طالما دعا القذافي لإنشاء الخلافة الفاطمية، لربما لأسباب طبعا هو من يعرفها، لكن ألا يمكن أن نرمي حجر التخمين؟ هل لأن الخلافة الفاطمية تأسست و انطلقت من ليبيا حاليا ثم انتقلت إلى مصر، أو لأنه كان معجبا بشخصية الحاكم بأمر الله؟ هل يمكن أن نقارن بين الشخصيتين؟ الحاكم بأمر الله تحدثت كتب التاريخ عن بطشه و سفكه للدماء و غرابة أطواره و أحكامه......كذا القذافي ما ختم به سيرته الماجدة، تضيف إلى غرابة أقواله و أفعاله جنونه الدامي.
42 سنة من الحكم المطلق، جعلته يرقى بنفسه إلى أن يصل إلى الفناء في المجد، أن يسمو بإنسانيته إلى المثالية في الأخلاق، فأصبح معمر غير الناس، ليس بالعادي كمت قال، و ما الناس بحوله غير جرذان و جراثيم و مقملين...........هل هذا مقام جديد في مذهب الحكم؟ متى الصحو إذن؟ هل سيستسلم؟ أم أن ليبيا ستنتظر البطل الذي سيخلصها من التاريخ الأصم؟ هل هو أحد معاونيه؟ هل هو الجيش؟ أم بتدخل أجنبي كما باتت تتحدث بعض وسائل الإعلام؟ و هذا هو السيناريو الأخطر، لأنه ببساطة اختطاف للثورة و تحويل ليبيا إلى عراق جديد؟ الغرب يريد نفط ليبيا و سلطة تحفظ مصالحه.
الآن، تحدثت الجزيرة عن خبر استقالة المبعوث الشخصي للقذافي، أحمد قذاف الدم الذي أرسله معمر إلى مصر، أول شخصية من العائلة تستقيل، بالنسبة لمعمر خسارة كبرى، و بالنسبة لقذاف الدم هروب مبكر و محاولة للنجاة، فالأمور باتت تنحو نحو الأخطر، و دائرة القذافي و من معه تتقلص، و كل من سيبقى معه لا محالة ستكون خاتمته الموت أو السجن بعد المحاكمة.
بين القذافي و مبارك و بن علي خيط رفيع، وهو ترتيب الثلاثة من حيث الخطاب النرجسي و شكر الذات، بن علي كان أخفهم و سارع بالهروب، لم يكن له من الماضي التليد كما لمبارك الذي كان يرى في نفسه بطلا عسكريا و زعيم سلام ، و قائد جناح المعتدلين، و ركيزة أمريكا في المنطقة، القذافي بعيدا عنهما بأشواط، هو ليس بالرئيس، هو المرجعية و التاريخ و المجد، ملك الملوك و صاحب النظرية الثالثة..........وعلى مقياس النرجسية هاته تتفاوتت مدد بقاء كل منهم .مع العلم أن القذافي مازال يظن في نفسه قيادة البلاد، غير أنه إلى زوال، مسألة وقت فقط، فالبلاد لم تعد تحت سيطرته، وقيادته تتهاوى بتخلي أركان نظامه عنه.
التعليقات (0)