مواضيع اليوم

القذافي و " الاستسلام الوقائي "

mahmood ayoub

2010-08-05 20:53:08

0

بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق على يد القوات الأمريكية في التاسع من إبريل نيسان عام 2003،
وظهوره مقيداً أمام شاشات التلفاز، توجس الزعيم الليبي معمر القذافي في نفسه خيفة، وخشي أن يأتي الدور عليه، فقرر أن أسهل الطرق لإزاحة هم التفكير في مآلة المصير هو إتباع سياسة جديدة لم تخطر على بالِ أحد وهي " الاستسلام الوقائي ".
كانت المفاوضات بينه وبين الولايات المتحدة قد بدأت عام 2002 وكانت مقتصرة يومها على البحث في تعويضات ضحايا لوكريي لكن الغزو الأمريكي للعراق حدا بالزعيم الليبي إلى المطالبة بتسريع وتيرتها وإضافة تنازلات جديدة على الطاولة، فشرع في خطب ود الولايات المتحدة والغرب عبر سلسلة تنازلات قدمها، فقرر مقايضة البرنامج النووي الليبي بالتطبيع السياسي مع الولايات المتحدة فسلم الأمريكيين مفتاح برنامج ليبيا النووي ( الباهظ الثمن ) بقضه وقضيضه، وكشف لهم عن شبكة عبد القدير خان ومساهمة العالم النووي الباكستاني في هذا البرنامج، وبرنامج إيران النووي، كما قرر أن يعترف رسمياً بمسؤولية ليبيا عن الحادث الذي وقع عام 1988 لطائرة الـ بان ام الأمريكية فوق بلدة لوكريي الاسكتلندية وأن يدفع لذوي الضحايا ما قيمته 2,7 مليار دولار بمعدل عشرة ملايين دولار لكل أسرة، كما وافق أيضاً على دفع تعويضات لأسر ضحايا طائرة الركاب الفرنسية التي تعرضت للتفجير فوق صحراء النيجر عام 1989 مبلغ 170 مليون دولار. انبهر الألمان بكرمه مع الأمريكيين والفرنسيين ورأوا أن القسمة لا تجوز على اثنان بل أكثر، وطالبوه بدفع تعويضات لأسر ضحايا الاعتداء على مرقص " لا ببل " في برلين عام 1986 الذي استهدف أمريكيين فاستجاب لطلبهم، وقدم للولايات المتحدة وبريطانيا كشف حساب بعلاقات نظامه بالجيش الايرلندي المحظور وحركات تورية وإرهابية عديدة حول العالم، وفتح أبواب ليبيا على مصراعيها للشركات البريطانية والغربية متعددة الجنسيات متناسياً هذا المهرج شكلاً ومضموناً بأن الحصار الجوي الذي طبق على بلاده منذ العام 1992 كان قد كلف الليبيين التأخر عن جميع دول العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعلمياً، وكلف ليبيا سنوياً ضياع عشرة مليار دولار، بالإضافة إلى تنازلها عن برنامجها النووي ومعداتها العسكرية عام 2003 والتي يقدر تكلفتها بـ 130 مليار دولار، وبعملية حسابية بسيطة سنعرف كم ضيع هذا المغامر الفاشل من أموال ليبيا وثرواتها النفطية نظير سياساته الحمقاء، وأخيراً وليس آخراً قرر إغلاق ملف لوكريي نهائياً بمقايضة الإفراج عن عبد الباسط المقرحي بتنازلات اقتصادية وإستراتيجية تتعلق بالنفط والغاز كان الرابح الأول فيها الشركات البريطانية وعلى رأسها شركة BP، في عملية نهب جديدة لما تبقى من خيرات ليبيا، وثرواتها النفطية. لكن الصفقة لم ترق للأمريكيين بعد انكشافها إذ شعروا بأنه تم تجاهلهم من عملية النهب هذه واقتصر النهب على شركة BP البريطانية التي تسببت بالتسرب النفطي في خليج المكسيك وحاولوا فتح تحقيق كوسيلة ضغط لكنهم اصطدموا بالممانعة البريطانية، لكننا لا نعرف ماذا قدم القذافي لاسترضاء الأمريكيين تحت الكواليس. لقد باع القذافي الأرض بخيراتها وحول ليبيا الدولة إلى أنبوب غاز وأنبوب نفط يعبر البحر المتوسط إلى أوروبا وضخ المليارات من أموال الشعب الليبي إلى البنوك الأمريكية كل هذا من أجل أن يضع القذافي خده على الوسادة من دون هاجس التفكير في ما إذا كانت الولايات المتحدة ستلحقه بصدام حسين أم لا؟ بقي أن أُشير إلى نقطة مهمة وهي: أن القذافي قدم كل هذه التنازلات وجعل من نفسه أضحوكة للعالم ومنذ إثنان وثلاثون عام وهو يرفض التنازل والإستجابة لمطلب لبناني يتيم وهو كشف النقاب عن مصير السيد موسى الصدر ورفيقيه؟!.

 


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !