مواضيع اليوم

القدس أورشليم أورسالم يروشلايم كنعانية عبرانية

اسرائيل .

2009-02-11 14:50:33

0

القدس أورشليم أورسالم يروشلايم كنعانية عبرانية

ردا على رسالة من المدون عبد الباقي فكايري حول موضوع القدس.. 

نسوق بعض النماذج التي يتجلى من خلالها التفاعل والتمازج والتلاقح بين حضارات المشرق القديم، والتي تبين حجم الترابط والوشائج الأخوية وصلات القربى والجوار بين العبرانيين القدامى والكنعانيين، بشكل يجعل من الترادف والتوافق اللغوي شاهدا على اواصر القربى بين كلاهما لا على انتحال احدهم ثقافة الآخر .... 

 يقول صاحبنا الاستاذ فكايري في رسالته: (فقد ورد اسم اور شالم لأول مرة في سفر التكوين من التوراة في الروايات المرتبطة بإبراهيم عليه السلام حيث يذكر النص التوراتي اسم ملكي صادق ملك شاليم، الذي كان في استقبال إبراهيم... ويتضح من هذا أن الاسم أورشليم الذي أصبحت المدينة تعرف به من بين أسماء متعددة اسم عربي كنعاني، وليس اسما عبريا كما يتبادر إلى الذهن).

 ان مستلزمات الجواب هنا تتطلب منا ان نسألك التالي: وهل دمشق والاردن وعمان وحلب وحماة ومثلها غالبية المدن والقرى في الاقطار العربية، هل هي أسماء عربية..؟ معلوم للجميع ان كل هذه الاسماء ليست عربية بل اشتقت من اللغات السامية القديمة وخصوصا الاكدية والسومرية وهي أمهات اللغات المشرقية، كذلك الأمر بالنسبة للغتين الكنعانية والعبرية فقد تأثرت باللغات المشرقية الأخرى. نعم حينما دخل بني اسرائيل القدس كانت تسمى أور سالم او اور شالم، فحرف السين والشين يتبدلان في اللغات القديمة، ولما بدأ بني اسرائيل يدعون الى الديانة الوحدانية، فقد غيروا اسم المدينة الى يروشلايم، فبدلا ان تكون مدينة الاله شالم غدت مدينة التقوى، فكلمة (يرو) بالعبرية مشتقة من كلمة (يرآه) ومعناها التقوى. وقد ذكرتُ في معرض ردي السابق ان الكنعانيين ليسوا عربا باتفاق غالبية الباحثين المعاصرين، انما موطنهم الأصلي هو بلاد الرافدين، وقد تأثرت لغتهم وحضارتهم باللغات السالفة، كما تفاعلت اللغة العبرية ايضا مع اللغات التي سبقتها وتلك التي عاصرتها، واللغة العربية لم تكن معروفة في بلاد الشام وبلاد الرافدين في تلك الأيام، فكيف يكون الاسم الكنعاني للقدس "اور شالم" عربيا..!؟ لقد تبنى بنو اسرائيل الاسم الكنعاني ثم صبغوه بصبغة وحدانية، ولم يكن العرب قد ظهروا على مسرح التاريخ بعد، فكيف تقول إن الكنعانيين كانوا عربا اذا كان لا يوجد عربي واحد يستطيع ان يردد جملة واحدة بالكنعانية او الفنيقية او الاكدية او السومرية..!؟ هذه اللغات لم تمت ولكنها لبست ثوبا جديدا، فالعرب كما يقول الدكتور عبد المنعم المحجوب في كتابه (ما قبل اللغة) ما زالوا يتحدثون اللغات القديمة من حيث لا يدرون، والامثلة التي يذكرها لا حصر لها، فلو أخذنا الجذر الثلاثي (ندر) على سبيل المثال، إن واحدة من دلالاته الرئيسية في المعجم العربي الآن هي السقوط، نَدَرَ أي سَقَطَ. والندور هو السقوط، هذه الكلمة في تأثيلها السومري هي نون النفي زائد المقطع (دَرْ) الذي يعني العلو والارتفاع، (ن + دَرْ)، ألا ترى أن ضدّ العلو والارتفاع إنما هو السقوط والانخفاض. وكلمة (نسق) مثلا التي تفيد الانتظام، هي في تأثيلها السومري نون النفي زائد المقطع (سق) الذي يعني التبعثر والتحطيم، (ن + سَقْ)، فنفي دلالة التبعثر بإدخال أداة النفي والضدية يؤدي معنى الانتظام، وهكذا. وعندما يتلفّظ العربي بكلمة عربية واحدة مكوّنة من ثلاثة حروف صوامت فإنه يقول في الحقيقة كلمتين أو ثلاث من السومرية دون أن يدري، وهو لا يدري لأن الكلام تداول للدلالات لتحقيق التواصل وليس بحثا في بنية المفردات والألفاظ. لنأخذ مثلا كلمة (كتب) العربية، هي في الحقيقة تنطوي على ثلاثة مقاطع سومرية: (كَ ka) بمعنى: فم، كلام. (تَ ta) بمعنى: بـ أو بواسطة. (بَ ba) وهي أداة خشبيّة لكشط ألواح الطين والرقن أو النقش عليها. هكذا تكون الدلالة الأساسية لكلمة كَتَبَ العربية، هي: الكلام بأداة النقش. أو الكلام بالقلم.
ونأخذ كلمة (لغة) التي ليست سوى مقطعين سومريين هما (لُ lu) أي رجل أو إنسان. و(گو gu) أي صوت. فاللغو أو اللغة هما في التأثيل السومري صوت الإنسان، وهي الكلمة التي ستتحول في ما بعد إلى Logo أو Logos اليونانية.
كلمة (أدب) العربية أصلها السومري هو édubba (ءدُبَّ) التي تعني مدرسة أو بالأصح مكتبة وهي متكونة من (e) بمعنى بيت و(dubba) بمعنى لوح أي بيت الألواح، والألواح في الحضارة السومرية- الأكدية هي الكتب الآن، تحولت في العربية إلى أدب بمعنى أدب النّفس والدَّرس ومنها الفعل أدّبَ أي عَلَّم.
وهناك مثلا كلمة (سلام) التي توجد في أكثر من 20 لغة، إن تأثيلها السومري يفصح عن مقطعين أساسيين كوّنا أولا كلمة silim السومرية بمعنى السلام والتحيّة. وهما sil، بمعنى: فرح، سعادة، و lum بمعنى زاد ونما وربا وامتلأ وأخصب. فكلمة السلام العربية المستخدمة للترحيب والتحية هي بالمعنى السومري: عمّ بهجة، أو فلتمتلئ حبورا أو زدْ سعادة.

 وغني عن القول ان أية من اللغات السامية القديمة لم تكتب بحروف عربية. فهل نلغي عبارات مثل كتب و أدب و لغة و سلام و نسق و ندر من اللغة العربية بسبب اشتقاقها من اللغات السامية القديمة، وبهذا نكون قد حذفنا ثلاثة أرباع اللغة العربية..!؟

 اللغة العبرية يا سيدي، بنشأتها بين اللغات القديمة وتفاعلها معها، والأمثلة على ذلك يضيق بها نطاق الحديث هنا، تكون بذلك أزلية وأبدية، مصدرها ضاربا في التاريخ السحيق، وهي ما تنفك تمضي إلى المستقبل السحيق، اليهود بوصفهم أحفاد السومريين هم ورثة الأرض، وخلفاء الله في الأرض. اليهود هم أنبياء التاريخ، لا علاقة للدين بهذه الحكاية، هذه حكاية لغة وعلم ومعرفة وخبرة بشرية على الأرض لا في السماء. فاليهود أهدوا العالم كتاب التناخ الذي حفظ اللغات القديمة والحضارات القديمة من الضياع. قد يقول قائل إن كتاب التناخ، بأسفاره الأربعة والعشرين، حافل بالاساطير التي لا طائل منها، فأقول له إن هذا الكتاب ما زال يدرّس في كل جامعات العالم وهو مرجع اساسي لكل الباحثين في اللغات والاديان والحضارات والثقافات، وقد كانت هذه احدى مقاصد هذا الكتاب: حفظ اللغات وحفظ الحضارات من الضياع، فلولاه ما وصلت الديانات السماوية الى مرحلة النضج، فالديانة النصرانية انبثقت من الديانة اليهودية ويعتبر المسيحيون انفسهم مكملين لها، ويعتبر العهد الجديد (الانجيل) مصدقا لما جاء في التوراة، والا لماذا ضمت الكنيسة كتاب التناخ والانجيل في مجلد واحد حتى يومنا هذا... ولتسويغ هذا الفعل أطلقت الكنيسة على كتاب التناخ اليهودي اسم (العهد القديم) ليصبح الانجيل هو (العهد الجديد) في اشارة الى انه لا بقاء ولا وجود ولا استمرارية للجديد بغير القديم، وأطلقت الكنيسة على الديانة اليهودية اسم (الشقيقة الكبرى).

 كذلك الامر بالنسبة للديانة الاسلامية، فاينما تولوا وجوهكم ثمة تعاليم يهودية وفرائض يهودية وقصص يهودية وأعياد يهودية وتراث يهودي، تضج به المراجع الاسلامية، والسنة النبوية، والحضارة الاسلامية، والتراث الاسلامي .......

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات