ثلاث شخصيات حتى اللحظة استجابت لنداء الرئيس محمود عباس ووزير أوقافه محمود الهباش، والتي دعا العرب والمسلمين لزيارة القدس المحتلة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها، ومساعدة اقتصاد أهلها الذين يواجهون ظروفاً صعبة لتناقص عدد الزوار، فكانت الاستجابة سريعة من قبل ثلاث شخصيات رفيعة وهم: الداعية اليمني الحبيب علي الجفري، والأمير الأردني غازي بن محمد ومفتي جمهورية مصر العربية الشيخ علي جمعة، حيث نفى المستشار الإعلامي لمفتي مصر الدكتور إبراهيم نجم أن يكون المفتي قد حصل على تأشيرة دخول من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأوضح نجم أن المفتي زار القدس ضمن وفد من الديوان الملكي الأردني المشرف على المزارات المقدسة للقدس الشريف ولا يحتاج لأي تأشيرات أو إذن للدخول.
تلك الزيارات تدعونا للتساؤل حول حسابات الربح والخسارة من ورائها..؟ وهل فعلاً تساهم في ازدهار الاقتصاد المقدسي...؟ وهل يسمح الديوان الملكي الأردني بأن يقود الرحلات إلى المسجد الأقصى بدون تأشيرة إسرائيلية...؟ ولماذا لم يقم الرئيس محمود عباس ووزير أوقافه بالذهاب إلى المسجد الأقصى كل يوم جمعة على رأس وفد يضم علماء فلسطين ونخبها ونوابها وعلى رأسهم الشيخ رائد صلاح والشيخ عكرمة صبري الممنوعين من دخول القدس...؟ وما أثر تلك الزيارات لو انتقلت عدواها للشارع العربي والإسلامي....؟
باختصار شديد، فإن حسابات الربح تتمثل فقط في زيادة التدفق المالي للسلطة الفلسطينية من قبل المجتمع الغربي لأنها تساهم في كسر عزلة الاحتلال الإسرائيلي وإظهار إسرائيل بأنها نموذج للدولة التي تسمح بالحريات الدينية لكافة الديانات السماوية، فبالأمس سمحت للأقباط المصريين من زيارة كنيسة القيامة والتي كانت لزمن طويل محرمة عليهم بقرار من البابا شنودة الثالث رحمه الله كونها ما زالت محتلة، ولكن ربما شجعت دعوة السلطة بعض الأقباط للذهاب إلى القدس ولكن رسالة البابا شنودة لاحقتهم على أبواب كنيسة القيامة فقد أكد القس ميصائيل كاهن كنيسة القديسة هيلانة ـ الجزء المصري في كنيسة القيامة بالقدس ـ أن الكنيسة رفضت استقبال عدد من المسيحيين المصريين الذين قدموا إلى القدس هذا العام للاحتفال بعيد القيامة المجيد.
وأضاف القس ميصائيل «تعليمات البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل مازالت سارية، ويجب علينا احترامها في غيابه أكثر مما كنا نحترمها في وجوده»، مشيرا إلى أن عدد المصريين الذين زاروا الكنيسة لا يتجاوز العشرات.
أما حسابات الخسارة فأعتقد أنها كبيرة وخطيرة، فهي تجسد التطبيع مع الاحتلال وتجمل صورته، وتطفي شرعية على تهويده للمدينة المقدسة، بالإضافة إلى أنها تشكل ثغرة أمنية لجهاز الموساد للعمل في الساحة العربية والإسلامية من خلال تجنيد مواطنين أثناء زيارتهم للقدس، أو الالتقاء بعملاء داخل إسرائيل تحت حجة زيارتهم للقدس.
أما فيما يتعلق بما تحدث به الرئيس عباس حول مساعدة الاقتصاد المقدسي فحاولت جاهداً معرفة مدى الازدهار الذي طرأ في الأسابيع الأخيرة على الاقتصاد في القدس، واتصلت على صديق تواجد أثناء زيارة مفتي القدس، فحدثني أن الوفد تناول كعكات مقدسية، فهل شكل هذا رافعة للاقتصاد المقدسي...؟ أجزم بأن المواطن المقدسي كي يتم تعزيز صموده هو بحاجة لموازنات عربية وإسلامية ضخمة لمواجهة دعم اللوبي اليهودي في الخارج لتهويد القدس.
وهناك من يصوغ المبررات حول عدم حصول الوفود على تأشيرات إسرائيلية فهذا كلام مردود على أصحابه، لأن القاصي والداني يعلم أن شخص الرئيس عباس عندما يتنقل بين مدينة ومدينة في الضفة الغربية تفصلهما حواجز عسكرية هو بحاجة لتنسيق، ولكن هنا يأتي ذكاء إسرائيل في إدارة هذا الملف ودليل على رغبتها في تشجيع باقي علماء ونخب وشعوب المنطقة لزيارة القدس وبذلك ربما وافقت على دخول هؤلاء الأشخاص بدون ختم أو أن يتم منح تأشيرة خارج جواز السفر.
وهنا أناشد الملك الأردني عبد الله الثاني، الإيعاز للديوان الملكي الأردني المشرف على المزارات المقدسة في القدس، وبما أنه يمتلك صلاحيات ونفوذ تجعله قادراً على إدخال وفود عربية، فمن الأجدر أن يعمل الديوان الملكي الأردني إلى مصاحبة الشيخين رائد صلاح وعكرمة صبري للمسجد الأقصى في كل يوم جمعة، وأن يضغط على الاحتلال للسماح لكل مسلمي ومسيحي فلسطين لزيارة القدس، وهنا يكسر الحصار وينتعش الاقتصاد المقدسي ويظهر الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي كونه لن يقبل بذلك.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)