الفيس بوك والثورة.. المشكلة مع التاريخ
بقلم: أبيعاد كلاينبرغ/يديعوت 9/3/2011
يروى أنه عندما طلب شو إن لاي، يد ماو اليمنى، ابداء رأيه في نتائج الثورة الفرنسية للعام 1789، أجابه: "من السابق لاوانه".
ثمة شيء في هذا. عندما اندلعت الثورة كان يبدو أنها جاءت لتقيم ملكية دستورية. بعد ذلك قطعوا رأس الملك واقاموا حكم ارهاب قصير الايام، منحت فيه للايديولوجيين برئاسة روبسبير القدرة على تصفية الخصوم من أجل الامن العام. بعد ذلك، تحت الحكم الدكتاتوري، بدا أن فرنسا يحكمها الساعون وراء الملذات. بعد ذلك ظهر بونابرت، ثم قرر الثوري من كورسيكا انه لا تكفيه القوة المطلقة وانه يحتاج الى أن يكون قيصر. مع هزيمته عاد ابناء البوربون الذين طردوا في 1789 – زعما لاعادة الحق الى نصابه واعادة الوضع الى سابق عهده ومجده. بعد ذلك صعد الى الحكم لويس فيليب، الذي حاول اقامة ملكية برجوازية. ثم نابليون الثالث. وهكذا دواليك، حتى نيكولا ساركوزي. وفي كل واحدة من هذه المراحل تغيرت صورة الماضي.
ما هي الثورة؟ هل هي تقليد للثورة المجيدة في انجلترا؟ كابوس استبدادي ينتجه المثقفون؟ جهاز ينتج الفساد على اساس مالي وليس طبقي؟ مرتعا للطغاة؟ عنصر يضعضع الاستقرار ويؤدي الى الحرب في اوروبا؟ خلل تاريخي قابل للاصلاح؟ في كل مرحلة في التاريخ الفرنسي كان يمكن الرد على السؤال بشكل مختلف، وبتعليلات ممتازة.
التاريخ الصيني نفسه كان نموذجا للاشكالية التي في محاولة التفسير السريع لاحداث مركبة، يميل الاجانب الى اضفاء امانيهم وعالم مفاهيمهم عليها. في 1989 بدا ان الديمقراطية وصلت اخيرا الى الصين: الطلاب ومؤيدو الحرية اقاموا صيغة خاصة بهم لتمثال الحرية في ميدان تيننمن. العالم الغربي كان مسحورا بالصور ومفتونا بالاحساس بان قيمه تنتشر بسرعة في العالم بأسره. بعد ذلك جاءت المذبحة. ومؤيدو الديمقراطية اختفوا.
من جهة اخرى، لا يمكن القول إن شيئا لم يتغير في الصين. فقد نجح الحزب الشيوعي في أن ينتج واحدة من تلك الخلطات المتعذرة، التي ما كان لاي منظر ان ينجح في تشخيصها. اقتصاد سوق شرس باسم ماركس، انجلز وماو. مقاتلو الحرية هزموا؟ انتصروا؟ من السابق لاوانه القول.
المشكلة مع التاريخ هي أنه خلافا للمؤرخين، لا يعرف اصحاب القرار كيف ينتهي الامر. اذا كانت احداث ميدان التحرير في القاهرة ستنتهي باقامة ديمقراطية متسامحة في مصر فسيكون في الامر تأكيد لاماني العالم بأسره: الشبيبة الاسلامية، التي اجتازت مسيرة التحول الغربي من خلال الانترنت والفيس بوك، اسقطت من الحكم الطغيان العسكري واستبدلته بحرية تعبير واحترام لحقوق الفرد.
اذا انتهت الاحداث باستبدال جنرال بجنرال آخر وبتغييرات تجميلية على الدستور، سيكون بوسعنا أن نقول كما قال الفرنسيون: بقدر ما يتغير الامر فانه يبدو مزيدا من ذات الشيء.
واذا ما نشأت في مصر جمهورية اسلامية (مثلما في ايران بعد سقوط الشاه) سيكون بوسعنا أن نقول ان محبي الحرية الاغبياء قاموا مرة اخرى بالمهمة نيابة عن اسوأ اعدائهم. الفيس بوك الحبيب على رجال الغرب من شأنه أن يتبين كحبل مشنقة وليس كحبل نجاة. السياسة هي مقامرة دوما. انت تضطر للعمل، بتصميم، حين يكون "من السابق اوانه القول".
السبيل الوحيد للتعاطي مع واقع متغير هو من خلال مذهب فكري واضح. عليك أن تعرف ماذا تريد، أي مستقبل تسعى الى انتاجه وما هي الاوراق التي في يديك. ليس لاسرائيل سياسة وهي تحتفظ بالاوراق كي لا تضيع هباء. كل هدفها هو كسب الوقت والامتناع عن أي تغيير. وهي تعمل في العالم المتغير حولها كلاعب يحاول دون انقطاع ان يعود ثلاث خطوات الى الوراء. إذ هناك – في الماضي – تجده يعرف (الى هذا الحد او ذاك) ما العمل. ليس دوما واضحا ما العمل. واضح ان عدم الفعل هو الامكانية الاسوأ.
عن وكالة سما الاخبارية ، مع اجراء تعديلات طفيفة حفاظا على دقة الترجمة
التعليقات (0)