مواضيع اليوم

القدس والثقافة.. والاهتمام المطلوب

nasser damaj

2009-07-06 05:30:05

0

القدس والثقافة.. والاهتمام المطلوب
بقلم: خليل الفزيع

    من الطبيعي جدا أن يجابه الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية لهذا العام 2009 بالعداء السافر من إسرائيل التي تصدت لهذا الحدث الثقافي بشراسة للحيلولة دون تحقيق أهدافه الثقافية والإنسانية التي تجد فيها الدولة العبرية تهديدا لأوهامها وأحلامها في السطو على المنجز الثقافي الفلسطيني وتجييره لحساب إسرائيل باعتباره ـ ومن باب التعسف ـ منجزا يهوديا وليس منجزا عربيا تؤكده الدراسات والأبحاث التاريخية، وتثبته شواهد التراث العربي في فلسطين، مع أنه لا يحتاج إل إثبات لكونه جزءً من نسيج الحياة اليومية للشعب الفلسطيني في جانبها الثقافي المتعدد الوجوه والملامح المتميزة بالأصالة والقادرة على التحدي لما يفرزه الاحتلال من عنف وتسلط وافتراء، واعتداء على كل المقدرات الفلسطينية دون استثناء.
    الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية، رغم اعتراض إسرائيل وهو اعتراض لا قيمة له في واقع الحال، نقول إن هذا الاحتفاء إلى جانب تأكيده على عروبة القدس، وهي عروبة لا تحتاج إلى تأكيد، رغم محاولات إسرائيل الفاشلة لطمس هويتها العربية، فإنه أي هذا الاحتفاء يذكر الأجيال الجديدة بما يكتنزه تاريخ القدس من منجز ثقافي ثري ورائع، أصبح إحياؤه والحفاظ عليه من أوجب الواجبات، وهو ربما لا يتيسر للفلسطينيين في ظل الأوضاع التي يعيشونها في مجابهة عدو غاشم يحارب الثقافة والتراث العربيين مثل محاربته للإنسان العربي، لأن هدفه في النهاية القضاء على كل ما هو عربي ليس في القدس فقط ولكن في جميع الأراضي العربية المحتلة.
    من هنا تأتي أهمية الجهود العربية لحماية الثقافة والفنون والتراث في فلسطين وتحديدا في القدس بتاريخها العربي العريق، وبآثارها الإسلامية الهامة التي تتعرض للتدمير من قبل قوات الاحتلال وعلى مرأى ومسمع من الرأي العام العالمي ومنظماته المعنية بالحفاظ على التاريخ الإنساني في جميع أنحاء العالم، وهو أمر يقتضي بذل المزيد من الجهود العربية لحماية الآثار العربية والإسلامية في القدس، من التخريب الإسرائيلي الذي امتد حتى شمل الآثار المسيحية أيضا، وكل ذلك يقابله صمت عربي وعالمي يبعث على الحيرة والتعجب.
    هذه المناسبة حري بها أن تحفز الدول العربية عبر أجهزتها الرسمية المهتمة بالثقافة للمشاركة بدور فعال في الثقافة الفلسطينية والتعريف بها لترسخ في أذهان الجماهير العربية البعيدة عن بؤرة الحدث الفلسطيني.. صور من تلك الثقافة التي أسهمت في إنعاش الثقافة العربية على امتداد التاريخ العربي الطويل، ومن أوجب الواجبات على المستوى الثقافي عناية عناية المثقفين العرب بهذا المناسبة والمشاركة في إحيائها على كل المستويات، ولتفتح أجهزة الإعلام العربية أبوابها لأي مشاركة في هذا الاتجاه، بل وأكثر من ذلك أن تكون ضمن أولويات هذه الأجهزة الإعلامية.. وضع خطط وبرامج تحتفي بالقدس عاصمة للثقافة العربية، حتى لا تمر هذه المناسبة على الشعوب العربية مرور الكرام دون أن تترك أدنى أثر في عقولهم وقلوبهم المتعطشة للمعرفة، خاصة مع الجهل المتفشي في عقول وقلوب معظم الناشئين الذين تستولي على اهتمامهم ثقافة هزيلة مسطحة تحقنها في أوردتهم وخلاياهم فضائيات نذرت نفسها لتدمير العقل العربي، والوصول به إلى أدنى مستويات الثقافة الهزيلة التي تشغله عن أهم قضاياه الوطنية والقومية.
    لا يكفي أن تعلن القدس عاصمة للثقافة العربية، بل لا بد من مساندتها من الجميع لتكتمل الصورة أمام المتلقي العربي، ويزول عن هذه الصورة أي غبش قد طرأ عليها نتيجة الجهود المكثفة التي تبذلها إسرائيل لتشوه الثقافة العربية في فلسطين على المستوى العالمي من خلال المحافل الدولية التي تشارك فيها إسرائيل بثقافة فلسطينية عربية تزعم أنها ثقافة إسرائيلية يهودية، وفي هذا الاتجاه لا بد أن تسخر الجهود لتوضيح حقيقة هذا لسلوك لكل العالم المنقاد لما تدعيه إسرائيل حيال كل ما هو فلسطيني بصفة خاصة أو عربي بصفة عامة. وحتى لا ينتهي هذا العام وينتهي معه الاهتمام بالثقافة في القدس لا بد من عمل ثقافي موسوعي كبير يوثق لهذه المناسبة، وهو جهد لا بد أن تقوم به مؤسسات ومنظمات الثقافة العربية المشتركة.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات