"أقترح أن تملك الشركات المملوكة للدولة الآن مثل شركة البريقة التي تقوم بتوزيع الوقود، إلى الليبيين الفقراء لكي يصبحوا أغنياء"...."الأجانب يسيطرون على شركات الخدمات النفطية وجنوا منها الملايين، ويجب ابتداء من الآن أن يحل الليبيون محلهم للاستفادة من هذه الأموال"...هكذا دعا الزعيم الليبي معمر القذافى ليلة الخميس الجمعة في خطاب بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لتسلمه السلطة إلى تمليك شركات النفط التابعة للدولة إلى الليبيين الفقراء...جميل!أين المشكلة؟ لكل ليبي بئر نفط، و إن لم يستطع فبرميل نفط، وإن لم يستطع للبئر و البرميل سبيلا فليعد لتهجي خطبة السيد العقيد من جديد، أو يشرب من البحر الأبيض المتوسط...غدا سوف يلقبه الليبيون الغير الفقراء بعقيد الفقراء، لأنه ببساطة شديدة، فك عقدة الفقراء مع الفقر...لكن، يا سيادة العقيد، ألم تفكر في أن مسعاك هذا قد يقلق البعض من مالكي حقول النفط بالجزائر و شبه الجزيرة و يسبب لهم الضجر؟ أم أنك تحسبها دولا من دون فقراء؟ غدا يصحو الشارع يا سيادة العقيد في السعودية، و قطر، و الكويت، و و و...، على صخب مظاهرات عارمة يقودها زعماء الفقر، يرددون الشعارات ويطالبون زعمائهم بتمليكهم لشركات النفط...فماذا لو حذوا حذوك جميعهم و لبوا مطالب فقرائهم و ملكوهم النفط كله؟ أغلب الظن أنك لا تملك جوابا لهذا السؤال المفتوح على كثير من الاحتمالات الممكنة، طيب أيها العقيد، أنا مستعد لتحمل عبء الجواب بدلا عنك، سوف يُخَرِّبُ الفقراء بيت الأوبك على طول و عرض أولا، يا قائد الثورة، و يعلنون استخذام النفط سلاحا في وجه أمريكا و إسرائيل و كل من يدور في فلكيهما ثانيا،أتعرف ما الذي سيقع بعد ذلك يا عقيد الفقراء؟ في الغد سوف يخرج الناطق باسم البيت الأسود (نسبة للذهب الأسود)، ليعلن أن الحرب على الإرهاب قد ولَّت، و أن أسامة بن لادن بريء من الحادي عشر من سبتمبر براءة الذئب من دم يوسف، و أن عنوان الحرب الجديدة هو: "الحرب على الفقراء"...و سوف يشرع في الحديث عن نجاح أجهزة الأمن في الدول العربية في تفكيك خلايا الفقر النائمة و المستيقظة و الجالسة و الواقفة و المنبطحة هنا أو هناك، و سوف يجتهد جهابدة التشريع و فطاحله، داخل كل دولة عربية نجيبة، في سن قوانين لمكافحة الفقر و الفقراء، مرضاة كسب ود عدوة الفقراء، أمريكا...فما ردك يا عقيد الفقراء؟
جواب عقيد الفقراء ببساطة متناهية: إن فقر الليبيين نسبي ويختلف عن الفقر في بلدان أخرى.
ملحوظة: في مرحلتي الثانوية، كنت أستمع كثيرا لإذاعة صوت العرب (صوت اللجان الثورية)، لأني كنت معجبا أشد ما يكون الإعجاب بالأخ قائد الثورة، و شاركت في العديد من البرامج الإذاعية، فكان أن بعثوا لي بعدد من مجلة الإذاعة و نسخة من الكتاب الأخضر، و حين علم والدي بالخبر من قبل ابن عمي الذي تسلم الظرف من لدن ساعي البريد، و بخني كثيرا، و أمرني بإحراق كل ما بعث به الأخ القائد لي مغبة أن يصل الخبر إلى رجال الأمن فتكون الكارثة، هكذا فسر لي والدي الموقف، و أوضح لي أسباب غضبه و حنقه، مع أن أبي لا يفقه في أمور السياسة كثيرا.
التعليقات (0)