ــــــــــــــــ
هكذا يا شعب الأردن تجرجر الجهات دمك المشعّ، دمك الأنقى من ماء الورود، وترجّ في مسيرتك العظيمة سكينة جيوش الحمقى التي أيقنت منذ زمن بعيد أنك اندحرت وأنك خسرت وانك اندثرت وصرت مثل الغبار، وهاهي تلك الجيوش تستنفر إليك العنف والحقد وتنتظر مرورك بشبق لا يوصف.
آه يا دمنا المفصود ...
ها أنت توزّع شذاك بالتساوي قطرةً قطرةً ونسمة نسمة عند مشارف قرانا، تزخرف قبابها بأردية الحزن. ولك الحظوة دائماً، وأنت أيها الدم الشفيف من وكر إلى وكر تمشي، وحواليك تطفو براقع الغدر مخبئة لعنتها تحت الجلد، وفي الهشيم كنت، وإليه ذهبوا بك، نذكر هذا جيداً، ولك أن تكبح دمعتك كي لا يسمع رنينها ذلك الطفل الجالس على مصطبة الأمل، ملتفعاً بخرقة بالية، يرنو إلى نشيج الحربة ويرقب باسماً موتك أو بعثك. لكن من معصميك، كان النشيج يطفر خلسة من فرط الخجل.
آه .. يا دمنا المفصود ....
ما كان ينبغي أن تنزاح إلى هذا الحد، وتساوم مملكة هشة، من أجل زقاق تركض فيه بلا رادع ولا أمل، كان الأجدر بك أن تنتزع أحشاء القرى الغافية، وترميها بإهمال في صحنك الترابي قرب فهودك الحمراء ذات الأعين الزرقاء. آنذاك فقط ستأتيك تباعاً وفود القصر مادةً أعناقها الذليلة، صاغرة ممتثلة لأمرك. ويحك أيها الشعب إذ آثرت التظاهر بالوداعة، وحسبت أن الخناجر التي لا ترتوي إلاّ بدمك سوف تتنحى جانباً وتلتمس المغفرة ما احترست، أيها الشعب الحليم، بل صالحت وصافحت ذاك الذي لا يرتوي إلا برشف آخر قطرة من دمك ودموعك.
في صخب الجثث والهشيم كنت تركع خاشعاً وتصلي وممعنا في التبتل لهبل الأكبر.
نظراتك ثملة وبالغة الشرود، تتوجس تارة ، وتهيم تارة أخرى في فضاء المتعة المحرّمة، تبللها بعسل الحلم وحدك
من يجرؤ على تدنيس هذه اللحظة الحميمة غيرك.
ماذا كان يفعل هذا الملك الأحمق الموغل في بدائيته، لو لم تكن هناك ضحية تلهمه القسوة وتفتتح شهقة الحب لدية أو ربما المجزرة ؟
لو لم يكن هناك طاغية مثله يتوسّد مصالحه ويخطط للمحنة أو يستعيدها .. أو ربما يرتجل الفتنة مثل عاهرة تلقمه أثداءها..
النسور دارت دورتين،ثم غضّت و نأت، كان الله وقتذاك يلملم دموع الجوعى. كان يحرس المعاصم التي يتناثر منها هتاف غامض اشبه بالحريق. كما لو أن أشلاؤهم ترفض أن تغادر هذا العالم دون كلمة، دون أن تبوح للملأ أنها منذ البدء مثل الدرب الذي يُحتذى والذي يتكرر كلما أسفر القهر عن وجهه.
كان الحجر حينذاك يضحك للبيوت من محاجر وأفواه في أجوافها تحتشد الأحزان. ولم تعد المساكن آهلة بالأحاديث المسكونة بالحب والوشوشات الحميمة الضحكات.لقد صارت الأجساد تتلاطم عند مداخل الملاجئ راغبة في الاحتماء من قبضة المكارم. أما العصافير المحظوظة فقد حطّت على التلال المجاورة ناضرة إلى خشونة مشهد.
آه .. يادمنا المفصود..
أشباه ظلال تقفز من المرآة عجائز حاسرات الرأس إلا من نمش الفجيعة، يحملن دلائهن الفارغة، ويرتقين السلالم الخشبية المؤدية إلى أرياف السماء. هناك كانت الينابيع المرحة يسيل منهاعطر الياسمين، محفوفة بزهور تشعّ كالذهب. ترش أنثى القصر الجميلة الأكثر طراوة من بشرة الفجر، بمياه متلألئة بالغة العذوبة.
آه لو نظرتم إلى تشققات الشفاه وآثار الدماء كنا ننحني على تلكم الأحداق الشاحبة فنلمح عنادل يابسة تتساقط وتتحطم كالهشيم. حينها نلمح أجسامنا الهشة تعدو صارخة وفي أطراف ثيابنا ينشب ضمأ الصحارى.
وفي أنحاء أزقة غير حصينة، مكسورة بالعويل، يتمدد أولادنا كالخرق بأعضاء مضمومة كأنها تصلي الى آلهة الشمس، أو كأنها تعود أجنّة في الأرحام لم يسكرها ضوء الشفق بعد. لا الحلم تآلف مع روحهم ولا النعيم وجد سبيلا إليهم. وكأنها قد برئت منهم الحياة وعصفت بهم المناجل.
ونحن، اللائي فقدنا مصابيحنا في جمجمة مساء غارب، نتعلق بأذيال مأساتنا ومن آباطنا ينزُ االتضرع ، وحيناً نجسّ التربة بعكاكيزنا بحثاً عن ماء الكرامة لا نجده .
صرنا مثل تلك العجائز المتوسلات، في مثولهن الخاشع أمام ينابيع منصتك، لم تنتبه أيها الاحمق إلى صخب أطفال مجنحين كانوا ينطلقون في حبور خلف حريتهم المضيئة مثل الشمس. حيث صار الفضاء ملعبهم والغيوم حدائقهم الغناء، هنا لا جوع ولا ظمأ، ولا ملائكة تصغي باهتمام إلى فضاء يحتدم بالجلبة.
آه أيها الدم المفصود ....
كيف نكتبك نحن المختارون للكتابة وأنت تغير مجراك ولا تترك لنا أمارة أو علامة ترشدنا إليك، تهدم رصانة الوطن وبجرأة تقتحم علينا محفّة الطمأنينة. بك تتعرى الأرض وتكشف عن عورتها و آثامها، بك يتجرد الوجه من قناعه ويسفر عن همجيته .
قل لنا، أيها المفضوح أين ستكون في المرة المقبلة أين نجدك ؟
نعرف أنك صاهرت شعب الجهات المارق الشعب الذي خرج من البحر ونبت مثل زقوم الجيحيم في أحشاءنا، تقتفي آثارهم تارة وتسبقهم إلى المخازي تارة.. لكننا أيضاً نراك في ألف شكل وفي كل مكان ..فمن أنت ؟
أيتها الملكة العاهرة وأنت تجلسين في هدوء، مثل إعصار يواعد رعاياه بالدمار .
لماذا فقط بين يديك تصطخب الريح وتفقد الغيوم براءتها ؟
مَنّ أنت حتى تكابري بكل هذه الهدوء والفاجعة، تتوارين خلف صوتك وتهزين للشعب صوطك .
الشعب في سلطة الزوبعة والريح تأخذه الى حتفه وأنت من يمسد كل الدروب لهاوية واحدة . ولما يسألك الضالون المضلون ، تومئين لهم بشالك الملطخ بضريبة التيه ناحية أرض بكر تتناوشها سهام الرماة وتقرضها سناجب السوق.
لم يبق لك إلاّ أن تصيخي سمعك لنحيب ليل يشغف بكائناته.
لنساء ينتحبن بجلال مثل الرجال.. ولعشائر وطئت كرامتها بنعليك
نساء رعاياك المغرمات بسراويل المطر وغبطة شهوة لرجال ما عادوا رجال
استمعي يا عاهرة عمان الجديدة
لعلك، آن يجتاحك غضب الذين ولدوا من رحم الذرى ساعة هبوب عاصفة الجنوب ..
وأنت باحثة بهيكلك المتخلّع عن أقرب نهر للاغتسال
باحثة عن طهارتك المهدورة في قلب الجحيم .
يأتيك الخراب كأنه
النواقيس الصدئة، والشبق المكتوم الوجع لحظة انحدار الحواس وجلجلة الأجراس
يأتيك
يأتيك
يضع صداه عليك
ها نحن الذابون من الأعالي
ما عادت اعناقنا تحت المقصلة مبذولة لكرمك وأنتِ صعيدٌ له رائحة الموتى. قيل لنا إنه لنا بهاك المقيت، يصل بنا الشك أننا لك مثل بهاك .. وحين ألم بنا يقين الشك ساورتنا الهموم والضنون.
هل نحن أقل كفاءة من تيجان الغيم و الريح ؟
نحن الآن في أبهة الانتظار
نحنو على جراح وطننا المنهوب ونكشف لك عن مكامن اللذّة في أجسادنا. و ذخائرنا التي تحصنت بعفافها المكبوت. حتى أوشك تبتلنا الحزين أن يفتك ببقايا تاريخ الأجساد الموغل في القدم .
لقد سئمنا موازاة النار بالجنازة
والجحيم بالجنة
سندفع قبائلنا المخذولة إلى هزيمة الأمل
هم شربوا اليأس قدحاً قدحاً
حتى متى ؟
تقدمي
أيتها القبائل المصابة في رجليها. تعالي نعجن أحقادنا بآلات حرب متروكة على حواف الرمال. أحقادنا التي ورثناها من أسلافٍنا الذين ما فتأوا يصنعون التوابيت من جلود القنافذ.
تجهشين أيتها القبائل مثل هواء الكهف.. منذ البداوة الأولى التي نسينها مع خيامنا وخبزنا المعطر بأحلامنا. أيتها القبائل المنسولة من تعب البروق وبقايا المذنّبات. حبسوك في انتظار أساطيرهم. واثقلوا كاهلك بطرقات محفوفة بآلات حرب تتفاقم شبية بالألم كي تؤجل الهزيمة والنصر.
لأحقادنا نكهة احتقان الثمرة بنبيذها. ما أن نزدردها حتى تهفو جدران الحنجرة كمن يفرك المرمر بعظمة القلب.
سينال منا ذلك الماموث الهجين سينال منا ذالك الخنزير اللعين ، الذي لازال يتولانا بعاجه الباطش فيما نحن نتدثر بذعر الرحيل في الليل، وكأن لم تجد البراثن ساحات مؤثثة غير أطرافنا المسحوبة مثل خرقة.
عسكر مذعورون من الجوع يطاردون فتية تساقطوا تواً من النص الأخير. سهام تبطش بنوارس تبعت المشهد بشغب اليائس، وتذهب إلى الجهات كلها دليلها الحرية المسلوبة .
تقدمي يا عاهرة عمان
لترقبي ما سوف يصير إليه هؤلاء الفتية وهم يترنحون نشوة بنبيذ حريتهم يلقنون الذاكرة شهوة المخيلة حيث اللهب والشظايا تقود قطيع القرى لتفسد وليمة الليل الأخير .
تقدمي ..
أيتها الفرس الحرون القرمزية الكاحلين، فهذه الأحقاد تتسلل عميقاً في ماء المعنى.
وإلاِ فكيف لهذا الجرح الفاغر فاهه مثل شهوتك القاتلة
أن يسهو عن الدم الذي يشخب من العنق
ليمنح التاريخ لونه وطبيعته.
تحت أجراس خطواتك الذهبية يوقظ الطين المذعور مخلوقاته الملائكية. وما أن يبدأ سدنة الهياكل في مراجعة خرائطهم المرصودة لضريبة الكرّ والفرّ حتى تغمضي جفنيك على فحيح الشهوة .
تقدمي
يا عاهرة عمان ايتها المجبولة من نار الجهات واعلمي أنه ما ان تنطلق الكمائن المغدورة لتقص أساطيرها لجيلٍ أوشك على تبادل أنخابه مع الرماد والريح، حتى يهذي زهوك وتسقط آخر قطعة عن جسدك الأفعواني ..
ليست حروباً تلك التي تدفعينا إلى شباكها، مرة بالمناكب الملعونة ومرات كثيرة بحديث الوهم.
وحيلة الحنين.
حتى صار الهواء عفناً يتصاعد مثل الأبخرة من فعل الحكّ المتحكم في أشلائنا المصلوية بحوافر النحيب
تقدمي
كي تري بنفسك كيف تقود البغال كوكبة المحاربين في غياب الفرس الشقراء ذات العرف الملكي. كي تري الأتان وهي تسلك، مع أكثر الكائنات بهاءا وجمالا ، منعطفات الشرك نحو سكينة الحظائر، مشرعة لساعة الذبح، حيث
المجزرة الأخيرة .
سوف نمسك بعرفك الطائش، ونقودك إلى مكان فيه يفترّ ثغرك البهي عن نشيد في مديح الفارس وهو يشرع سكينه .
تقدمي هكذا
ملائكيةعلى كعبيك الرشيقتين الى بهاء الموت
تلوّحين بجيدك الملكي
وتلقمين الدم من ثدييك فيه القبائل العطشى
لحظة أن تخرج عن
النص.
... وأيلول ليس ببعيد
كان لأيلول ثلج ينال بياضه من بهجة الكرامة
حتى لا نقف في منعطفات تزخر بقطاع الطرق
كنا قادرين على أن نحصي سعة الهواء
عندنا رئات وأكباد وأفئدة وخناجر في أفئدتها سقلتها نار الغضب
كان لأيلول الأبيض
فتنة تلهب الأحصنة وشعب نفذ صبره في وادٍ لا يكفّ عن التماهي مع مرايا القهر.
قيل لنا،
أيها الضائعون في مهب المسالك
هم قراصنة تكمن حتى في همس المغازل
في كل صخرة محطة تشفّ عن أدلاّء الى الموت والعربات تتدافع كما في وداع الموتى وهم يؤدون طقس الاستهانة بنهايات الطين.
كان لأيلول الأبيض
شهقة الانتقال من صفرة الربيع إلى زرقة الشتاء، حتى الدرك الأخير رماد الصيف.
ما إن يندفق رذاذ من الأكباد على زجاج النوافذ
حتى تمطر الأشجار عسلا و ثماراً في شكل قناديل سوداء مذاقها ابيض.
أيها البادؤون في ليل الشهوة
لاتشفقوا على هذه الحشرات
يهتاج أيلول ويطل مهللا ..
له يد تحسن قرع الأجراس في عرين الصمت
وعندما يفيض القهر
ستركض النساء عاريات في أروقة الأمم
تعالي أيتها الهاربات من الأسر
ادخلن إلى فضاء النص الذي سوف
يرأف بعزلة أحلامكن مثل حصن بهي.
إدخلن
لحفيف النهدين ولشرفة الشهيق
هناك حرية اللذة ونعمة النزهة
هناك مطر يتساقط ليضوّع أذرعكن بالزعفران
والند والريحان
أيتها الخائفات من هتك الكلام
الخارجات من أغمدة اللعنة
لسرير النهدين حرية تتضوع
في وحلها
تتوحّلن وتتحوّلن لتصرن
مثل أيلول و مثل أيلول تصرن .
أنت أيتها الإرهابية الفاتنة. يا أجمل الإرهابيات اللواتي صادفتهن في برد الظهيرة. ها انا ألوي ذراعك الزبرجدية، أفكّ أزرار ثوبك التي هي مثل نجوم أفق منسية في بهو السديم، من جيدك حتى قدميك. أكثر استحكامات شاهدتها على جسد امرأة.
تهتزين بعنف تحت أنفاسي وأنا أفكّ زراً وأقطع آخر. نتوءات جسدك تطفر مثل أرانب مذعورة، حتى أن الحلمة كادت أن تخترق صدغي وأنا أحاول السيطرة على اندفاع الشهيق المنبعث من بئر الروح مقتحماً هيكل اللذة. وعندما وضعت نصلي على بشرة الثمرة المرتعشة صحتي بي مثل نمرة شبقة أن لا أتوقف عن إرسال النار إلى حيث يندّ فم الوردة.
أية إرهابية شبقة
مثل فضاءٍ تحتدمين في أفق الجسد
ولم يكن جسدي لينسى تاريخه الجميل يوم طفر العقل في آفاق الشهوة . وكانت شهوة الدم .
أنت أشبه بالهودج ما أن يهتز حتى تتناثر رسائل تعلن أن قبيلا في مكانٍ ما يفسد هيبة المنطق ويكسر القاعدة.
لعلك المنذورة لرائحة فروٍ محروق، كانت التيوس تهبه لحربها في الجبال النائية.
من أين لك هدأة الذاكرة وسكينة العيون اذا خاط الليل ثوبا للنهار
وكل هذه الفوانيس التي ترشف النهار وتدفع الليل نحو حدود ه القصية ؟
هذه الوحشة التي تؤنس الغريب
هذا جرح مغرور يمنح تاجك صرخة الانتشاء ومجد اللعنة .
أقول لك : في غفلة المشهد لنفتح الساحات أمام أطفال محبوسين بين موتين.
اقول لك : والقتلى يذرعون البهو الأخير، وأنت في شرفة القصر تهفو لعنقك النصال وتتبادل صورك المشانق
توغلت، وأوغلت كثيراً في نهر المؤامرة.
إلى أين أنت ذاهبة ؟ المصير أمامك حبل ممدود جدلته نساء القبيلة
الأشجار مرصودة لك، الأبواب تتلاطم أمام عينيك مثل أمواج البحر الميت.
لا.. لم يكن هذا هتافاً.
الجريمةٌ أكثر من أمل و أقل من صلاة .
جرحك النازف، قلت مرة، إنه واهب الحرائق لغزاة جسدك.
الآن لا لم يعد الكلام كافياً ولا كل هذا الليل.
ففي كل منعطف أسمع لجرحك الغائر صريخاً مثل شبق العناصر وشغف الراهب بالحياة لئلا يموت قبل الحب.
يا لك من إمرأة
كلما وضعت يدي على نهديك غاصت كأنها في بوح السديم.
كل الأفلاك كانت تجهل جهاتك ولا يطالك سحر الماء.
آه ياللجرحي القديم
مفتوح .. مفتوح مثل أشداق المغفرة
مثل أبواب الجحيم وأنا في برزخ الظن والاحتمال الأخير
هاكم آلهة تعطّر الوسطاء بالحكمة وتمنح الداعين براثنها، والرائين أجنحتها، وهي تواري أقنعتها كي لا يلمح أحد جنوح النزوة بين أرديتها. في ومضة البرق تطلق مدائح نفيسة لرعايا مدججين بسكينة الوهم. في ومضة البرق أيضاً، تسيّج الدروب بتقنية أنثى العنكبوت. تداري خيوطها لئلا تفقد تاج الحياد وهيبة القناع وجلال الخديعة.
أشبة بآلهة الكآبة و المحنة. تزخرف الأهداب بوجع الخليقة. لا عجب أن سمعنا يوماً آهةً تصدر عن عين مفقوءة.
ياللرعب أيها الشعب المذبوح من وريده الى وريده ..
ألم يفوّض البحر جلاديه ليجزّ بالسنان المائي أرواحاً تلهو في راحات رباتنا الزائلات ؟
عند سلالم القصر الذهبي تجلس شامخة تمشط رؤاها غير مبالية بنشيد شعبٍ يتنزّه في حمم الوقيعة، ونشيج أرامل ثكلى ينثرن القمح ليلاً ليستدرجن المواطئ الميتة نحو مخابئ الحليب .
يا عبيداً يبالغون في الانحناء يا عبيدا ينكحون الأغلال في شبق لا يوصف.
يا سلالة الوثن
أنتم أكثر الطغاة خنوعاً وفكاهة وهزؤ ..
أنتم أكثر الأذلاء ذلا ..
أنتم أكثر الجبناء جبنا
يا من سلبكم المهد وأرضعكم اللحد. لماذا كلما اهترأ جلد سيدٍ ارتجلتم له جلداً وأسرفتم في شريعة القرابين.
هاكم قرابين الأرض الهابطة في هاوية السماء
خذوا التركة ذاتها مباركة عليكم
خذوا الميراث ذاته
خذوا طبيعة الأفعوان
وقلنسوة المهرج
يا أسمالا مثل العري
هاكم حشيشة التمني خالصة مباركة
هاكم طينة مصابة بالحقد بالسفر بالسفور .
هاكم يا اشباه الرجال جوعكم وفقركم وما تشتهون من سلاسل وقيود .
يا قبائل غادرتها الكرامة
أكنسي قبو السيدة الأولي في تفجع الأمل
وهذيان العناصر أين ذخيرة المخيّلة؟
أنا الذي غادرة عنوةً
وحدي أذهب إلى هدم عاركم
فأنا ضد كل شيء لست بريئا. كما أنكم لستم زعفران العافية لمسائي البهي .
ويا من تهذون بزفير الكرسي
الكرسي ليس خشباً.هو هلام يتماهى في حالة قفص، وحيناً يأخذ شكل سرطان برؤوسكم يبدو ظلاً لمقصلة أو شرفة لسقوط الحكمة التي تتهدل من شفاه شيوخ قبائلكم . وكثيراً ما خلعت عليها عاهرة عمان الشريفة مثل شرفكم كسوة الشتاء والصيف. لكن لم يكن هذا يوماً منطق التاريخ ولا آية في الكتاب المنزه .
التعليقات (0)