مواضيع اليوم

القتل وانواعه في عالمنا العربي

سلام الهدى

2010-11-02 20:02:09

0

نقلا عن جريدة القدس العربية

القتل وانواعه في عالمنا العربي

2010-11-01

اذا ما تأملت الزمان وصرفه ادركت ان الموت ضرب من القتل
هذا البيت لابي الطيب المتنبي يحكى جل تاريخ العرب. المقتولون فيه اكثر من الاموات، بل ان الموت نوع من القتل وليس كل القتل فالمقتولون الاحياء اضعاف من مات، الاهمال نوع من القتل كالموت تماما، التهميش قتل مؤلم ولعله اكثر ايلاما من الموت، الاقصاء، النبذ، الحرمان من الحقوق الانسانية، كل هذه انواع من القتل تتساوى والموت تماما، وموطنها ومشاعها عالمنا العربي ومساحته التاريخية والجغرافية. هناك يموت الفرد مرة واحدة، وفي عالمنا العربي يموت عدة مرات، يموت في حياته قبل ان يدفن في قبره. هذه الجموع من البشر التي لا صوت لها ولا رأي تساق الى الحروب من دون ان تدرك القضية وتدعى الى الاصطفاف دونما ارادة، وتتظاهر بمرسوم وتصفق بآخر، تأكل لتجوع وتجوع لتأكل. في عالمنا العربي قد تخرج من دائرة الاقصاء والتهميش، لكن من دون ضمانات تجعلك بعيدا من العودة اليه، قد تصبح مرموقا ولكن من دون صك قانوني يمنعك من الانحدار الى سلم الرق، قد تملك الكثير ولكنه عرضة للتبدد متى اخللت بقواعد اللعبة.
انواع القتل هذه تنمو وتعيش وتتكاثر في البيئة العربية، لانها بيئة ديدنها اللاقانون وقاعدتها الاتهام حتى يثبت العكس ومرجعيتها آنية مثل شمس النهار المتحولة. لقد اكتشف ابو الطيب ذلك منذ مئات السنين، فلا داعي للخوف من الموت في مثل هذه البيئة لان اسماءه الاخرى او مترادفاته لها نفس الطعم والنكهة والرائحة، يعجب الاغيار من تهافت الصبية على تفجير اجسادهم الغضة في عمليات جنونية، وينسون ان مترادفات مسمى الموت التي ذكرت اذا ما اطعمت زيتا دينيا تصبح بقوة قنابل البالم وقذائف ار بي جي. فالمواطن العربي يستوي عنده الموت والحياة دونما حاجة الى الفلسفة والمزيد من العمر والخبرة. جميع سياسات التنمية في العالم اجمع في نهايتها تعمل على تحديد الموت المجازي بانه نهاية التنمية البشرية، في حين ان الحياة سلسلة لا تنتهي من هذه العملية. في غياب مثل هذا التصور ينتج الموت مترادفاته، في غياب التنمية باجمالها تصبح بدائل الموت مكانه. فيصبح هو احداها. اذا لم تجد التنمية في اي بلد حتما ستجد الموت وضروبه. عندما لا يجد الانسان الافق مفتوحا له ليحلم ويأمل ويعمل لتحقيق ذاك الحلم وذلك الامل يصبح صدره حرجا كأنما يصعد في السماء، عندئذ تبذر البذرة الاولى في الشعور بالموت ومترادفاته. انظروا الى افق مجتمع لوثر لما صاح انا عندي حلم وانظروا الى مجتمعه عندما تحقق ذلك الحلم. كم كان ذلك الافق مرتفعا وعاليا، في حين ان شاعرنا الكبير قال بيته هذا في تحديد مترادفات وضروب الموت التي كان يعاني منها افق مجتمعه في حينه، ولم يدرك بأن هذا الوصف سيظل عنوانا لامته بعد ذلك واحد فنونها في صنع الضحية والتخفيف من الامها في مواجهة مصيرها المحتوم.
عبدالعزيز محمد الخاطر


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !