..
حام السؤال طويلا فوق رؤوس الجالسين-معظمهم من الشبان حديثي الزواج- هل ستتدخل في قرار زواج إبنتك؟. الإجابة كانت حاضرة لدى الجميع، وكانت بالإيجاب "طبعا لا بد أن أتدخل" وهناك من رد ممتعضا "وش ذا السؤال؟"، لكن أحدهم خالف السائد ورمى بالجواب الصادم، "في زمن الفيس بوك، لن تكون لنا خيارات". أطرق الجميع وكأنهم يستشرفون مستقبل أبنائهم بعد عشر سنوات وأكثر.
هناك من بين الجالسين من يؤكد - وبشئ من الخجل- أن أبنائه جميعا صغار وكبارا، لديهم حسابات على الفيس بوك، وعليه فإن منع بناته تحديدا من التواصل مع الموقع مستقبلا يعد ضربا من العنف الإلكتروني- على إعتبار أن للعنف بقية- وحينها ستتدخل الجهات الحقوقية لوقف ممارسات الأباء الرجعية ضد أبنائهم الألكترونيين.
من يعتقد أن الفيس بوك هو مجرد عالم إفتراضي لا علاقة له بالواقع، أما أن يكون جاهلا أو مكابرا. هذه الشبكة الإجتماعية أصبحت مكانا مفتوحا لمد جسور العلاقات وفتح آفاق المعرفة. وبغض النظر عن هذه العلاقات، مبررة أو مشبوهه أو حتى محرمة، هي واقع لا مفر منه، وتلك طريقة جبل عليها أبناء الجيل الحالي للتواصل مع الآخرين وكسب صداقات جديدة، وربما الزواج، وهو ما حدث كثيرا وما زال يحدث.
من هذا الموقع أصبحت تنطلق المبادارت الإجتماعية والمظاهرات والإعتصامات في أنحاء العالم، وفي هذا الموقع بات البحث عن صديق قديم أسهل من البحث عن شخص في غرفة مجاورة، ومن خلال هذا الموقع يمكن التواصل مع إشخاص نافذين لم تتخيل يوما أنك ستعرفهم. بإختصار الفيس بوك يعيد تشكيل حياتنا الإجتماعية بشكل لا ندركه ولكنه يدركنا جيدا.
"هذا ما يحدث اليوم، مع وجود نحو 150 مليون مشترك عربي بينهم ثلاثة مليون سعودي، ولك أن تتخيل ما ستحدثه هذه الشبكة بعد سنوات". يقول ذلك صديقنا صاحب الطرح الصادم، فيما سافر البقية في رحلة إلى المستقبل وعادوا منها بوجع كبير وأسئلة لا تنتهي، وأخيرا قفز أحدهم صارخا : "لن أقبل بذلك، إما أن تأتوني بفتوى تبيح الإختلاط على الفيس بوك أو سأذهب إلى جبل في القرية يعصمني من هذا الإنفتاح الملعون، وعمر البنت ما تزوجت".
:
التعليقات (0)