط فيما يقال إنه مؤامرة مغربية فرنسية على الجزائر؟
وحتى في هذه الحالة سيكونون أغبياء جدا، إذا لم يستفيدوا من درس جارنا المغربي الذي أخذ "طريحة " عندما سولت له نفسه المساس بوحدتنا الترابية، وتوهم أن "تندوف" أصبحت تركة مهملة لم يعد صاحبها قادرا على الدفاع عنها.
ثم أليس من الغباء الفادح، أن يبدأ هؤلاء مشوارهم "الثوري" بمعاداة دولة جارة، هم يعرفون ثقلها في المنطقة، ويعرف أذكياؤهم ورشداؤهم أن كسبها في هذه المرحلة، هو كسب استراتيجي،
لا يستغني عنه إلا غبي أو أبله!!
إن موقف هؤلاء، سواء كان عن غباء أو عمالة، هو في نهاية المطاف من قبيل اللعب بالنار،
وعلى وزير خارجية الجزائر أن يكون في مستوى حرارة الدماء التي تجري في عروق الجزائريين. أو يستقيل.
تحيا الجزائر... ويحيا كل الجزائريين حتى وإن اختلفنا معهم.
نذير مصمودي
التعليقات (0)